الحاكم الذي يحكم بالشرع
ويجتهد بنور الوحيين
هو الحاكم المأجور في إصابته وخطئه، عالما كان أو قاضيا، أو حاكما.
ولا يؤجر من حكم بهواه ومصالحه الدنيوية، أو حكم بغير ما أنزل الله، بالإجماع.
قال رسول الله:
(إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر). رواه مسلم
قال الإمام النووي في شرح الحديث السابق:
(قال العلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم، فإن أصاب فله أجران: أجر باجتهاده، وأجر بإصابته، وإن أخطأ فله أجر باجتهاده.
وفي الحديث محذوفٌ تقديره:<إذا أراد الحاكم فاجتهد>.
قالوا : فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم، فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم، ولا ينفذ حكمه، سواء وافق الحق أم لا، لأن إصابته اتفاقية ليست صادرة عن أصل شرعي فهو عاص في جميع أحكامه، سواء وافق الصواب أم لا، وهي مردودة كلها، ولا يعذر في شيء من ذلك.
وقد جاء في الحديث في السنن "القضاة ثلاثة: قاض في الجنة، واثنان في النار، قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، وقاض عرف الحق فقضى بخلافه فهو في النار، وقاض قضى على جهل فهو في النار ").
📚 شرح مسلم
ومما يدل على اشتراط علم الحاكم بالشرع، واجتهاده في دائرة الشريعة من جهة الشرع و العقل:-
عدم اعتبار اجتهاد العالِم الخارجي في النوازل والدماء، ومن حكم بغير ما أنزل الله.
بيان ذلك في الحكام:
1- قتْل الحجاج بن يوسف الثقفي للآلاف من التابعين لم يكن بسيف الإسلام، وحاشا أن نقول أنه قتل سعيد بن جبير وابن الزبير بسيف الإسلام ! ولذلك كان الصحابة والتابعون يقولون أنه مبير ثقيف المذكور في الحديث.
وكذا ضربه أنسًا بن مالك رضي الله عنه لم يكن تعزيرًا ولا حدّا، بل ظلما وفسقا وجورا.
فهل نقول عن هذا الحاكم الناصبي الخبيث كان حاكما مجتهدا، فاجتهد وأخطأ فله أجر الاجتهاد؟
2- بعض الولاة والَوا الجيش العثماني القبوري المعادي للتوحيد وأهله في زمن أئمة الدعوة، فحكموا عليهم بالردة لموالاتهم أولئك المشركين، فهل يُقبل اجتهاد اولئك الولاة ولهم أجر اجتهادهم؟
أم أخطأ أئمة الدعوة حين حكموا عليهم بالكفر والردة، وهم أئمة السنة والقضاة في ذلك الزمان؟
3- لما أمر المأمون والمعتصم والواثق بالقول بخلق القرآن، هل كان أمرهم بذلك، وامتحانهم الناس على ذلك اجتهادا يرجى لهم فيه الأجر؟ فإن قلت أنهم خالفوا العقيدة، فنقول ولماذا أطلقتَ ولم تقيد ولم تحدد شرطًا في الحكام والأحكام ولو بضابط واحد !
4- استباحة الحاكم الأشعري لدماء أهل السنة، كما في دولة الموحّدين، قال ابن تومرت: (باب وجوب جهادهم على الكفر والتجسيم، وإنكار الحق، واستحلال دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم)
📚 أعز ما يطلب صـ249.
وقال: (إن جهادكم فرض على الأعيان على كل من فيه طاقة على القتال، واجتهدوا في جهاد الكفرة الملثمين، فجهادهم أعظم من جهاد الروم وسائر الكفرة بأضعاف كثيرة لأنهم جسموا الخالق سبحانه وأنكروا التوحيد وعاندوا الحق).
📚 أخبار المهدي ابن تومرت للبيذق صـ9.
فهل كان ابن تومرت مخطئا في اجتهاده معذورًا باستباحته دماء اهل السنة؟
5- لما دعا الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى توحيد الله ومحاربة الشرك، كفّرته الدولة العثمانية التي كانت مهيمنة على الحجاز، وكفّره شيخ مكة واتهمه بالزندقة، وكذا الموالون للأتراك، فهل لهم أجر على اجتهادهم؟
6-قال أحد المتصدرين للدعوة:
أن الحكام إذا حكموا بشيء عام، فهو في مصلحة الأمة وهذا لا يدركه أحد.
والسؤال:
وهل هذا ينطبق على الحاكم الذي يصدر قانونا في معاقبة وتجريم من يكفّر اليهود والنصارى؟ ويمنع أئمة المساجد والخطباء من تكفيرهم وذمهم على المنابر؟ وهل له أجر؟
7- الحكام مختلفون -حتى الساعة- في التطبيع، فهناك من يدعو إليه، وهناك من ينهى عنه، ويقول أننا واليهود في حالة حرب مع الصهاينة، فهل كلاهما مصيب وكلا الحُكمين في مصلحة الأمة ؟! أعني التطبيع وعدم التطبيع في آن واحد.
هذا من جهة الحكام والقضاة ..
ومن جهة العلماء والفقهاء :
يوسف القرضاوي كما هو معلوم عالم في الفقه، وثناء الشيخ الألباني على كتابه (فقه الزكاة) معلوم، لكن لا يؤخذ باجتهاداته في مسائل الدماء ولا الحكام، لأنه مبتدع ضال لا ينطلق من الشرع بل من هواه الحركي، والولاة عنده هم الإخوان ومن تعاطف معهم.
ولما خرج سلمان العودة وسفر الحوالي ومعهم حمود الشعيبي في القصيم -وهم اهل اختصاص في الشريعة- هل اجتهدوا وأخطأوا ولهم أجر اجتهادهم؟
فإن قال: (لا لأنهم قطبية)
قلنا له: إن الأشاعرة والخوارج والمرجئة والمعتزلة فيهم الفقهاء، ويفتون ويقضون ولهم أتباع.
أريد تأصيلا علميًا.
أقول:
أن الذي دعاهم للخروج بدعتهم، ولا يؤجرون عليها، أما ذاك الذي أطلق الحكم العام هو المطالب بالتوضيح والتبرير والبيان.
فليس كل مجتهد مأجور على فعله إلا من حكم بالكتاب والسنة، وهو عالم بهما، واجتهد بالنظر فيهما.
يفترض بعد هذا البيان والإلزام، أن يعود صاحبنا للبحث والقراءة، ويعطيهما شيئا من وقته بدل المناوشات والردود السخيفة، والفتاوى التي يخدم بها الصهاينة.
وأن لا يفتي بناء على آخر ما قرأه في الجامعة قبل نحو 30 سنة.
ولعله يعرف أهمية (الحكم على الشيء فرع عن تصوره) ويطبق القاعدة كما وجهه الشيخُ فيصل الجاسم -وفقه الله- بالعمل بها عندما يكون أهلًا للإفتاء في النوازل.
كتبت هذه المقالة على عجالة، وإلا فهناك نقولات أكثر، ومسائل أصولية لم أتطرق لمناقشتها خشية الإطالة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق