الجمعة، 5 ديسمبر 2014

الليبرالية .. الإلحاد في ثوبه الجديد 3⃣

الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذا المقال الثالث من سلسلة (الليبرالية .. الإلحاد في ثوبه الجديد)، واسأل الله أن يكتب له النفع والقبول والتوفيق والسداد.


[الحرية الليبرالية: تحارب الفضيلة ... وتصاحب الرذيلة]


قال رسول الله  : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

وقد شهد على صدق ذلك الكفار أيضا، فقد قيل لسلمان الفارسي -رضي الله عنه- : (قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو بعظم).

والناظر في السيرة النبوية العطرة يجد فيها أروع الأمثلة في الأخلاق الفاضلة وتهذيب السلوك.

وقد ذكرت في المقال السابق شيئا عن الحرية التي تدعو إليها اللبيرالية ومفهومها، وفي هذا المقال سأعرض شيئاً من آثارها.

ودعوني أفسح المجال للعالم المبجل عبدالرحمن الوكيل -رحمه الله- ليحكي لنا ما جرّته الحرية المطلقة للعالم أجمع لا العالم الإسلامي فحسب.

قال -رحمه الله- : " ليس في الوجود ولا عند العقل ما يسمى (حرية مطلقة) بل كل حرية مقيدة بقيد قد يكون ظلماً أو عدلا، أما القيود الظالمة فنحن أول الدعاة إلى تحطيمها، أما العدالة فنحن أول الدعاة إلى بقائها وحراستها حفاظاً على الفكر نفسه، وعلى الأخلاق وعلى الدين.

فليست حريتك مطلقةً في جمع المال، بل هي مقيدة بوجوب اتباع السبل المشروعة لجمعه، وإلا كان الغصب والنهب والسلب والسرقة، وليست حريتك مطلقة وأنت تسير في الطريق لبلاد مقدية بوجوب مراعاة آدابه، وإلا كانت ضعة الأخلاق.

ألا ترى الصحف في كل ساعة تلح على حماة الآداب من الشرطة أن يبالغوا في مراقبة الشباب الماجن المستهتر من أحلاس العربدة في الطريق، وأن يأخذوهم بالشدة الرادعة حمايةً للأخلاق وللأعراض؟َ!

فهل حماية هذين أولى عند حرية الفكر من حماية القيم وعقائد المؤمنين به، وهو الدين الذي تسمو به اللأخلاق، ويجعل المقاتل دون عرضه من الشهداء؟!

أحماية المرأة السافرةِ الماجنةِ السفور من ذئب تتقتَّل له الشاة ليأكلها أولى من حماية الدين ممن يدسون له السم، وهم خاشو النفاق في المحاريب؟!

لقد أذنت الحرية المطلقة للمرأة أن تسفر بالفتنة الآثمة في الطريق، وأن تبيح لحمها لشهوةِ كل ذئبٍ منهوم، وأذنت الحرية المطلقة لهذه الحيوانات أن تتدين بما شائت، وأن تتخلق بما تهوى، فكيف تريد الحرية المطلقة من شبابها المائع الماجن أن يكون على جوع الغريزةِ صبورا، ونهمها جلداً فلا يأكل من لحم المرأة ما يريد؟!

أتؤجَّج النار وتهلب السُّعار ثم تقول: اخمد يا أيها اللهب، واعقل يا أيها الكلب المسعور؟!

يا للحرية المطلقة تلطخ بدمِ الجريمة يديها ثم تسميه أصباغ وجنات وشفاه". (1)

أقول:

اعلموا أرشدكم الله وإياي للحق أن كل الأديان والمذاهب والأفكار تزعم المحافظة على التسمك بالأخلاق والحث عليها، ولكن..

من منها يدعو إلى (كمال) الأخلاق البشري، والسمو به من جميع النواحي، والحفاظ على قيم المجتمع من الانحراف والفوضى الأخلاقية؟!

انظروا إلى الدول الغربية الليبرالية .. ! تعالوا ننظر إليها بشكل عام

تجدون في الطرقات العامة أنصع الأمثلة على انحلال الأخلاق :
نساء عاريات !! تقبيل في الأماكن العامة !! شذوذ جنسي علني !! مضاجعات في الطرقات !! وإعلانات تخدش الحياء !! وساقطات عاهرات يضعن صورهن وأرقام هواتفهن على الجدران ليقضي عليهن كل كلاب مسعورة حاجته .. كالمراحيض !!

وما خفي في البيوت والأوكار .. أطمّ وأعظم !

وماذا بعد ؟! أهؤلاء الغرب الذين تراقبونهم وتلتمسون رضاهم، وتقيسون أقوالكم وأفعالكم وأخلاقكم بهم لمواكبتهم وابتغاء مرضاتهم...سحقاً لهذه الإمعية الذليلة !!

سؤال يطرح نفسه:

ماذا سيقول الأبناء الصغار بعد مشاهدتهم لتلك المناظر التي تخدش حياءهم وتنكس فطرهم للآباء والأمهات؟ ما عسى الأسئلة التي ستطرح عليهم أن تكون؟ وبماذا سيجيب (المربون) !؟
هل سيكون الجواب: "أليس كلبنا (بوبي) عارياً لا ثوب له؟ ألم تره وهو يضاجع الكلبة (...) ؟! "
هل سيعترفون أنهم صاروا حيوانات على هئية بشر ؟!
ورب العالمين خلقهم وصورهم فأحسن صورهم، وكرمهم بعقولهم عن سائل الخلق، وخلقهم في أحسن تقويم !
أمن التقدم والحضارة والحرية أن يصير البشر كالبقر ! التي تقضي وطرها متى .. وكيف .. وأين شاءت؟!

الحمد لك يا ربِّ على نعمة العقل والإسلام  ...

وللأسف الشديد ... أن تقليد المسلمين الأعمى للغرب أدى إلى تسوس أخلاقهم، وتمكن الرذيلة من بلدانهم، فصرنا نرى وقائع لا تبعد عن واقع القوم الذين لا يعرفون رباً ولا يلتزمون ديناً ...

من منّا لم ير أو يسمع بحوادث الاعتداءات في الطرقات على نساء المسلمين،؟! وجرائم القتل المتعلقة بالثأر من الأعراض -نسأل الله السلامة والعافية- ... كم تقدر قضايا التحرشات الجنسية في بعض بلدان الإسلامية ؟! هذه التي رُفعت للقضاء .. كم منها لم ترفع خشية تشويه السمعة وحفاظاً على الشرف ؟!

أيها الأكارم ...

هل سألتم أنفسكم كم كان معدل قضايا الزنا والاغتصابات والتحرشات والشذوذ والسرقات ومحاربة العربدة ومطاردة المجرمين في العهد النبوي ، والخلافة الراشدة ، والعهد الأموي،  والعباسي؟ هل هناك وجه مقارنة بينها وبين تلك القضايا منذ هيمنة سفالة الفكر الليبرالي واكتساحه بلاد المسلمين في أواخر العهد العثماني؟!

أيها الأحبة ...

دعونا نرجع لمجد آباءنا وأجدادنا، ولننظر في طريقتهم في التربية، ولنلتزمها، ولنعض على مبادئ ديننا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وسلفنا الصالح بالنواجذ، وإن سمّاها الليبراليون (تخلفاً) .. فمرحبا بـ (عزٍ) يحفظ لنا ديننا وأعراض نساءنا وأخلاقنا ، فنسعد في الدنيا ونفوز بالآخرة.

والحمد لله رب العالمين


كتبه/ أبو عمر عبدالله بن محمود الهزاع
عصر الجمعة:  13 / صفر/ 1436 هـ
-----------------------------------------

(1) مقال هيمنة القران: مجلة الهدي النبوي / العدد1 لعام 1375هـ/ صـ 21.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق