السبت، 22 نوفمبر 2014

تصور لا يحترمون ابن باز (مزيدة) للشيخ عبدالعزيز ندى العتيبي

▫(تصوّر... لا يحترمون ابن باز؟!)


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعدُ: 

فقد كتب لنا بعض أخواننا؛ طلاب العلم بعد مغادرته لإحدى المجموعات التي قام بتأسيسها، رغبة التأليف بين أفرادها، وجمع كلمة من فيها على مذاكرة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهدف سامٍ لمعرفة القواعد، والتمكن من أصول علوم الحديث؛ ولكن الشيخ حفظه الله - كان حسن النية بمن جمع - وقد فوجئ بعد مضي زمن، ومع تتبعه لألفاظ ومفردات ومشاركات بعض منسوبي تلك المجموعة؛ وجد أنهم مصابون بداء المخالفة والاعتداد بالنفس - لأن مسلكهم لفرط غرابته وشذوذه، مجهول عند غيرهم من أهل العلم، ولبّس عليهم إبليس أن ذلك التفرد منهم [ميزة وتفوق] عن باقي علماء الأمة، وقد كان هذا  الابتلاء بعدم الاهتمام بما كان عليه العلماء الاكابر، (أمثال ابن باز ومعاصريه) بداية الهلكة؛ 

فقال الشيخ صاحبنا مستغرباً : " تَصَوّر... لا يحترمون ابن باز؟! "


فما كان منا إلا الجواب والمشاركة بتلك الكلمات ولعلها يتبعها توضيح وبيان ..

قلت (أبو عمر): 

أولا: إن هذا الأمر غير مستغرب على أؤلئك؛ فإن غالب المشاركين في تلك المجموعة كانوا على سبيل مبتدع، وطريقة محدثة؛ وهي التي عُرفت واشتهرت بين المشتغلين بالسنة وعلوم الحديث بـ( طريقة حمزة المليباري)، رغم أن أستاذه - محمد نور سيف - هو باعث تلك البدعة، وعن طريق التلميذ المليباري حامل الرسالة، تأثر بها بعض العرب، وكانوا سبب انتشارها والابتلاء بما فيها، لثقة بعض طلاب العلم بمن حملها عن المليباري من أبناء العرب الجدد .


ثانيا: قال الشيخ: [ تصوّر لا يحترمون ابن باز ؟! ]اهـ


قلت: بل إنهم يجهلون العلماء المعاصرين كافة، فهم لا يعرفون إلا ذلكم الباحث الهندي (ليس تقليلاً من شأنه، ولكن تعريفا به)؛ أعني: حمزة المليباري ، ولولا ما حدث من تلقف بعض أبناء العربية لرأيه، والخروج بهذا المنهج، وذلكم الشذوذ لما انتشر مذهبه، ومذهب أستاذه - محمد نور سيف - من قبله، الذي لقّنَه هذا الانحراف عن مسالك العلماء، وأساطين الفن من أهل الحديث. 


فحصل تأثراً - [ولكل ساقطة لاقطة] - بهذا المنهج المُبتدع من بعض العرب؛ أمثال السعد واللاحم والعوني وغيرهم ، وكذلك تأثر به نفر من الباحثين؛ أعني: أتباع حزب جماعة الإخوان المسلمين (العرب) نكاية بأهل الحديث (السلفيين) وطاروا به، بل صاحوا به، وكأنهم - فيما زعموا - قد وجدوا ضالتهم في إيقاف (( المد السني، والتفوق الجبار للعَلَم الجبل المجدد الألباني ))!! .


(أسد السنة العلامة الألباني)


• لقد قُتل المخالفون بعجزهم، وما وجدوه من آلم المعاناة وخيبة الأمل عندما سلكوا خلاف نهج الألباني، وأبوا إلا مجاراته، وإدعاء انحراف طريقته، - فقد أصيبوا بشلل تمكن من العقول والأذهان - أن يكونوا قطرة في بحر جهد العلامة، أسد السنة، ناصر الدين الألباني..


نعم إخواني : هذه عين الحقيقة، ودع عنك ما أعلنه المخالفون من شعارات زائفة، ظاهرها الرحمة، وباطنها هدم للسنة، تَتَستّر خلف اصطلاحات محدثة؛ كـ( ادعاء) تنوع المدارس، واختلاف المناهج بين المتقدمين والمتأخرين - زعموا -؟!.  


اعلموا اخواننا إن ذلكم العجز عن مجاراة العلامة الألباني، جعلهم في حالة توتر واضطراب، وطلب لمخالفة الألباني؛ بحثا عن مخارج ومغارات يلجوها!  

فما كان منهم إلا الدخول في جحور مظلمة؛ طلبا لمجاراته، إن لم يستطيعوا طمس علومه، أوحجب نور شمس جهوده، 

• لقد أتعب مجدد علوم الحديث في عصرنا المحدث الألباني من بعده، وأغاض كل حاسد وحاقد من أتباع فرق المبتدعة وغيرهم؛ لقد أتعبهم وكم أغاظهم - رحم الله الألباني - حيا وميتا .


( ابن باز وابن عثيمين والدويش والوادعي عرفوا فضله)


والعلامة الألباني عرف فضله أكابر علماء عصرنا، فهذا شيخ الإسلام - في هذا الزمان، ومفتي الدنيا في عصرنا بلا منازع - الإمام ابن باز، لقد كان - رحمه الله - يحبه ويجله، ويثق به ويحيل إليه، ومثله فقيه العصر، ودرة الزمان ابن عثيمين، وكذلك كان العلم العابد الفذ عبد الله الدويش، ومحي السنة في القطر اليماني مقبل بن هادي الوادعي وغيرهم من أهل العلم، كانوا يجلون العلامة الالباني، ولم نقف منهم على من بدع طريقته أو سخر من جهوده، كما فعل أتباع المليباري، ومن غرّه  مسلكهم الشاذ ونهجهم المنحرف عن طريقة أهل السنة والحديث، والله المستعان… 


ولا يخفى على من له صلة بالعلم، أن أهل العلم كافة قد سلّموا له بالتجديد والريادة في هذا الفن؛ خاصة من له عناية ومعرفة بعلوم الحديث؛ رحم الله الأموات، وغفر للأحياء منهم. 


ومما شغبوا به على طريقة أهل الحديث، 

مقالة شاذة: (ادعاء بطلان الحكم على الإسناد): فكان أن أصّلوا منهجاً يُمثل بعض عبث وشغب أتباع هذه المدرسةالمحدثة..  


•المقالة: عدم الحكم على الإسناد منفردا، ويرون هذا العمل غشاً للأمة… 


فقلنا: (الحكم على الإسناد صناعة حديثية أصيله)


وسأذكر اختصاراً بعض الأمثلة لكي نبيّن بطلان هذه الطريقة منهم، والجهل بما عليه الأوائل؛ هداهم الله للحق عاجلاً غير آجل، ووفقهم لمنهج علماء الامة من لدن القرن الأول حتى يومنا هذا… 


• مثاله الأول: 

لقد روى الدارقطني في "سننه" (196/1) قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا سليمان بن شعيب بمصر، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا موسى بن علي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، قال: " خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة، فدخلت المدينة يوم الجمعة، ودخلت على عمر بن الخطاب، فقال: متى أولجت خفيك في رجليك ؟ قلت: يوم الجمعة، قال: فهل نزعتهما ؟ قلت: لا ، قال: أصبت السنة . 

قال أبو بكر: هذا حديث غريب . 

قال أبو الحسن: وهو صحيح الإسناد . 



• قلت (عبد العزيز): 

- لقد حَكَم الدارقطني على الإسناد بقوله: ( صحيح الإسناد) .

- ولا يلزم من ذلك حكم الدارقطني بصحة المتن .

- ولذا وجدناه تكلم على طرقه ورجاله في كتابه "العلل" (111/ 2)


ملاحظات: 

أولا: طرداً لما قاله بعض الباحثين المعاصرين، وجعله  من تلك الطريقة مسلكاً للورع في هذا الفن!!   

فإننا نجد حكم الدارقطني هذا، وقوله: (صحيح الإسناد). فيه غش للأمة، وبعيد عن (الورع)؛ لأن حكمه على ظاهر الإسناد . 

وهذا مخالف لما اصطلحوا على تسميته بمدرسة الظاهر !!


ثانيا: هل خالف الدارقطني مدرسة التعليل في "سننه" بحكمه على هذا الإسناد، وغيره في مواضع أخرى ؟. 


ثالثا: هل من حكم على طريق أو إسناد ما؛ وقال : 

إسناد حسن،

إسناد جيد،

إسناد صالح ،

وإسناد صحيح ، 

وصحيح الإسناد، 

قد تابع الدارقطني في أحكامه الملحقة بـ "السنن"، أم خالفه ؟! .


 رابعاً : هل من حكم على طريق وقال : 

إسناد حسن، 

وإسناد صحيح ، 

وصحيح الإسناد،

قد غش المسلمين، وغَرّر بهم ؟! .


والمثال الثاني: 

 روى النسائي في "السنن الكبرى" (6011) قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن الحارث، عن سيف هو ابن سليمان، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مه الشاهد. 

- قال لنا أبوعبدالرحمن: هذا إسناد جيد، وسيف ثقة، وقيس ثقة. 

- وقال يحيى بن سعيد القطان: سيف ثقة .


• قلت: وهذا أبو عبد الرحمن النسائي يحكم على إسناد منفرد بقوله: 

(هذا إسناد جيد )، وقد تكلم على هذا الاسناد البخاري، وطعن فيه غيره أيضا.. 


ولقد رواه مسلم في "صحيحه" (3/ 1712)  قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، قالا : حدثنا زيد وهو ابن حباب، حدثني سيف بن سليمان، أخبرني قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد .


[ ولكن أعله البخاري بالانقطاع ]


فقال الترمذي في كتابه "العلل" (361): سألت محمداً عن هذا الحديث ؟

فقال: عمرو بن دينار لم يسمع عندي من ابن عباس هذا الحديث .اهـ 

ولذا لم يخرجه في كتابه "الصحيح".


والمثال الثالث :

روى أبوداود في "سننه" (1173) قال: حدثنا هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا خالد بن نزار، حدثني القاسم بن مبرور، عن يونس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوما يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر صلى الله عليه وسلم، وحمد الله عز وجل، ثم قال: " إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبَّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: { الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين}، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين، ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة، فرعدت، وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله ، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن، ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فقال:  " أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله".  

- قال أبو داود: وهذا حديث غريب إسناده جيد، أهل المدينة يقرءون {ملك يوم الدين}، وإن هذا الحديث حجة لهم. 


قلت: قول أبي داود: وهذا (حديث غريب، إسناده جيد) 


حجة على المعاصرين ممن خالف طريقة أهل الحديث على تفاوت طبقاتهم، وهل غرّر أبوداود عوامالمسلمين، وغش الأمة في كتابه ؟! ..


ونتابع…

 

خامسا: هل الترمذي والدارقطني النسائي وأبوداود وغيرهم من الأئمة قد غرروا بالأمة في حكمهم على آحاد الطرق بقولهم : (إسناد جيد، وإسناد صحيح) وهل في ذلك العمل غش للقارئ؟!


سادسا: ينبغي أن يُعلم بأن فن أهل الحديث وصنعتهم ، لايُراعَى فيها عوام الناس ، بل إنه عمل دقيق لا يُفقه بسهولة؛ إلا من وهبه عمره، وأعطاه أصل وقته لا فضل عمره، ولذا فمن المعيب أن يدّعي من له علاقة بعلوم الحديث، أن العوام مخاطبون باصطلاحات هذا الفن، بل حتى المتخصصين في فنون غريبة عنه، هم والعوام سواء في ذلك، فليس العامي مطالب بفهم إصطلاحات وعبارات أهل الحديث، وليس المُحدّث مُلزم بشرح ألفاظه للعوام وغيرهم، وهو غير مُلزم بأفهامهم، فالواجب عليهم مراجعة من له علم بهذا الفن؛ ليقف على صحيح الحديث من سقيمة. 


سابعاً: إن ألفاظ المحدثين واصطلاحاتهم خاصة بمن له علاقة بهذا الفن، وعلى اتصال بأهله وعناية بمعانيه .


ثامنا:  ينبغي ألا يُنكر على من قال:   

اسناد حسن ، إسناد جيد، إسناد صحيح ..في الحكم على طريق أو إسناد ما ، فقد استعمله علماء الأمة على اختلاف الطبقات والأزمنة ..


نسأل التوفيق والسداد، وجمع كلمة الأمة؛ على الكتاب والسنة، بفهم سلف الأمة 

والحمد لله رب العالمين ..


كتبه. عبد العزيز بن ندى العتيبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق