بسم الله الرحمن الرحيم
" نشرت جريدة
الأهرام بعددها الصادر يوم الخميس 22 يوليو سنة 1954 رسالة بعث بها أحد المصريين
الذين يُصفيِّون الآن في سويسرا إلى صاحب (ما قلَّ ودلَّ) يكشف فيها هذا
المصري المسلم القناع عما تعتلج به نفسه الخبيثة الداعِرة من رغبةٍ جامحةٍ في أن
يرى بلاده وقد أخذت نفسها بما يراه ويسلتمتع به هناك في بلاد الغرب مما يسميه
((الصراحة الجنسية)) ويقول أنَّ هذه الصراحة لم تحل دون تقدم البلاد.
ويعجب أشد العجب حين يقرأ جرائد بلاده العزيزة
ومجلاتها مما يتعب فيه المصلحون أنفسهم، ويعصرون أذهانهم لكي يجدوا علاجاً حاسِماً
لهذا المشكلة الأخلاقية التي تتمثل في معاكسة الشبان للفتيات والسيدات. نعم هو
يعجب أشد العجب من هؤلاء المفكرين الذين يصوّرون هذا الأمر التافه في صورة مشكلةٍ
عسيرةِ الحل، مع أنَّ حلها في نظره هيِّنٌ وبسيط جداً، فما هو إلا أن تترك الكلاب
على البقر! وتبيح لكلِّ من الجنسين أن يحظى بالجنس الآخر، وأنْ يقضي منه كل وطر،
وان يرى منه كل ما استتر، فلا تلبث الغرائز أن تهدأ والنفوس أن تُقَر، ويصبح الأمر
بعد ذلك من المألوفات التي لا تُثير اهتماماً، والدليل على ذلك أنّ (سيادَتَهُ) قد
أطلَّ من نافذته وهو يكتب هذه (الروائع) ليبعث بها هديّةً إلى بلاده من وراء
البحار بمناسبة أعياد تحريرها، فراعه أن يجد أجمل السويسريات يمشين في الشوارع دون
ان يلتفت لهم شابٌ، أو يعاكسهن رقيع.
ثم لم يكتفِ هذا الدَّاعِرُ الأثيم بما سطَّرّهُ
قلمه من منكر القول وزوره حتى يطالبنا بأنْ نجعل الدعارة أمراً مشروعاً، فيقول:
)لماذا لا نراجع أنفسنا وقوانيننا في
حدود التطور العالمي الخلقي، فللشباب ثورته ولا مفرَّ من مهادنته(
ثم هو لا يرضى بعد ذلك إلا أن يشتم وطنَه والشرق
كله لأنّه لم يبح له من البهجة والنعيم ما يلقاه في الغرب الأثيم، فيقول:
)إنَّ
آفة الشرق كذب في رياء، وتعلّق بالقشور دون جوهر الأشياء. الغربي يقابل الداء
صريحاً ويكافحه صريحاً، والشرقيّ يحاور ويداور حتى يسقط في الميدان صريعاً او
جريحاً(.
أيهما خير في نظرك أيّها الماجن الخليع الذي
يقاوم دون عرضه مهما أثخنته الجراح؟
أم الذي يستسلم لعدوِّه ويلقي السلاح؟
أيشرب المريضُ السُّمَّ تعجلاً للموت، أم يكافح
للعافية؟
ألا كُفِّي عنّا نباحك أيتها الكلاب المسعورة،
وعليك بالغرب فإنّك واجدة فيه ما يشبع سعارك ويطفئ أوارك. أمّا الشرقُ فسيظَلُّ هو
الشرق محافظاً على دينه، ومروءته، ولو كره الزنادقة الإباحيُّون "
اهـ
محمد خليل هراس
] مجلة الهدي النبوي 18/ 20-21 ] .
------------------------------------
قلت –أبو
عمر- : إنّ المتأمِّل لهذا المقال المختصر، ليجد الفرق بين أسلاف (السلفية) و
(العلمانية)، فالفرقة الأولى تدعو إلى المكارم والفضيلة، والأخرى تدعو إلى المكاره
والرذيلة، وإنّ السلفي لتقرّ عينه بما سطّره شيخ من مشايخ دعوته الغراء، ويرفع
رأسه شامخاً أمام العالم ولسان حاله يقول: (أولئك آبائي..)، أما العلماني...فإنْ
لم يتعفّن بعدُ بفكره الساقط المُنحل ولم ينغمس تماماً في ذلك الوحل، وبقيت فيه
-شيء- الفضيلة فسيقول: (لا أوافقه) .
وإن كان علمانياً قد اشتعل عقله تعفّناً، حتى
ماتت خلايا (الغيرة) و (الشهامة) و (الرجولة) و (الديانة) فيه تماماً، فسيقول
مبتسماً -بوجهه القبيح الدميم- : (ولمَ لا...؟!)
الله اسأل أن يحفظ بلاد المسلمين، ويستر أعراض
المؤمنين، وأن لا يعط أهل الليبراليين والعلمانيين مرادهم، ولا يحققون مناهم في
النَّيل من ديننا وأعرافنا الموافقة لشرع ربنا.
والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق