الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد وقفت على صورة نشرها أحد أقربائي الفضلاء في إحدى وسائل التواصل [الانستغرام]؛ لرجل أجنبي كث اللحية، أقزع الرأس، وكان على الصورة تعليق أعجبني:
"يوم كانت سنة محمد ﷺ سخروا من أهلها، ووصفوهم بالتطرف والإرهاب، ولما صارت سنة المشاهير السفلة: تنافسوا على تقليدهم"
أقول:
وهذا مصداق لما أخبر عنه النبيّ ﷺ، فقد روى البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: " لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها؛ شبرا بشبر وذراعا بذراع"، فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟! فقال: " ومن الناس إلا أولئك".
وروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ "لتتبعن سنن الذين من قبلكم؛ شبراً بشبر، وذراعاًَ بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضَبٍ لاتبعتموهم"، قلنا: يا رسول الله، آليهود والنصارى، قال:" فمن "! .
نسأل الله السلامة والعافية.
كلنا يعلم أن من هدي رسول الله ﷺ إطلاق اللحية، بل هي من سنن الفطرة التي أمر المُشَرّع بها، وقد جاءت صيغ الأمر - بعدَّة ألفاظٍ:
١." اوفوا اللحى" ، رواه مسلم في "صحيحه" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما،
٢. " ارخوا اللحى"، رواه مسلم "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،
٣. "اعفوا اللحى" ، رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما،
٤. "وفروا اللحى" ، رواه البخاري في "صحيحه" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
ومن هديه ﷺ -أيضاً- نهي الرجال عن إسبال الثياب، لما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي ذَرّ الغفاري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:(ثلاثة؛ لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب).
ومع أن النبي ﷺ أمر بها قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة -وهو الأسوة الحسنة- ومع كثرة الروايات في هذين الأمرين إلا أن الكثير من أبناء المسلمين يجدون الضيق والحرج في ذلك.
بل وصل ببعض ضعاف النفوس وسفهاء العقول السخرية والازدراء بسنة الحبيب ﷺ.
فقالوا عن اللحية:
مشابهة لليهود والسيخ !
شَعر يجمع الوسخ !
ليست شرطاً للرجولة !
تُقبح الوجه !
وتمسحوا بما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبيّ ﷺ قال: (إن الله جميل يحب الجمال) .
وقالوا عن الثوب مادون الكعبين :
لبس الفقراء !
ثوب "مقصمل" *
غير حضاري !
ألا تلاحظون ...
أن الكثير من المسلمين يحتقرون شعائر الإسلام الظاهرة: كالنقاب، واللحية، ورفع ثوب الرجال عن الكعبين، ولبس عباءة الرأس للمرأة، لأنها لا تروق مزاج الفسقة الفجار والغرب الكفار؟!
وأن قناعاتنا صارت "غربية القوالب" !! متى حصل الوئام بين رأي الغرب والدين= اقتنعت العقول، وإذا استخف الغرب سنة نبينا ﷺ استخفتها العقول وردَّتها، وربما وصل حال بعض الجهلة التجرؤ على تكذيب الخبر عن رسول الله ﷺ دون الاستناد إلى خبر أو عالمٍ معتبر.
يالَـ الذل والهوان !!!
أصبحتم تُحكِّمون أرباب البارات والخمارات والمراقص والدعارات على هدي نبينا محمد ﷺ !!
لما قال لكم العلماء وورثة الأنبياء وحملة الدين: (كان نبيكم كث اللحية)، لم تلتزموا هديه حينئد..
ولما قيل لكم: (كان إزاره فوق كعبيه) .. عبستُم !! وقلتم: ما هذا التنطع والتشدق !!
فلما صارت اللحية الطويلة والبرمودا (الموضة) من (أصحاب المعالي) عباد الصليب !!
استبشرتم.. !!
وصارت (عسلا على القلب) !؟
ألم تقولوا أنها تجمع الوسخ وتشابه اليهود والسيخ ؟! أين كل تلك الحجج التي كنت تتذرعون بها، وجعلتموها ميزانا لحياتكم؟!
أهَدْيُ الغربِ أهْدَى من محمد نبي الهدى ﷺ ؟!
يا قومِ .. أما آن لكم أن ترجعوا إلى رشدكم .. وتسلكوا سنة نبيكم .. وتتركوا عنكم الإمعيّة العمياء !؟
وتستغفروا الله وتنيبوا إليه من هذه الغفلة !
اقرأوا في الشمائل المحمدية، ككتاب الشمائل المحمدية للإمام الترمذي -رحمه الله- وانظروا لصفات خير من وطئت قدماه الشريفتان الثرى ﷺ وتشبهوا به، وقلدوه في مشربه ومأكله ومشيته، وقيامه وقعوده ونومه، وسَمْتِه وكلامه ، قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
إني أخاطب القلوب التي تشَرّب قلبُها حُب نبينا محمد ﷺ ، فأعرضت عن الغرب وأشباههم واتخذوهم وراءهم ظهريا، وضربوا على آراءهم ولم يعبأوا بها،
فلا تلتفوتوا لهم، ولا تجعلوهم معيار كل شيء في حياتكم.
اللهم أعنا على سلوك سبيل نبينا نبي الهدى ﷺ واجمعنا معه في جنات النعيم، يارب العالمين.
كتبه/ أبو عمر عبدالله الهزاع
الأحد ٢٢-صفر-١٤٣٦هـ
الكويت
------------------------
* وهي لفظة عربية صحيحة تدور حول القطع والكسر، والثوب المقصمل هو القصير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق