قال الشيخ عبدالرحمن الوكيل في ردِّه على شيخه المُعَطَّل حينما اتهم شيخ الإسلام ابن تيمية بـ (التمثيل) في صفة النزول لله تعالى:
" ثم إن هذه الفِرية قديمة مهلهة، افترها ابن بطوطة على الإمام الجليل شيخ الإسلام ابن تيمية، إذ يقول عابد القبور عن مُحطِّم الأصنام شيخ الإسلام في عصره:
<<حضرتُه -يعني ابن تيمية- يوم الجمعية، وهو يَعِظُ الناس على منبر الجامع، ويذكِّرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: "إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كنزولي هذا" ونزل درجة من درج المنبر (1)، فعارضه فقيهٌ مالكيٌّ، يُعرفُ بـ (ابن الزهراء) ، وأنكر ما تكلم له، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنِّعال ضرباً كثيراً>> (2)
وابن بطوطة مفترٍ كذوب، يُنفّس عن مرير حقده ضد شيخ الإسلام !
فابن بطوطة من عبدة القبور، تراه في كتابه يتحدث عن معجزات أصحاب القبور !
وشهوده كرامات الأنبياء !
وابن تيمية عدوٌ مبينٌ لهذه الوثنيةُ الصّمَّاء.
ويأبى الله –سبحانه- إلا أن يفتضح كذب ابن بطوطة افتضاحاً يُسجِّله التاريخ، ويسجل خِزيه وعاره، ويثبت بالحجة الحِسيَّة أن ابن تيمية بريء نت بهتان شانئيه، وإليك البيان:
يقول ابن بطوطة:
(ووصلت يوم الخميس، التاسع من شهر رمضان المُعظَّم، عام ستة وعشرين إلى مدينة دمشق الشام) (3)
يثبت من هذا:
أن ابن بطوطة دخل دمشق عام (726) هـ ، في شهر رمضان، فأين كان ابن تيمية في هذا التاريخ؟
كان رضي الله عنه سجينا في قلعة دمشق، فمتى سمع ابن بطوطة من ابن تيمية؟ ترى هل انتقل المسجد الكبير إلى السجن، أو انتقل السجن إلى المسجد؟
بل الحقيقة تدمع ابن بطوطة بأنه نفترٍ كذوب!
وإليك الدليل على أن ابن تيمية كان سجينا يوم دخل ابن بطوطة دمشق: يقول صاحب (العقود الدرية) : (قال الشيخ علم الدين: وفي ليلة الاثنين، لعشرين من ذي القعدة، من سنة ثمان وعشرين وسبع مائة: توفي الشيخ الإمام العلامة الفقيه ابن تيمية).
ثم يقول في مكان آخر عن ابن تيمية: أنه بقي مقيماً في القلعة سنتين وثلاثة أشهر وأياماً(4)، وفي مكان آخر يذكر أنه سجن يوم 6 من شعبان سنة 726 هـ. (5)
وهكذا يثبت التاريخ الصحيح أن ابن تيمية دخل السجن في شعبان، أو أواخر رجب سنة 726 هـ ، وظلَّ سجينا ولم يخرج من سجنه حتى مات في ذس القعدة سنة 728 هـ.
سُجِنَ ابن تيمية في شعبان ، ودخل ابن بطوطة دمشق في رمضان من السنة نفسها، فمتى سمعه؟ وأين؟
هذه هي الفرية، وقد ظلّت تدور على ألسنة عبدة القبور؛ حتى رمي بها رائد جماعة أنصار السنة الأول -رحمه الله وغفر له- . (6)
[ مجلة الهدي النبوي العدد (3) عام 1371 هـ ] .
(1) قال الشيخ الوكيل مُعلّقاً:
تأمّل حقد ابن بطوطة على شيخ الإسلام حيث يفتري عليه هذه التهمة، ولست أدري كيف يكون ابن تيمية خبولاً ثم يعظمه أهل دمشق هذا التعظيم؟
إلا أن يكونوا جميعاً مخبولين، وكيف يخلف من عقله شيء هذا التراث الأدبي الديني الفكري الرائع الذي يَسْمو به العقل البشري إلى الآفاق العلوية الذرى في العقيدة الناصعة والعمل الصالح؟
(2) مُهذَّب رحلة ابن بطوطة (4 / 77).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق