السبت، 3 ديسمبر 2022

ما هكذا يا "أبا سعد" تورد الإبل (1)


رد الكثير على الشيخ سالم الطويل -وفقه الله- اشتراطه تعليم الكافر التوحيد وفهمه له فهما صحيحا قبل اعتناقه الإسلام حتى لا يقع في الشرك.

وكان من بين هؤلاء أحد طلبة العلم وهو الشيخ هيثم قويسم -جزاه الله خيرا-.

وكان رده كالآتي:-

1-النبي  قَبِل من المنافقين شهادة ان لا إله الا الله، فكذلك نقبل إسلام من أتوا لكأس العالم، وكذا الذين دخلوا الإسلام من الأفارقة.

2-ما علاقة دعوة غير المسلمين للإسلام، وبين دعوة المسلمين من تاركي الصلاة لإقامتها، ما علاقة هذا بهذا؟!

3-ما الذي يجعلك تجزم أن الدعاة في افريقيا او بكأس العالم لم يشرحوا للناس معنى لا إله الا الله؟

4-فيما يخص استدلاله بمسلمة الفتح وقصة ذات أنواط على ضعف توحيد حديث العهد بالإسلام:

أ-هل قبِل رسول الله منهم لا إله الا الله ام لم يقبلها؟ طبعا قبلها.

ب-هل كانوا يعرفون حقوقها ومعناها ام لا؟

فإن كانوا يعرفون ذلك هل حكم عليهم بالكفر؟ أم عذرهم بجهلهم؟ فنحن نعذر حدثاء العهد بالإسلام كما عذر رسول الله مسلمة الفتح.

5-اعتراضه على الدعوة إلى الإسلام في كأس العالم بسبب (الخلط والملط):

لا دخل بوقوع المسلمين بالمعاصي بدعوة غير المسلمين إلى الإسلام. اهـ

 

[الشيح سالم لا يريد الإجابة عن الأسئلة]

 

من الواضح أن الشيخ سالم الطويل -أصلح الله حالنا وحاله- لما لم يجد دليلا على قوله من الكتاب والسنة، أخذ يفتش عن فتوى عالمٍ ليستدل بها، فوجد كلاما للشيخ العثيمين -رحمه الله- فهم منه موافقته في المسألة.

وقبل هذا ..

أحب أن أنبه القارئ الكريم أن الشيخ سالم الطويل لم يَرُد على أي سؤال من الأسئلة التي وجهت إليه، مني أو من غيري، ولم يعلق على الأدلة التي سقتها وساقها الشيخ هيثم في إبطال قوله، ولم يتراجع ولم يعتذر للشيخ فيصل الهاشمي عن سوء الفهم الذي صدر منه -وهو الذي يعيب على الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق رحمه الله عدم تراجعه وتفاخره بذلك-.

ولم يرد على النقاط الخمس التي أوردها هيثم قويسم، اللهم إلا جملة (لماذا لا تقبل من الكافر لا إله إلا الله) وأهمل سياق الكلام، بل أهمل الرد على أسئلته أصلًا، وأوهم الناس أن الشيخ هيثم يتهمه بعدم قبول إسلام الكافر ! هكذا بإطلاق.

ولا أخفيكم أني لا أعرف الشيخ هيثم قويسم فظننت أنه مغرّد في "تويتر" علق على كلام الشيخ سالم، ثم وجدت صفحته في برنامج "الفيس بوك" وردّه على الشيخ سالم، فإذا به رد علمي مسدد.

لكن الشيخ سالم تعمد إهماله، لعجزه عن الرد على النصوص الشرعية والحجج العقلية التي تقطع قوله، وما كان ينبغي لرجل مثل الشيخ سالم -عفا الله عنا وعنه- أن يصدر منه هذا السلوك، ولو ترك الرد والتعليق لكان خيرا له.

كما أن جُل رده الذي بلغ (13:28) دقيقة كان في شرح كلمة التوحيد، ومعناها، وأهمية تعلمها، وعن جهل الكثير من المسلمين بها، وبعض القصص؛ وهذه حيدة.

 

[رده على الشيخ هيثم قويسم -وفقه الله-]

 

قال الشيخ سالم الطويل:

(قول الشيخ هيثم: كيف لا تقبل يا شيخ لا إله إلا الله؟

فقال: بل أقبلها، وكيف لا أقبلها؟ ولكن هناك أمر دقيق وهو ضرورة معرفتهم بمعنى لا إله إلا الله) واستطرد في الكلام عن حال عباد القبور.

ثم ذكر أن هذا رأي الشيخ العثيمين، وقال -بالنص-:

(الصراحة أنا أول ما سمعت توقعته بيقول: (لا! يقول لا إله إلا الله يمكن يموت خلال الشهرين) وإلا الشيخ يفصل تفصيل أرجو أن تقف عليه وتسمعه، يقول نعم فعلا بعض الناس ربما طمعا في المادة...فهذا يبقى كافر على ما هو كافر أهون من أن يسلم ثم إذا عرف الإسلام ومعناه ارتد، والمرتد عليه من الأحكام ما ليس على الكافر يبقى على كفره وعلى ذمة، لكن يدخل في الإسلام ويرتد المفروض يقتل؛ تعليم الناس الإسلام الصحيح، هذا المعنى يا أخ هيثم).

ثم قال: (أنا ما قلت ما أقبل شهادة أن لا إله إلا الله، كما قال أحدهم أنت تستهين بلا إله إلا الله، أنا أستهين بشهادة أن لا إله إلا الله؟! أنا أعلنها الآن الذي يستهين بشهادة أن لا إله إلا الله كافر مرتد).

فأقول:

 

أولا:

أعيد عليك السؤال والطلب يا شيخ سالم الطويل:

إيتنا بدليل من كتاب الله، أو حديث عن رسول الله، على وجوب تأخير دخول الكافر الراغب في الإسلام إلى أن يتعلم التوحيد على وجه التفصيل حتى لا يدخل في الكفر.

وليتك تذكر لنا حادثة واحدة لرجل جاء رسول الله ﷺ ليسلم، فقال له: (تعلم الإسلام ثم أسلم)، فإن أتيتنا بدليل قبلناه، وإلا كان قولك هذا بدعة ما أنزل الله بها من سلطان.

واعلم يا شيخ سالم: أنك إن حدَّثتَ نفسك بالبحث عن الدليل، فقد ناديت على قولك بالبدعة والبطلان، لأنك اعتقدت ثم استدللت، وهذا مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة كما لا يخفى على شريف علمك.

 

ثانيًا:

أما يكفي الشخص الذي يريد الدخول في الإسلام أن يقال له: (لا إله إلا الله: أي لا معبود حق إلا الله، فلا تقدم لغيره عبادةُ كائنا من كان، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، لأنها من خصائص الخالق تبارك وتعالى) فإذا أسلم، يُعلّم ما لا يسع المسلم جهله في العقائد والعبادات؟

 أو يتدرج معه كما أمر رسول الله  وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يتدرج مع أهل اليمن؟

عن معاذ رضي الله عنه قال: بعَثني رسولُ اللَّهِ ﷺ إِلى اليَمن فَقَالَ: (نَّكَ تأْتي قَوْمًا منْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلى شَهَادةِ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه، وأَنِّي رسولُ اللَّه، فَإِنْ أَطاعُوا لِذلكَ، فَأَعْلِمهُم أَنَّ اللَّه تَعالى افْتَرَض عَلَيْهِمْ خمْسَ صَلواتٍ في كلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلكَ، فأَعْلِمهُم أَنَّ اللَّه افْتَرَض علَيْهِمْ صَدقة تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيائِهم فَتُردُّ عَلى فُقَرائِهم، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلَكَ، فَإِيَّاكَ وكَرائِم أَمْوالِهم وَاتَّقِ دَعْوة َالمظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ) [متفقٌ عَلَيهِ]

ثالثا:

اشترطتَ على من أراد دخول الإسلام ان يتعلم معنى لا إله إلا الله وشروطها ومقتضاها ونواقضها، حتى لا يقع في الشرك، أليس كذلك؟

فإيراد الشيخ هيثم صحيح؛ لأنك ترفض تلقينه الشهادتين، ودخوله في الإسلام حتى يتعلم، هذا مقتضى مذهبك، فهلّا نقحته وحققته قبل أن تفشيه للناس وتنكر على غيرك؟

 

رابعا:

بناء على اعتراضك: ما حكم من دعا كافرا إلى الإسلام ولم يعلمه تفاصيل التوحيد والشرك؟

هل فعل أمرًا مكروها؟ أم محرما؟

فإن كان مكروها، فما دليلك من الكتاب والسنة؟

وإن كان محرما، هل أخطأ رسول الله  حين أنكر على أسامة قتل الرجل الذي قال لا إله إلا الله؟

وهل أخطأ حين لم يعلم مسلمة الفتح تفاصيل التوحيد قبل أن يسلموا؟ 

فإن لم يكن مكروها ولا محرما فلم الإنكار والاعتراض والرد؟


خامسا:

هل تعلم أيها القارئ الكريم أن الشيخ قد أقر بضعف قوله وشذوذه وأنه يستبعد أن يقوله عالم، من حيث لا يشعر؟

قال معلقا على فتوى الشيخ العثيمين: (الصراحة أنا أول ما سمعت، توقعته بيقول: لا! يقول لا إله إلا الله، يمكن يموت خلال الشهرين) لماذا توقع ذلك من الشيخ العثيمين إن لم يك عالما في قرارة نفسه أن قوله هذا ضعيف شاذ لا يقوله عالم كالشيخ العثيمين رحمه الله؟

 

[نص كلام الشيخ العثيمين .. والتعليق عليه]

 

سادسا:

قال الشيخ العثيمين -رحمه الله-: (الواقع أن بعض الناس كما ذكرت يقول: هؤلاء الذين جاءوا إلينا وافدين قد يقول قائل منهم: "أنا أريد الإسلام" وهو جاهل به، فإذا دخل في الإسلام ثم لم يرق له ولم يستحسن شعائر الإسلام نكص على عقبيه، وحينئذ تكون الطامة أعظم، لأنه إذا دخل في الإسلام ثم نكص صار مرتداً، لكن لو بقي على دينه صار كافراً أصلياً، والمرتد أعظم من الكافر الأصلي، لأن الكافر الأصلي يُقر على دينه، والمرتد لا يُقر على ردته، يدعى للإسلام فإن تاب وإلا قتل، فيرى بعض الإخوة ألا نتعجل.

ثم إن بعض هؤلاء العمال قد يدَّعي أنه مسلم لغرض دنيوي، ليس لحبٍ في الإسلام، فكوننا نقيم عليه الحجة ببيان الإسلام ثم يدخل عن بصيرة أولى من كوننا نتعجل، وعلى هذا ينبغي أن ينظر للقرائن، إذا رأينا أن هذا الرجل عامل بين قوم مسلمين، وكان يشاهدهم ويشاهد طهارتهم وصلاتهم وأذكارهم وسِيَرهم، فهذا من حين ما يقول إنه راغب في الإسلام نقبل منه، وأما إذا كان جاهلاً وقد أتى حديثاً ولم يدر عن الإسلام شيئاً فهنا يحسن أن نبين له الإسلام أولاً، ثم نقبل منه دعوى الإسلام) اهـ.

 

ولي مع كلام الشيخ -رحمه الله- وقفات:

 

الوقفة الأولى:

خلاصة كلام العثيمين أن الداخل في الإسلام له ثلاثة أحوال:-

1-مقيم بين ظهراني المسلمين، ويرى عباداتهم ويعرفها، فهذا يلقن مباشرة ويقبل إسلامه.

2-لا يعرف عن الإسلام شيئا، فهذا يحسن تعليمه الإسلام حتى يكون على دراية، فلا يرتد.

3-رجل دلت القرائن على عدم صدقه وشك في أمره، فهذا الأولى أن يعلم حتى تقام عليه الحجة.

فالشيخ لم يجعل الداخلين في الإسلام على سواء، ولم يقل الشيخ: (يتعلم شهرين او ثلاث) بل هذا من كلام السائل، وقول الشيخ يعلّم لا يعني أنه يترك على الكفر الأيام والأسابيع والشهور إلى أن يتعلم، فبجلسة واحدة يعرّف بالإسلام.

 

الوقفة الثانية:

الشيخ -رحمه الله- لم ينكر ما يقوم به الدعاة والمراكز الإسلامية من تعجيل إدخال الكفار في دين الله خشية هلاكهم على الكفر قبل أن يسلموا، بدليل قوله: (يرى بعض الإخوة أن لا نتعجل)، و (الأولى) و (يحسن) كلام الشيخ لا يخرج عن استحسان الرأي.

 

الوقفة الثالثة:

الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إمام مجتهد، يصيب ويخطئ، وقد تعلمنا منه ومن أئمة الهدى أن كلا يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله ﷺ.

وقد قرر -رحمه الله- أن النظر إلى القرائن معتبر، ويفهم من كلامه أن من أراد الإسلام وهو جاهل به، ومن دلت القرائن على نفاقه يحسن تعليمه الدين من باب إقامة الحجة ثم يدخل في الإسلام.

وهذا يخالف القاعدة الشرعية: (الأحكام على الأسباب الظاهرة دون الباطنة).

فأسامة بن زيد -رضي الله عنه- حينما قتل الرجل الذي قال لا إله إلا الله، كان محتجا بقرينة الخوف من الموت، فقال له رسول الله: (أشققت عن قلبه).

قال النووي رحمه الله: (وقوله: (أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟) الفاعل في قوله أقالها: هو القلب، ومعناه أنك إنما كُلِّفْتَ بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان، وقال: (أفلا شققت عن قلبه) لتنظر هل قالها القلب واعتقدها وكانت فيه أم لم تكن فيه بل جرت على اللسان فحسب، يعني وأنتَ لست بقادرٍ على هذا فاقتصر على اللسان فحسب، يعني ولا تطلب غيره.

وقوله : (أفلا شققت عن قلبه) فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول: أن الأحكام يُعمل فيها بالظواهر، والله يتولى السرائر) [شرح النووي على مسلم 3/163].

بل هذا مذهب الشيخ العثيمين -رحمه الله- فقد علق على حديث أسامة كما في شرحه على مسلم: (وهذا دليل على أنه يؤخذ بالظاهر في الدنيا، ولا ننقب عما في القلوب).

وعن عبيد الله بن عدي -رضي الله عنه- قال: (إن رجلًا سارَّ رسول الله ، فلم ندرِ ما سارَّه به، حتى جهر رسول الله ، فإذا هو يستأمر في قتل رجل من المنافقين، فجهر رسول الله  فقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ قال الأنصاري: بلي يا رسول الله، ولا شهادة له، قال: أليس يشهد أن محمداً رسول الله؟ قال بلي ولا شهادة له، قال: أليس يصلي؟ قال بلى ولا صلاة له، قال: أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم) رواه أحمد.

قال الشوكاني رحمه الله: (وفيه دلالة على أن الواجب المعاملة للناس بما يُعرف من ظواهر أحوالهم من دون تفتيش وتنقيش، فإن ذلك مما لم يتعبدنا الله به، ولذلك قال: (إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس)، وقال لأسامة ـ لما قال له: إنما قال ما قال يا رسول الله تقية يعني الشهادة ـ: (هل شققت عن قلبه؟)، واعتبار ﷺ لظواهر الأحوال كان ديدناً له في جميع أموره) [نيل الأوطار 1/316].

وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (كان الناسُ يُؤخذون بالوحي على عهد النبي ﷺ، وإن الوحي قد انقطع - أي: بموت النبي ﷺ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمَن أظهر خيرًا قرَّبناه، وأمِنَّاه، وليس لنا من سريرته شيءٌ، الله الذي يُحاسبه على سريرته، ومَن أظهر شرًّا لم نُقربه، ولم نأمنه).

قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- : (وهذا هو الواجب: مَن أظهر الشرَّ اتُّهم بالشر، وظُنَّ به الشرّ، ولا ينبغي الاعتماد عليه، ولا تقريبه، بل ينبغي زجره، وإبعاده، وتذكيره، ووعظه حتى يستقيم، وإقامة ما يستحق من تعزيرٍ أو حدودٍ، أمَّا مَن أظهر الخير فإنَّه يستحق التكريم، وأن يُؤْمَن، وأن يُوثَق به، وأن يُشَجَّع على ما ظهر منه من الخير).

 وجميع الأحكام التي شرعها الله بين عباده في المعاملات والقضاء يحكم بها على الظاهر، لذلك كانت البينة على المدعي واليمين على من أنكر، إذ لا سبيل إلى معرفة حقيقة ما في القلب، ولا يعلم السر وما أخفى العباد إلا العليم بذات الصدور.

 

الوقفة الرابعة:

يورد على صورة الرجل الذي دلت القرائن على عدم صدقه إشكالات:

ماذا لو مر الشهران والثلاثة وهو يتعلم الإسلام، هل يقبل إسلامه بعد التعليم مباشرة أم يمتحن؟

إن قبلتم إسلامه بعد التعليم مباشرة، هل يعني هذا أن مجرد دراسته للدين تقطع بصدقه، ونحكم بإسلامه ظاهرا وباطنا؟

وإن كان يمتحن قبل قبول إسلامه، هل مجرد معرفته للإجابات تقطع بصدقه، ونحكم بإسلامه ظاهرا وباطنا؟

إن كان الجواب: نحن نحكم على ظاهره، لأننا أقمنا الحجة عليه، أما الباطن فأمره إلى الله.

فالجواب: ما الداعي إذن للتعليم والنظر في القرائن؟ لقد رجعتم إلى نقطة الصفر، وهي: أننا نحكم على ظاهره دون باطنه.

فلا يجب تعليمه تفاصيل الشريعة قبل إسلامه، بل يعرف بالإسلام على وجه الإجمال، ويُرغّب فيه، ويعلّم معنى الشهادتين، وبعد أن يسلم نعلمه ما لا يسعه جهله، وحسابه على الله.

فمن ظهر منه الكفر حكمنا عليه بالكفر والردة ظاهرا وباطنا، أما الشك والتخمين والتفتيش عما في القلوب، فلله وحده.

 

[هل أعددت الجواب لهذا السؤال يا شيخ سالم؟]

 

هل تبرأ ذمة الدعاة والمراكز الإسلامية إذا آووا كفارا يريدون الدخول في الإسلام، ومكثوا يعلمونهم الدين لثلاثة أشهر داخل المركز، ثم جاء إعصار فهلك جميع أولئك قبل دخولهم في الإسلام والنطق بالشهادتين؟

بل ماذا ستقول يا شيخ سالم الطويل إذا أخذ بقولك هذا الدعاة، وأبوا أن يلقنوا الناس الشهادتين، بحجة أنه: لابد أن يتعلموا تفاصيل التوحيد حتى لا يقعوا في الشرك، وسارت فتواك هذه لمشارق الأرض ومغاربها، وبقي من يفرضها إلى قيام الساعة ومات الآلاف والملايين على الكفر قبيل دخولهم الإسلام لأنهم لم ينتهوا من ضبط التوحيد على الوجه الصحيح!

ماذا لو أُعجبت الحكومات الكافرة بفتواك، وقد وصلت إلى أوروبا -كما قلت- ففرضت تلك الحكومات على من أراد إشهار إسلامه في بلدانها ألا يُعترف به حتى يتعلم، فتفرض على المراكز تعليم (الإسلام التنويري) ففسد دين الناس؟

ماذا سيكون جوابك وأنت بين يدي الجبار لو قال لك: يا سالم لم اشترطت على هؤلاء الذين ماتوا على الكفر أن لا يدخلوا ديني حتى يتفقهوا فيه؟

هل أعددت الجواب لهذا اليوم؟

قال تعالى: (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين).

 

[التراجع لا يزيد المرء إلا رفعة]

 

قال الشيخ سالم الطويل: (في الواقع قلما يوجد من الناس من يكون منصفا ويقر بأخطائه! إن كثيرا من الناس كأنه بلسان حاله يقول: إنه معصوم لا يخطئ أبداً، وذلك لأن أكثر الناس يتبع هواه وتضعف نفسه بل وقد تأخذه العزة بالإثم فلا يتراجع عن ذنبه أو أخطائه لاسيما إذا انتشر خطؤه بين الناس، وأذاعه فيهم، فكيف إذا كان ذلك الخطأ قد اكتشفه غيره؟! وأكبر من ذلك إذا كان من اكتشف خطؤه خصمه أو عدوه؟ من هنا يحتاج -حقيقة- كل منا إلى أن يوطن نفسه ويعوّدها على قبول الحق واتباعه مع التوبة النصوح من كل ذنب ارتكبه، والرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل. وليس عيباً أن يخطأ الانسان ولكن العيب الإصرار على الذنب) [مقال: ألا تحبون أن يتوب الله عليكم؟]

ولطالما كنت تحدث الناس أن الشيخ عبد الرحمن عبدالخالق -رحمه الله- كان لا يتراجع، وأنه قال (أنا لا أذكر أني تراجعت) وهذا أمر مشين، فهو ادعاء للكمال، بل ادعاء للعصمة كما قال الشيخ ابن حصين -رحمه الله- في رده عليه.

فها أنا ذا أدعوك لمراجعة المسألة، والانقياد للأدلة، فأحاديث الباب كثيرة، وشروح العلماء بحمد الله مستفيضة، والتراجع لا يزيد طالب العلم والحق إلا رفعة.

وسآتيك بكلام الفقهاء في حكم تأخير إسلام الكافر في الحلقة القادمة -بمشيئة الله تعالى. 

اسال الله ان يبصرنا في أمور ديننا، ويقبضنا إليه وهو راض عنا غير مفتونين. 

والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق