الاثنين، 9 نوفمبر 2015

خاتم الرمل المكي (الشيخ بدر بن علي العتيبي)

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه تغريدات نافعة كتبها شيخنا الفاضل بدر بن علي العتيبي -حفظه الله- في تويتر حول: "خاتم الرمل المكي" فجمعتها ورتبتها نشراً للفائدة، وذباً عن جناب التوحيد، الله أسأل أن يكتب أجر كاتبها وناشرها، آمين. 



 بلغني من بعض الفضلاء صورٌ لخاتم منقوش عليه رسم الخاتم النبوي، وذكروا أنه مصنوع من رمل مكة! والمؤسف توزعه رئاسة الهيئات، وهذه زلة عظية، وسقطة وخيمة من جهازٍ كجهاز الهيئات، ومحدثة من محدثات الأمور والبدع، وفتح باب شر عظيم على الناس.

أيريدونها جاهلية أخرى بعد الجاهلية الأولى من تعظيم الأحجار والأشجار والتُّرَب والأبنية؟
وأي فضل في مجرد تراب مكة عن غيره؟

ومتى جاز للناس نقش خاتم النبي ﷺ وصورته على الأحجار والثياب والأعلام؟ وما عمِل بذلك الصدرُ الأول، ولو كان خيراً سُبقنا إليه.

والأرض لا يجوز تخصيص شيء منها بالتعظيم والفضيلة إلا بدليل شرعي، وأي دليل صحيحٍ صريحٍ على تفضيل رمل مكة على غيره؟

وإشهار صورة الخاتم النبوي وكتابته على الرقاع والرايات من البدع التي جاءت بها الخوارج اليوم وما فعل هذا أحدٌ من السلف.

الناس اليوم إلا القليل في إدبارٍ عن السنة وإقبال على البدع، فلماذا لا تهدي لهم الهيئات ما يعلمهم السنة ويفيدهم في دينهم؟
وكيف يكذبون على الجهال ويقولون: ختم النبيﷺ!!
وكذبوا والله فما هو بخاتمه وإنما صورة هم صوروها وصنعوها! أكذبٌ وابتداع؟
وماذا يصنع الناس بهذا الخاتم؟
فهم بين الإسراف والتبذير، ومشارف الانزلاق في وثنية التبرك بهذه التربة المكية والتمسح بها!

والنبي ﷺ صنع خاتما من فضة، ولم يصنعه من تربة مكة ورملها، ولو كان في هذا فضلٌ وفضيلة لسنّهُ لنا ودلنا عليه.
أي دينكم؟

يا أمة محمد ما أسرع ما يكيد بكم الشيطان؟!
السنن تهمل، والتوحيد يُجهل، ثم تتسابقون إلى تسويق أمثال هذه المحدثات؟

الرمل المكي ما قدّس أبا جهل وأبا لهب
والأرض كلها لا تقدس الرجالَ، وإنما تقدسهم أعمالهم الصالحة، فماذا يفيدهم خاتم الرمل المكي في دينهم؟
قطع عمر بن الخطاب شجرةً يُستظل بظلها ويستفاد منها لمّا خَشِيَ فتنةَ الناس بها
فكيف بمن يهديهم اليوم: تربة مكية؟ ويفتنهم؟

والمأمول من الهيئات وكافة المؤسسات الدينية نشر كتب التوحيد والسنة، فالناس بحاجة لها أشد من حاجتهم للطعام والشراب و خاتم الرمل المكي.

ومما يُذكر: أن الأصل في الأختام الخصوصية حتى لا تُزوَّر الكتب! فلماذا يصنعون أختاماً على صورة خاتم النبيﷺ؟ أهذه سُنة؟!

لما سقط خاتم النبي ﷺ من عثمان -رضي الله عنه- في البئر عاش الصحابةُ بعده سنين عدة
وما صنعوا مثله وهم أهدى سبيلا؛ فاتبعوهم.

وكيف يُمنع من يصنع لنا غداً ثياباً وأبواباً وأطعمة مكية! عليها صورة الختم؟!
أداعشية بيننا؟

وايم الله:
إن من جاء بهذا العمل إما أنه على سنة خير من سنة السلف الصالح، أو أنه مفتتح باب ضلالة وكل ضلالة في النار.

اللهم وفّق ولاة أمرنا إلى إزالة هذا المنكر، ووفق الهيئات إلى ما فيه الصلاح والإصلاح، ودّلهم إلى السنة.
والسلام.

[الإثنين ٢٦/محرم/١٤٣٦هـ]

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

"المختصر في المسح على الخف والجورب، ويليه أسئلة وأجوبة في الباب"



الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

قبل البدء بالمراد، أحب أن أذكر فائدة في الفرق بين الخف الجورب؛

الخف: مصنوع من الجلد، يفصل على قدر القدم كاملا.
اما "الجورب" او "الشراب" او "الدلاغ": فهو مصنوع من الصوف او القطن ونحوهما، وهو أرق من الخف.

ويسن المسح على عليهما بشروط:

١- أن يكون الشخص قد لبسهما وهو متوضئ. 

❄️لقول النبي للمغيرة رضي الله عنه (دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين) أي أدخلتهما في الخفين بعد أن توضأت وضوءاً سَبَقَ هذا الوضوء.

٢-ألا يكون أسفل الكعبين، بل يجب أن يسترهما.

٣-أن يكون المتوضئ يريد رفع الحدث الأصغر (كالبول والغائط) لا الجنابة.

❄️ دليل ذلك حديث صفوان رضي الله عنه: أَمَرَنا رسولُ الله إذا كنَّا سَفرا أنْ لا نَنْـزِع خِفافنا ثلاثة أيام ولياليَهُنَّ إلاَّ مِن جَنابة ولكنْ مِن غائطٍ وبولٍ ونومٍ.

٤- أن يكون الخف أو الجورب طاهرين.

٥- أن يكون وقت المسح يوم وليلة للحاضر، وثلاثة ايام بلياليهن للمسافر.


------//////--------

س١: ما الدليل على جواز المسح على الجورب، مع اختلافه مع الخف من حيث الصفة؟
جـ١: دليل جوازه القياس، والقياس من الادلة الشرعية المتفق عليها عند اهل العلم.
فالحكمة التي من أجلها شرع الله المسح على الخف متوفرة في الجورب، وهي التخفيف.
والقول بمنع القياس قول ضعيف.

س٢: أليس هذا قياس مع الفارق؟ فالخف مصنوع من جلد لا يدخله الماء، والجورب رقيق قد يتخلله الماء؟
جـ٢: العبرة ليست في المادة المصنوعة، بل في الملبوس على القدمين، ووجه الشبه بين الخف والجورب إحاطتهما بالقدم، وما قد يجده المرء من مشقه عند النزع، خصوصا في برد الشتاء.

س٣: ما حكم المسح على الجوارب النسائية الشفافة التي تصف البشرة؟
جـ٣: الراجح جواز ذلك، بل يجوز المسح على الجورب وإن كان مخرقا، وقد ذكرنا السبب آنفاً، ان حكمة الشارع من المسح التسهيل والتيسير على الأمة، وهي فتوى فقيه العصر العثيمين-رحمه الله-

س٤: قلت أن المسح على الجورب يكون يوما وليلة للحاضر وثلاثة ايام بلياليهن للمسافر، هل تبدأ الحسبة من اليوم ام من الوقت الذي لبس فيه الخف والجورب؟
جـ٤: الصحيح انه من الوقت الذي لبس فيه الجورب، فإذا لبس عبدالعزيز خفه في الساعه ٤:٠٠ص فعليه ان يخلعه في نفس الوقت اليوم الثاني، وهي فتوى العلامتين ابن باز والعثيمين.


والله أعلم، وصلى الله على نبي الرحمة محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيراً

==============
كتبه/ أبو عمر عبدالله الهزاع

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

غسل الجنابة باختصار .. ويليه أسئلة وأجوبة في الباب




الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فإن لغسل الجنابة صورتان :


الأولى [الغسل المستحب]:- أن يبدأ بغسل الفرج[الذكر]، ثم يتوضأ وضوءاً كاملا، ثم يغسل الشق الأيمن ثلاثا، ثم الأيسر ثلاثا، ثم يفيض الماء على كامل بدنه، ثم يغسل رجليه في غير محل الاغتسال (هذا إن كان في مكان لا يجري فيه الماء).

الثانية [الغسل الواجب]:- أن يغسل بدنه كاملا، وينوي رفع الجنابة قبل ذلك، ويستنشق ويتمضمض.

والصورة الأولى أفضل من الثانية، وكلا الطريقتين ترفع الحدث وتجزئ عن الوضوء.

س١: كيف يصح وضوء المغتسل إذا مس ذكره أثناء تجفيف المحل؟
جـ١: على الراجح من أقوال أهل العلم أن مس الذكر بحائل لا ينقض الوضوء، مالم يجد شهوة، فعلى المرء أن يتوقى الحذر في ذلك.

س٢: هل يجزئ الغطس في البحر او البئر لرفع الجنابة؟
جـ٢: نعم، مع مراعاة المضمضه والاستنشاق.

س٣: إذا أتى الرجل أهله، وتكاسل عن الاغتسال، فما العمل؟
جـ٣: عليه أن يغسل فرجه ويتوضأ، فإذا نشط اغتسل.

س٤: هل يشترط الترتيب في غسل الجنابة بالصورة الأولى؟
جـ٤: لا، لا يشترط ذلك، لكن ينبغي أن ننتبه لأمر مهم، وهو أن المغتسل إذا أراد أن يصلي فعليه أن يبدأ اولا بغسل فرجه قبل ان ينوي رفع الجنابة، لأن مس الفرج كما هو معلوم مبطل للوضوء.

س٥: هل يجب على المرأة أن تنقض شعرها عند الاغتسال؟
جـ٥: لا، بل لها ان تجمعه، شريطة وصول الماء إلى أصل الشعر.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله الأطهار وصحبه الأخيار.


=======
كتبه أبو عمر عبدالله الهزاع

السبت، 12 سبتمبر 2015

تربوي .. يحتاج إلى تربية !!



الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد كثر في الفضائيات ووسائل الإعلام ظهور (التربويين) الذين يلبسون عباءة "الدعوة والإصلاح الشرعي" للعامة. 

ولاريب -معشر الأحبة- أن إصلاح الناس وتقويمهم عقيدةً ومنهجاً أمرٌ مطلوب، ووجود التربويين الشرعيين من طلبة العلم المصلحين يبعث في القلب السرور، وإن المرء ليفرح برؤية تأثير (التربوي) على سلوك الأفراد والمجتمع.

دعونا نقف عند هذه النقطة -قليلاً- قبل الاسترسال، لأذكر لكم أمراً لعلكم تعجبون له، وهو ضمن الموضوع.
 
كان العرب في الجاهلية يسيرون على مبادئ في الرجولة لا تفارقهم، ومن عدل عنها صار من أسوأ الناس وأحقرهم، ومن تلكم الخصال: الصدق وعدم الكذب.

فالصحابي الجليل أبو سفيان -رضي الله عنه- حين سأله هرقل عن النبي  قال:  (فوالله لولا الحياء أن يؤثروا علي كذبا، لكذبت عليه) وكان يومئذ على دين قريش، ولم يكذب -رضي الله عنه- لا في جاهلية ولا إسلام.

فأتى شرعنا الحنيف ليقرر هذا الأدب الكريم، بل حتى جعل الكذب من الكبائر، ومُزاوله من الفاسقين.

فواعجباه .. !! 

ممن تظاهر بالاستقامة، وامتطى مركب الدعوة، ونادى الناس لإصلاح القلوب وتهذيب النفوس، مزخرفاً لهم وجهه بالبشاشة .. ونفسَه بسعة الصدر، مرتدياً عباءة [المرشد التربوي]، رافعاً راية [الدعوة بالحكمة] وهو في الحقيقة من أكثر الناس كذباً ودجلاً .. !! وأشدهم تنفيراً عن دين الله لأهله وخاصّته، وأسوأ الآباء تربيةً لأبنائه .. وأنذل الرجال مع زوجه !!

وما أكثر هؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون ..

أيها القراء الكرام ... إن هذا وأمثاله لا يمثلون دين محمد  إنما يمثلون أنفسهم الأمّارة بالسوء.

فالمنهاج الذي خطّه رسول الله  لحملة الدين أوضح من شمس النهار، وأنقى من أعذب الأنهار، وليس بحاجة (لتلميع) الفجار، الذين يتكسّبون على حساب دين الله الشهرة والمال. 

أيها التربوي..

قبل أن تخوض الميدان، اقرأ قوله تعالى:
((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة))
و
((ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك))
و
((قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني))

وقوله  "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا".

وافقه معانيها، وتدبر كلام أهل العلم فيها، فلعلك تترك الميدان لعدم أهليتك! فاصلح نفسك قبل إصلاح الآخرين

وإياك إياك أن تفتن أهلك ! فتجعلهم يرونك (ذو وجهين) :
وجه الأب والزوج الفاسد السيء، الذي لا يقوم بواجباته الأساسية في التربية والإرشاد ورعاية الزوجة والأبناء.
ووجه المربي الناجح للناس في وسائل الإعلام.

فإن كانت هذه حالك يا أُخيّ، فأصلح نفسك، وتب واستغفر الله، ووجه توجيهاتك التربوية لنفسك، وانتفع بها، ولا تكن (كمثل الحمار يحمل أسفارا) فإن من آفات العلم أن يكون حجةً على صاحبه.

وراقب رب الناس ولا تراقب الناس فيما تقول وتعمل، واخلص لله في عملك، واحذر الرياء، فإن (ذا الوجهين) واقع في الرياء لا محالة.

والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله


كتبه أبو عمر عبدالله الهزاع
صباح الخميس 
٢٤-ذي الحجة-١٤٣٦هـ
الكويت

الجمعة، 3 يوليو 2015

حكم تقليد الأصوات البشرية للآلات الموسيقية

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد سألني أحد الأحبة:

ما حكم تقليد الأصوات البشرية للآلات الموسيقية، وماحكم الاستماع لتلك المقاطع؟ وإن كانت محرّمةً فما الدليل؟ وهل يبطل قياس اللسان والشفتين بالآلات الموسيقية لكون المعازف آلات مصنوعة من أوتار وطبول ومزامير وغيرها، فيكون قياسها مع الفارق؟

الجواب:

أولا: إن الله عز وجل حرم الغناء والمعازف والموسيقى لأسباب عديدة، منها:

١-أنها سبب لضلال الناس عن سبيل الله، قال تعالى:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-:"هو والله الغناء"

٢- أنها مزامير الشيطان، قال تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : "الغناء والمزامير واللهو".

٣-قال ابن مسعود: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع".

٤-عدم اجتماعها مع القرآن في قلب المؤمن: قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في نونيته:
حُب الكِتاب وحب ألحانِ الغناء *** في قلبِ عبدٍ ليس يجتمعانِ

وقال القحطاني -رحمه الله- في نونيته:
لا خير في صورِ المعازف كلها ***
والرقص والإيقاع في القضبان

إن التقيَّ لربه متنزهٌ ***
عن صوت أوتارٍ وسمع أغانِ

وهذا لا يعني أن الذي يسمع الأغاني لا يقرأ القرآن ولا يحفظ منه شيئا، ولكنا نقول أن الناظر لحال من أُشرب قلبه حب الغناء والطرب لا ينتفع بما يقرأ! فقلبه كالصفوان الصلد... لا يخشع بذكر الله، بل لا يكاد يمتثل لأوامر الله ونواهيه إلا ما ندر، ولا يتعظ من ترغيب ولا ترهيب، ومع هذه الابتلاءات الفظيعة تجد أن الله قد حرَمه من لذة تلاوة القرآن الكريم، ومن تدبر معانيه، فلا تجد له ورداً، ولا على لسانه ذكراً، وتدبروا حال أهل الغناء والمجون ... 
وهذا أمر طبيعي فكلام الرحمن لا يجتمع مع مزامير الشيطان.

ثانياً: إذا تقرر ذلك علِمنا أن التحريم راجع إلى المسموع، وإن اختلفت صوره، وتنوعت طُرُقه، سواء كانت هذه الأصوات الموسيقية والمعازف صادرة من أجهزة الحاسوب أو الهواتف النقالة أو بتقليد البشر لأصوات الآلات عن طريق اللسان والشفتين والأحبال الصوتية وغيرها.

فالعلة التي من أجلها حرم الله الآلات الموسيقية متوفرة في الأشياء التي ذكرناها آنفاً، فالعبرة إذن بالمسموع لا المصنوع، والعبرة بما يشبه المعازف من أصوات لا اختلاف الآلات.

ثالثاً: فإن قال قائل: ما الداعي للقياس؟ فلا يوجد دليل قطعي من القرآن أو السنة على منع تقليد المعازف؟

فنقول: أن الأدلة الشرعية المتفق عليها عند أهل الإسلام (٤) وهي:
الكتاب - السنة - الإجماع - القياس.

ودليل مشروعية القياس قوله تعالى: ﴿فاعتبروا يا أولي الابصار﴾ اي قيسوا حالكم يا أولي الأبصار بالأمم السابقة الذين عذبهم الله بذنوبهم فلا تكونوا مثلهم.

ولما أرسل رسول اللهﷺ معاذ بن جبل إلى اليمن أمره بتحكيم كتاب الله وسنته ﷺ، ثم قال رسول الله لمعاذ: (فإن لم تجد؟) قال معاذ: (اجتهد رأيي).

والرأي يدخل فيه القياس، وهو أن يقيس مسألةً على مسألةٍ، فأقرّه رسول الله ﷺ.

رابعاً: سؤال لمن أجاز تقليد المعازف بحجة أنها ليست آلةً مصنوعة:

ما حكم مشاهدة عورات الرجال والنساء في الأفلام الخليعة عبر التلفاز أو الهواتف النقالة؟

فإن قال: لا شك أنها محرمة، وهذا قياس خاطئ لأن هذه المشاهد طبق الأصل!

قلنا: وهذه الأصوات طبق الأصل من المعازف! لماذا قلت أن الأفلام الإباحية محرمة؟ أليست أصل هذه المقاطع المرئية ذبذبات ضوئية؟

فإن قال: نعم، ولكنها تثير الغرائز، وهي كمن ينظر إلى المحرّم مباشرة.

فنقول: وكذلك تقليد الأصوات، تطرب الأسماع، وتثير النشوة، وعملها في النفس كعمل الآلات تماما.

خامساً .. وأخيراً:

أذكر اخواني المسلمين والمسلمات بتقوى الله، والابتعاد عن الشهوات، ومراقبة الله في الأعمال، وتذكروا ان الاستبراء من الشبهات نجاة من الوقوع في مزالق الشيطان.

قال  (إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه).

والحمدلله رب العالمين

كتبه أبو عمر عبدالله الهزاع
الجمعة ١٦ -رمضان- ١٤٣٦ هـ

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

نقد <مختصر> لـ (كتاب الوجود) للصوفي أبي الفيض المنوفي، بقلم مزلزل الطواغيت العلامة عبدالرحمن الوكيل رحمه الله]



أهدت (رئيسة جماعة السيدات المسلمات) العلامة عبدالرحمن الوكيل (كتاب الوجود) لأبي الفيض المنوفي، واشترطت على الشيخ أن ينتقد الكتاب، فكتب:

"ولقد وعدت السيدة الجليلة غير أن الامتحان يطرق الأبواب، ولعل هذا الطرق العنيف الرهيب يصم سمعي عن كل نداء، لهذا أتعجل فأقول:

إن هذا الكتاب أراد به صاحبه أن يهدم دين رسول الله ليبني الفلسفة الصوفية الوثنية.

فإذا هو -دون أن يريد ذلك- يهدم الفلسفة ويبقى رغم أنفه بناء الدين الحق والهدى شامخاً قوياً ينظر إليه المعتوه "أبو الفيض المنوفي" حسير النفس كسير القلب.

إن كتاب الوجود كتاب فلسفةِ وحدة الوجود برجسها وقذرها، وكل مافيه من آراء فلسفية إنما تسوَّدها (نزْعتَا الانتخاب والتلفيق الفلسفيتان).

فليس فيه من جديد، وإنما هو سرقات من هنا وهناك . . هذا رأيي أقوله الآن متعجلاً، حتى أفرغ من الامتحان، وحينئذ أُشرِّحُه تشريحاً يطلع القارئ على دخيلته، فمعذرةً خالصةً إلى السيدة الجليلة). 

[مجلة الهدي النبوي/ العدد (٧) لعام ١٣٦٦هـ/ صـ٣١]


الأحد، 12 أبريل 2015

رسالة لملتحٍ .. لا يستحي ! (3⃣ والأخيرة)

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذا الرد الثالث والأخير على الشاب الملتحي المتيم بالغرب، وأذكِّر القارئ الكريم أن الغرض من هذا المقال تبرأة ساحة أهل الاستقامة والدين من أنواع الفسق والمجاهرة بالمعاصي التي وقع فيها هذا المعني -هدانا الله وإياه-.

سابعاً: اتهامه المجتمع الكويتي  بـ (التخلف) و (النفاق) !!  

وله مقطع (فيديو) في غاية الخطورة، يتهم فيه المجتمع الكويتي بالتخلف والرجعية ! كما رماه بالنفاق والرياء ! وليُعلم أنها ليست المرة الأولى .. لكنها الأصرح والأقبح !

والجواب:

1-اتهامه المجتمع بالنفاق:

إن مفهوم النفاق عند هذا المسكين: (الوقوع في الحرام وستره، وعدم إظهاره للناس) !

وهذا فهم سقيم، وقد بيّنت في الحلقة الأولى أن الأصل ستر ما ستر الله، وأن المجاهرة بالمعصية كبيرة من الكبائر.

فالنفاق الذي يعنيه هنا (الرياء) والرياء إظهار العمل الصالح قصدا لرضا الناس، وشتان بين الأمرين!

وإن النفاق (فعلاً) أن يظهر المرء محبته للناس وإرادته الخير لهم، ثم يشتمهم وينتقص منهم ويتهمهم بالرجعية والنفاق والغش والخيانة !

ثم اعلموا -حفظكم الله- أن اتهام المسلمين بالنفاق كبيرة من الكبائر، إذ يقتضي رميهم بالكفر، لأنه: (إظهار الإسلام وإخفاء الكفر).

قال تعالى عن المنافقين: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا)).

وقال -صلى الله عليه وسلم- (من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما).

وقد عدَّ طائفة من أهل العلم اتهام الناس بالنفاق قذفاً دون الزنا! يستوجب التعزير. 

2-اتهامه المجتمع بالتخلف:

والتخلف -عنده-: (التقيد بعادات وتقاليد المجتمع المحافظ التي لاتخالف شرعا ولا عقلا...إلا عقول الغرب).

إن التخلف والرجعية (حقاً) هي في اِتِّباع سنن أهل الديانات المحُرَّفة المنحرفة حذو النعل بالنعل كما أخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.

فإن قال قائل: (هو لا يعني بالنفاق التكفير وإنما أراد أن عملهم فيه نفاق).

فأقول:
١-هذا يصدق عليه المثل الدارج: (حب يكحلها عماها)! 
أين مراقبة الله في القول؟ ((ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)).
٢-أشقَّ -صاحبك- عن صدور المجتمع كله حتى يحكم عليه بالنفاق؟!
٣-إن كنت ترضا أن يقال عنك "منافق" فهذا شأنك! ولا تتكلم بلسان غيرك، فلم ينصبك أحد ممثلاً عن المجتمع.

ثامنا (وأخيراً) :

قال في المقطع الذي أشرت إليه آنفاً وهو يتكلم عن المتخلفين (عنده):
(بعض الناس لا يرضون أن تنتقد العادات والتقاليد والدين) اهـ !!

سبحان الله !!
وهل يجرؤ على انتقاد الدين إلا كافر ملحد؟!
الله -عز وجل- يقول:((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)).

والأخ لا يعجبه هذا التشريع الكامل، ويريده أن يخضع لزبالات الأفكار وذوق الفجار؛ يحسب أن شرع ربنا دستور جاهلي من وضع البشر قابل للأخذ والرد ((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)) ؟!

نصيحة أخيرة للملتحي -عفا الله عنه- ولمن أعجب به.

اعلموا أن دين الله واحد لا يتعدد، وأن الحق واحد لا يتقلب، وأن السبيل إلى الجنة وعِر، لكثرة دعاة النار على جوانبه، من أجابهم قذفوه فيها !

واحذروا أن تجعلوا دينكم بين يدي ساحر البيان، ومن كان خطابه كسجع الكهان، بل خذوه عن أهله، قال الإمام محمد بن سيرين: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم).

وإن كنتم تخافون على أنفسكم عند المرض من أخذ الدواء من غير الطبيب المتخصص، فمن باب أولى أن تخافوا على دينكم من أخذه عن غير المتخصص، وارجعوا للعلماء الأكابر فهم ورثة الأنبياء، قال صلى الله عليه وسلم: (البركة مع أكابركم).

وما ضل الخوارج إلا اتباعهم هواهم وتركهم الرجوع للعلماء الكبار، وأخذهم عن الجهلة الصغار، وقد وصفهم -صلى الله عليه وسلم- بأنهم (حدثاء السنان سفهاء الأحلام).

واعلموا أن اللحية في هذه الأزمان -وللأسف- لا تدل على الاستقامة في الدين ضرورةً، فقد صارت (موضة) تلقفها بعض المفتونين بالغرب، فصاروا يطلقون لحاهم (زينةً) لا (سنةً).

وعليكم بمن كان دليله قال الله قال رسوله، وكثر تذكرهم بالله، ولا تسلموا عقولكم لكل أحد.

اسال الله ان يوفقني وإياكم لما فيه خير وصلاح وفلاح.

والحمدلله رب العالمين.

كتبه/ أبو عمر عبدالله الهزاع
٢٣-جمادى الآخرة- ١٤٣٦ هـ
الكويت

الثلاثاء، 17 مارس 2015

رسالة .. لملتحٍ لا يستحي (٢)



الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذه تتمة الكلام على الشاب الملتحي الذي كنا بصدد الحديث عنه في المقال السابق:
http://bomaralhazza.blogspot.com/2015/03/1.html

 -هداه الله وأصلح حاله-:

رابعاً: مصاحبته للنساء ومجاهرته بذلك.

ومن عجائبه وشذوذاته -وما أكثرها- مصاحبته ومجالسته النساء، وخروجه مع (صديقاته)! ومخاطبتهن بألفاظٍ غزلية باسم (اللَّزمة) كشعار خاص به.

وتوثيق ذلك بالتصوير معهن، ونشر تلكم المقاطع في مواقع التواصل الاجتماعية...ويتفاخر بِغَيْظ الشباب قائلاً: (هؤلاء معجباتي) بلا حياء ولا خجل !!

وهذا المنكر العظيم يترفع عنه ذو المروءة فضلا عن ذي التقوى، بل يستحي من اقترافه كثيرٌ من الفساق!

فالفاسق يعلم فسقه، ويستر ما ستره الله عليه، أما هذا الملتحي فيركب المعصية ويوثقها وبكل .... !!
اللهم استرنا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(وكذلك معاشرة الرجل الأجنبي للنسوة ومخالطتُهن من أعظم المنكرات التي تأباها بعض البهائم فضلًا عن بني آدم)[ جامع المسائل (٢١٩/٥) ]

قال نبي الأخلاق : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرةِ أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا! وقد باتَ يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه) [رواه البخاري] 

وإني لأعجب من وقاحته حين يصطحب إحداهن (!) في سيارته ، ويقول لمتابعيه خرجت مع فلانة وفرحنا، فتُعلّق صاحبته -المحترمة- بميوعةٍ تبرأ منها العفة !

أقول لهذا:
إن كان هؤلاء النسوة من أهلك -ولا أظن- فيال دياثتك !
وإن كُنَّ صاحباتك فيال فجورك !

قال ﷺ: (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) [رواه البخاري]

قد يقول قائل: ما الذي دفعه لهذه المجاهرة؟
الجواب:
١-ذكرت في المقال السابق انه يريد جلب عادات الغرب الساقطة لمجتمعنا لتكون من نسجها، ويرفع من نكارتها وشذوذها بلحيته المزيفة التي يتستر بها باسم الدين، ولكن هيهات ...

٢-لأنه يظن أن المجاهرة بالمعاصي والذنوب خيرٌ من سترها! فستر الإنسان لذنوبه يعتبره صاحبنا (نفاقاً) ! وهذا نابع عن جهله العميق، وفهمه السقيم للشرع.

خامساً: تهاونه في وجوب حجاب المرأة.

ظهر المذكور في مقطع مرئي يقول فيه: (إن كنتم تريدون فرض الحجاب على النساء، فافرضوا اللحية على الرجال).

لا مقارنة بين الأمرين يا هذا !
فحجاب المرأة الشرعي هو تاج عفتها ووقارها، فرضه الله ليكون درعا يحمي مفاتنها من سهام العيون.

أما اللحية فهي هديٌ نبويٌ واجب، لا يقارن بالعورة ! واسأل أي مسلم لم يتعمق في دين الله، أو سَلْ أي طفل مسلم: (أيهما أكبر عند الله: كشف المرأة شعرها أم حلق الرجل لحيته؟)
وسيجيبك بإذن الله

سادساً: امتهانه لقدسية المسجد، وصلاة الجمعة:
وهي قاصمة الظهر ! وأطم الطوام التي ظهر فيها هذا الشخص، فقد خرج في مقطع مرئي يتكلم -للأسف- كالمهرج (!) عن فكرة بناء بيت من بيوت الله، خاص به ولمن على شاكلته، والذي لا يحمل عضوية المسجد لا يدخل للصلاة! وسيكون العدد محدودا، يضم الرجال والنساء لصلاة الجمعة، وسيخطب صاحبنا في الناس لابسا (البدله) غير متقيد بسمت المشايخ مواكبا سادته الغرب، كما سيستخدم آلة العرض (البروجكتر) للشرح! وبعد الصلاة يجتمعون خارج المسجد لصنع الطعام، ويجلسون على البحر....إلى آخر ترهاته.

ويا عجباً لتلك الضحكات التي خرجت منه، ويا عجباً لذلك اللسان الذي يدعو للإسلام باللغة الإنجليزية... وينطق بالضلال بلغته العربية!
 
أيها الأحبة....إنّ مَن خالطة الديانة بشاشة قلبه، واستضاء دربه بهدي نبيه  لتأبى نفسه عن النطق بهذا الكلام الخاوي من الورع ومراقبة رب العالمين، ولَتَمنّى الهلاك قبل أن يتجرأ على (التنكيت) في أمر يمس شعائر الله ومقدساتنا، قال تعالى: ((ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)).

واعلموا حفظكم الله... أن الخوض واللعب في أمور الدين تخرج صاحبها من دائرة الإسلام، قال تعالى: ((ولئن سألتهم ليقولنَّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون[٦٥] لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)) الآية.

ألا فليتّقِ الله هذا المتصدر للدعوة، وليراقب ربه فيما يقول، وليراجع مُحِبُّوه أنفسهم، فلا يدافعوا عنه لمجرد اتفاق الهوى، ولينظروا:
هل هذا انتصار للرحمن؟ أم انتصار للنفس ومسوِّلات الشيطان؟ 

في الحلقة القادمة سأختم بذكر آخر طوامه وهي:
اتهامه مجتمعنا (الكويتي والاسلامي) بالنفاق والتخلف! وغيرها .. فترقبوا 


كتبه/ عبدالله الهزاع
٢٥-جمادى الأولى-١٤٣٦هـ

الاثنين، 9 مارس 2015

رسالة .. لملتحٍ لا يستحي (1)


الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد صحَّ في الأثر أن خير البشر ﷺ قال: (سيأتي على  الناس سنوات خدّاعات يُصدَّق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن الأمين، وينطق فيها الرويبضة في أمور العامة، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه) [رواه ابن ماجه وأحمد]

قلت: وما أكثرهم في هذا الزمان....

فقد خرج علينا شاب "ملتحٍ" يزعم الاستقامة بلسانه، ويظهر الفسوق ببنانه، يتظاهر بالعلم والمعرفة، وهو بعيد عنهما بُعد المشرق عن المغرب، يسعى لجلب رذائلِ الثقافة الغربية لأبنائنا وبناتنا، ويفسد عليهم دينهم وأخلاقهم بأطروحاته المخالفةِ للشرع، المُخلةِ بالأدب والحياء والعفة، بل وصل به الحال أن تطاول على قدسية بعض شرائع ديننا الحنيف! لايستحي من مخالطة النساء المتبرجات ويجاهر بمعاصيه، فهو باختصار :(لايدري...ولا يدري أنه لا يدري).

وقبل الشروع في المراد، أحب أن أُنبِّه القراء الكرام على أمرين مهمين:

الأمر الأول: أن التحذير من المخطئ وذكر أخطائه للناس ليس من الغيبة المحرمة، بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأدلة الشرعية على ذلك عديدة، منها:

لما تقدم معاوية بن أبي سفيان و أبو جهم لخطبة فاطمة بنت قيس -رضي الله عنهم- شاورت رسول الله ﷺفي الأمر، فقال لها  ﷺ : (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له) [رواه مسلم]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (و كان هذا نصحا لها وإن تضمّن ذكر عيب الخاطب ... وإن كان هذا في مصلحة خاصة فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين .... فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم)

الأمر الثاني: أني لا أعني في هذا المقام الإنكار على كل عامّيٍ يُعنى بتذكير إخوانه المسلمين بالخير والطاعة، وقد أمرنا رسول اللهﷺ : (بلغوا عني ولو آية).

فتذكير المسلمين والمسلمات بالأمور التي تحصل بها السعادة في الدنيا والآخرة أمرٌ مطلوب، والدعوة إليها عملٌ مندوب، ولكن العيب -كل العيب- أن يقوم من آتاه الله حب (شريحةٍ) من الناس له، وأظهر الاستقامة، بالاجتهاد في كسب رضا الناس .. بسَخَطٍ من الله.

ففي بادئ الأمر أرسل إليّ أحد الأحبة مقطعاً مرئياً للمذكور، استنكرت فيه من طرحه الذي لا يليق بظاهره، وتقززت من ليونته وميوعته، ومشابهته للغرب بزيّه (المبالغ فيه)، وحرصه على نيل رضا مُتابِعاته من النساء، وتملقه لهن، ونصبه نفسه محامياً عنهن .. في الحق والباطل.

ذلك أنه يريد دعوة الناس إلى الخير فيما يزعم على غير هدى ولا بصيرة، وكما قال ابن مسعود -رضي الله عنه- "كم من مريد للخير لم يجده"، ومن قضاء الله الكوني أنّ من حادَ عن هدي الله القويم وصراطه المستقيم زاغ وضل السبيل.

وقد ترددت بدايةً في كتابة المقال لأن المردود عليه قد أسقط نفسَه بنفسِه، ولعلمي الجازم بأن الردود عليه تفرحه! إذ يجد فيها متنفسه لاستعراض بطولاته... وشهاداته.. وخبراته .. ومؤلفاته التي لاتسمن ولا تغني من جوع. 

والذي دفعني لكتابة هذه السطور الأمور الآتية:

أولاً: تصدره للدعوة، ونعت بعض الناس له بـ (الشيخ).

وهي أول الأسباب التي جعلتني أرد عليه، إذ لابد يا أخي المسلم ويا أختي المسلمة من تنزيل الناس منازلهم، فالطبيب لا ينادى: (يا أستاذ)، والحاصل على الماجستير لا يلقّب دكتوراً، والمهندس لا يقال عنه شيخاً!



ثم إن هذا الرجل لايعرف بطلب العلم، ولا أخذه عن أحد من العلماء، وليس كل من أطلق لحيته وقرأ كتاباً صار شيخاً! وكما قيل: (من كان شيخه كتابه كثر خطؤه وقل صوابه).

فيجب أن نحافظ على سلامة ديننا أشد عناية من صحة أبداننا، قال الإمام محمد بن سيرين (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم).

ثانياً: دعوته للتحرر وتحكيم العقل على أقواله، وضرب كلام علماء الدين عرض الحائط عند التحكيم.

ظهر المذكور في مقطع مرئي مشهور برر فيه هزله من قدسية صلاة الجمعة -سيأتي تفصيله في محله- قال فيه: (خذوا كلامي هذا واعرضوه على عقولكم ولا تسألوا المشايخ...إلخ).
والجواب عن ذلك من وجوه:

١-يا أصحاب العقول الرشيدة، هل يوجد (شيخ) يلتزم الكتاب والسنة يدعو الناس إلى تحكيم عقولهم ويصدهم عن سؤال أهل العلم والدين؟!

٢-إن هذا الكلام هو عين الجهل والهوى، فأين للناس أن يعرفوا الأحكام الشرعية بعقولهم؟ قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.

٣-كل عاقل يعلم أن دافعه لتحكيم العقل على أمرٍ خطير كهذا لعِلمه الجازم بإثمه من مقالته السيئة، وإلا أخبروني مَن الذي سيفتي في التحليل والتحريم غير المشايخ؟ آلعقل؟!

٤- إن كنت لا تريد الرجوع للعلماء ابتداءاً، فامتثل لأمره تعالى:{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}، والله -عزوجل- بيّن أنّ أكثر الناس ورعاً وخشية لله هم العلماء، قال جل ذِكره: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء}.

٥-لا ينبغي التجرؤ في أمور الدين بالتحليل والتحريم، فدين الله واحد غير قابل للأخذ بالرأي والتذوق.

ثالثاً: مهاجمته المستقيمين (الملتزمين).

ومن غرائبه محاربته للمستقيمين، وسخريته منهم، وتشويهه صورتهم أمام الناس، فيصورهم دوماً همجاً رعاعاً متخلفين، يطاردونه، وينتقدونه دوماً، ولا يعرفون الأخلاق، سليطي اللسان، وكأن التربية والأخلاق لا يعرفها من الملتحين إلا جناب الأخ ومن على شاكلته !
قال في أحد مرئياته: (أرسل إلي شابٌ  ملتحٍ، يلبس "غتره بدون عقال" مقطعا مرئيا، وقبل أن أشغل المقطع ظننته سيشتمني، فتفاجأت بقوله: أحبك في الله)

اعلم هداك الله إلى سبيل الرشاد أن الاستهانة بأهل الاستقامة الموحدين... الملتزمين سُنةَ رسول الله ﷺ = ضعف في الدين، فهم بركة من بركات هذه الأمة، كيف لا وهم عمّار بيوت الله والله -جل وعز- يقول: ((إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر))، وهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وهي ميزة خاصة بأمة محمدﷺ ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله))، وهم الذين يسعون لنشر الرسالة المحمدية للناس وما يقربهم إلى الله -جل وعز- ليدخلهم الجنة وينجيهم من النار، أهكذا يكون الكلام فيهم؟

وانظر إلى الإخوة الدعاة في الانستقرام الذين نفع الله بهم الناس، أمثال الشيخ أحمد بن موسى البلوشي -حفظه الله-، فاتق الله، وتلطف في الحديث مع إخوانك، واستعمل اللباقة .. أم أن اللباقة والكلام المهذب الموزون البراق لا يكون إلا مع النساء ؟!

أيها القراء الكرام...
لم أنتهِ بعد من بيان ما عند الرجل من أمور ينبغي التنبيه عليها والتحذير منها، اسأل الله أن يهديه وإيانا إلى الحق، وأن يعيد إليه رُشده، وأن يقبضنا إليه راضٍ عنّا غير مفتونين.

والحمدلله رب العالمين

كتبه/ أبو عمر عبدالله الهزاع
١٨/جمادى الأولى/١٤٣٦هـ