تحاول اليهود جاهدة أن تغتصب فلسطين الإسلامية، وتعمل لذلك بكل قوتها ودهائها وكيدها، ولا تترك فرصة سانحة إلا وتنتهزها لبلوغ غايتها بل وتخلق الفرص لذلك؛ وإنها لن تصل إلى هذه الغاية أبداً، لأن حكم الله عليها مبرم لا نقض له ولا معقّب لأمره: ((فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا هم كونوا قردة خاسئين. وإذ تأذّن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم)).
وقال في طردهم من رحمته: ((قل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله؟ من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل)).
وقال في عداوتهم لبعضهم ولكل الأمم وسعيهم الدائب لإفساد الأرض وسفك الدماء: ((وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا. والله لا يحب المفسدين)).
هذا بعض ما جاء عن الله -سبحانه- الذي بيده مقاليد الأمور، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور عن هذه الطائفة، ولقد لعنهم الله على لسان داود وعيسى ابن مريم، واللعن هو الطرد المؤبد من رحمة الله. وما يفعل الله ذلك بأحد إلا وهو يعلم أنه ليس أهلا لهذه الرحمة في وقتٍ من الأوقات، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَعلاً وذكوان وآخرين لقتلهم القُرّاءَ غدراً، فأنزل الله عليه ينهاه عن ذلك لما يعلم أنهم سيثوبون إلى الإسلام: ((ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)).
أما اليهود فقد جاء في كثير من القرآن لعنهم، وأخبر عن النصارى بأنهم أقرب مودة للذين آمنوا من اليهود، وبأن في قلوبهم رقة ورحمة على عكس قلوب اليهود التي وصفها بأنها أشد قسوة من الحجارة، ومن آثار هذه لقسوة قتلهم الأنبياء والذين يأمرون بالقسط من الناس، ولولا أن طهّر الله عيسى ابن مريم من أيديهم لقتلوه، وجريمة قتله عالقة بأديهم، لأنهم يعتقدون أنهم قتلوه، وقد حاولوا مرارا قتل خاتم المرسلين محمد صلى اله عليه وسلم ولولا أن الله حفظه لفذوا فيه كيدهم.
فإذا كان هذا ما في قلوبهم على الأنبياء الذين هم أبر خلق الله بالناس وأرحمهم بالناس وأعظمهم عليهم منّةً وأكثرهم فضلا، فكيف بغيرهم من بقية الشعوب والأمم؟
إن الدليل على ذلك قائم في عدوانهم على الآمنين من أهل فلسطين، بل على المندوب السامي الإنكليزي -وكان أولئك اليهود يظهرون المودة ويبذلون لها المعونة- وقد دلّت تلك الحوادث على ما تنطوي عليه قلبهم مما سجله الله تعالى في كتابه من العداء لكل الأمم.
إن دعواهم أنهم يريدون وطناً يلم شملهم ويجمعهم من هذا التشرد -دعوى كاذبة، قامت الأدلة على كذبها، ومن أبين هذه الأدلة أن فلسطين بلد ضيق بأهله، وفي الأرض مشرقها ومغربها أرض واسعة أخصب من فلسطين، وأكثر ثمرات، وقد عرضت عليهم فأبوا إلا فلسطين. لماذا؟ لأن فلسطين مفتاح للشرق والغرب، وعلى الأخص لبلاد العرب قلب الدولة الإسلامية، والتي تدّعي اليهود زوراً وبهتاناً -كشأنهم في كل دعاويهم- أن لهم بها خيبر بل والمدينة، فهم لا يريدون فلسطين لذاتها ولا لما فيها من أماكن مقدسة، فما لليهود وللدين وأماكن العبادة؟ إنما هي العداوة المتأصلة في قلبوهم تدفعهم أن يقبضوا على المفتاح ليدخلوا به إلى أي بلد يشاؤون؛ وليسعوا بالفساد كما يريدون.
أيها الناس: الأمر أخطر مما تتصورون، وأعظم شراً من أن يدفع في صدره احتجاج يكتب أو خطبة تقال في جَمعٍ من المسلمين أو غير المسلمين من العرب، الأمر أخطر من ذلك وأشد بلاءً، وقد عملوا ويعملون بكل حيلهم لمد حبالهم وشباكهم فيما حول فلسطين من البلاد والأمم.
فتنبوها للخطر قبل وقوعه، وإن كان الله غالبا على كيدهم، ومكره أشد من مكرهم؛ ووعده أحق من أمانيهم، ولكن واجب الحياة يقضي على الناس أن يحذروا وأن يعملوا كل ما في وسعهم لدفع هذا الخطر العظيم.
وإنا لنحم لرفعت النحّاس باشا موقفه في البرلمان -أعظم الحمد- ونسأل رفعته في إلحاح، كما نسأل غيره من زعماء الشرق أن يبادروا بالعمل الحاسم لدرء هذا الخطر، فهو والله ليس خطراً على الدين فحسب بل خطر على كل شيء اقتصادي وأدبي واجتماعي وأخلاقي. بل أخطر على مقومات الأمم الشرقية، يحاول هذا الخطر أن يبتلعها ويهضمها ويخرجها شيئاً آخر على ما يحب اليهود ويهوون.
والله يحفظنا ويقينا شر ذك، وإن الأمر يدعو إلى جمع كلمة الأمم الشرقية في قوة وحزم، وقيام ملوكها جميعا ويكونوا جبهة قوية متحدين لدفع هذا الخطر الذي يعمل على أذاهم أجمعين.
ألا فيستيقظ العرب والمسلمون وليفتحوا أعينهم جيداً للحبال التي تحاك حول أعناقهم، وليعملوا سريعا على قطعها، قبل أن تُوثَّق وتُشَد، والله يعينهم يوفقهم ويقِ الناس شر هذا الخطر، ويرد إلى العالم أمنه وعافيته.
محمد حامد الفقي
(مجلة الهدي النبوي 8 / العدد 9 / صـ28-30)
وقال في طردهم من رحمته: ((قل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله؟ من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل)).
وقال في عداوتهم لبعضهم ولكل الأمم وسعيهم الدائب لإفساد الأرض وسفك الدماء: ((وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا. والله لا يحب المفسدين)).
هذا بعض ما جاء عن الله -سبحانه- الذي بيده مقاليد الأمور، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور عن هذه الطائفة، ولقد لعنهم الله على لسان داود وعيسى ابن مريم، واللعن هو الطرد المؤبد من رحمة الله. وما يفعل الله ذلك بأحد إلا وهو يعلم أنه ليس أهلا لهذه الرحمة في وقتٍ من الأوقات، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَعلاً وذكوان وآخرين لقتلهم القُرّاءَ غدراً، فأنزل الله عليه ينهاه عن ذلك لما يعلم أنهم سيثوبون إلى الإسلام: ((ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)).
أما اليهود فقد جاء في كثير من القرآن لعنهم، وأخبر عن النصارى بأنهم أقرب مودة للذين آمنوا من اليهود، وبأن في قلوبهم رقة ورحمة على عكس قلوب اليهود التي وصفها بأنها أشد قسوة من الحجارة، ومن آثار هذه لقسوة قتلهم الأنبياء والذين يأمرون بالقسط من الناس، ولولا أن طهّر الله عيسى ابن مريم من أيديهم لقتلوه، وجريمة قتله عالقة بأديهم، لأنهم يعتقدون أنهم قتلوه، وقد حاولوا مرارا قتل خاتم المرسلين محمد صلى اله عليه وسلم ولولا أن الله حفظه لفذوا فيه كيدهم.
فإذا كان هذا ما في قلوبهم على الأنبياء الذين هم أبر خلق الله بالناس وأرحمهم بالناس وأعظمهم عليهم منّةً وأكثرهم فضلا، فكيف بغيرهم من بقية الشعوب والأمم؟
إن الدليل على ذلك قائم في عدوانهم على الآمنين من أهل فلسطين، بل على المندوب السامي الإنكليزي -وكان أولئك اليهود يظهرون المودة ويبذلون لها المعونة- وقد دلّت تلك الحوادث على ما تنطوي عليه قلبهم مما سجله الله تعالى في كتابه من العداء لكل الأمم.
إن دعواهم أنهم يريدون وطناً يلم شملهم ويجمعهم من هذا التشرد -دعوى كاذبة، قامت الأدلة على كذبها، ومن أبين هذه الأدلة أن فلسطين بلد ضيق بأهله، وفي الأرض مشرقها ومغربها أرض واسعة أخصب من فلسطين، وأكثر ثمرات، وقد عرضت عليهم فأبوا إلا فلسطين. لماذا؟ لأن فلسطين مفتاح للشرق والغرب، وعلى الأخص لبلاد العرب قلب الدولة الإسلامية، والتي تدّعي اليهود زوراً وبهتاناً -كشأنهم في كل دعاويهم- أن لهم بها خيبر بل والمدينة، فهم لا يريدون فلسطين لذاتها ولا لما فيها من أماكن مقدسة، فما لليهود وللدين وأماكن العبادة؟ إنما هي العداوة المتأصلة في قلبوهم تدفعهم أن يقبضوا على المفتاح ليدخلوا به إلى أي بلد يشاؤون؛ وليسعوا بالفساد كما يريدون.
أيها الناس: الأمر أخطر مما تتصورون، وأعظم شراً من أن يدفع في صدره احتجاج يكتب أو خطبة تقال في جَمعٍ من المسلمين أو غير المسلمين من العرب، الأمر أخطر من ذلك وأشد بلاءً، وقد عملوا ويعملون بكل حيلهم لمد حبالهم وشباكهم فيما حول فلسطين من البلاد والأمم.
فتنبوها للخطر قبل وقوعه، وإن كان الله غالبا على كيدهم، ومكره أشد من مكرهم؛ ووعده أحق من أمانيهم، ولكن واجب الحياة يقضي على الناس أن يحذروا وأن يعملوا كل ما في وسعهم لدفع هذا الخطر العظيم.
وإنا لنحم لرفعت النحّاس باشا موقفه في البرلمان -أعظم الحمد- ونسأل رفعته في إلحاح، كما نسأل غيره من زعماء الشرق أن يبادروا بالعمل الحاسم لدرء هذا الخطر، فهو والله ليس خطراً على الدين فحسب بل خطر على كل شيء اقتصادي وأدبي واجتماعي وأخلاقي. بل أخطر على مقومات الأمم الشرقية، يحاول هذا الخطر أن يبتلعها ويهضمها ويخرجها شيئاً آخر على ما يحب اليهود ويهوون.
والله يحفظنا ويقينا شر ذك، وإن الأمر يدعو إلى جمع كلمة الأمم الشرقية في قوة وحزم، وقيام ملوكها جميعا ويكونوا جبهة قوية متحدين لدفع هذا الخطر الذي يعمل على أذاهم أجمعين.
ألا فيستيقظ العرب والمسلمون وليفتحوا أعينهم جيداً للحبال التي تحاك حول أعناقهم، وليعملوا سريعا على قطعها، قبل أن تُوثَّق وتُشَد، والله يعينهم يوفقهم ويقِ الناس شر هذا الخطر، ويرد إلى العالم أمنه وعافيته.
محمد حامد الفقي
(مجلة الهدي النبوي 8 / العدد 9 / صـ28-30)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق