الحمدلله وحده والصلاة والسلام على
من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد كنت أبحث منذ سنوات عديدة .. عن
رسالة (خاصة) بين العلامتين عبدالعزيز ابن باز وعبدالرزاق عفيفي -رحمهما الله- يسأل
الأول فيها عن حال الشيخ مصطفى درويش ابن أخ علامة الصعيد أبي الوفاء محمد
درويش -رحمهما لله-، فوفقني الله أن عثرت عليها عند أحد أهل العلم الأفاضل -جزاه الله خيرا-.
ويعود سبب اهتمامي بهذه الرسالة،
لما في محتواها من دروس منهجية، وتربية سلفية، (ندر) وجود أثرها على الساحة الدعوية -فإلى
الله المشتكى-.
وحكاية هذه الرسالة .. أن بعض أهل
العلم الأفاضل في جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر،
قد أصابتهم لوثة العقلانيين، وهذه اللوثة نتيجة ترسبات تعلَّقت في شيخهم الكبير السيد محمد
رشيد رضا -رحمه الله-، تناقلها (بعض) طلابه، وللأسف .. أنهم تابعوا شيخهم فيها
-غفر الله له ولهم وتجاوز عنهم .. آمين-، منهم الشيخ أبي الوفاء محمد درويش -رحمه
الله-، وتأثر به ابن أخيه مصطفى درويش.
ولما كانت جماعة أنصار السنة
المحمدية ذات ثقل، وصرح شامخ من صروح السنة، ودعاتها من أبرز عساكر الإسلام وجنوده البواسل،
عنى أهل العلم في السعودية بشأنهم، وكانت بينهم صلة ومودة وثيقة عميقة، فلما وصلت بعض الأخبار للشيخ عبدالعزيز ابن باز –رحمه الله-، كتب إلى الشيخ
عبدالرزاق عفيفي –وهو عضو في الجماعة- يستفصل منه عن عقيدة الشيخ مصطفى درويش، فكتب إليه الشيخ عبدالرزاق عفيفي :
بسم الله الرحمن
الرحيم
سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والافتاء والدعوة والإرشاد الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وبعد:
فبناء على كتاب سماحتك في
21-10-1403 هـ، الذي تطلب فيه الإفادة عما إذا كان الشيخ مصطفى درويش لايزال على
عقيدته في إنكار السنة النبوية، كما ذكر عنه ذلك الأستاذ رشاد الشافعي [1] ، بناءً
على ذلك، قرأتُ خمس رسائل من مؤلفاته.
(1)رسالة بعنوان (السقطات التشريعية
في تعديل قانون الأحوال الشخصية، وهي مفيدة في بابها، وإن كان فيها تساهل في
التعبير.
(2)ورسالة بعنوان (القرآن
والنصرانية).
(3)ورسالة بعنوان (الخرافات المقدسة
أقلام الشياطين في أسفار الإسرائيليين).
كلتاهما مفيدة في الرد على زعم "شنوده"
والقسس وغيرهم من المبشرين بالنصرانية، والدعاة إليها وتناقض الأناجيل، وفي رسالة
الخرافات المقدسة كلمات لاذعة، واستهزاء بالأناجيل المحرفة، وسخرية من عقول من
يؤمن بما فيها من خرافات في العقائد والأحكام وبمن يبرر عقيدة التثليث، ويضرب الأمثال
لجعل الثلاثة واحداً والواحد ثلاثة.
(4)والرسالة الرابعة بعنوان (محمد
الرسول في التوراة والإنجيل) وقد أجاد كثيراً في هذه الرسالة، واستدل فيها على
رسالة خاتم النبيين بنصوصٍ من التوراة والإنجيل، وبنصوص من القرآن والأحاديث،
ويظهر مِن كتابه اعتبار السنة أصلاً ثانيا في الإسلام، لأن للمسلمين من التمسك به [2] ،
انظر صـ(9-5 1 - 30-46 - 48-52 - 55-56 – 62-75-76) ففي هذه الصفحات
الاحتجاج بالأحاديث.
وإن طريق الحق لايزال مفتوحاً
أمامنا لا ينتظر إلا الأيدي الأمينة التي لا تعرف إلا الإخلاص لله وكتابه وسنة
نبيه –صلى
الله عليه وسلم-، وأن التمسك بها عماد سعادتهم.
والذي يظهر لي أن بعض إخواننا أنصار
السنة المحمدية ينكر بعض الأحاديث لشبهةٍ تمكَّنت من نفسه، أو قلّد فيها بعضَ من
سبقهُ (كحديث الذباب) و (فقئ موسى عين ملك الموت) وحديث (سحر النبي صلى الله عليه
وسلم) ونحو ذلك، لا لأنه ينكر كل الأحاديث !
وهؤلاء يجدي معهم –إن شاء
الله- المناقشة الهادئة، والجدال بالتي هي أحسن، نسأل الله أن يحفظنا من الزيغ
ويهدينا سواء السبيل.
(5) أما الرسالة الخامسة فهي بعنوان
(نداء إلى الفاتيكان راجعوا أسفاركم المقدسة) .. وهذه مفيدة أيضاً في بابها، إلا
أن فيها حديثاً عن دوران الأرض، والاستدلال عليه بالقرآن، وانفصال الأرض ونحوها عن
الشمس، والاستدلال على ذلك بالقرآن أيضا صـ9-10، وفي ذلك ونحوه مافيه بالإضافة إلى
التساهل في التعبير، وضعف بعض التراكيب.
والله الموفق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه: عبدالرزاق عفيفي
نائب رئيس اللجنة الدائمة للبحوث
والافتاء.
قلت:
وهذه إضافة على مقال شيخنا الوالد عبدالمحسن العباد -حفظه الله- لمقاله وكتابه الموسومين بـ: (رفقاً أهل السنة بأهل السنة)
===================================================================
[1]
الشيخ محمد عبدالمجيد الشافعي، والمعروف برشاد
الشافعي، هو أحد علماء أنصار السنة المحمدية، من تلامذة الشيخ محمد حامد الفقي
مؤسس الجماعة.
[2] كذا قرأته في الرسالة الأصلية.
[3] ومن عجيب تحري الشيخ عبدالرزاق عفيفي، أنه (بعد) وصول خطاب الشيخ ابن باز، راح ينظر في مؤلفات الشيخ مصطفى درويش العقدية كلها، واستدل منها.
[4] مجموع الفتاوى (19- 191).
[5] مجموع الفتاوي (35- 414).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق