الأحد، 22 أبريل 2018

تعقيب الشيخ أحمد فهمي على الشيخ حماد الأنصاري –رحمهما الله- حول تحريم زيارة القبور على النساء


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فقد نشرت مجلة التوحيد في عدد شهرَيْ جمادى الأولى والآخرة 1395هـ مقالا بعنوان "كشف الستر عما ورد في السفر إلىى القبر" (1) لفضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصاري، المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

وقد وردت في هذا المقال كلمة عن زيارة النساء للقبور، حيث قال فضيلته:

(إن زيارة القبر كان منهيا عنها أول الإسلام، لقُرب الناس آنذاك من عبادة الأصنام، ثم نُسخ ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام- : "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة"، وأبيحت الزيارة للرجال دون النساء، وبقيت في حق النساء محرمة إلى يوم القيامة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما- عند أبي داود والترمذي وغيرهما: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور" الحديث.

وإذا وقفنا قليلاً  عند موضوع زيارة النساء للقبور، لوجدنا هناك أحاديث صحيحة، احتج بها من أباحوا زيارة المقابر.

1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما كانت ليلتي التي كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها عندي ، انقلب فوضع رداءَه ، وخلع نعلَيه ، فوضعهما عند رجلَيه ، وبسط طرفَ إزارِه على فراشِه ، فاضطجع . فلم يلبثْ إلا ريثما ظنَّ أن قد رقدتُ فأخذ رداءَه رويدًا ، وانتعل رُويدًا ، وفتح البابَ فخرج . ثم أجافَه (2) رويدًا . فجعلتُ دِرعي في رأسي ، واختمرتُ ، وتقنَّعتُ إزاري . ثم انطلقت على إثرِه . حتى جاء البقيعَ فقام . فأطال القيامَ . ثم رفع يدَيه ثلاثَ مراتٍ . ثم انحرف فانحرفتُ . فأسرع فأسرعتُ . فهرول فهرولتُ . فأحضَر فأحضرتُ (3) فسبقتُه فدخلتُ . فليس إلا أن اضطجعتُ فدخل . فقال " ما لك ؟ يا عائشُ ! حَشْيا (4) رابيةٍ ! (5) " قالت : قلتُ : لا شيء . قال " لَتُخبِريني أو ليُخبرنِّي اللطيفُ الخبيرُ " قالت : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! بأبي أنت وأمي ! فأخبرتُه . قال " فأنتِ السوادُ الذي رأيتُ أمامي ؟ " قلتُ : نعم . فلهَدني (6) في صدري لهدةً أوجعَتْني . ثم قال " أظَنَنْتِ أن يحيفَ اللهُ عليكِ ورسولُه ؟ " قالت : مهما يكتمِ الناسُ يعلمْه اللهُ . نعم (7) قال " فإنَّ جبريلَ أتاني حين رأيتِ . فناداني . فأخفاه منك . فأجبتُه . فأخفيتُه منك (8) ولم يكن يدخل عليكِ وقد وضعتِ ثيابَك . وظننتُ أن قد رَقدتِ . فكرهتُ أن أُوقظَكِ . وخشيتُ أن تستَوْحِشي . فقال : إنَّ ربَّك يأمرُك أن تأتيَ أهلَ البقيعِ فتستغفرَ لهم " . قالت : قلتُ : كيف أقول لهم ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال " قولي : السلامُ على أهلِ الدِّيارِ من المؤمنين والمسلمين ويرحم اللهُ المستقدمين منا والمُستأخِرين . وإنا ، إن شاء اللهُ ، بكم لَلاحقونَ) "رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن".

2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة عند قبرٍ تبكي على صبي لها، فقال لها: اتق الله، واصبري. فقالت: وما تبالي بمصيبتي، فلما ذهب قيل لها: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذها مثل الموت، فأتت بابه، فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يا رسول الله، لم أعرفك ! فقال: إنما الصبر عند أول صدمة، أو قال، عند أول الصدمة) "رواه البخاري ومسلم اللفظ لمسلم".

3- عن عبدالله بن أبي مليكة أن عائشة رضي الله عنها أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: من أين أقبلتِ يا أم المؤمنين؟ قالت: من عند قبر أخي عبدالرحمن، فقلت لها: أليس كان نهى رسوا لله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور؟ قالت: نعم نهى عن زيارة القبور ثم أمر بزيارتها) "رواه الترمذي والحاكم والبيهقي وقال الذهبي: صحيح".

ووجه الاستدلال من هذه الأحاديث الثلاثة كما يلي:

الحديث الأول: لما سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا تقول إذا زارت القبور، وجه لها الحديث بقوله: (قولي) ولم يقل (قولوا) ليقال أن الخطاب هنا للرجال بالإضافة إلى أنه لو كانت الزيارة محرمة على النساء لبيَّنَ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك التحريم عند إجابته عليها، ولمَا علَّمها ما تقول عند زيارة القبور.

الحديث الثاني: عندما مر الرسول صلى الله عليه وسلم على القبر، ووجد المرأة تبكي، امرها بالصبر فقط، ولم ينكر عليها مجيئها إلى القبر، ثم لما أتت إليه في بيته لتقدم اعتذارها، حدَّثها عن الصبر مرة اخرى، ولم يحدثها عن زيارتها للقبر، وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرى امرأةً تأتي محرما ثم لا يلفت نظرها (9).

الحديث الثالث: علمَت السيدة عائشة رضي الله عنها أن نسخ النهي عن زيارة القبور عام للرجال والنساء، وإلا لما قامت بزيارة قبر أخيها عبدالرحمن، وهي التي تعلم أنّ اللعن هو الطرد من رحمة الله، فلو تعلم أن إباحة الزيارة للرجال والنساء لما خرجت إلى المقابر.

وبعد أن عرضتُ وجوه الاستدلال من هذه الأحاديث الثلاثة، فإننا نرى أنه إذا كانت الحكمة من زيارة القبور هي التذكرة بالآخرة، فإن النساء في حاجة إلى هذه التذكرة كما يحتاجها الرجال، وليس معنى هذا القول أننا نوافق على ما تفعله النساء الآن عند المقابر مما هو أقرب إلى الوثنية والكفر، وانتهاك لشريعة الله.

فإن المقابر على هذا النحو الجاهلي ليست محرمة على الرجال كذلك، لأن سد ذرائع الفساد مقدم على جلب المنافع، فلا بد أن تكون الزيارة وفق ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان الزائر رجلاً أو امرأة.

وفقنا الله للأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ولي التوفيق.

مجلة التوحيد / عدد شعبان ورمضان لعام 1395هـ/ صـ37-39.

 

(1) (*) وهو منشور ضمن (مجموعة العقيدة للشيخ حماد الأنصاري: صـ153-166 ،طبعة مكتبة الفرقان).

(2) أجافه: أعلقه.

(3) فأحضر فأحضرت: فجرى فجريت.

(4) حشيا: من الحشا وهو الربو، وتهيّج النفس الذي يعرض للمُسرع في مشيه.

(5) رابية: مرتفعة البطن.

(6) لهدني: ضربني مجمع كفه.

(7)تصدق على قولها هي.

(8) الإخفاء هنا: الإسرار بالنداء وبالإجابة.

(9) (*) وهذه مسألة أصولية: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

ملحوظة: ما أشرت إليه بعلامة (*) من تعليقي، والباقي للشيخ أحمد فهمي رحمه الله-.

هناك تعليق واحد:

  1. شركة ركن سيف
    لخدمات تنظيف الخزانات بالاحساء
    حصرياً قومى بتنظيف خزانات منزلك مهما كان حجمها او عددها اوكفائتها فقط ب200 فلة شقة منزل الكل عندنا يتساوى شركة تنظيف خزانات بالاحساء هى الشركة الوحيدى التى لن تتكرر لاننا فصيلة نادرة لن ترى مدى افضليتنا وتطورنا إلا عندما تجربنا فى تنظيف الخزانات وتعقيمها فقط اعتمد علينا وسننفذ لك كل مات تريد بسعر خفيف على عرق الوريد .

    ردحذف