الثلاثاء، 16 نوفمبر 2021

حوار مع الشيخ سالم الطويل -وفقه الله-

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

ففي الوقت الذي صال فيه أعداء الدين من الداخل والخارج على الإسلام، وتكالب أهل البدع والأهواء على السنة وأهلها..

ظهر الشيخ سالم الطويل -غفر الله له ولوالديه- في وسائل التواصل الاجتماعي خارجا من بين الصفوف، متربّصًا ببعض المشايخ السلفيين، ليفتش عن أخطائهم، ويحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم، بل ويحقق معهم بطرح بعض الأسئلة عليهم وكأنه مفوَّضٌ من قبل الجهات الأمنية! وقد حادت ردوده عن الموضوعية والعلمية، فما هي إلا "قال وقيل"، حتى غلب على أذهان الكثير من طلاب العلم أن الموضوع راجع إلى حظوظ النفس لقرائن -سآتي عليها- ومواقف سبقت تلكم الردود؛ وما أكثر الخلافات القائمة على حظوظ النفس في الساحة الدعوية.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (كم في النفوس من علل وأغراض وحظوظ تمنع الأعمال أن تكون لله خالصة وأن تصل إليه؟ وإنَّ العبد ليعمل العمل حيث لا يراه بِشَرٍّ البتة، وهو غير خالص لله) [مدارج السالكين 1/ 353].

وقد نظرتُ في ردود الشيخ سالم فوجدتها بعيدة عن الحق الصواب، مليئة بسوء الظن في فهم الخطاب، ورمي الشيخ فيصل بأمور تعجّبَ منها حتى المخالفين! وكال عليه بتُهم بلا أدلة ولا براهين، وحمل كلامه المجمل في بعض المواضع على تفصيل أهل البدع بلا قرينة! وأوّلَ كلامه الظاهر إلى معنى باطن لا تقتضيه دلالة السياق لا من قريب ولا من بعيد.

ومن لا يعرف الشيخ فيصل الجاسم ويقرأ مقالات الشيخ سالم سيغلب على ظنه -إن لم يجزم- أنه رجل منحرف، يظهر مالا يبطن، اندس في صفوف السلفيين ليفرقهم ويشتت شملهم، وحاشا الشيخ أبا عثمان أن يكون كذلك، فهو من خيرة أهل العلم الناصحين المصلحين، الذائدين عن حياض الدين، الذابّين عن سنة سيد المرسلين، المُنْبِرين لأهل البدع والكفار والمنافقين، من دعاة التنوير والتغريب والتقريب بين ملة أبينا إبراهيم بملل المشركين.

وكان من أبرز التهم التي وجهها الشيخ سالم الطويل -عفا الله عنه- للشيخ فيصل بن قزار، قوله: (مَن عرف منهج السرورية يدرك بوضوح، صبغة السرورية في طرحك، ولا أدري إن كنتَ مدركاً ذلك أو أنك تسلك منهج السرورية ولكن على استحياء)، والله المستعان.

وأُشهِد العليم بذات الصدور أني لم أود الرد عليه علنًا بهذا المقال، فالشيخ فيصل عنده علم وقلم ولسان، ويستطيع أن يدافع عن نفسه، لولا طعن الشيخ سالم -هداه الله- بمن أيّد الشيخ فيصل في خطبة جمعة وصفها (بالتهييجية)، فقال عنهم: (غالبهم إن لم يكونوا كلهم من أصحاب المناهج المنحرفة).

قال تعالى: (ستكتب شهادتهم ويُسألون)، وعند الله الموعد.

فأحببتُ أن أوضّح في سلسلة المقالات هذه للشيخ سالم الطويل ومَن أيّدَه مَن الذي تأثر -حقًّا- بطريقة السرورية من خلال تأصيله لا مِن سبق لسانه، وإنكاره ما كان يعرف، وبعض المواقف التي جعلَت الكثير ممن كانوا يجلّونه من العوام وطلبة العلم ينفرون منه، ولن أُؤَوِّل أو أتصرف بعباراته، ولن أحمل كلامه ما لا يحتمل، ولن أتعسف بقراءة ما بين السطور كما فعل الشيخ سالم -عفا الله عنه- مع الشيخ فيصل الجاسم.

هذا، وأسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

 

[محاضرة: تنزيه الدعوة السلفية عن المناهج الجديدة]

سأُرجئ الحديث عن اتهام الشيخ فيصل -حفظه الله- بالتأثر بالسرورية إلى الحلقة القادمة، وسأبدأ بالمقال الأول:

ألقى الشيخ فيصل الجاسم قبل مدة محاضرة منهجية نافعة حذّر فيها من ثلاث مناهج جديدة أساءت إلى الدعوة السلفية ومزقتها، وهي:

1-غلاة التبديع.                2-الغلاة في الحكام.            3-التحزب الخفي.

وهذا تعريف مختصر بالتحزب الخفي في (3 دقائق):

https://www.youtube.com/watch?v=GAhdI04RJPA

فثارت ثائرة الشيخ سالم، وظن أنه وبعض أصحابه هم المعنيون في المحاضرة، فردّ على الشيخ فيصل بن قزار بردٍّ قائم على سوء الظن والتخمينات والاتهامات الباطلة، وكتب مقالا بعنوان: (أخي فيصل بن قزار الجاسم وفقك الله لهداه لا تُشمت بِنَا الإخوان ولا تَصفِ السلفيين بالمتحزبين).

 

[الاتهامات التي وجهها سالم الطويل للشيخ فيصل الجاسم]

1-وصْف السلفيين بالمتحزبين.

2-مهاجمة السلفيين وإخراجهم من السلفية!

3-تقسيم السلفية، وتقطيعها، وتفريقها إلى أقسام وأحزاب لم يسبقه إليها أحد.

4-أنه أفرحَ أهل البدع بمحاضرته لطعنه بالسلفيين.

5-أن الشيخ فيصل (كثيرًا ما يدَّعي أن السلفيين لا يفهمون كلام العلماء وتأصيلاتهم، ويدَّعي لنفسِه فهمَ ما لم يفهمْ غيرُه).

فأقول وبالله أستعين:

 

[مفهوم التحزب]

جاء في المعجم الوسيط معان كثيرة للحزب منها: (وَالْجَمَاعَة فِيهَا قُوَّة وصلابة وكل قوم تشاكلت أهواؤهم وأعمالهم وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز:{كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ}).

وجاء في لسان العرب: (وفي حديث الإِفْكِ "وطَفِقَتْ حَمْنةُ تَحازَبُ لها" أَي تَتَعَصَّبُ وتَسْعَى سَعْيَ جَماعَتِها الذين يَتَحَزَّبُونَ لها).

والتحزب مذموم إلا فيما وافق الشرع ولم يخالفه، فلا حزب إلا حزب الله الموحدون، ولا تعصب إلا للكتاب والسنة؛ أما التعصب للشيوخ والقبائل والولاة والمذاهب الفقهية والجماعات السياسية فهو تحزب مذمومٌ تحصل به التفرقة والخصومة، ويضعف جانب الولاء والبراء في القلب، ويتحول انتصار المسلم لحزبه وجماعته لا للشرع والدين، قال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).

 

[إلزامٌ لا مفرّ منه للشيخ سالم]

 قال الشيخ سالم: (من حق الأخ الشيخ فيصل أن ينكرَ الخطأَ على قائلِه بعينه ويذكرَه باسمِه حتى لا يحصلَ تعميمٌ ولا ينبغي له اتهامُ إخوانَه بالحزبية).

إنّ تشنيع الشيخ سالم على الشيخ فيصل لِوَصْفه بعض المنتسبين للسلفية بالتحزب -كما في عنوان المقال- وفي النقل السابق ... لشيء عُجاب!

دعني أعيد ذاكرتك إلى الوراء فضيلة الشيخ...

أَتَذكُر حين اتهمَكَ البعضُ بالطعن في الصحابة، لأنك قلت: أن الصحابة تحزبوا يوم تخاصم المهاجرين والأنصار، فقال الأنصار: يا للأنصار، وقال المهاجرين: يا للمهاجرين، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بال دعوى الجاهلية؟ ... دعوها فإنها منتنة)، وقصدت بالتحزب التعصب، -وهو معنى صحيح لُغويًّا-.

فقالوا: "كيف تقول أنّ الصحابة تحزبوا؟ هل الصحابة حزبيون؟"

وهذا لجهلهم المبين، وعدم فقههم في الدين، فكتبتَ ردًّا عليهم في مقال" دعوها فإنها منتنة" وكان مما قلت: (ولقد صدر عن بعض الصحابة رضي الله عنهم شيء من ذلك فبادر النبي صلى الله عليه وسلم بالإنكار عليهم إنكاراً شديداً لِعِلمه صلى الله عليه وسلم بخطورة ذلك التعصب والتحزب، ولقد عاب عليّ بعض الناس كلامي هذا وحمله على أني أطعن بالصحابة والعياذ بالله، ولئن أخرُّ من السماء خير وأحب إليّ من أن أطعن بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحمد لله أني لست ممن انفرد بهذا القول بل سبقني إليه علماء أجلاء.. إلخ).

بل قلتَ أنّ الحزبية في نفوس كل الناس، وليست في فئة تدّعي السلفية.

قلت في مقال: " أخي أبا محمد، لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله":

(الشاهد: أنني في درس قد لا يتجاوز الحضور فيه عشرين طالباً قلت كلمة في التحزب، وأن التحزب في نفوس كل الناس، وبعض الناس يزعم أنه غير متحزب، بل وليس فيه من حزبية ذرة، ويزكي نفسه في ذلك، وفي المقابل يرمي غيره بالحزبية، بل لا يكاد يسلم عنده أحد من الحزبية والتحزب، ويقول: الحزبية بدعة، وعليه كل الدعاة عنده حزبيون إلا هو ومن معه، فقلت: «الواقع أن التحزب أو التعصب في نفوس كل الناس، حتى الصحابة لما قالوا: يا للمهاجرين يا للأنصار»).

فإن كان التحزب في نفوس كل الناس، فما الإشكال عندك لا أدري؟ 

ولماذا شنعت على الشيخ فيصل إطلاق "التحزب" على بعض المنتسبين للسلفية المعاصرين -وقد يكون بعضهم يدعي السلفية وهي منه براء- وتسمح لنفسك أن تطلقه على الصحابة رضي الله عنهم؟

وبأي حق تمنع فضيلتك الشيخ فيصل بن قزار -وفقه الله- من الاجتهاد والحُكم على فئاتٍ صدرت منها مخالفات، بل وقعت في بدع -في باب الأسماء والأحكام وغيرها- ولذلك استحقَّت وصفها بالحزبية؟

هل تريد منه أن يأخذ من فضيلتك الإذن للحُكم على الأفراد والجماعات، بينما تعطي لنفسك الحرية التامة في النقد والرد، وتسوّغ لنفسك الكلام على الجماعات والأفراد مهما علت منزلتهم ومكانتهم؟

ثم إن الشيخ لم يسمِّ أحدًا، بل بيّن صفاتهم دون أعيانهم، فكيف تدافع عن مجاهيل الأعيان قد وُصفوا بالغلو والتحزب؟ وقد أخبرتني أنك لست متأكدًا من الذين يعنيهم الشيخ فيصل بالضبط.

كل ذلك يدل -فضيلة الشيخ- أنك أصدرت حُكمًا في الشيخ فيصل بناء على تصور خاطئ، فإن كانت المقدمات باطلة بطلت النتيجة.

 

[لو أن الشيخ فيصل بن قزار أراد بعض أصحاب الشيخ سالم الطويل؛ ثم ماذا؟]

إن قال الشيخ سالم: إن كان الشيخ فيصل بن قزار يقصدني أو يقصد غيري من إخواني السلفيين فالأمر سواء، ما يضرهم يضرني، والكلام فيهم كالكلام فيّ، وما يمسهم يمسني.

فالجواب:

إن قصد الشيخ فيصل -حفظه الله- مَن في ذهنك، فما الإشكال الشرعي فضيلة الشيخ إن كان كلامه صحيحًا؟

إذا كانت أخطاؤهم المذكورة -من غلو وتحزب- ثابتة بالدليل، سواء من كتاباتهم أو محاضراتهم، أو ثبت بعضها لدى الشيخ بنقل الثقات -كما اتهمتَه بمجالسة السرورية بنقل الثقات عندك- فما المانع؟

هل ثقات الشيخ سالم الطويل لهم حصانة شرعية تمنع من الطعن في عدالتهم، بينما عند غيره يُعامَلون بـ: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا)؟

وهل لأصحاب الشيخ -إن صح أنهم معنيون- حصانة من النقد؟ وهل عصمهم الله مِن (التحزب الذي يوجد في نفوس كل الناس)؟

ثم إن الشيخ فيصل لم يسمّهم؛ وهذا منهج نبوي في التعريض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو راجع إلى المصلحة.

عن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل: ما بالُ فلانٍ يقول؟ ولكن يقول: ما بالُ أقوامٍ يقولون كذا وكذا) [رواه أبو داود وصححه الألباني].

قال شيخنا العلامة عبد المحسن العباد -حفظه الله-: (وفي هذا مصلحة للشخص نفسه؛ لأنه داخل في الخطاب وهو يعرف أنه حصل منه هذا المحذور، وغيره يعلم أن ذلك لا يصلح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره، والمقصود من ذلك تعميم الفائدة ومعرفة الجميع للحكم الشرعي في هذه المسألة التي حصل فيها ذلك الشيء الذي لا يسوغ ولا يجوز).

 

[إيراد: لماذا لم يُسمّ الشيخ فيصل بن قزار المخالفين رغم ضرورة المقام؟]

للإجابة عن هذا السؤال لابد من تأصيل المسألة تحقيقا لمناط الحكم.

أولا: معلوم أن الشريعة الإسلامية قائمة على جلب المصالح وتكثيرها، ودفع المفاسد وتقليلها، وأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

ثانيا: ليست المصلحة والمفسدة راجعة لأذواق الناس بل بما وافق الشرع، ومعرفة ذلك راجع لتقدير الفقيه بمآلات الأمور ونتائجها، والخروج عن هذا المعيار الشرعي هو اتباع الهوى.

ثالثًا: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له ضوابط، منها: أن لا يؤدي إنكار المنكر إلى منكرٍ أكبر منه.

قال ابن القيم رحمه الله: (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله؛ فإنه لا يسوغ إنكاره).

رابعًا: أن إنكار المنكر تارة يكون بالتصريح وتارة بالتعريض بفاعله، فالضرورات تُقدَّر بقدرها، وكل ذلك راجع لما تقدم.

خامسًا: لا بد من اعتبار أن التصريح قد يكون سببا في زيادة المنكر وتكثيره لا دفعه ومعالجته، لذا كان مسلك التعريض هو الأمثل، ليَسلم الشيخ المنكِر على تلك الفئات من اندلاع حرب لن تنتهي إلا أن يشاء الله، لاسيما أنّ المنكر عليهم غلاة.

بل هذه طريقة علمائنا كابن باز والعثيمين رحمهما الله والمفتي وصالح الفوزان وصالح اللحيدان وعبد المحسن العباد، فإنهم يحذرون من المناهج ولا يحذرون من الأشخاص إلا ما ندر.

بل كان الشيخ العثيمين -شيخ الشيخ سالم- لا يحذر من أحد إلا ما ندر.

سادسًا: إن كان المُنكِر فقيهًا عارفا بضوابط الإنكار، مراعيًا للمصالح والمفاسد المترتبة على إنكاره، فلا يجوز الاعتراض عليه بالتعرض لنيته والطعن في طريقته بلا بيان ولا تبيُّن.

كمسألتنا هذه ... فإن الشيخ فيصل -وفقه الله- لما قام بواجب الإنكار، ممتثلا المنهج النبوي في تقويم الأخطاء وإنكار المنكرات، بالتعميم والتعريض، طالبَه الشيخ سالم -هداه الله- بتسمية أصحاب المناهج الجديدة.

وإن مطالبة الشيخ بتسمية المخالفين في هذا المقام ليس من الحكمة في شيء، لاسيما أنه ينتقد مناهج عديدة، مختلفة الأهواء، لا يجمعها رأس واحد، وهم من افتراق إلى افتراق، فكيف يطلب الشيخ تسميتهم؟

ثم أيها الشيخ سالم الفاضل، ألم تقل في مقال" «بل الله يزكي من يشاء»":

(الشيخ ابن عثيمين رحمه الله علمه مبثوث في كتبه وأشرطته؛ فهو يرد ردوداً علمية كثيرة تأصيلية جميلة نافعة لكن لم يكن يرد على أحد باسمه)، فلماذا تحل لابن عثيمين وتحرم على فيصل الجاسم؟

ثم هَب أنّ الشيخ فيصل ضرب أمثلة على غلاة التبديع وسمى منهم خمسة، ثم الغلاة في الحكام سمى منهم خمسة والمتحزبين خمسة، أهكذا الإصلاح؟!

وهل سيسكت الغلاة ورؤوسهم؟ هل ستحصل المصلحة المرجوة من المحاضرة؟

والعجيب أن الشيخ سالم لا يرتضي طريقة إجبار الدعاة على إصدار الأحكام على الناس، قال في مقال " لم نعهد هذا التجمع والتحزب إلا عند الصبيان":

 (ولا تخالط من يضرك في دينك لا سيما الذين يجبرونك على إصدار الأحكام على فلان وفلان، واعلم أن الله تعالى ما كلفك بإصدار الأحكام على كل إنسان بعينه؛ وإنما كلفك بمعرفة الحق واتباعه ومعرفة الباطل واجتنابه).

ومعرفة الحق والباطل يناله طالب العلم بالتفقه على مشايخ السنة، بملازمة دروسهم ومحاضراتهم وقراءة كتبهم وغيرها.

سابعًا: إذا وقع إخوانك في بدعة -فضيلة الشيخ- فهل نلحقك بهم، ونؤاخذك على ما يقولون لأنهم إخوانك؟

هذه نسميها بالعامية "فزعة هواش" وليست دفاعا شرعيًا عن الإخوان.

ونصرة الإخوان تكون بقول كلمة الحق والأخذ بيدهم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (انصُر أخاكَ ظالمًا أو مَظلومًا، قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، هذا نَصرتُهُ مظلومًا، فَكَيفَ أنصرُهُ إذا كانَ ظالمًا؟ قال: تحجِزُهُ وتمنعُهُ من الظُّلمِ، فذاك نصرُهُ) [رواه البخاري]

 

[الشيخ سالم الطويل سبق الشيخ فيصل الجاسم بوصف السلفيين بالتحزب]


الشيخ سالم -سدده الله- قد سبق الشيخ فيصل بن قزار بوصف جماعات من السلفيين بالتحزب في مقالات كثيرة، تصريحًا وتلميحًا، ولقب بعض أعيانهم بألقاب لم يسبق إليها فيما أعلم، وإليك بعض الأمثلة:

-قال في مقال: "ينتقدون وينكرون التحزب والحزبية وهم متحزبون!!"

(وقد يظهر من ينتقد التحزب أو الحزبية وينكر بشدة على الحزبيين وقد يحاربهم ويبدعهم ويفاصلهم ويعادي من لا يبدعهم ويوالي على تبديعهم، ثم يبدأ هو ومن معه يتحزبون ويتعصبون، وتبدو الحزبية فيهم ضعيفة وما تزال شيئاً فشيئاً حتى تقوى وتصبح أشد من غيرها بكثير !!!).

-قال في مقال: "هل للسلفيين قيادة مركزية وتنظيم عالمي؟":

(ولقد أفسدت الحزبية والعصبية سَلَفِيَّةَ كثير من السلفيين، وفرقتهم وشتتتهم بعد ما كانوا يعيبون على غيرهم، والبلية الكبرى أن منهم من يظن أنه لا حزبية عنده وهو منغمس فيها ويمارسها حتى النخاع، فالحزبية مرض كسائر الأمراض لا يستطيع أحد يزعم أنه مبرأ منها، أو لا يمكن أن تصيبه أبداً ما دام حياً، ورب العزة والجلال يقول: ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم: ٣١-٣٢]، فكيف ينهانا ربنا عما لا يمكن أن نقع فيه؟!)

وقال: (فما ضر السلفية والسلفيين شيء مثل التحزب والتعصب الذي تسرب إلى كثير من السلفيين من حيث لا يشعرون).

أترك الحكم لأولي الألباب..

  

[المشايخ السلفيين الذين رماهم الشيخ سالم بالتحزب]


من الأمور التي شُنِّعت على الشيخ فيصل في المحاضرة المذكورة قوله أنّ هذا التحزب الخفي له رؤوس وتنظيمات مختلفة المآرب تعمل في الخفاء.

قال الشيخ سالم في مقال بعنوان: "لقد تأخر الشيخ ربيع كثيراً غفر الله له ولوالديه وللمسلمين":

(كانت دعوة الشيخ ربيع طيبة ونافعة، غير أنه -وللأسف- وقع في الحزبية التي كان يحذر منها!!).

وقال: (ثم -ويا للأسف الشديد- وقع بعض السلفيين فيما عابوه على غيرهم: فسلموا القيادة المركزية لـ "مجلس الشورى" بقيادة الشيخ ربيع وأعضاء المجلس المشايخ عبيد الجابري ومحمد بن هادي وعبد الله البخاري.

وهذا الغلوُّ في التحزب أشبه ما يكون بأعمال الطرق الصوفية، الذين يعقدون الولاء والبراء على شيخ الطريقة والطاعة العمياء، فالمقرب من قربوه، والمُبعد من أبعدوه، والواجب تسليم المريد للكشف والإلهام الذي يصدر عن الشيخ).

فهل مجلس الشورى الحزبي المذكور يجتمع في العلن؟ أم يعمل في سر وخفاء قبل إصدار أحكامه؟ وهل هناك مانع شرعي أو عقلي أو عرفي في إضافة وصف الخفاء على حزب المشايخ الفضلاء؟

وهل ستبقى متمسّكًا برأيك وتفرض على الناس منع إطلاق (التحزب الخفي) رغم إقرارك بمفهومه؟ ليتك تذكر دليلًا واضحًا على منع هذه الإضافة.

 

[الشيخ ابن عثيمين: هناك فريق سلف وهناك حزب يسمى السلفيون]

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: (الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف، لا الانتماء إلى حزب معين اسمه السلفيين، الواجب أن يكون مذهب الأمة الإسلامية مذهب السلف الصالح، لا التحزب إلى ما يسمى بالسلفيين، انتهبوا إلى الفرق! هناك فريق سلف وهناك حزب اسمه السلفيون. المطلوب أيش؟ اتباع السلف، لماذا؟ لأن الإخوة السلفيين هم أقرب الفرق إلى الصواب لا شك، لكن مشكلتهم كغيرهم، أن بعض هذه الفرق يضلل بعضا، ويبدعه، ويفسقه، ونحن لا ننكر هذا إذا كانوا مستحقين، لكننا ننكر معالجة هذه البدع بهذه الطريقة، فالواجب أن يجتمع رؤساء هذه الفرق، ويقولون: "بيننا كتاب الله عز وجل وسنة رسوله فلنتحاكم إليهما" لا إلى الأهواء ولا الآراء، ولا إلى فلان وفلان، كلٌّ يخطئ ويصيب مهما بلغ من العلم والعبادة، ولكن العصمة في دين الإسلام..).

وإليكم المقطع الصوتي: https://www.youtube.com/watch?v=uywbGr60VjQ

(من الدقيقة: 1:07).

فهذا إمام السنة العثيمين -رحمه الله- عرّضَ ببعض من تحزبوا باسم السلفية، وبدع بعضهم بعضا، فلَمْ يُسَمِّهم، وهو إمام سنة مُتَّبَع، فلماذا لم يسمِّ أولئك ويحذر الناس منهم بأسمائهم؟

فإما أن تتهم الشيخ ابن عثيمين وفيصل الجاسم معًا، أو تعذرهما معًا.

 

[أيُعقل هذا ؟!]

كيف يصدق عاقل أن الشيخ فيصل بن قزار انتسب إلى السلفية، ودرَس عقيدة السلف، وتفقّه على علمائها، وربط نفسه وطلابه بالأكابر كالمفتي والفوزان والعباد -حفظهم الله-.  ثم يقول:

(أيها السلفيون! كلكم غلاةٌ حزبيون، فلذلك أنتم خارج السلفية، علماء وطلبة علم، والسلفية منكم براء، فهي لي ولأتباعي)؟!

أيعقل هذا يا معشر العقلاء؟!

والذي يظهر لي أن الشيخ سالم -غفر الله له ولوالديه- كتب المقال ولم يطّلع على العنوان، أو غلط في قراءة العنوان مما دفعه لكتابة الرد المليء بالمغالطات.

أو اعتمد على ناقل -يثق به- سيء الفهم أو سيء القصد أو كلاهما فنقل له كلاما مغلوطا عن الشيخ فيصل فصدقه فكتب المقال بناء على خبر الثقة.

أو أنه سمع عن المحاضرة ولم يسمعها.

أو وصلته بعض مقاطع المجتزأة من المحاضرة فظن أن الشيخ فيصل يقسّم السلفية إلى هذه الأقسام الثلاثة.

أو أن الشيخ سالم كتب المقال واطلع على عنوان المحاضرة وسمعها كلها أو جلها، ولكن دفعه الغضب لكتابة هذا المقال الهجومي، وعادةً من يكتب وهو غضبان تكثر أخطاؤه، ولا يتصور الأمور بشكلها الصحيح، فيقع في الوهم ويغلبه انفعاله حتى يظلم خصمه، وبالكاد يسلم من ذلك غضبان.

ولذلك منعت الشريعة الإسلامية القاضي من الحكم حال غضبه حِفاظًا على حقوق العباد، ففي البخاري أن أبا بكرة رضي الله عنه كتب إلى ابنه عبيد الله وكان قاضي سجستان بأن: لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يقضين حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان).

وبقي احتمال وهو أن الشيخ يرى أن السلفية تنقسم حقًّا إلى غلاة تبديع و..إلخ، وهذا احتمال أستبعده من شيخٍ مثله، وإلا كانت طامة.

لكن على كل حال من سمع المحاضرة ثم سمع ردَّ الشيخ سالم الطويل ظن أنه يدافع عن هذه الفئات الثلاث، وأنّ إشكاله مع الشيخ فيصل: (هو في وصفهم بالغلو والتحزب، وكشف مناهجهم أمام الإخوان) الذي تسبب بالشماتة بهم.

وعلى فرض أي اعتبار مما سبق، فإن الشيخ -هداه الله- لم يستوعب المقصد الشرعي من المحاضرة، وآذته قضية إظهار مساوئ القوم، مع أن الشيخ له صولات وجولات ومقالات وردود مع السلفيين أنفسهم!

ومما يدل أن الشيخ سالم لم يستوعب محاور المحاضرة، أنه سأل سؤالًا عجيبا، قال:

(ولستُ أدري -والذي نفسي بيده- بعد هذه الأقسام؛ إلى أي سلفية ينتسبُ هو؟).

فتبيّن مما سبق: أن اتهامات الشيخ سالم  مبنية على سوء الظن بالشيخ فيصل بن قزار، وكان أولى به ثُم أولى أن يحسن الظن بأخيه، ويناصحه بالتي هي أحسن، ويستفصل منه بطريقة غير استفزازية، وبعيدا عن أسلوب التحقيق  الذي يستعمله وينشره للناس في العلن، ومن غير طعنٍ واتهامٍ لدين الشيخ تصريحًا أو تلميحًا.

ولو فعل ذلك لقال له الشيخ فيصل: (كيف أبدع السلفيين يا شيخ سالم وأنا منهم؟ أيقول هذا عاقل؟)، ولانتهى الأمر.

ولو عرّفَ الشيخ سالم القُراء بعنوان المحاضرة في بداية مقاله لأراح واستراح، لأن العنوان يكفي في براءة الشيخ فيصل من تهمة الطعن في السلفيين.

وأعيذه بالله أن يكون قاصدا حذفها.

وعلى كل حال.. هذا لا يبرر صنيع الشيخ سالم، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

وهذا غيض من فيض من اتهامات الشيخ سالم ومجازفاته في رمي الشيخ فيصل، بما لا يصدقه حتى مخالفي الشيخ فيصل عنه!

 

[الشيخ سالم الطويل يقر ببعض الأخطاء...ولكن]

قال -غفر الله له ولوالديه-: (كثير منها أخطاء حقيقية بلا شك، والتنبيه عليها في مكانه لكنه أخطأ -غفر الله له- لما جعلها أصولاً حزبية، وعلى ذلك اعتبرهم أحزابًا).

فنخلص مما سبق:

1-إقرار الشيخ سالم الطويل بوجود مناهج دخيلة أضرت بالدعوة السلفية.

2-أن خلافه مع الشيخ فيصل اصطلاحي من جهة -وهو الأكثر- وحقيقي من جهة أخرى.

3-تناقض الشيخ في ردوده، نتيجة عدم تحريره وضبطه لتصنيف المخالفين، والتعامل معهم، من حيث التأصيل والتطبيق.

بيان ذلك: أن الشيخ سالم الطويل كتب فيما مضى مقالات في بيان خطورة التحزب، ومثّل لها، وحذر من بعضهم بالاسم؛ واليوم يهاجم الشيخ فيصل ويطعن في سلفيته تلميحًا في هذا المقال، وتصريحًا في رسائله مع بعض طلبة العلم والمشايخ لنفس السبب.

ولو تأمل الشيخ سالم حال المناهج الجديدة، لاتضح له وقوعها في البدعة، لاسيما من تحزّبوا وجعلوا لهم تنظيمًا ذي مبادئ يسيرون عليها، ويوالون ويعادون على "القيادة مركزية" وأعضاء "مجلس الشورى" -على حد زعمه-، فما وجه الخطأ في عبارة (لهم أصول)؟

لذلك نحتاج أن نعْرف منه: ما مفهوم الأصول الحزبية؟ وهل يوجد حزب لا ينطلق من أصول أو قواعد؟

 

[أي الأقسام الثلاثة التي يعترض عليها الشيخ سالم الطويل؟]

أما غلاة التبديع فلا أظن الشيخ ينكر وجودهم.

وأما الغلاة في الحكام، فما أكثرهم، ألم تر إلى الذين غلو في مدح حكامهم حتى جعلوهم في مصاف أئمة السلف والخلفاء؟ ومنهم من دعا الشباب إلى التأسي بهم وجعلهم قدوة لهم في الحياة، ومنهم من يحمد الولاة في العلن أكثر من حمده لربه في العلن كأنه نسي أن الله هو الذي رزقه ورزق ولي أمره -جل وعلا-، والأمثلة كثيرة، ابحث في وسائل التواصل، وستجد تغريدات لبعض المنتسبين إلى الدعوة، وسترى العجب العجاب.

أما التحزب الخفي، فمن الذي ينكر وجود التحزب بين المنتسبين إلى السلفية لاسيما من اتخذها درعا للوصول إلى مآربه، السياسية أو الحزبية وغيرها، وأنت تعلم -أيها الشيخ الفاضل- بعض الأشخاص الذين انتسبوا للدعوة السلفية، فحصلوا على تزكيات من بعض المشايخ، فصاروا بالتزكيات شيوخا في بلدانهم وهم من أجهل الناس، ولجهلهم لم يخرج من عباءتهم إلا (شلة نمامين) حصيلتهم "القيل والقال"، ونشاطهم الدعوي إسقاط العلماء والمشايخ وطلبة العلم الذين لا يرتضونهم، فلذلك لم يرفعهم الله عزوجل في بلدانهم.

ولهم خصال عديدة ذكرها الشيخ فيصل في محاضرته، وهم أشياع، ليست لهم طريقة واحدة تجمعهم، نسأل الله أن يكفي المسلمين شرهم.

وبخصوص انزعاج الشيخ من الأوصاف التي أطلقها الشيخ فيصل ووصفها بالغريبة وغير اللائقة؛ فقد وصف الشيخ سالم الطويل: المشايخ ربيع المدخلي وعبيد الجابري ومحمد بن هادي وعبد الله البخاري -حفظهم الله- بـ (أعضاء مجلس الشورى)، و(القيادة المركزية بقيادة الشيخ ربيع).

فهل يحق -لفضيلتك- إطلاق المسميات والألقاب وتصنيف المشايخ المذكورين آنفا بما وصفت؟ فإن كان الجواب: نعم! تناقضت، ولا تنكر على الشيخ فيصل إذن بارك الله فيك، فالنقد ليس حقّا خالصا لفضيلتك بارك الله فيك.

وإن كان الجواب: لا، فأتحفنا بالسبب.

بل شَبَّهَهُم الشيخ سالم وأتباعهم بالصوفية، فقال: (-ويا للأسف الشديد- وقع بعض السلفيين فيما عابوه على غيرهم: فسلموا القيادة المركزية لـ"مجلس الشورى" بقيادة الشيخ ربيع وأعضاء المجلس المشايخ عبيد الجابري ومحمد بن هادي وعبد الله البخاري.

وهذا الغلوُّ في التحزب أشبه ما يكون بأعمال الطرق الصوفية، الذين يعقدون الولاء والبراء على شيخ الطريقة والطاعة العمياء، فالمقرب من قربوه، والمُبعد من أبعدوه، والواجب تسليم المريد للكشف والإلهام الذي يصدر عن الشيخ).

فهل يحق لك دون غيرك استعمال هذه الألقاب وتشبيه ما يصدر من الشيخ ربيع بالكشف والإلهام عند الصوفية؟

 

[من الذي شمت بنا الأعداء؟!]

 من الأمور التي أزعجت الشيخ سالم الطويل من محاضرة الشيخ فيصل أنها أفرَحت الإخوان المسلمين، لأنه طعن في السلفيين، وقسمهم لفرق، وقد بينت بطلان ذلك.

أرجع بذاكرة الشيخ سالم مرة أخرى وأُذكّره بسلسلة المقالات التي كتبها عن الغلاة، وفصّل فيه للقاصي والداني الخلافات التي حصلت بين السلفيين في العالم.

قال في مقال: "لقد تأخر الشيخ ربيع كثيراً غفر الله له ولوالديه وللمسلمين": (قد تفرق السلفيون شذر مذر، واختلفت قلوبهم وتناحروا فيما بينهم، حتى أصبح بأسهم بينهم شديداً، لا سيَّما في بلاد الغرب، حتى إن الحزبيين إذا أرادوا الطعن بطالب علم سلفي؛ لم يجدوا ما يطعنونه به ما هو أشد مما كتبه وقاله المتعصبون للشيخ ربيع).

على طريقة الشيخ سالم الطويل أقول:

لمَ كشفت الصراعات والانشقاقات التي حصلت بين الإخوة السلفيين، ونشرتها للناس عبر موقعك الإلكتروني وحسابك في وسائل التواصل، لقد شمّتّ بنا الأعداء!

 

[قيل لي: لماذا رددتَّ على الشيخ سالم الطويل في "توِتَر"؟]

شكرني بعض المشايخ وطلبة العلم على دفاعي عن الشيخ فيصل الجاسم، وعاتبني البعض على التغريدات التي رددت فيها على الشيخ سالم الطويل في برنامج "توِتَر"، فأجبتهم:

أولا: لا مانع من الرد الشيخ وتبيين أخطائه إن تعدى ضرره إلى الآخرين، لاسيما صاحب الرد.

فإن البعض صاروا ينعتوننا بـ "السرورية"، ومنهم من صار يتردد في السلام عليَّ! ومنهم من تغيرت طريقته في الكلام، هذا كله قبل أن أرد على الشيخ في التغريدات المذكورة، والأعجب منهم من صار يرسل لي أقول العلماء في قضية العذر بالجهل ويختبرني فيها!

والفضل يعود للشيخ سالم الطويل الذي صوّر للناس أن الشيخ فيصل قزار ومن وافقوه فيهم صبغة سرورية، وعندهم غلو في باب العذر بالجهل.

ثانيًا: طعن الشيخ بالموافقين للشيخ فيصل في خطبته في دينهم، فقال: (أغلبهم إن لم يكونوا كلهم من أصحاب المناهج المنحرفة "واللبيب بالإشارة يفهم")، فمن حقي أن أرد عليه وأبيّن له ولمن أيّده من الذي حاد وتغيرت بعض آرائه المنهجية، وصار ينظّر على طريقة السرورية في التعامل مع بعض الحكام.

ولولا اتهامه لنا بالانحراف لما رددت عليه، ولتركت الشيخ فيصل يرد عليه ويدافع عن نفسه، ولكن على نفسها جنت براقش.

ثالثًا: كلنا راد ومردود عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهج السلف ليس فيه أحد فوق مستوى النقد، فابن الحسن رد على شيخه أبي حنيفة، والشافعي رد على شيخه مالك، وأحمد رد على شيخه الشافعي.

والشيخ سالم الطويل -وفقه الله- نفسه رد على الشيخين ربيع المدخلي وعبيد الجابري وهما في سن والده -رحمه الله-، ولم يقل له أحد "هم أكبر منك سنًّا وعِلمًا فكيف ترد عليهم؟"، فمن الخطأ أن يُظن أن الشيخ لا يَرُد عليه إلا أقرانه، بل هو نوعٌ من تقديس الأحزاب لرؤوسهم، وهو فرع عن التحزب والتعصب المذمومَين.

أما أهل السنة فيشترطون في الرد أمرين اثنين: العلم والأدب. ووصف أخطاء الشيخ وتعيينها ليس تعدّيًا ولا اعتداءً عليه.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: (اعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص، فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه) [الفرق بين النصيحة والتعيير].

 

[وفي الختام..]

اسأل الله لنا وللشيخ سالم الطويل الهداية والرشاد، وأحب أن أذكره بكلمة قالها يوما ما: (ومن المؤسف جداً ما نشاهده اليوم من التناحر الشديد بين أهل السنة، وأكثر أسبابه غير شرعية، بل حظوظ نفس، وقد ينتقم كثير منا لنفسه وهواه ثم يزعم أن كل ما قام به إنما هو نصرة للعقيدة والمنهج والسنة) فليتأملها..

ولو أن الشيخ سالم الطويل -عفا الله عنا وعنه- نظر للمحاضرة (بعين الرضا) لتبين له أن المحاضرة كانت لتحصين الشباب السلفي من الغلو -لاسيما من يجهلون سبيل التحزبات والتعصبات وطرائقها- وتحذير أولئك الغلاة والمتحزبة من مسالكهم التي حادوا فيها عن السنة.. (ولكن عين السُّخط تبدي المساويا).

وليته راعى جهاد الشيخ فيصل في الدعوة إلى التوحيد، ومحاربة المشركين وأهل البدع، وتصدّيه للمحرفين لدين الله من التنويريين ومنكري السنة، ورده على المناوئين للدعوة السلفية، ودعاة تسامح الأديان، وغيرها من الأمور التي عجز الكثير عن الصدع بها.

فإن لم ترمِ بسهم معه لعذرٍ، فلا ترمِ سهامك عليه!

ولو ناصحته في السر -إن كان مخطئًا- وصبرت عليه في هذا الوقت لكان أولى من انشغالك في الرد عليه، وتأليب المشايخ ضده.

لم أنتهِ بعد من الرد على الشيخ الفاضل، ولكني أرجو منه أن يغلق باب الخلاف مع الشيخ فيصل، وليُقدِّم مصلحة الدعوة على الخلاف، جمعًا للكلمة.

والله الهادي.

 

كتبه/ أبو عمر عبدالله الهزاع