الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

قصة (خبر الثقة) بين العلامة محمد حامد الفقي، والعلامتين محمد بن إبراهيم ، وعبدالعزيز بن باز -رحمهم الله-

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فبينما كنت أقلّب مقالَ الشيخ العلامة محمد حامد الفقي -رحمه الله- الموسوم: بـ (تفسير القرآن الحكيم) -لسورة النحل-: جذبني عنوان جانبي في مثاني التفسير بعنوان: «عجيبة» !!
فقرأتُه..
فهالني الكلامُ الذي سطّره الشيخُ !!
وعجبتُ من الموقف الذي آلَمَ العلامةَ الفقي ، وكاد أن (يُهلكه!) -عند الإمامين: العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، وتلميذه العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمهما الله-!
ولم أُكمل قراءتي لبقيةِ المقال؛ حتى فتحتُ الحاسوبَ ، و فرَّغت قصةَ الشيخ الفقي ؛ لأشارككم القراءة.
ورأيتُ من الواجب عليَّ إخراجَ هذه الفائدة العظيمة العزيزة النفيسة لإخواني طلاب العلم: (ليتنبّهوا)،ومشايخي الفضلاء (ليُذَكّروا)، و (يَتَذكّروا):
قال -رحمه الله-:
« عجيبةٌ!
تلك أَنِّي حين وصلتُ إلى مكة المكرمة -في حَجَّتي الأخيرة-: لقيتُ سماحةَ مفتي (المملكة السعودية)- الأكبر-، وعالمها الجليل الأفضل الشيخ محمد بن إبراهيم- للسلام عليه-، وما كدتُ أضعُ يدي في يده ؛ حتى قال لي:
أحقّاً ما أخبرني عنك (فلانٌ)- الذي كان بمصر قُبيل الحج-؟
قلت: وما هو؟
قال: يقول : إنك قلتَ - على المنبر- يوم الجمعة-: ( إن القرآن ليس كلام الله، وإنما هو كلام محمد -صلى الله عليه وسلم- )!!
فخُيّل لي أن الأرض تَميدُ بي ، وتَتَزلزل زلزلةً عنيفةً !!
وكان حاضراً بالمجلس فضيلةُ الشيخ عبدالعزيز بن باز المدرِّس بالمعهد العلمي –بالرياض-، فقال هو –أيضا-:
وأنا –كذلك- قد قال لي (فلانٌ) هذه المقالةَ .
فازدادتِ الأرضُ مَيْداً وزلزلةً، وكاد يُغمى علي ! لا مِن فظاعة التُّهَمة –فحسب-؛ ولكن: من أن تكونَ هذه الجريمةُ من هذا (الـفـلان!)- الذي كنت أُحَسِّن به الظن! وأعتقد في شيخوخته الوَقَار، وفي دعواه نشرَ السلفيّةِ ما يمنعُه أن يفتريَ هذه الفِرْيةَ القذرةَ على مَن كان بمصر مُلازماً له مُلازَمةَ ظلِّه، لا يكادُ يُفارقُه!!!
فَحِرْتُ : ماذا أُجيب هذين الشيخينِ الجليلينِ الصادقينِ!! وسألتُهما (مستثبتاً)، فأكَّدَا القولَ!
فسألتُهما: وماذا كان وقعُ هذه الكلمةِ في نفسيكما؟!
فقالا: لقد استنكرناها كُلَّ الاستنكار، وسألْنا (فُلاناً): هل سمعتَ منه هذا بأُذُنك؟!
فقال: لا؛ إنما نُقل إلي بالتواتر!
فقلنا له: كم واحداً أخبرك؟! وما أسماؤهم؟!
فقال: كثيرٌ.
ولم يذكُر واحداً من أولئك الكثير! فازداد استنكارُنا لهذه المقالة، وَحَمَلْنَا الأمرَ على أنَّ هذا (الـفُـلان!) –الناقل- ربما لحقه مِن آثار الشيخوخةِ ما يُعذر به!
فقلتُ لهما: إنَّ دَفْعَ هذه الفرية القذِرة إنما يكونُ: باحتقارها ، واحتقار مُفتريها، أو ناقلها، وسيلقى جزاءه العادلَ -يومَ يقومُ الناسُ لرب العالمين-.
وإن مَن ديدَنَه -طولَ وقته وحياته- في الدعوة إلى الإيمان ، والقرآن والسنة، ومَن تقومُ دعوتُه ودروسُه ومحاضراتُه وخُطَبه- كلُّها- على القرآن-: لن يَقبل أيُّ إنسانٍ عنده عقلٌ أن تحومَ حولَه شبهةُ الشكِّ؛ فضلاً عن هذه الفرية القذرة!!
وحسبي الله ونِعم الوكيل.
ثم لقيتُ هذا (الفُلان!)...
وسألتُه: أنت نقلتَ عنِّي للشيخين هذه المقالةَ!؟
فقال: نعم.
فقلتُ له: أسمعتَها منِّي؟!
قال: لا ، ولكنّها نُقلت إليّ.
فقلت له: أَمَا كان الأَوْلى أن تسألَني عنها، أو تنصحَني- بصفتك مسلماً- ؟!
فسكتَ..
فقلت له: ألم أكن مُلازماً لك إلى أن ركبتُ الطائرةَ إلى جُدّة؟!
فقال: نعم..
فقلتُ له: ومع ذلك لم تُفاتِحْني في هذه المقالةِ السُّوء حتى جئتَ تُفْشي بها للشيخين؟!
أَوْلى لك -ثم أَوْلى- أن تستغفرَ الله، وتتوبَ إليه من هذه الخَصْلة التي لا تنبغي لمسلم، ولا تليقُ به.
ولو كنتَ حريصاً على القرآن ، وتخافُ أن يَشُكَّ فيه الناسُ : لكان الأجدرُ بك أن تنصحَني، أو تحضُرَ إلى المسجد ، أو إلى دار الجماعة ، وتقومَ بنصيحتي!
لكنّك لم تفعل شيئاً من ذلك! ممّا يدلُّ على سوء نيَّتك، أو شدّة غفلتك!
وحسبي الله ونعم الوكيل.
وأُشْهِدُ الله أنّك تعمّدتَ إشاعةَ الكفر عني، وإنِّي أبرأُ إلى الله من ذلك.
وأُشْهِدُ الله أني آمنتُ بكتابه الذي أنزله { تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }: إيماناً ذاق قلبي -بحمد الله- حلاوتَه، وأنَّ مَن شكَّ في كلمةٍ، أو حرفٍ –منه-؛ فقد برئ من الإسلام، وبرئ الإسلامُ منه.
وأعوذُ بالله من السوء وقولِه، ومِن الوشاية والواشين.
واللهَ أسألُه أن يجعلَني من عباده المؤمنين؛ الذين يُدافعُ عنهم ، وأن يُثَبِّتَني {بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}- إنه نِعم المولى ونِعم النصير، ونِعم الحسيب والرقيب الشهيد-.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله –أجمعين-.
وكتبه:
فقيرُ عفو الله ورحمته: محمد حامد الفقي(1) .
قلتُ[أبو عُمر]:
وما أكثرَ أهلَ الفتن المنشغلين بالقيل والقال! الساعين لهدم الدعوات السلفية !وإسقاط مشايخها الفضلاء! الذين صرفوا أوقاتهم وأعمارهم ، -وشابت لحاهم- لتعليم أبناء السنة العلمَ الموروثَ!
فيأتي الرويبضةُ -مَن لا يحسن العلم-، أو جاهلٌ حديثُ عهدٍ باستقامة، أو مَن كان –بالأمس- مع الجماعة (الفلانية) واهتدى للتوَّ للسلفية..فينقلُ أخبارَه المسمومة لجاهل متعالم فتّان ، له أتباعٌ، أو شيخٍ جليل فيه غفلةُ الصالحين -بعد أن يُعطيَه الأمان- !
فيقولُ له: يا شيخ.. إن الشيخ (فُلان) يُثْني على أهل البدع..ويُعادينا..ويفعل بنا..ويقول عنا كذا وكذا !!!
فيُسَمّعه مقاطعَ صوتية، أو يقرأ عليه مقالاتٍ مبتورةً، فيصدّقه ذلك الشيخ ويحذِّر منه (2)!!
ويأتي المتعالم البليد ، فيُسقط ذلك الداعية السلفي ، أو الشيخ الفاضل ، ويحذِّر منه -لهوى في نفسه- بلا تثبُّت، ويَهِيجُ -في الساحة- كالثور الهائج:
فلان مبتدع !! فلان يُثني على أهل البدع !!
وكل هذا يَنْصَبُّ في مصلحة المخالفين من أهل العَلْمَنة والإلحاد ، وأهل البدع -من الرافضة ، والإخوان المسلمين، والقطبية -ومَن شايعهم-.
فالحَذَرَ- يا إخوتاه- من الفتن وأهل الفتن.
واللهَ اللهَ في التريّث ، والتثبّت ، وحُسن الظن: بإخوانكم، ومشايخكم.
وتأمَّلوا -جيداً- موقفَ هذين الإمامين الجليلين محمد بن إبراهيم، و عبدالعزيز بن باز، وعليكم بمَن مات؛ فإن الحي لا تُؤمَن عليه الفتنة.
واللهَ اسأل أن يجمعَ شملَنا، ويقوِّي شوكتَنا، وينصرَنا على عدوِّنا- إنه ولي ذلك والقادر عليه-.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطيبين أجمعين.

كتبه: أبو عمر عبدالله الهزاع
_________________________________________________________________________
(1)«مجلة الهدي النبوي» / العدد الثالث: لعام 1374 هـ - مقال: (تفسير القرآن الحكيم) :(ص 13-14 ).
(2) وهذا خطأ عظيم من بعض مشايخنا الأفاضل ؛ الذين يصدَّقون بعض بطانة السوء، ويعتقدون أن هؤلاء المقرَّبين إليهم لا يكذبون !
واعلم -أيها القارئ الكريم- أن بطانة السوء موجودةٌ عند الأنبياء قبلَ غيرهم- وهذا لا يعني أنَّ الصحابة منهم -حاشاهم-، ولكن: كيف بمَن هم دونهم -كالعلماء والمشايخ؟!-:
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة؛ إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير ، وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشر ، وتحضّه عليه، فالمعصوم مَن عصم الله –تعالى-»- رواه البخاري (6611 و 7198)-.
وقال الحافظ في «الفتح »:(البطانة: الدُّخَلاء، جمع: دخيل، وهو: الذي يدخل على الرئيس في مكان خَلْوته، ويُفْضي إليه بسرِّه، ويصدِّقه فيما يخبره به - مما يخفى عليه من أمر رعيته-، ويعمل بمقتضاه».
والأنبياء- عليهم السلام- قد يقبلون من البطانة الصالحة دون البطانة الطالحة -بلا شك-.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق