"رد على زعمه ببدعية تصاريح الحج
وجواز التحايل على المسؤولين"‼️
كل يوم يزداد يقيني بجهل محمد حسن ولد الددو الشنقيطي بأصول الفقه والإفتاء، وعدم اعتباره لمقاصد الشريعة وتحقيقها في النوازل.
وقد تتبعت الكثير من فتاوى الرجل، فوجدته إذا تكلم في العبادات تورع، وإذا تعلق الأمر بولاة أمر المسلمين والحكام الذين لا ترتضيهم جماعة الإخوان ومن شايعهم = تمرد.
[ مثال على جهل الددو بالقواعد الأصولية، وعدم كفاءته بالإفتاء في النوازل، واستخفافه بدماء المسلمين ]
سئل الددو عن العمليات الانتحارية التي يسميها الحركيون (الاستشهادية) في فلسطين:
فأجاب بجوازها، بل بوجوبها من جهتين:
1-أن جهادهم واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإن لم يجد الإنسان وسيلة إلا ذلك تعيّنت.
2-أن الله عزوجل حرّم قتل النفس ولكنه ذكر علة، والعلة تدور مع الحكم حيث دارت.
واستدل بقوله تعالى:((ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما . ومن يفعل ذلك عدواناً وظلمافسوف نصليه ناراً))،
فزعم: أن مفهوم الآية من قتل نفسه إيمانا واحتسابا فله الجنة!
المصدر:
https://youtu.be/ZqX6CtIPQ4w?feature=shared
والجواب:
1- لم يبين الددو وجه كون الانتحار -بتفجير النفس بين العدو- نوع من الجهاد في سبيل الله بصوره وضوابطه ومآلاته وثمرته، لأن الكتائب ترسل الشاب ليفجر نفسه، فيموت الرجل والرجلان وأكثر، أو يموت ولا يموت أحد غيره!
والانتحار في الشريعة الإسلامية كبيرة من كبائر الذنوب، وقد جاء فيها وعيد شديد لمن قتل نفسه، منها (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة) متفق عليه.
والحديث عام.
كما أن حض الشباب على الانتحار ومباشرة قتل النفس عبث بأرواحهم، وامتهان لدم المسلم، وقد جاء في الحديث: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم) رواه النسائي.
واذا سألت الددو عن دم الطائر ربما فصّل وأظهر الورع !
2- ليس للآية الكريمة مفهوم مخالفة، فهي صفة كاشفة، إذ قتل النفس لا يكون إلا عدوانا وظلما، ولا أدري كيف جعل الددو قتل النفس صورة مو صور الإيمان؟!
وهذه الآية كقوله تعالى: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون).
قال العلامة الأمين الشنقيطي:
(ولا خلاف بين أهل العلم أن قوله هنا: لا برهان له به لا مفهوم مخالفة له، فلا يصح لأحد أنيقول: أما من عبد معه إلها آخر له برهان به فلا مانع من ذلك; لاستحالة وجود برهان على عبادةإله آخر معه، بل البراهين القطعية المتواترة، دالة على أنه هو المعبود وحده -جل وعلا- ولايمكن أن يوجد دليل على عبادة غيره ألبتة .
وقد تقرر في فن الأصول أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة، كون تخصيص الوصف بالذكرلموافقته للواقع فيرد النص ذاكرا لوصف الموافق للواقع ليطبق عليه الحكم، فتخصيصهبالذكر إذا ليس لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق، بل لتخصيص الوصف بالذكر لموافقتهللواقع). 📚 أضواء البيان
هذا مثال واحد عرضته للقارئ حتى يكون على بينة من فوضوية الددو في الفتوى، ورددت عليه باختصار حتى لا أبعد عن الموضوع.
[ تصريح الحج أمر المحدث؟! ]
استدل الددو على ذلك بعموم آيات الأمر بالحج على مشروعية الحج.
وهذا منطقٌ أهوج وفقهٌ أعوج..
وهي عادة الإخوان المسلمين والحركيين عموما في الإفتاء فيما يوافق هوى الجماعة، في التشويش على الأنظمة التي يعادونها، و والذي في السماء .. لو كان الحرمان تحت حكم الدولة العثمانية وفرضت التصاريح على المسلمين، لسمعت الإشادات والمدح والثناء !
ولكن الذي فرض التصريح ابن سعود وليس ابن ارطغرل !
ولاشك أن نظام التصاريح نظام جديد حادث على الاصطلاح اللغوي، أي أنه لم يوجد من قبل، ثم فرضته الدولة السعودية -جزاها الله خيرا- بعد دخول الملايين في دين الله.
أما الحكم عليها بالإحداث بمعنى البدعة في دين الله، فهذا من جهل الددو في الفقه وأصوله والسياسة الشرعية، وجهله بمفهوم البدعة كذلك.
ثم انظروا من الذي يتكلم عن البدعة!
الذي يطلب البركة من مشيخة الطرق الصوفية ويمسح وجهه بتفالهم !
[ تقنين الحج ضرورة شرعية ]
معلوم أن الشريعة الإسلامية قائمة على جلب المصالح وتكثيرها، ودفع المفاسد وتقليلها.
ونحمد الله عزوجل أن الناس يدخلون يوما بعد يوم في دين الله أفواجًا، وديننا العظيم هو أكثر الأديان انتشارا وتوسعا في العالم.
ولنفترض أن 40 مليون مسلم سمعوا فتوى الددو، وشدوا رحالهم، وذهبوا إلى عرفة، التي تبلغ إجمالي مساحتها 10.8كم مربع، فكيف سيقفون جميعا في عرفة يا شيخ الدوو؟!
[تنظيم الحج من شأن حاكم السعودية وعلمائهم: شرعًا]
استشكل بعض الناس في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نهيه عن متعة الحج.
عن جابر رضي الله عنه قال: (متعتان كانتا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنهانا عنهما عمررضي الله عنه فانتهينا)
📚 رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن سبب منعه لمتعة الحج: (ثم إن الناس كانوا في عهد أبي بكروعمر لما رأوا في ذلك من السهولة صاروا يقتصرون على العمرة في أشهر الحج ويتركون سائرالأشهر لا يعتمرون فيها من أمصارهم فصار البيت يُعرّى عن العُمّار من أهل الأمصار في سائرالحول!
فأمرهم عمر بن الخطاب بما هو أكمل لهم بأن يعتمروا في غير أشهر الحج فيصير البيتمقصودا معمورا في أشهر الحج وغير أشهر الحج.
وهذا الذي اختاره لهم عمر هو الأفضل حتى عند القائلين بأن التمتع أفضل من الإفراد والقرانكالإمام أحمد وغيره).
📚 مجموع الفتاوى 26/ 276-277.
على هذا .. يكون أمير المؤمنين قد أحدث في الإسلام! وهذا لم يقله أحد من أهل القبلة.
وفعل عمر حكمٌ سلطاني، فله أن يأمر وينهى عن فيما يحقق مقاصد الشريعة.
وهنا مسألة: هل اشتراط الحج للمصرح لهم أمر بمعصية أم نهي عما يفضي إلى محرم؟
تبين فيما سبق أنه محال عقلا ومنطقا أن يسمح للمسلمين جميعا الذهاب إلى الحج كما السابق لان المشاعر المقدسة لا تستوعبهم.
ولو تدافعوا في عرفة او عند بيت الله الحرام لحصلت كوارث لا يعلمها إلا الله.
فلذلك: يكون نهي ولاة المملكة عمن جاء للحج بلا تصريح ليس نهيا عن معصية، لأنهم لا يمنعون من الحج على الإطلاق، والأمر للتنظيم، وفي الحديث (فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة).
قال يوسف بن حسن بن عبدالهادي الحنبلي:
(الحج بالفعل بالمصححات ، وعقاب مَنْ لم يفعل ، وإصلاح طريقه بالذب والعمارة بما يمكنمعه السلوك بإيجاد الماء والعلف وغير ذلك ، ودفع المؤذي وإزالته من اللصوص وغيرهم ،وإقامة من يذهب مع الحجاج من كل بلد من بلاده ، وعدم تعطيل الحج ، وإقامته بالبلد الحرامكل سنة ، ومباشرة إمامته ، وما يتعلق بذلك بنفسه ، أو نيابة ؛ فإنه الله باشر ذلك مرة بنفسه ،ومرة بنيابة ، وكذلك استمر على ذلك الخلفاء، وما يحتاج من ذلك إلى صرف مالٍ صرف فيه من أموال المسلمين العامة) اهـ 📚 ايضاح طرق الاستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة صـ99-100.
[ الحج واجب عند الاستطاعة ]
تغافل الددو أن الحج واجب متعلق بالاستطاعة من جهة المتنسك (لمن استطاع إليه سبيلا)، ومفهوم المخالفة أن من لم يستطع لحبس أو غيره فهو معذور، بل مأجور على نيته إن شاء الله، قال صلى الله عليه وسلم (وإنما لكل ارمئ ما نوى).
[ يشيخُ القطبيُ .. وتبقى رعونته ]
وكان ينبغي لهذا الشيخ أن يصبّر الناس، ويقوي عندهم العزيمة، وأن ينتظموا بالقوانين -التي لن تمنعهم من الحج!- ويذكرهم بأن الناوي مأجور إذا شق عليه أداء العمل أو منعه مانع، لا أن يفتيهم بمخالفة اللوائح والقوانين .. والتي قد يترتب عليها الإبعاد من البلاد أو غيرها من العقوبات !
سبحان الله .. يشيبُ مشايخ الجماعات وتبقى أحلامهم طائشة كما هي !
[الحاكم له أن يغير بعض أحوال الواجب]
قال ﷺ "تسمع وتطيع للأمير"
وقال ﷺ "إنما الطاعة في المعروف"
قال أبو العباس القرطبي: (هذه للتحقيق والحصر، فكأنه قال: لا تكون الطاعة الا في المعروف، ويعني بالمعروف هنا: ما ليس منكرا ولا معصية، فيدخل فيها الطاعات الواجبة والمندوب إليها، والأمور الجائزة) 📚 المفهم 4/ 41.
ومن المعلوم أن الحاكم إذا أمر بواجب موسع أو مخير صار ذلك الواجب مضيقا، وإن أمر شخصا بأمر كفائي صار واجبا عينيا على هذا الشخص.
قال ابن قدامة: (ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع…إذا استنفر الإمام قومًا لزمهم النفير معه) 📚 المغني 13/ 8.
قال الشيخ صديق حسن خان: ( ومن جملة ما يجب فيه طاعة أولي الأمر، تدبير الحروب التيتدهم الناس، والانتفاع بآرائهم فيها وفي غيرها، من تدبير أمر المعاش وجلب المصالح، ودفعالمضار والمفاسد الدنيوية) 📚 إكليل الكرامة صـ74.
وقد أفتى علماء المملكة بجواز تصاريح الحج لأنها من المصالح المرسلة أيضا، وإن كان الددو يخطئ اجتهادهم، فلا عبرة بقوله، لأن دافعه معلوم، ولأن اعتراضه لا قيمة له على الواقع.
وإن أردنا أن نأخذ حكم التصريح كمسألة يسوغ فيها الاجتهاد، فأقول:
يَلزم الددو لزوم رأي الحاكم ولا يخالفه.
قال إمام الحرمين: (إن اجتهاد الإمام إذا أدى إلى حكم مسألة مظنونة، ودعا إلى موجب اجتهاده قومًا فيتحتم عليهم متابعة الإمام).
ثم بين المفاسد المترتبة على عدم العمل بذلك، فقال: (ولو لم يتعين اتباع الإمام في مسائل التحري لما تأتّى فصل الخصومات في المجتهدات، ولاستمسك كل خصم بمذهبه ومطلبه، وبقي الخصمان في مجال خلاف الفقهاء مرتبكين في خصومات لا تنقطع، ومعظم حكومات العباد في موارد الاجتهاد) 📚 غياث الإمم صـ99.
فاجتهاد الحاكم إن كان مبنيا على نور الوحيين، وأفتاه العلماء الراسخون، فلا يجوز لمسلم أن يخالفه لأنه يرفع الخلاف.
[فرق بين البدع والمصالح المرسلة]
ذكر الإمام الشاطبي في الاعتصام 10 أمثلة في المصالح المرسلة التي أقر الصحابة بعضها ولم يأت فيها نص، اذكر بعضها على الاختصار:
1- جمع المصحف في عهد أبي بكر.
قال الشاطبي (فهذا عمل لم ينقل فيه خلاف عن أحد من الصحابة).
2-اتفاق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حد شارب الخمر.
3-تضمين الصنّاع.
4-اخلاف العلماء في الضرب بالتُّهَم.
ولعل الددو يراجع الباب الثامن في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان والأمثلة العملية التي ضربها لوتضيح المصالح المرسلة.
[ ختاما ]
أنصح إخواني المسلمين بالاعتصام بالجماعة، (فمن شذ شذَّ في النار) كما قال النبي ﷺ.
وأحذركم من الأخذ عمن يفتي ليرضي جماعةً، أو جهة سياسية تكسّبًا، وإن أردتم النظر في تناقضات الددو وجماعته، فانظروا الى الدياثة العقدية التي تحل عليهم إن تعلق الأمر بمن يرتضونه، أشداء على حكام السعودية رحماء على من يوالونهم.
واعلموا أن في المملكة علماء راسخون، أجلاء أصفياء أنقياء أتقياء، قد أفتوا ولاتهم بمشروعية التصريح، تنظيما لشعيرة الحج، وحفاظا على أمن المسلمين وراحتهم وسلامتهم لاسيما أهل مكة.
ولك أيها اللبيب أن تعدد المصالح المترتبة على هذا التصريح، وقارنها بما يدعيه الددو من المفاسد ..
والله المستعان..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق