الخميس، 16 أبريل 2020

توجيهٌ من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لمسألة : (استحباب زيارة قبر النبي ﷺ للحاج) في كتب الفقه



قال -رحمه الله- في "الإخنائية صـ119" :

(وأما السفر إلى مجرد زيارة القبور فما رأيتُ أحداً من علماء المسلمين قال إنه مستحب،
وإنما تنزَعوا :
هل هو منهي عنه، أو مباح؟
وهذا الإجماع والنزاع لم يتناول المعنى الذي أراده العلماء بقولهم "يستحب زيارة قبر النبي ﷺ "  ولا إطلاق القول بأنه مستحب السفر لزيارة قبره كما هو موجود في كلام كثير منهم، فإنهم يذكرون الحج ويقولون يستحب للحاج أن يزور قبر النبي ﷺ.

ومعلوم أن هذا إنما يمكن مع السفر، لم يريدوا بذلك زيارة القريب، بل أرادوا زيارة البعيد، فعُلم أنهم قالوا "يستحب السفر إلى زيارة قبره لكن مرادهم بذلك هو السفر إلى مسجده، إذ كان المُصلُّون والزوّار لا يَصِلون إلا إلى مسجده، لا يصل أحد إلى قبره ولا يدخل حجرته.

ولكن قد يقال: هذا في الحقيقة ليس زيارة لقبره ولهذا كَرِه من كره من العلماء أن يقال "زرت قبره"، ومنهم من لم يكرهه.

والطائفتان متفقون على أنه لا يزار قبره كما تزار القبور، بل إنما يدخل إلى المسجد.

وأيضا فالنية إلى مسجده وزيارة قبره مختلفة :

1-فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه: فهذا مشروع بالنص والاجماع.

2-وإن كان لم يقصد إلا القبر، لم يقصد المسجد، فهذا مورد النزاع:
  -فمالك والأكثرون يحرمون هذا السفر، وكثير من الذين يحرمونه لا يجيزون قصر الصلاة فيه.
   -وآخرون يجعلونه سفراً جائزاً وإن كان غير مستحب ولا واجب بالنذر.

3-وأما ما كان قصده السفر إلى مسجده وقبره معاً: فهذا قَصَدَ مستحباً مشروعاً بالإجماع).

رحم الله الإمام المحقق؛ شيخ الإسلام ابن تيمية، ففضله على أهل سنة عظيم.

فلاحظوا كيف دخل أهل الأهواء من هذه الثغرة، واستطاعوا بها تضليل العوام، وتشكيك بعض طلاب العلم بالمذاهب الفقهية، بل سلّلوا هذه الشبهة لبعض أهل الفقه الفضلاء -ممن لم يضبطوا عقيدة السنة في الباب- فأودعوها في مصنفاتهم، فالتبس الحق بالباطل، والله المستعان.

فمن ضَبَطَ المسألة؛ سهل عليه توجيه كلام السني، ومعرفة انحراف من انحرف ..

ومِن هنا نؤكد ضرورة عناية طلاب العلم بالعقيدة، سواء تخصصوا في الفقه أو غيره من العلوم الشرعية، لتنقيح العلم من شوائب البدع.

وفقنا الله وإياكم إلى سبيل الحق والرشاد