الحمد لله وحده، الصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعد:
فقد روى البخاري (6131)، و(اللفظ له) ومسلم (2591) في «صحيحيهما» من طريق عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أنه استأذن على النبي ﷺ رجل، فقال: «ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة»، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له: يا رسول الله! قلت ما قلت، ثم ألَنت له في القول؟ فقال: «أي عائشة؛ إن شر الناس منزلة عند الله؛ من تَرَكه أو وَدَعَه الناس، اتّقاء فُحْشه».
ذكره البخاري في كتاب الأدب من "صحيحه"، باب المداراة مع الناس، وهذا من فقه أمير المؤمنين في الحديث.
وقد كتبت ذلك إثر مراسلة مع بعض إخواننا، أخبرني عن خبر محادثة هاتفية جرت بينه وبين أحد الإخوة في فرنسا، فذكر واقعاً مؤلماً واختلافاً وتَفَرُّقاً بين إخواننا السلفيين، ومنها تلك الفتنة التي نُسبت آثارها لبعض الناس [عُرِف] بصدّه عن العلم، والتحذير من مشايخ وطلبة علمٍ عُرفوا بالسنة ونفع الناس.
وأقول: هذا إرهاب وتخويف وتخوين، وايذاء واعتداء على المؤمنين، جعل المسلمين السلفيين والنشء من الشباب؛ يعيشون رعباً ما أنزل الله به من سلطان.
أيها السلفي! كن شجاعاً ولا تخف إلا الله.
لماذا نجعل من أبنائنا جبناء؟
ولماذا نزرع الخوف والذل من البشر في قلوب السلفيين ؟ فيجدون من التهديد والوعيد من إخوانهم أهل السنة؛ ما يفوق بمراحل ذلكم الوعيد الناتج عن معاداة أهل البدع وتفنيد شبهاتهم؛ على رؤوس الأشهاد؟!
أيها السلفي! لا تكن جباناً
وأقول لأبنائي وإخواني من طلبة العلم:
أعلم أن أباك قد رعاك ورَبَّاك؛ ليرى الشجاعة في الحق ظاهرة في كَلمك، وسمة على محياك،
إياك إياك أن تجبن عن قول الحق - ما استطعت- أمام الأولياء،
والجماعات،
والأحزاب،
ومن تابعهم ودخل في جحورهم، وحاكاهم، شعر بذلك العمل وعلمه، أو لم يشعر بما يفعل يقول ولا علم به .
أيها السلفي!
احفظ الله يحفظك ولا تبالي،
فلن يستطيع أحد إنزال الضرر بك، ولو اجتمع الإنس والجن، ومن في السماوات والأرض على إيذائك والإيقاع بك، فلن يؤذيك أحد إلا بشيء قد كتبه الله عليك، فلا تخشوا أحداً،
ولا تُعظموا أحداً،
فالأمر كله لله.
وتَذَكَّر ما رواه الامام أحمد في «المسند» (1/ 293)، والترمذي في «سننه» (2516) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: كنت خلفت رسول الله ﷺ يوما، فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده اتجاهك، إذا سألت، فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ؛ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ، لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف». وقال الترمذي: حسن صحيح، قلت: وهو كما قال.
أيها السلفي! كن سنيا سلفيا
ألا تعلم أنك تستمد تميُّزك بهذا اللقب (السلفي) عن الفرق الضالة والطوائف المنحرفة بأمور منها:
• التمسك بالكتاب والسُّنة بفهم سلف الأمة.
• محبة الاجتماع ونبذ الفُرقة والخلاف؛ نعم: الجماعة؛ واجتماع على الكتاب والسُّنة، قال تعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].
يا طالب العلم! أوصيك بألا تقلِّد… لا تقلِّد!
وإياك أن تُسلم عنقك وعقلك لأحد، كائناً من كان، وكن رجلاً شهماً منقاداً للحجة والبرهان، ولا تكن رجلا ذليلاً يقاد برقبته، كما تقاد البهائم، ومعلوم أن عوام المسلمين ليسوا معنيين بذلك، بل لهم أن يقلدوا ويتابعوا من يثقوا بعلمه ودينه.
• السلفي يعُرف بطلب الحجة والبرهان، فاجعل شعارك: قول الله تعالى:﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)﴾ [البقرة].
• وعليك بقول الحق، وعدم السكوت على الباطل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
أسأل الله التوفيق والثبات على السُّنة لي ولمن وقف عليه حتى الممات، والحمد لله رب العالمين.
كتبه/ د. عبد العزيز بن ندى العتببي
11 من رجب 1434هـ
-----------------------------
تعليق [من الشيخ عبدالعزيز أيضا]:
ذكّرني بهذا المقال بعض الأخوة عندما قاموا بإحياء نشرها قبل قليل بتاريخ : [١٠ صفر ١٤٣٦]
في بعض المجموعات..
وقد كتبتها آنذاك بعد نقل ابننا عبد الله الهزاع -حفظه الله- لما حدث قبل السنة الماضية في فرنسا - في حينه - عندما قام أحمد بازمول بالتحذير من الشيخ هيثم سرحان ظلما وعدوانا ، وقد كان من آثارها إهانة العلم وأهله، فحدث ما يُخشى وقوعه، بأن مُزّقت كتب العلم التي تدرس في الدورة العلمية، كـ( كتاب التوحيد) ونحوه أنذاك، .. انتصاراً للجهة التي تعصبوا لها بلا علم، ومخالفة لمن جلس لتعليم الناس دين الله (الاسلام) بفهم السلف الصالح ، ونسأل الله السلامة من هذا المنهج الشاذ..
فكان هذا المقال الذي نشر في صفحة الإبانة (جريدة الوطن الكويتية)، والمواقع الالكترونية، تزامناً مع أحداث طلبة العلم في فرنسا والأذي الذي لحق بالشيخ هيثم سرحان، وما تعرض له ثلة من الشباب السلفي… في فرنسا.. آنذاك..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق