الأحد، 29 يونيو 2014

نداءات .. ونصائح .. وإرشادات (رسالة من امرأة سلفية في حلب للعلامة عبدالرحمن الوكيل)

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فقد اطلعت على مقال ماتع، يقر أعين أهل التوحيد والسنة، لامرأة فاضلة حلبية سلفية، يعود عمر مقالها لعام 1380هـ، قد أرسلته لسماحة الشيخ عبدالرحمن الوكيل رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية سابقا- رحمه الله، فنشره في مجلة جماعة أنصار السنة المحمدية المعروفة بـ (مجلة الهدي النبوي( :

إلى فضيلة الشيخ المكرم عبدالرحمن الوكيل رئيس مجلة الهدي النبوي حفظه الله ورعاه-
أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأصلي وأسلم على المبعوث هادياً إلى الحق، ومنقذاً من الضلال إلى الهدى، أفضل الخلق وأكرمهم على الله عبدالله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فإنني قرأت في كتاب الله قوله تعالى: ((قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ((.
 وقوله تعالى : ((مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ))،
وقوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء((
وقول تعالى: ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ((

وقرأت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم- عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً))، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه- مرفوعاً: ((من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا  ودع الله له))، وفي رواية: ((من علق تميمة فقد أشرك))، ولابن أبي حاتم عن حذيفة رضي الله عنه- أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى، فقطعه، وتلا قوله تعالى: ((وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ((.
وفي الصحيحين عن أبي بشيرالأنصاري رضي الله عنه- أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- ((أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة، إلا قطعت))، وفي مسند أحمد وسنن أبي داود عن ابن مسعود رضي الله عنه- قال: ((سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((إن الرقى والتمائم والتّولة شرك))، وفي مسند أحمد والترمذي عن عُلَيْم مرفوعاً: ((من تعلق شيئاً وُكل إليه))، وروى وكيع بن الجراح الكوفي عن سعيد بن جبير قال: ((من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة))، قال أهل العلم: له حكم المرفوع لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي.

نعم.. قرأت كل هذا، وقرأت غيره من كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتأكدت من ذلك تحريم وضع الخيط من اليد والصفر بقصد الشفاء من الأمراض، وتحريم تعليق التمائم والتعاويذ على رؤوس أو صدور الأولاد والأنعام للحفظ من العين الحاسدة، وما إلى ذلك من التشبثات الشركية بنيَّة دفع الضرر، فحرمت ذلك على نفسي، وعلى أولادي، وجنَّبت بيتي بفضل الله وتوفيقه من معالم الشرك وموجبات سخط الله، ومن كمال توفيقه وفضله عليّ أنه يسر لي سبحانه دعوة الناس إلى ترك ذلك طاعة لله، واعتماداً عليه تعالى في كل أمور، وقد أقنعت بفضل الله الكثيرات من النساء، بألاّ يضعن أو يعلّقن على أولادهن شيئاً مما يضعه الجاهلات من الخرز الأزرق، والشب، وسن الذئاب، والودع، وما شاكل ذلك من التمائم .. وألاّ يحملن شيئاً من هذا القبيل، ويذَرن كل مامن شأنه أن يشوب عقيدة التوحيد، أو يوقع في الشرك الأكبر، ولكي لا يعَوِّدْنَ أولادهن على فعله بدافع التقليد والاستحسان.

كما أنه تعالى وفقني لنصح بعض الباعة في الأسواق الذي يعتمدون في جلب الرزق على الطلاسم، ونعال الدواب بتعليقها في أعالي الحوانيت، وفي دفع الأعين الحاسدة، وعلى وضع الخرز الأزرق، وتعليق بعض الأوراق طُبع عليها كفّ إنسان ورسم في وسطها صورة عين، وكتب عليه: "الحسود لا يسود"، إلى غير ذلك من التمائم والتعاويذ، وكان لا يمعني وأنا امرأة- أن أُسدي نصائحي لهؤلاء الباعة بأن يطمسوا كلّ هذه المقابح التي من شأنها أن تُبعد العبد عن ربه وتَحُول دون إخلاص العبادة له وإفراده سبحانه بها.

هذه التمائم هي التي تضرُّ الإنسانَ في عقيدته، فيتعلق قلبه بغير الله وهي التي لا تنفعه فيما من أجله علّقت، واعتمد على مالها من تأثير في زعمه، مع أنها لا تأثير لها البتة والكل بيد الله، وهو وحده الفعال لما يريد.

وكنت أقول لهم مُعالِجةً لهذه الترهات:
.. من تعبدون؟ فيقولون: الله، فأقول: ومن الذي خلق العين الحاسدة وقدّر فيها الأذى..؟ فيقولون: الله، ثم أقول: ومن يُقدِّر أرزاق العباد ويزيد فيها وينقص..؟ فيقولون: الله، فأقول: ومن الذي يضر وينفع؟ فيقولون: الله، فأقول: إذاً ما الفائدة من تعليق هذه التمائم الوتعاويذ والاعتماد عليها في جلب النفع ودفع الضر، ما دمتم تقرّون أن الله تعالى هو الفعّال المطلق..فإذا أراد الله بكم ضراً فهل تستطيع هذه التمائم دفع الضر؟ فإن قلتم: نعم، فقد جعلتم هذه التمائم والجمادات أشد قوة ورحمة من الله تعالى، وهذا كفر بواح صراح...أما إن قلتم: لا.. فلم يبق إذاً ضرورة لتعليقها والاعتماد عليها، فلماذا تفعلون ما حرم الله، وتذرون ما أحلَّ الله؟
أما شرَّع الله في تلاوة المعوذتين (الفلق والناس) لدفع أذى العين الحاسدة؟ فلم تحاولون دفع قدر الله بما حرم عليكم فعله وليس بمدفوع- ولا تدفعون قدر الله بما شرع الله ...؟ أليس منكم هذا تناقضاً مع إقراركم بأن الله هو الفعال لما يريد .. وأنه المعبود وحده؟ ... وهو الذي يقدّر الضرر...وهو الذي يدفعه وحده.

هنا ...يقتنع البعض، وتنشرح قلوب البعض من عقلائهم...ولكن تبقى الشبهة قائمة عند البعض الآخر فيحتجون قائلين: يمر علينا في اليوم الواحد عشرات المشايخ والعلماء، ولا يتعرّض أحد منهم إلى نهينا عن تعليق هذه التمائم والتعاويذ ... وإن هذه التمائم، والجلبات، والتعاويذ صنعها وكتبها بعض المشايخ أنفسهم ...؟!! فهل يعقل أنّكِ وحدكِ تعلمين الحرام والحلال وانت امرأة- ويجهلون هم..؟!! وهم المشايخ المكرمون والعلماء المحترمون...؟

فأقول: حاشا لمثل هذه الأفعال أن يؤيدها المشايخ أو يقترفها العلماء. وهؤلاء هم أبعد الناس عن هذه الموبقات لأنهم يعرفون حقائقها وأنّها من الشرك الأكبر، لا تنظروا إلى من يتزيَّنون بزيّ المشايخ والعلماء زوراً وكذباً وبهتاناً، فهؤلاء جهلة مشعوذون وليسوا بمشايخ ولا علماء. وعلى كلٍّ فالحلال حلال، والحرام حرام، ولا يتغير منها شيئاً عدم تنبيه العلماء، أو تقاعس البعض عن القيام بهذا الواجب،  والرجال يعرفون بالحق ... ولا يعرف الحق بالرجال، واعرفوا الحق تعرفوا أهله.

هذا والأمل معقود على الله ثم على أمثالكم من العلماء والعاملين في إرجاع الناس إلى الحق والصواب، أجزل الله لكم الأجر وضاعف مثوبتكم، وأحسن إليكم، إنه نصير العاملين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أختكم في الله ((امرأة مسلمة من حلب((.

 الهدي النبوي) : جاءتنا هذه الكلمة القيمة التي تفض بالإخلاص، والدعوة إلأى التوحيد الخالص، من إحدى المؤمنات بحلب، بالإقليم الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة، رأينا نشرها تعميماً للفائدة، والله المسئول أن ينفع بها، ويأجر صاحبتها خيراً، كفاءَ قيامها بالواجب الذي يتقاعس عنه كثير من العلماء(.



]مجلة الهدي النبوي 22 / 45-48 [ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق