الثلاثاء، 17 مارس 2015

رسالة .. لملتحٍ لا يستحي (٢)



الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذه تتمة الكلام على الشاب الملتحي الذي كنا بصدد الحديث عنه في المقال السابق:
http://bomaralhazza.blogspot.com/2015/03/1.html

 -هداه الله وأصلح حاله-:

رابعاً: مصاحبته للنساء ومجاهرته بذلك.

ومن عجائبه وشذوذاته -وما أكثرها- مصاحبته ومجالسته النساء، وخروجه مع (صديقاته)! ومخاطبتهن بألفاظٍ غزلية باسم (اللَّزمة) كشعار خاص به.

وتوثيق ذلك بالتصوير معهن، ونشر تلكم المقاطع في مواقع التواصل الاجتماعية...ويتفاخر بِغَيْظ الشباب قائلاً: (هؤلاء معجباتي) بلا حياء ولا خجل !!

وهذا المنكر العظيم يترفع عنه ذو المروءة فضلا عن ذي التقوى، بل يستحي من اقترافه كثيرٌ من الفساق!

فالفاسق يعلم فسقه، ويستر ما ستره الله عليه، أما هذا الملتحي فيركب المعصية ويوثقها وبكل .... !!
اللهم استرنا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(وكذلك معاشرة الرجل الأجنبي للنسوة ومخالطتُهن من أعظم المنكرات التي تأباها بعض البهائم فضلًا عن بني آدم)[ جامع المسائل (٢١٩/٥) ]

قال نبي الأخلاق : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرةِ أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا! وقد باتَ يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه) [رواه البخاري] 

وإني لأعجب من وقاحته حين يصطحب إحداهن (!) في سيارته ، ويقول لمتابعيه خرجت مع فلانة وفرحنا، فتُعلّق صاحبته -المحترمة- بميوعةٍ تبرأ منها العفة !

أقول لهذا:
إن كان هؤلاء النسوة من أهلك -ولا أظن- فيال دياثتك !
وإن كُنَّ صاحباتك فيال فجورك !

قال ﷺ: (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) [رواه البخاري]

قد يقول قائل: ما الذي دفعه لهذه المجاهرة؟
الجواب:
١-ذكرت في المقال السابق انه يريد جلب عادات الغرب الساقطة لمجتمعنا لتكون من نسجها، ويرفع من نكارتها وشذوذها بلحيته المزيفة التي يتستر بها باسم الدين، ولكن هيهات ...

٢-لأنه يظن أن المجاهرة بالمعاصي والذنوب خيرٌ من سترها! فستر الإنسان لذنوبه يعتبره صاحبنا (نفاقاً) ! وهذا نابع عن جهله العميق، وفهمه السقيم للشرع.

خامساً: تهاونه في وجوب حجاب المرأة.

ظهر المذكور في مقطع مرئي يقول فيه: (إن كنتم تريدون فرض الحجاب على النساء، فافرضوا اللحية على الرجال).

لا مقارنة بين الأمرين يا هذا !
فحجاب المرأة الشرعي هو تاج عفتها ووقارها، فرضه الله ليكون درعا يحمي مفاتنها من سهام العيون.

أما اللحية فهي هديٌ نبويٌ واجب، لا يقارن بالعورة ! واسأل أي مسلم لم يتعمق في دين الله، أو سَلْ أي طفل مسلم: (أيهما أكبر عند الله: كشف المرأة شعرها أم حلق الرجل لحيته؟)
وسيجيبك بإذن الله

سادساً: امتهانه لقدسية المسجد، وصلاة الجمعة:
وهي قاصمة الظهر ! وأطم الطوام التي ظهر فيها هذا الشخص، فقد خرج في مقطع مرئي يتكلم -للأسف- كالمهرج (!) عن فكرة بناء بيت من بيوت الله، خاص به ولمن على شاكلته، والذي لا يحمل عضوية المسجد لا يدخل للصلاة! وسيكون العدد محدودا، يضم الرجال والنساء لصلاة الجمعة، وسيخطب صاحبنا في الناس لابسا (البدله) غير متقيد بسمت المشايخ مواكبا سادته الغرب، كما سيستخدم آلة العرض (البروجكتر) للشرح! وبعد الصلاة يجتمعون خارج المسجد لصنع الطعام، ويجلسون على البحر....إلى آخر ترهاته.

ويا عجباً لتلك الضحكات التي خرجت منه، ويا عجباً لذلك اللسان الذي يدعو للإسلام باللغة الإنجليزية... وينطق بالضلال بلغته العربية!
 
أيها الأحبة....إنّ مَن خالطة الديانة بشاشة قلبه، واستضاء دربه بهدي نبيه  لتأبى نفسه عن النطق بهذا الكلام الخاوي من الورع ومراقبة رب العالمين، ولَتَمنّى الهلاك قبل أن يتجرأ على (التنكيت) في أمر يمس شعائر الله ومقدساتنا، قال تعالى: ((ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)).

واعلموا حفظكم الله... أن الخوض واللعب في أمور الدين تخرج صاحبها من دائرة الإسلام، قال تعالى: ((ولئن سألتهم ليقولنَّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون[٦٥] لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)) الآية.

ألا فليتّقِ الله هذا المتصدر للدعوة، وليراقب ربه فيما يقول، وليراجع مُحِبُّوه أنفسهم، فلا يدافعوا عنه لمجرد اتفاق الهوى، ولينظروا:
هل هذا انتصار للرحمن؟ أم انتصار للنفس ومسوِّلات الشيطان؟ 

في الحلقة القادمة سأختم بذكر آخر طوامه وهي:
اتهامه مجتمعنا (الكويتي والاسلامي) بالنفاق والتخلف! وغيرها .. فترقبوا 


كتبه/ عبدالله الهزاع
٢٥-جمادى الأولى-١٤٣٦هـ

الاثنين، 9 مارس 2015

رسالة .. لملتحٍ لا يستحي (1)


الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد صحَّ في الأثر أن خير البشر ﷺ قال: (سيأتي على  الناس سنوات خدّاعات يُصدَّق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن الأمين، وينطق فيها الرويبضة في أمور العامة، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه) [رواه ابن ماجه وأحمد]

قلت: وما أكثرهم في هذا الزمان....

فقد خرج علينا شاب "ملتحٍ" يزعم الاستقامة بلسانه، ويظهر الفسوق ببنانه، يتظاهر بالعلم والمعرفة، وهو بعيد عنهما بُعد المشرق عن المغرب، يسعى لجلب رذائلِ الثقافة الغربية لأبنائنا وبناتنا، ويفسد عليهم دينهم وأخلاقهم بأطروحاته المخالفةِ للشرع، المُخلةِ بالأدب والحياء والعفة، بل وصل به الحال أن تطاول على قدسية بعض شرائع ديننا الحنيف! لايستحي من مخالطة النساء المتبرجات ويجاهر بمعاصيه، فهو باختصار :(لايدري...ولا يدري أنه لا يدري).

وقبل الشروع في المراد، أحب أن أُنبِّه القراء الكرام على أمرين مهمين:

الأمر الأول: أن التحذير من المخطئ وذكر أخطائه للناس ليس من الغيبة المحرمة، بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأدلة الشرعية على ذلك عديدة، منها:

لما تقدم معاوية بن أبي سفيان و أبو جهم لخطبة فاطمة بنت قيس -رضي الله عنهم- شاورت رسول الله ﷺفي الأمر، فقال لها  ﷺ : (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له) [رواه مسلم]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (و كان هذا نصحا لها وإن تضمّن ذكر عيب الخاطب ... وإن كان هذا في مصلحة خاصة فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين .... فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم)

الأمر الثاني: أني لا أعني في هذا المقام الإنكار على كل عامّيٍ يُعنى بتذكير إخوانه المسلمين بالخير والطاعة، وقد أمرنا رسول اللهﷺ : (بلغوا عني ولو آية).

فتذكير المسلمين والمسلمات بالأمور التي تحصل بها السعادة في الدنيا والآخرة أمرٌ مطلوب، والدعوة إليها عملٌ مندوب، ولكن العيب -كل العيب- أن يقوم من آتاه الله حب (شريحةٍ) من الناس له، وأظهر الاستقامة، بالاجتهاد في كسب رضا الناس .. بسَخَطٍ من الله.

ففي بادئ الأمر أرسل إليّ أحد الأحبة مقطعاً مرئياً للمذكور، استنكرت فيه من طرحه الذي لا يليق بظاهره، وتقززت من ليونته وميوعته، ومشابهته للغرب بزيّه (المبالغ فيه)، وحرصه على نيل رضا مُتابِعاته من النساء، وتملقه لهن، ونصبه نفسه محامياً عنهن .. في الحق والباطل.

ذلك أنه يريد دعوة الناس إلى الخير فيما يزعم على غير هدى ولا بصيرة، وكما قال ابن مسعود -رضي الله عنه- "كم من مريد للخير لم يجده"، ومن قضاء الله الكوني أنّ من حادَ عن هدي الله القويم وصراطه المستقيم زاغ وضل السبيل.

وقد ترددت بدايةً في كتابة المقال لأن المردود عليه قد أسقط نفسَه بنفسِه، ولعلمي الجازم بأن الردود عليه تفرحه! إذ يجد فيها متنفسه لاستعراض بطولاته... وشهاداته.. وخبراته .. ومؤلفاته التي لاتسمن ولا تغني من جوع. 

والذي دفعني لكتابة هذه السطور الأمور الآتية:

أولاً: تصدره للدعوة، ونعت بعض الناس له بـ (الشيخ).

وهي أول الأسباب التي جعلتني أرد عليه، إذ لابد يا أخي المسلم ويا أختي المسلمة من تنزيل الناس منازلهم، فالطبيب لا ينادى: (يا أستاذ)، والحاصل على الماجستير لا يلقّب دكتوراً، والمهندس لا يقال عنه شيخاً!



ثم إن هذا الرجل لايعرف بطلب العلم، ولا أخذه عن أحد من العلماء، وليس كل من أطلق لحيته وقرأ كتاباً صار شيخاً! وكما قيل: (من كان شيخه كتابه كثر خطؤه وقل صوابه).

فيجب أن نحافظ على سلامة ديننا أشد عناية من صحة أبداننا، قال الإمام محمد بن سيرين (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم).

ثانياً: دعوته للتحرر وتحكيم العقل على أقواله، وضرب كلام علماء الدين عرض الحائط عند التحكيم.

ظهر المذكور في مقطع مرئي مشهور برر فيه هزله من قدسية صلاة الجمعة -سيأتي تفصيله في محله- قال فيه: (خذوا كلامي هذا واعرضوه على عقولكم ولا تسألوا المشايخ...إلخ).
والجواب عن ذلك من وجوه:

١-يا أصحاب العقول الرشيدة، هل يوجد (شيخ) يلتزم الكتاب والسنة يدعو الناس إلى تحكيم عقولهم ويصدهم عن سؤال أهل العلم والدين؟!

٢-إن هذا الكلام هو عين الجهل والهوى، فأين للناس أن يعرفوا الأحكام الشرعية بعقولهم؟ قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.

٣-كل عاقل يعلم أن دافعه لتحكيم العقل على أمرٍ خطير كهذا لعِلمه الجازم بإثمه من مقالته السيئة، وإلا أخبروني مَن الذي سيفتي في التحليل والتحريم غير المشايخ؟ آلعقل؟!

٤- إن كنت لا تريد الرجوع للعلماء ابتداءاً، فامتثل لأمره تعالى:{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}، والله -عزوجل- بيّن أنّ أكثر الناس ورعاً وخشية لله هم العلماء، قال جل ذِكره: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء}.

٥-لا ينبغي التجرؤ في أمور الدين بالتحليل والتحريم، فدين الله واحد غير قابل للأخذ بالرأي والتذوق.

ثالثاً: مهاجمته المستقيمين (الملتزمين).

ومن غرائبه محاربته للمستقيمين، وسخريته منهم، وتشويهه صورتهم أمام الناس، فيصورهم دوماً همجاً رعاعاً متخلفين، يطاردونه، وينتقدونه دوماً، ولا يعرفون الأخلاق، سليطي اللسان، وكأن التربية والأخلاق لا يعرفها من الملتحين إلا جناب الأخ ومن على شاكلته !
قال في أحد مرئياته: (أرسل إلي شابٌ  ملتحٍ، يلبس "غتره بدون عقال" مقطعا مرئيا، وقبل أن أشغل المقطع ظننته سيشتمني، فتفاجأت بقوله: أحبك في الله)

اعلم هداك الله إلى سبيل الرشاد أن الاستهانة بأهل الاستقامة الموحدين... الملتزمين سُنةَ رسول الله ﷺ = ضعف في الدين، فهم بركة من بركات هذه الأمة، كيف لا وهم عمّار بيوت الله والله -جل وعز- يقول: ((إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر))، وهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وهي ميزة خاصة بأمة محمدﷺ ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله))، وهم الذين يسعون لنشر الرسالة المحمدية للناس وما يقربهم إلى الله -جل وعز- ليدخلهم الجنة وينجيهم من النار، أهكذا يكون الكلام فيهم؟

وانظر إلى الإخوة الدعاة في الانستقرام الذين نفع الله بهم الناس، أمثال الشيخ أحمد بن موسى البلوشي -حفظه الله-، فاتق الله، وتلطف في الحديث مع إخوانك، واستعمل اللباقة .. أم أن اللباقة والكلام المهذب الموزون البراق لا يكون إلا مع النساء ؟!

أيها القراء الكرام...
لم أنتهِ بعد من بيان ما عند الرجل من أمور ينبغي التنبيه عليها والتحذير منها، اسأل الله أن يهديه وإيانا إلى الحق، وأن يعيد إليه رُشده، وأن يقبضنا إليه راضٍ عنّا غير مفتونين.

والحمدلله رب العالمين

كتبه/ أبو عمر عبدالله الهزاع
١٨/جمادى الأولى/١٤٣٦هـ