الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

قصة (خبر الثقة) بين العلامة محمد حامد الفقي، والعلامتين محمد بن إبراهيم ، وعبدالعزيز بن باز -رحمهم الله-

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فبينما كنت أقلّب مقالَ الشيخ العلامة محمد حامد الفقي -رحمه الله- الموسوم: بـ (تفسير القرآن الحكيم) -لسورة النحل-: جذبني عنوان جانبي في مثاني التفسير بعنوان: «عجيبة» !!
فقرأتُه..
فهالني الكلامُ الذي سطّره الشيخُ !!
وعجبتُ من الموقف الذي آلَمَ العلامةَ الفقي ، وكاد أن (يُهلكه!) -عند الإمامين: العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، وتلميذه العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمهما الله-!
ولم أُكمل قراءتي لبقيةِ المقال؛ حتى فتحتُ الحاسوبَ ، و فرَّغت قصةَ الشيخ الفقي ؛ لأشارككم القراءة.
ورأيتُ من الواجب عليَّ إخراجَ هذه الفائدة العظيمة العزيزة النفيسة لإخواني طلاب العلم: (ليتنبّهوا)،ومشايخي الفضلاء (ليُذَكّروا)، و (يَتَذكّروا):
قال -رحمه الله-:
« عجيبةٌ!
تلك أَنِّي حين وصلتُ إلى مكة المكرمة -في حَجَّتي الأخيرة-: لقيتُ سماحةَ مفتي (المملكة السعودية)- الأكبر-، وعالمها الجليل الأفضل الشيخ محمد بن إبراهيم- للسلام عليه-، وما كدتُ أضعُ يدي في يده ؛ حتى قال لي:
أحقّاً ما أخبرني عنك (فلانٌ)- الذي كان بمصر قُبيل الحج-؟
قلت: وما هو؟
قال: يقول : إنك قلتَ - على المنبر- يوم الجمعة-: ( إن القرآن ليس كلام الله، وإنما هو كلام محمد -صلى الله عليه وسلم- )!!
فخُيّل لي أن الأرض تَميدُ بي ، وتَتَزلزل زلزلةً عنيفةً !!
وكان حاضراً بالمجلس فضيلةُ الشيخ عبدالعزيز بن باز المدرِّس بالمعهد العلمي –بالرياض-، فقال هو –أيضا-:
وأنا –كذلك- قد قال لي (فلانٌ) هذه المقالةَ .
فازدادتِ الأرضُ مَيْداً وزلزلةً، وكاد يُغمى علي ! لا مِن فظاعة التُّهَمة –فحسب-؛ ولكن: من أن تكونَ هذه الجريمةُ من هذا (الـفـلان!)- الذي كنت أُحَسِّن به الظن! وأعتقد في شيخوخته الوَقَار، وفي دعواه نشرَ السلفيّةِ ما يمنعُه أن يفتريَ هذه الفِرْيةَ القذرةَ على مَن كان بمصر مُلازماً له مُلازَمةَ ظلِّه، لا يكادُ يُفارقُه!!!
فَحِرْتُ : ماذا أُجيب هذين الشيخينِ الجليلينِ الصادقينِ!! وسألتُهما (مستثبتاً)، فأكَّدَا القولَ!
فسألتُهما: وماذا كان وقعُ هذه الكلمةِ في نفسيكما؟!
فقالا: لقد استنكرناها كُلَّ الاستنكار، وسألْنا (فُلاناً): هل سمعتَ منه هذا بأُذُنك؟!
فقال: لا؛ إنما نُقل إلي بالتواتر!
فقلنا له: كم واحداً أخبرك؟! وما أسماؤهم؟!
فقال: كثيرٌ.
ولم يذكُر واحداً من أولئك الكثير! فازداد استنكارُنا لهذه المقالة، وَحَمَلْنَا الأمرَ على أنَّ هذا (الـفُـلان!) –الناقل- ربما لحقه مِن آثار الشيخوخةِ ما يُعذر به!
فقلتُ لهما: إنَّ دَفْعَ هذه الفرية القذِرة إنما يكونُ: باحتقارها ، واحتقار مُفتريها، أو ناقلها، وسيلقى جزاءه العادلَ -يومَ يقومُ الناسُ لرب العالمين-.
وإن مَن ديدَنَه -طولَ وقته وحياته- في الدعوة إلى الإيمان ، والقرآن والسنة، ومَن تقومُ دعوتُه ودروسُه ومحاضراتُه وخُطَبه- كلُّها- على القرآن-: لن يَقبل أيُّ إنسانٍ عنده عقلٌ أن تحومَ حولَه شبهةُ الشكِّ؛ فضلاً عن هذه الفرية القذرة!!
وحسبي الله ونِعم الوكيل.
ثم لقيتُ هذا (الفُلان!)...
وسألتُه: أنت نقلتَ عنِّي للشيخين هذه المقالةَ!؟
فقال: نعم.
فقلتُ له: أسمعتَها منِّي؟!
قال: لا ، ولكنّها نُقلت إليّ.
فقلت له: أَمَا كان الأَوْلى أن تسألَني عنها، أو تنصحَني- بصفتك مسلماً- ؟!
فسكتَ..
فقلت له: ألم أكن مُلازماً لك إلى أن ركبتُ الطائرةَ إلى جُدّة؟!
فقال: نعم..
فقلتُ له: ومع ذلك لم تُفاتِحْني في هذه المقالةِ السُّوء حتى جئتَ تُفْشي بها للشيخين؟!
أَوْلى لك -ثم أَوْلى- أن تستغفرَ الله، وتتوبَ إليه من هذه الخَصْلة التي لا تنبغي لمسلم، ولا تليقُ به.
ولو كنتَ حريصاً على القرآن ، وتخافُ أن يَشُكَّ فيه الناسُ : لكان الأجدرُ بك أن تنصحَني، أو تحضُرَ إلى المسجد ، أو إلى دار الجماعة ، وتقومَ بنصيحتي!
لكنّك لم تفعل شيئاً من ذلك! ممّا يدلُّ على سوء نيَّتك، أو شدّة غفلتك!
وحسبي الله ونعم الوكيل.
وأُشْهِدُ الله أنّك تعمّدتَ إشاعةَ الكفر عني، وإنِّي أبرأُ إلى الله من ذلك.
وأُشْهِدُ الله أني آمنتُ بكتابه الذي أنزله { تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }: إيماناً ذاق قلبي -بحمد الله- حلاوتَه، وأنَّ مَن شكَّ في كلمةٍ، أو حرفٍ –منه-؛ فقد برئ من الإسلام، وبرئ الإسلامُ منه.
وأعوذُ بالله من السوء وقولِه، ومِن الوشاية والواشين.
واللهَ أسألُه أن يجعلَني من عباده المؤمنين؛ الذين يُدافعُ عنهم ، وأن يُثَبِّتَني {بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}- إنه نِعم المولى ونِعم النصير، ونِعم الحسيب والرقيب الشهيد-.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله –أجمعين-.
وكتبه:
فقيرُ عفو الله ورحمته: محمد حامد الفقي(1) .
قلتُ[أبو عُمر]:
وما أكثرَ أهلَ الفتن المنشغلين بالقيل والقال! الساعين لهدم الدعوات السلفية !وإسقاط مشايخها الفضلاء! الذين صرفوا أوقاتهم وأعمارهم ، -وشابت لحاهم- لتعليم أبناء السنة العلمَ الموروثَ!
فيأتي الرويبضةُ -مَن لا يحسن العلم-، أو جاهلٌ حديثُ عهدٍ باستقامة، أو مَن كان –بالأمس- مع الجماعة (الفلانية) واهتدى للتوَّ للسلفية..فينقلُ أخبارَه المسمومة لجاهل متعالم فتّان ، له أتباعٌ، أو شيخٍ جليل فيه غفلةُ الصالحين -بعد أن يُعطيَه الأمان- !
فيقولُ له: يا شيخ.. إن الشيخ (فُلان) يُثْني على أهل البدع..ويُعادينا..ويفعل بنا..ويقول عنا كذا وكذا !!!
فيُسَمّعه مقاطعَ صوتية، أو يقرأ عليه مقالاتٍ مبتورةً، فيصدّقه ذلك الشيخ ويحذِّر منه (2)!!
ويأتي المتعالم البليد ، فيُسقط ذلك الداعية السلفي ، أو الشيخ الفاضل ، ويحذِّر منه -لهوى في نفسه- بلا تثبُّت، ويَهِيجُ -في الساحة- كالثور الهائج:
فلان مبتدع !! فلان يُثني على أهل البدع !!
وكل هذا يَنْصَبُّ في مصلحة المخالفين من أهل العَلْمَنة والإلحاد ، وأهل البدع -من الرافضة ، والإخوان المسلمين، والقطبية -ومَن شايعهم-.
فالحَذَرَ- يا إخوتاه- من الفتن وأهل الفتن.
واللهَ اللهَ في التريّث ، والتثبّت ، وحُسن الظن: بإخوانكم، ومشايخكم.
وتأمَّلوا -جيداً- موقفَ هذين الإمامين الجليلين محمد بن إبراهيم، و عبدالعزيز بن باز، وعليكم بمَن مات؛ فإن الحي لا تُؤمَن عليه الفتنة.
واللهَ اسأل أن يجمعَ شملَنا، ويقوِّي شوكتَنا، وينصرَنا على عدوِّنا- إنه ولي ذلك والقادر عليه-.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطيبين أجمعين.

كتبه: أبو عمر عبدالله الهزاع
_________________________________________________________________________
(1)«مجلة الهدي النبوي» / العدد الثالث: لعام 1374 هـ - مقال: (تفسير القرآن الحكيم) :(ص 13-14 ).
(2) وهذا خطأ عظيم من بعض مشايخنا الأفاضل ؛ الذين يصدَّقون بعض بطانة السوء، ويعتقدون أن هؤلاء المقرَّبين إليهم لا يكذبون !
واعلم -أيها القارئ الكريم- أن بطانة السوء موجودةٌ عند الأنبياء قبلَ غيرهم- وهذا لا يعني أنَّ الصحابة منهم -حاشاهم-، ولكن: كيف بمَن هم دونهم -كالعلماء والمشايخ؟!-:
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة؛ إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير ، وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشر ، وتحضّه عليه، فالمعصوم مَن عصم الله –تعالى-»- رواه البخاري (6611 و 7198)-.
وقال الحافظ في «الفتح »:(البطانة: الدُّخَلاء، جمع: دخيل، وهو: الذي يدخل على الرئيس في مكان خَلْوته، ويُفْضي إليه بسرِّه، ويصدِّقه فيما يخبره به - مما يخفى عليه من أمر رعيته-، ويعمل بمقتضاه».
والأنبياء- عليهم السلام- قد يقبلون من البطانة الصالحة دون البطانة الطالحة -بلا شك-.

حوار: بين الشيخ محمد جميل غازي والصوفي محمد عثمان البرهاني السوداني

قال الشيخ محمد جميل غازي:

والتقيت في السودان أيضاً بدرويش محظوظ، آتاه الله يسطة في المال والأتباع،
قال لي: أنا الذي غيرت أسم الطريقة (البرهامية) وجعلتها (البرهانية).
قلت له: هذا اكتشاف خطير، فكيف تم هذا؟
قال: إن (سيده) إبراهيم الدسوقي التقى به وأفهمه هذا، أفهمه أنه (برهان الله) وأن طريقته البرهانية.
سألته: هل صحيح ما يقال من أن إبراهيم الدسوقي دخل المعركة (معركة رمضان) بنفسه؟
وهنا اعتدل في جلسته، وافتر ثغره عن ابتسامة، وألقي بنظراته عبر حجرته الواسعة المليئة بالصور واللافتات، ثم قال في اختصار المتثبت: نعم !!
وعدت أسأل: بلحمه ودمه !!
وعاد يجيب: نعم .. بلحمه ودمه !!

----------- 

كتب الشيخ جميل غازي في أحد مقالاته : زرت محمد عثمان البرهاني في منزله بالخرطوم، في ميدان عبد المنعم وسألته: كانت أيامها حرب 73 وكانت المعركة قائمة في مصر، كنا في رمضان بعد عشرة رمضان هل يقود المعركة الآن إبراهيم الدسوقي قال: نعم والذي دعاني إلى هذا السؤال أن بعض المجلات نشرت مقالات بعنوان "دولة أبي العينين" بينت أن قطب الوقت هو أبو العينين، وأن الذي سيقود المعركة ضد اليهود هو أبو العينين، وأنه سيطرد اليهود من مصر ومن سيناء إلى آخره، فسألت محمد عثمان البرهاني: هل الذي يقود المعركة الآن في مصر هو إبراهيم الدسوقي؟ قال: نعم، قلت: له بلحمه ودمه. قال: نعم بلحمه ودمه.

حوار بين الشيخ جميل غازي و محمود محمد طه السوداني -صاحب فكرة تطوير الإسلام-

قال الشيخ محمد جميل غازي -رحمه الله-(1) :

التقيت في رحلتي السابقة إلى السودان (بالعالم الكوكبي) صاحب مؤلف: "الإسلام الكوكبي" أو "الرسالة الثانية" !!
وقد فسّر لي ما يقصده بالإسلام الكوكبي،
قال: إن الإسلام جاء إلى الناس في زمنٍ كانت فيه وسيلة المواصلات هي الجمل، أما اليوم فإن وسائل المواصلات قد تعددت وتلونت، بحيث أصبحت تربط (الكوكب الأرضي) كله !!  وإذاً .. فإن البشرية أصبحنت في حاجة إلى (إسلام جديد) يتلاءم مع العصر الكوكبي .. عصر السرعة !!
وقد بنى على هذا الأساس المنهار فكره المنهار كله،
فقال: إنه من الضروري والمحتم شطب القرآن المدني، وإبقاء القرآن المكي (2).
لماذا؟ لأن القرآن المدني يوقف سير الحضارة، ويعوق عجلة التقدم ولماذا أيضا؟ لأن القرآن المدني (قرآن فروع) أما القرآن المكي فهو (قرآن أصول) !!
ولما طلبت إليه أن يضرب لي مثلا للقرآن المكي، ومثلا للقرآن المدني،
قال: القرآن المكي، مثل: }ويسألونك ماذا تنفقون قل العفو{ (3).
والقرآن المدني، مثل: }خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم{ (4).
فلما قلت له: إن الآيتين مدنيتان !
غضب وقال: إنني أعني بالقرآن المكي .. قرآن الأصول، وأعني بالقرآن المدني قرآن الفروع !
قلت له: لكن علماء السلف لم يصطلحوا على هذا !!
قال لي: هذا اصطلاحٌ جديد.
وصدق ... فه (اصطلاح كوكبي) أيضاً !!



---------------------------------------------------------

(1)(مجلة التوحيد / العدد (2) لعام 1394 هـ / صـ13-14)
(2)كتب الشيخ في الحاشية: يلاحظ أن صدر القرآن كله من القرآن المدني (البقرة، آل عمران، النساء، المائدة) وما قدمه الله يؤخره صاحب العقل الكوكبي .. بل يلغيه ويشطبه !!

(3) البقرة:219.         (4)التوبة: 103.

السبت، 25 أكتوبر 2014

قصيدة: نجوى وذكريات .. للعلامة/ عبدالرحمن الوكيل

أشبالَ نجدٍ سلامٌ من محبِّينا ***ونجدٌ قلبٌ بصافيْ الحُبِّ يروينا
كم ذا إلى قُربِكم آمالُنا ظَمِئَتْ***وكــم بأنسابِكُمْ رفَّـت أماليـنا
كُنَّا إذا ما الصَّبا رفَّت نُسائِلُها***عنكمْ، ونُودِعُها الأشواقَ تَصلينا
لعلَّ تُفضي إلى نجدِ بلَوعَتِنا***وحُرقةُ الشَّوقِ في داجي ليالينا
فنَجدُ للدينِ في إشراقِهِ وطنٌ***أهدى إلى الشرقِ أبطالاً ميامينا
جئنا إليه، فنِلنا فوق ما حَلَمَتْ***به المُنى ومَضَى بالبِرِّ، يُوْلينا
أشبالَ نجدٍ إخاءُ الدين يجمعُنا***ومنكمُ كان رَغمَ البَيْنِ يُدنينا
فاصَغوا إليَّ، إلى قلبٍ تُثيرُ به***كوامِنُ الوَجدِ ذكرى من مواضينا
نحنُ الأُولى، دينُنا حقٌّ، ونحن به***أسمى الخلائِقِ –مُذ كان الورى- دِينا
سُدنا به قبلُ ما في الأرضِ من أُممٍ***بالحقِّ والعدلِ نَبنيهِ، فيَبنيا
لم نبغِ في الفتحِ تيجاناً ولا نَشَبا***ولا ممالكَ بالغلّات تأتينا
ولا أَناسيَّ نبيغِهِم لنا ذُلَلاً***لكنْ أردنا لدينِ اللهِ تمكينا
حتى رفعنا لواءَ الحقِّ منتصِرا***على رفيعِ الذُرى واللهُ حامينا
دكّت جحافِلُنا الطُّغيانَ ما خَشِيَتْ***زلازِلَ البَغيِ أو منه براكينا
سلَ قيصرَ الرومِ، سَل كسرى وعصبتَهُ***وسَلْ جبابِرةً كانوا شياطينا
وسَلْ شُعوباً لهم كانت مُسخَّرةً***للجورِ يلْطِمُهم بالبَغيِّ عاثينا
سلهُم عن الفاتحين الغرِّ ما صنعوا***للعدل كانوا على حبٍّ موازينا
كانوا مشارقَ إيمانٍ ومعرفةٍ***ورحمةٍ لم تَذَرْ للبؤسِ مسكينا
بما دعاهمْ إليه اللهُ قد عَمِلوا***مُجاهدين على شوقٍ، مُصلِّينا
فأرسلَ النَّصرَ يَحْدُوهم بقُدرَتِهِ***فأصبحوا السّادةَ الصَّيدَّ الميامينا
ساروا على كل أرضٍ رحمةً وهُدىً***وفي سباقِ العُلا كانوا المُجَلِّينا
من هذه الأرضِ ساروا في جحافلِهم***إلى هدى اللهِ بالقرآنِ داعينا
فسَلْ شواطئَ أفرقيا وأندلساً***وسَلْ فرنسا وسلْ في نأيِها الصينا
سلها فثمَّتَ أمجادٌ لنا سلفت***فيها، وفوق الذُرى منها مَعالينا
آهاً لها ذكرياتٍ !!كم تعاونًّا***نبيتُ منها سياطُ الوجدِ تُفرينا
كُنّا وكانت لنا العلياءُ ساميةً***والنصرُ مركبَنا والمجدُ نوادينا
لا يُشرقُ العِزُّ إلاَّ من مشارِقنا***ولا العدالةُ إلا من مغانينا
ولا السَّماحةُ إلا من خلائِقِنا***ولا السَّعادةُ إلا في مجالينا
كُنَّا .. فصرنا إلى حالٍ مُروِّعةٍ***ألم تدسنا يهودٌ في فلسطينا ؟!
جاءت بذِّلَتِها تُردِي مَعَزَّتَنا***ونحن في غفلَةٍ تَمضي ليالينا
والغربُ يُغري يهودَ الشرِّ باغِيةً***بنا، ويَبغِي لها في الأرضِ تمكينا
يُمِدُّها بالذي تبغيهِ من قُدَرٍ***ونحنُ للغربِ مازِلنا موالينا
ونحن للغربِ أحلافٌ نُناصِرُهُ***وفي يَديْ بغيِهِ باتَتْ نَواصينا
واهاً لنا أُمةٌ يمشي العدُوُّ بها***جَوراً، وفوقَ أمانيها طواحينا
فإن شكونا إليه الجورَ، جاء لنا***بخادِعٍ مِنْ نِفاقِ الزُّورِ يُرضينا
ونصطفيه، ونُعلي مِن سماحَتِهِ***قَدراً، كأنْ قد بلغنا منه ماشينا
لا تعجبوا إن لثَمنا منه خِنْجرَهُ***فــاللهُ عمّا اقــترفنــاهُ يجازينـا
كتابُهُ الحقُّ لسنا اليوم نَعرِفُهُ***إلا تمائِــمَ مِـن ذي الـعينِ تَحمينــا
أو في المقابِرِ نتلوهُ على ثمنٍ***بــه نـوادِبُ فوقَ القبرِ تُغرينــا
وسُنّةُ المصطفى بِتنا نُحاربُها***وهْيَ المنارُ إلى الرِّضوانِ يهدينا
وفي السُّفورِ دعاةُ الإثمِ قد فَجَروا***ومن هوى الكُفرِ يبغُونَ القوانينا
آهــاً لأُمتِنا عن دينِها رَغَبَتْ***وآه لقوم قد سَنُّوا الهوى ديناً !!
أشبالَ نَجدٍ، ولي في الـدمعِ معذِرةٌ***إذا بكيتُ على أمجـادِ ماضينـا
ذا معقِلُ الدين، هذا قُدسُه، ولنا***فيه أمــانٍ تُنـاجيهــا أمانينــا
على التُقى شادَهُ عبـدُ العزيزِ (1)، ومَنْ***مثلَ الشيوخ (2)تُقىً ، أو مِثلِه دينا؟
محمــدٌ (3)خـادمُ القـــرآنِ تحسبـُـه***رُوحاً من الحق أو نورًا يسارينا
وللإدارة فيه ماجدٌ (4) ورعٌ***تلقى فضائلَ في أخلاقِهِ دينا
فانهضْ شبابَ الحِمى للدِّين، والتزموا***هداهُ، واعتصموا باللهِ بارينا
فانهض لنُصرتِهِ في كل ناحيةٍ***فكُلُّ وادٍ به الإسلامُ وادينا
كونوا له عدةً في كلِّ نائبةٍ***واستنهضوا الهِمَمَ الكُبرى لداعينا
ولنبذلِ الروحَ للرحمنِ إن عَصَفَت***وغْيَ الجهادِ وخُضْناها ميادينا
هذا البناءُ بعونِ اللهِ في غَدِهِ***يهدي عباقرةً تُحيي المُنى فينا
يهدي أُسوداً لدينِ اللهِ تَنْصُرُه***واللهُ للحقِّ يهديكم ويهدينا

……………………………………………………………………

(1) الملك عبدالعزيز آل سعود –رحمه الله-.
(2) من ألقاب الملك عبدالعزيز.
(3) الشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله.
(4) الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم (أخوه) –رحمه الله-.

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

الليبرالية.. الإلحاد بثوبه الجديد 2⃣

الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وبعد:

فهذا هو المقال الثاني من سلسلة (الليبرالية الالحاد بثوبه الجديد) وأنبه القارئ الكريم أن ابتداءاً من هذا العدد سأقوم بتصغير حجم المقالات القادمة: خشية الملل الذي قد تلحقه الإطالة، ولحصول النفع -إن شاء الله- في المعلومات المختصرة...اسال الله أن ينفع بها الجميع.

[عوامل ظهور الليبرالية]

شهدت أوربا في القرن الرابع عشر الميلادي أوحش عصورها، إذ كان الأوربيون عبيداً لأرباب الكنيسة من الأحبار والرهبان، مذللين للملوك والأباطرة والإقطاعيين وذوي السلطان.

فكانوا تحت سيطرة تامة لهؤلاء، يتحكمون في مصائرهم، وينهبون خيراتهم، ويتصرفون في أموالهم، بل وينتهكون أعراضهم.

فلما رأى القوم أن سياسة البلدان قائمة على الديكتاتورية، وأن الباباوات قد أناطوا سرقاتهم ونهبهم أموال الناس بالدين، وهيمنة أصحاب الأموال والنبلاء على أوربا وتعبيدهم من دونهم...ثاروا !

وبما أن طواغيت النصارى:
لا يربون أتباعهم على التزام العقيدة النصرانية..
ولا يعنون بحرث الولاء والبراء في نفوس الاتباع ... ثار عليهم الناس، واستبد الأوربيون، حتى صاروا كالتتر، فظهر التيار الليبرالي كردة فعل للاضطهاد السائد.

[ما هي الليبرالية ؟]

يرجع معنى الليبرالية (liberalism) للتحررية، وقد اختلف الليبراليون في تحديد مفهومٍ جامعٍ مانع لها، إذ يعتريها الغموض في مفهوم الحرية نفسه (!) فمنذ أن خيم ظلامها سماء الدنيا جيلاً بعد جيل ونُظّارها في اختلاف في تحديد سمات هذا المنهج، ويرجع ذلك لاختلافهم بالاعتبار الطبقي والمذهب الفلسفي والانتماء الفكري، والاعتقاد الديني.

ولعل أوجز التعريفات للليبرالية، والذي يوضح خلاصتها ما ذكره الفيلسوف الفرنسي لاشلييه: (هي الانفلات المطلق). <موسوعة لالاند الفلسفية ٧٣٢/١>

[الليبرالية...ونظرتها للمجتمع]

تعتبر الليبرالية -من حيث الأصل- مذهباً رأسماليا، إذ تنادي إلى حرية الفرد، واشباع متطلباته، وتحقيق رغباته، وتحصيل ملذاته؛ ضاربة الشرع والأعراف والتقاليد والقيم عرض الحائط.

فهي تروض أتباعها على المطالبة بما يسمونها بالـ (حقوق) الشخصية، وحرية الرأي والتعبير، لا يحكمهم قانون ولا تشريع ماداما معارضين للغايات؛ قانونهم:
١-ما تمليه عليهم شياطين الجن والإنس.
٢-الهوى .. وما أدراك ما الهوى.
وما بدلوا حكم الله إلا تسكينا لشهواتهم وترويجاً لشبهاتهم
وذلك الضلال المبين، {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم لا يؤمنون}.

لذا نجد أن الليبرالي دائماً في خط المعارضة -إلا ما رحم ربي- حيث يروج لأفكاره السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها بين الناس، فيكسب عدداً من المؤيدين، حتى إذا نادى بقضيته ومطالبه المصادمة للمجتمع يحتج بمؤيديه على أنّ هذا المطلب من نسج الأفراد المنتمين لهذا المجتمع، ثم...

[الليبرالي العربي والغربي]

قال رسول الله ﷺ : "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:فمن؟"

وها نحن نرى الليبراليون يتبعون سنن اليهود والنصارى حذو النعل بالنعل! لا يكاد الواحد منهم يفارقهم في شيء، بل تجد الليبرالي العربي -ولا أقول المسلم- أشد عداوة وكفراً من الليبرالي الغربي لأهل الديانة

-فترى الليبرالي العربي:
يتكلم بمنطلق الحقد المتولد عن بغض التشريع الإلهي؛ وعدم الرضا به، وعدم التسليم له، وما يتبع ذلك الحقد الذي زرعه إبليس من:
-حربٍ ... للإسلام وشعائره.
-وازدراءٍ ... للعلماء، وتهميشهم، والحط من قدرهم، وتنفير الناس منهم بوسمهم بالتشدد والرجعية والتخلف!  
-وكسرٍ ... للعادات والتقاليد والأعراف العربية الأصيلة.
-وجحودٍ ... لفضل أمته الإسلامية والعربية عليه.

أما الغربي: فبغضه للدين راجع لإلحاده بالقوانين السماوية ككل، ورفضه لكل ما يعكر عليه صفو حريته ويصرفه عن متاع  الحياة الدنيا.

وكل ليبرالي على وجه الأرض يرى أن الدين (أغلال) مصفدة حول الأعناق، و (سلاسل) تكبل الأيادي والأقدام عن ممارسة الحريات...وهذا لسان الحال قبل المقال