الثلاثاء، 28 مايو 2024

« كلماتٌ في الفرق بين الصلح والتطبيع، وكشفِ اللَّبْس المفضي إلىٰ التضييع» الشيخ د/ فيصل بن محمد القلاف

تسعىٰ بعض الحكومات - أصلحها الله - إلى التطبيع مع الكيان الصهيونيّ تطبيعًا كاملًا، وهٰذا محرّمٌ بلا شكٍّ: دينيًّا، وأخلاقيًّا، ومصلحيًّا.


ولا معنىٰ لتسويغ هٰذا التطبيعِ الآثم في الشرع؛ لأنّ هٰذه الحكوماتِ لا تبني مواقفها على الكتاب والسنّة، ولا تطلب مراد الله، بل لا تراعي ما يجوز وما لا يجوز؛ فتصرُّفها خاطئٌ علىٰ كلّ حالٍ، ولو صادفتِ الحكم الشرعيّ بغير قصدٍ.


ومع ذٰلك، فقد جَهِد مشايخ السُّوء في تكلُّف المعاذير لهٰذا التطبيعِ الآثم، وحاولوا تطويع الشرع ليوافقه؛ فكذبوا على الله، وباعوا دينهم بعَرَضٍ منَ الدنيا رخيصٍ.


ومنَ الناس من وافقهم في ذٰلك؛ غُلُوًّا في تعظيم الحكّام، أو مبالغةً في حسن الظنّ بهم، أو جهلًا بالأحكام الشرعيّة، أو غفلةً عنِ الواقع من حولهم.


ولست أتشاغل بكلام هٰؤلاء.


وقدِ ادّعىٰ بعض الفضلاء جواز هٰذا التطبيعِ الآثم باجتهادٍ فاسدٍ، أو بتقليدٍ لبعض العلماء، خاصّةً: فتوىٰ مشهورةً للشيخ عبد العزيز بن بازٍ - رحمه الله - أجاز فيها لأهل فِلسطينَ الصلحَ مع العدوّ الصهيونيّ، وكلامًا آخرَ له - رحمه الله - شرح فيه فتواه وزادها توضيحًا.


ونقلُ فتوى الشيخ - رحمه الله - من موضعها الذي قيلت فيه إلىٰ صورة التطبيع الآثم، وتنزيلُ كلامه العامِّ علىٰ صورة هٰذا التطبيعِ الآثم - تصرُّفٌ ممّن نَقَل ونَزَّل، ولا عِلاقةَ للشيخ - رحمه الله - بذٰلك؛ فلا يصحُّ نسبةُ تجويز التطبيع الآثم إليه، كما هو مقرّرٌ في علم "أصول الفقه".


والصواب الذي لا شكَّ فيه: أنّ كلام الشيخ - رحمه الله - لا يدلُّ علىٰ جواز التطبيع الآثم، بل هو مقيّدٌ بشروطٍ تستلزم تحريمه.


○ فقد شرَط - رحمه الله - في الصلح الجائز أن يكون مؤقّتًا أو مطلقًا، بحيث لا ينتهي إلىٰ تمليك اليهود أرضَ فِلسطينَ تمليكًا أبديًّا.


وهٰذا التطبيعُ الآثم مؤبَّدٌ، كما وصفه راعيه: الرئيسُ الأمريكيّ بـ(ـالسلام الدائم)، وهٰذا يتضمّن الإقرار بحقّ الصهاينة في أرض فِلسطينَ، ويُبطِل أيّ مطالبةٍ بها في المستقبل، ويُجَرِّم كلّ جهادٍ يسعىٰ لاستردادها، وهٰذا يتوافق مع شهود سفير التطبيع الآثم للإعلان عن "صفقة القرن".


○ وشرَط - رحمه الله - أن يقتصر الصلح علىٰ ترك القتال، وعلى المعاملات الظاهرة، كالبيع والشراء وتبادل السفراء، ومنَع اقترانه بالموالاة.


وهٰذا التطبيعُ الآثم يتجاوز ذٰلك‏ إلىٰ مودّة الصهاينة ونفي عداوتهم، كما جاء في البيان المشترك أنّه يؤدّي إلىٰ توثيق العِلاقات بين الشعوب، يَعنُون: تأكيدَ المحبّة بين العرب والصهاينة، وقال وزير الخارجيّة الأمريكيّ إنّه خُطوةٌ لإنهاء العداوة، ولذٰلك‏ سمَّوُا اتّفاقَهمُ الآثمَ بـ(ـالمعاهدة الإبراهيميّة)؛ نسبةً إلىٰ إبراهيمَ عليه السلامُ؛ إشارةً إلىٰ التقريب بين الإسلام والديانات المحرَّفة.


○ وشرَط - رحمه الله - أن يكون الصلح لضرورةٍ أو مصلحةٍ، يعني: مصلحةً شرعيّةً.


وهٰذا التطبيعُ الآثم ليس ناشئًا عن ضرورةٍ؛ فلا حربَ قائمةٌ، ولا حدودَ مشتركةٌ، ولم تنشأ عنه مصلحةٌ راجحةٌ: لا لأهل فِلسطينَ: الذين لم يُستشاروا في هٰذا التطبيعِ الآثم، بل أجمعوا علىٰ رفضه وذمّه، ولا للمسلمين مطلقًا، وقد طبّعت بعض الحكومات سابقًا؛ فلم تَجْنِ إلّا الذلَّ والعارَ.


وقد أشاعتِ الحكومة المُطَبِّعة أنّها شرَطت على الصهاينة عدم ضمّ مزيدٍ منَ الأراضي الفِلسطينيّة؛ لتُحسِّن بهٰذه الإشاعةِ فِعلتَها، فكذّبها راعي التطبيع: الرئيسُ الأمريكيّ، وشريكُها: الرئيسُ الصهيونيّ؛ فذكرا أنّ خُطّة الضمّ باقيةٌ، وقيل إنّ تأجيلها كان مقرّرًا قبل التطبيع الآثم بأسابيعَ.


○ وقد قال - رحمه الله - بعد الكلام عنِ الصلح: «وهٰذا كلُّه عند العجز عن قتال المشركين وإلزامِهم بالجزية، أمّا مع القدرة علىٰ جهادهم وإلزامِهم بالدخول في الإسلام أوِ القتلِ أو دفعِ الجزية، فلا تجوز المصالحة معهم»، انتهىٰ مختصرًا، وهٰذا هو الحقُّ بإجماع العلماء.


فشتّانَ ما بين كلام الشيخ ابن بازٍ - رحمه الله - المبنيِّ على الأدلّة والمقاصد الشرعيّة وموقِف الحكومات الأثيمِ: المخالفِ للشرع من كلّ وجهٍ، والمبنيِّ على الأسس العَلمانيّة والهزيمة النفسيّة.


هٰذا، وينبغي للعاقل أن ينظر إلىٰ هٰذا التطبيعِ الآثم نظرةً واسعةً، في سياق سياسات الدول المُطَبِّعة، ومواقفها المخزية منَ القضايا الإسلاميّةِ، ومن تمكين العَلمانيّة في البلاد العربيّة، ومنَ السعي إلىٰ تحريف الإسلام ليوافق المبادئ والنُّظُم الغربيّة؛ فمن نظر إليه في ضمن هٰذه الصورةِ الكلّيّة، انكشفت له حقيقتُه، وفَهِمَ مقاصده، ولم يغترَّ بتزيين الإعلام، وكذبِ مشايخ السوء، ولا بخطإ المخطئين.


فاللّٰهمّ، إنّا نبرأ إليك من هٰذا التطبيعِ الآثم: ممّن كان، ونعوذ بك من أن نُعِينَ عليه، أو نسوِّقه، أو نسوِّغه، أو نرضاه، أو نُقِرَّه.


وختامًا: فإنّي أؤكّد علىٰ أنّ هٰذا التطبيعَ - ونحوَه منَ المواقف المذمومة للحكومات - يجب علىٰ كلّ مسلمٍ أن يكرهه بقلبه، وأن يُنكِره بما يمكنه شرعًا، وأن يسعىٰ إلى تغييره بالطرق الشرعيّة، مع لزوم جماعة المسلمين، والصبر علىٰ جَور الولاة، والسمعِ والطاعة لهم في المعروف، والدعاءِ لهم بالهداية والصلاح.


والله أعلىٰ وأعلمُ.

السبت، 18 مايو 2024

الخليفي ينصح بعدم تتبع أغلاط العلماء!

كتب عبدالله الخليفي مقالا قبل 10 سنوات بعنوان:

[نصيحة موجهة إلى عماد الدين فراج حول جرأته على الإمام أحمد]


قال في آخرها:


(وأرجو ألا تكون هذه النصيحة حافزاً إلى النظر إلى الإمام أحمد بسخط وتتبع مسائله والمنقول عنه للظفر بأغلاط تبرر الجرأة المنتقدة فإن هذه الطريقة ممجوجة وبعيدة عن العلم وعن تقوى الله عزوجل).


فهل تبيّن لعبدالله الخليفي:

أن النهي عن تتبع أغلاط العلماءخطأ.

وأن تحفيز الشباب للظفر بزلاتهم مسلك غير ممحوج.

وأنه أخطأ عندما قال عن مسلك عماد فراج:

(بعيد عن العلم والتقوى)

فوجد أنه هو العلم، ومنبع التقوى؟


أم أن الخليفي كان يتظاهر بالورع واحترام العلماء؟


أم أن نصيحته خاصة في الإمام أحمد، ومن لا يقبل الخليفي التفتيش عن أغلاطهم، ولا تشمل العلماء الذين يتجرأ عليهم الخليفي؟


قد لا يعرف الشباب المتحمس اليوم أن عبدالله الخليفي أول ما ظهر:


كان في الرد على المشايخ وطلبة العلم السلفيين، وانتهى بإسقاط شيخه الشيخ فلاح مندكار رحمه الله، وهو أكبر مشايخ الكويت السلفيين علما وقدرا.


كما تسبب بإشعال الفتن بين العديد من المشايخ في الكويت، يعرف ذلك المشايخ وطلبة العلم في الكويت.


ومن المؤسف أنه كان محط تعظيم عند بعض المشايخ كربيع المدخلي، فقد كان من كبار الوشاة عنده، حتى ألّبه على تلميذه الشيخ فلاح وغيره. 


مما جعل الخليفي يزداد غرورا وغطرسة، إذ وجد أذانًا صاغية !

فصار يضرب كل من يريد، فأسقط الشيخ فلاحا وسالما الطويل بكل سهولة، واللوم كل اللوم على المشايخ الذين أصغوا لهذا وأمثاله، وشجعوه على (بلطجته).


وبينما هو في سكرة الإقصاء، ونشوة الجرح والتبديع، يسقط فلانا وفلانا، تجاوز الخليفي حده فخاصم أحمد بازمول الابن المدلل للشيخ ربيع -آنذاك- وهو لا يختلف عن الخليفي كثيرا في التهور والسفه، ولم يكن على حسبان الخليفي المسكين أنه سيُطرد من منتدى الورقات الذي كان مرتعا له ينفث فيها سمومه.


فلما طُرد، وخاصم الشيخ ربيع المدخلي..


اكتشف فجأة أن الشيخ ربيع المدخلي  "مرجئ" كما اتهمه الشيخ فالح الحربي وغيره!!


فصار يكتب الردود عليه، ويثبت للناس إرجاءه، وأذكر جيدا لما اتهم الشيخ ربيع بالارجاء كنت في مجلس بعض الاخوة .. فقلت لهم: (الخليفي رمى الشيخ ربيع بالإرجاء) فقال احدهم: (طبيعي، زعل منه، فلازم يبدعه).


وهذا يدلكم أن الرجل مريض صاحب هوى وليس طالب علم وحق.


[طريقة الخليفي في قراءة الكتب]


من اطلع على عناوين مقالات الخليفي أول ما ظهر، يجد أنها مليئة بالتعقيبات على كتب ومقالات مشايخ اهل السنة، يجمع ملاحظاته عليها، ثم ينشرها في مقال.


فلعله لما انتهى من المعاصرين ..


توجه لأهل المقابر، وصوب سهامه نحو أئمة الدين الذين زلوا في بعض المسائل، حتى يلتزم مذهبه ويضطرد، ويغلق باب الإعذار والاعتذار على الجميع.


فوصل إلى هذا الوحل .. 

هو وقرينه محمد شمس الدين 


ولستُ في صدد كتابة رد جديد على أفراخ محمود الحداد، ونقد قواعدهم 


فقد كفاني في الرد عليهم الكثير من المشايخ وطلبة العلم.

•كالشيخ طارق السيد (أبي عمر الباحث):

رد على محمد شمس والدمشقية.

•والشيخ سلطان العميري (له العديد من المقالات)

•وقناة ردود علمية على المخالفين في التكفير في التلغرام.

•ومؤخرًا الشيخ فيصل الجاسم في محاضرته:

(ميزان اهل الحق والعدل فيمن تلبس ببدعة من اهل العلم والفضل).

وغيرهم ممن تصدوا لأفراخ محمود الحداد


بل هي موعظة وتنبيه ..

أعظُ فيها أهل التقوى، ومن استقاموا على الدين، وتركوا المعاصي ومجالس اللغو واللهو والغيبة والنميمة تقربا إلى الله، وأطلقوا لحاهم وسلكوا سبيل العلم ..


ثم انتكسوا انتكاسة لم تكن فيهم حتى أيام بعدهم عن الله !

فنذروا أنفسهم لتتبع زلات أئمة الدين، الذين لا تخلوا مساجد المسلمين من كتبهم، وحِلق العلم من ذكر أسمائهم، ولا يخلو كتاب علم من النقل عنهم.


فاختر لنفسك السبيل الذي تريد أن تسلكه.


سبيل العلم ؟


أم سبيل الحشرات التي لا تسقط إلا على النتن؟

ومجالسك: (النووي جهمي، وابن حجر مبتدع، والسيوطي كافر) !


ولو سُئلتَ عن شروط المسح على الخفين كان الأشعري (الكافر) أعلم منك بالطهارة؟ 


وتذكرها جيدا:


الدور القادم على ابن تيمية  


ولن يسقطوه .. لأنه لم يهاجم شيخ الإسلام أحد إلا سقط.


والله المستعان 

الاثنين، 13 مايو 2024

تحذير أهل الإسلام من مشايخ (الصحوة) ومشايخ (السكرة) !

 ربما انهارت دعوة مشايخ الصحوة .. بلا رجعة

لكن جاء دور مشايخ السكرة الذين يحلون ويحرمون على حسب التقلبات السياسية.

ولهذا… تراهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر إن أدى ذلك إلى ذهاب مصالحهم الدنيوية.

ولا تسمع لهم ركزا إذا انتهكت محارم الله، وطُعن بثوابت الدين، وشكك المبطلون بالشريعة، وتطاولوا على سادة المسلمين، بل حتى إن سُبّ الله ﷻ وأنبياءه -عليهم السلام- !

إن كنا نحذِّر بالأمس من الدواعش الخوارج لاستحلالهم الدماء، وتضليلهم الشباب، إلى عقيدة الخوارج.

فإنا نحذر اليوم من مشايخ السكرة المرجئة أشد من التحذير من الخوارج، لأن فتنتهم تعم المجتمع بالكامل من جهة عدم مصادمة الولاة، والتزلف لهم، وعدم محاربة العصاة، باسم السنة والسمع والطاعة، مما يسهل عليهم مسخ الرسالة المحمدية، وتبديل الدين، وتمييع الفتوى، وتغيير الثوابت، تحت شعار :

"الحكمة"

و"جمع الكلمة"

و"الامتثال لأمر الله"

فالخوارج يستهدفون شباب المسلمين،

والمرجئة يستهدفون عموم المسلمين.

لهذا أطلقتُ عليهم (مشايخ السكرة)، لتخديرهم عقول العوام، لاسيما المتأثرين بالقومية الذين يوالون ويعادون على الأرض لا الدين والشرع .. سهل، فلا شيء أسهل من دغدغة المشاعر، والدعوى للعصبية.


قال الإمام إبراهيم النخعي: (فتنة المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الخوارج).

والمرجي أكثر الناس تحولا في دينه وفتاويه، وهذه دلالة واضحة على عدم تعظيم الله في قلوب المرجئة.

وقد جاء ذر الهمداني إلى سعيد بن جبير يسأله في حاجة، فقال سعيد:

 (لا ! حتى تخبرني على أي دين أنت اليوم، أو رأي أنت اليوم، فإنك لا تزال تلتمس دينا قد أضللته، ألا تستحي من رأي أنت أكبر منه؟)

ولن تجد اليوم عابثا بدين محمد ﷺ مثلهم، فما كان حراما بالأمس لا يمنعهم شيء عن تصييره حلالا اليوم، حالهم حال المنافقين، بل المنافقون أحسن حالا منهم.

قال الإمام ابن بطة العكبري:

(إن المنافقين أحسن حالا من المرجئة؛ لأن المنافقين جحدوا العمل، وعملوه، والمرجئة أقروا بالعمل بقولهم، وجحدوه بترك العمل به.

فمن جحد شيئا وأقر به بلسانه وعمله ببدنه، أحسن حالا ممن أقر بلسانه وأبى أن يعمله ببدنه. فالمرجئة جاحدون لما هم به مقرون، ومكذبون لما هم به مصدقون، فهم أسوأ حالا من المنافقين).

كفى الله المسلمين شر دعاة الفساد