الاثنين، 29 سبتمبر 2014

مقال: الكُتَّابُ.. وَقَانونُ الكِتَابَةِ فِي القِرْطَاسِ (الشيخ عبدالعزيز بن ندى العتيبي)

الحمد لله الذي علَّمَ بالقلم، والصلاة والسلام علَى من أُرْسِلَ الى الناسِ كافة، من عرب وعجم، أما بعدُ:

قال الله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الانْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 3-5]، وهذا قسم من الله تعالى وتنبيه للخلق على نعمة تعليمِ الكتابةِ التي جُعلت أداة للمعرفة، وبِها تُكْتَسبُ المعارف وتُنَالُ العلوم، ولذا قال تعالى: {وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1].

قال ابن كثير في «التفسير»: والعلم تارة يكون في الأذهان، وتارة يكون في اللسان، وتارة يكون في الكتابة بالبنان، ذهني ولفظي ورسمي، والرسمي يستلزمهما من غير عكس.اه وَان امساك اليد بالقلم والصحيفة، وانسياب المداد ليكتب مخزون العقل، وما يَسْتحضره الذهن، لهو فن رفيع القدر، عظيم الشأن، مَنَّ اللهُ سُبْحَانَهُ بِهِ عَلَى عبادهِ، لذلك يَحْسُنُ لِكُلِّ كاتبٍ ان يَعْرِفَ قَانُونَهُ وَأَعْرَافَهُ.

والكتابُ المَرقوم قد يكون هدفه:
1 - مراسلةُ أخٍ أو صديق أو رفيق.
2 - كتابةٌ مَضْمُونُها المديح والثناء.
3 - وقد يكون الكاتب، ذَا مِهْنةٍ فِي وزارةٍ أو ديوانٍ أو كاتبٍ لَدَى سُلْطانٍ، يَقُومُ عَلَى اعْدَادِ المُراسَلاتِ وَالمُخَاطَباتَِ، وبِأسلوبه قد يوقد حَرْباً بَيْنَ طرفين، وَكَمْ جَمَعَ بِجَميلِ خِطَابِهِ بَيْنَ ضِدَّيْنِ.
4 - وَمِنَ الكتابَةِ تَصنيف الكتب والمؤَلفات في شَتَّى المَعَارِف وَالعلومِ.
5 - وَمَن فنون الكتابة، ان يكون كاتب مَقَال ينشر ما يكتب فِي احدَى الصحف اليومية أو الأسبوعية.

خير ما يقتني اللبيب كتاب محكم النقل متقن التقييد

فما القانون الذي يحكم قلم الكاتب؟ وما ذلكم المعيار الذي يقاس به أداء الكاتب؟ وما هي المعالم المشتركة التي يجب توفرها في المكتوب؟ ليُجاز عندَ أربابِ القلمِ ونُقَّادِ الكَلِمِ، فيصبح بهذا القانون من فرسان الأقلام، وأمراء الكلام، ويُكْتَبَ لَهُ النَّجَاحُ في ميدان رَسْمِ القلم ورقْمِ الكتاب.

أولا: الصدق والاخلاص.
ينبغي أن يكون الكاتب صادقاً فيما يكتبه، نبيلاً في رسالته، لا يسرق عقل القارئ، الذي يقرأ له، إلى بيئةٍ لا تعرف من الكتابة إلا رسمها، فينحت في ذهنه الكذب والنفاق، قال تعالى:{اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، وفي رِوَايَةٍ لأحمد في «المسند» (410/1)، وأبو يعلَى في «مسنده» (245/9) بسند صحيح كان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول: (ان الكذب لا يصلح منه جَدٌ وَلا هَزَلٌ، ولا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّا ثُمَّ لا يُنْجَزُ لَهُ).

وأفضل من ذلك ما رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607) في «صحيحيهما» من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي قال: «ان الصدق يهدي الى البر، وان البر يهدي الى الجنة، وان الرجل ليصدق حتى يكون صديقاً، وان الكذب يهدي الى الفجور، وان الفجور يهدي الى النار، وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً».

ثانيا: وضوحُ الهدفِ وسُموُّ الغايةِ
ان تَحديد الهدفِ والغايةِ من الكتابة، عنصر مهم وأمر لازم لِمن أراد ولوج هذا الميدان، ولذا نجد من يكتب لغايَةٍ، يُجهد النفس في جمع الأفكار، وضمّها الى بعضها، لتكون خادماً لِهذا الهدف، وتحت لواء تلكم الغاية، وان فقدان الهدف فيه ضياع للهوية، وكشف لشخصيةِ ذلك الكاتب، وما علاقته وقوة معرفته بفن الكتابة الرفيع؟
ولذا.. فان أهداف الكاتب لابدَّ وأن تكون محددة الأهداف واضحة المعالم.

مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلْيَكْتُب خيراً أو ليُمْسِك

وكما ان الوضوح مطلب، فكذلك السُّمُوَّ والرفعة بِهذا الهدف من اسمى المطالب، وأن يكون هدفه تقديم الخَير لأمَّتِهِ بِمداد القلم، ومن كتب لأهدافٍ دنيويةٍ وَأُمورٍ دَنِيَّةٍ، فعزاؤنا للقلمِ والمِحْبَرَةِ والقرطاسِ، فَعَلامَ ضَيَاع الزمنِ، فأَولَى لك فأَولَى ان تجرب مواهبك في فنٍ آخَرَ، وعليك ترك القلم والكَتْبَ لأهلهِ.وعلى هذا جرى اتفاق أهل العلم والقلم، فقال الذهبي فِي كتاب الكبائر وقبله النووي والغزالي: وينبغي للانسان ان يسكت عن كل ما رآه من أحوال الناس الا ما في حكايته فائدة للمسلمين.

وروى مسلم في «صحيحه» (1468) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عنِ النبي قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فاذا شهد أمراً فليتكلم بخيرٍ أو ليَسكُتْ».

ثالثا: انتقاءُ المُفرَدَةِ والعنايةِ بِها وفي ذلك احياءٌ وعودة الى اللغة العربية- لغة القرآن- باختيار المفردة التي لا تؤذي عينَ قارئٍ أو أذنَ سامعٍ، بل تجد قبولاً ومعالجة نفسية يعيشها القارئ.
وبشيوع المُفردةِ النَّقِيَّةِ الحَيَّةِ عِنْدَ الكَاتِبِ والقارئ، وانتشارها، نرقَى بالذوق العام للمجتمعات، وفي هذا احْتِرَامُ الكَاتِبِ لِعقْلِهِ، وانه في حال العمل علَى صَقْلِ العقل، وتسليحه بالعلم والمعرفة، وكذا مع الممارسةِ وَالدُّرْبَةِ، يِجِدُ عقلاً ذا مَخزونٍ مَعْرفِيٍّ، يَتَجَوَّلُ فِيهِ فينتقي لكل موقف مفردته، ولكل ميدانٍ كلمته.

رابعاً: السُّمُوُّ مع المتلقِّي (القارئ والسامع)
نعني كُلَّ مُخَاطَبٍ بالكتابةٍ ولو كان خصماً أو عدواً، فقد قال الله تَعَالى:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، وقال تعالى:{اذْهَبَا الَى فِرْعَوْنَ انَّهُ طَغَى فَقُولاَ لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44-43]، يقول الله تعالى: لموسى وهارون: {فقولا لفرعون قولاً لينا}، وفي ذلك توجيه بلين الجانب.والكتابة والقول مثيلان، فإن القلم أحد اللسانين، وكَاتَبَ النبيُّ  سرَى الفرس وقيصر الروم ونجاشيَّ الحبشة، بعبارات لطيفة، لعلَّهم يدخلون في دين الله وَيَدَعُونَ ما هم عليه عاكفين، كما روى البخاري (7)، ومسلم(1773) في «صحيحيهما» من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ثم دعا بكتابِ رسول الله   فقرأه فاذا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله الى هرقل عظيم الروم».وباحترام القارئ وَمُخاطبةِ عقله بِهدوءٍ قد يَبْلُغُ العلاجُ موضعه، فيكون القبول.

خامسا: والعلم والمعرفة
وفي هذا أمران:
(1) على كل من تصدى للكتابة ان يكون لديه قاعدة من العلم والمعرفة.
(2) ان يحسن الجمع بين تراكيب الكلم ومفرداته، وضم معلوماته، ويقوم علَى توجيهها ووضعها في مَكَانِها الذي جُعِلَتْ لَهُ.

سادساً: التَّأَدُّبُ مع المخالفِ
وهنا التُّؤْدَةُ وعدمُ الغضبِ والتعصب في الرَّدِّ، أمرٌ مطلوب، ووصف عزيز، ونظرٌ مرغوب، فان بالرِّفقِ والتُّؤْدَةِ يتَسنَّى للكاتب وضع كل حرف في موضعه، وقد روى الترمذي في «سننه» (2010)، وعبد بن حميد في «المنتخب من مسنده» (183/1) ما صح عن عبدالله بن سرجس المزني قال: ان النبي  قال: «السمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد، جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة».

والكتابة بغضب عند معالجة الأمور، وفي حال الردود علَى المخالف، قد يغلقُ العقل، ويَزِلُّ القلم في اختيار تراكيبه، وجمله، ومفرداته. 

كتبه/
د.عبدالعزيز بن ندَى العتيبي

( قولكم:"أنموذج الدولة المدنية") : لا نُسلم له، وقد هُدِم مبناه ومعناه في المقال أعلاه.. (د. عبدالعزيز بن ندى العتيبي)

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد عقب أحد الفضلاء على مقال (أغليط تحت مسمى الدولة) فقال:

جزى الله فضيلة الشيخ أبي عمر على هذا المقال التأصيلي؛في ضبط مصطلح عصري حاص في أمره الكثيرون.
والشكر موصول لأخينا باسم ..
عندي سؤال لمشايخنا الأفاضل:
- صحيح أن العبرة في الحكم بالعدل ولا يتم العدل إلاّ بالتحاكم إلى شرع ربنا سبحانه, ولكن أليس أنموذج الدولة المدنية في هذا العصر كما هو ملاحظ واقعا في دول الغرب الكافر (وأنا أقصد الناحية الإدارية المحضة..!), أليس هو أفضل ما يمكن به إقامة العدل ..؟) اهـ.

فكتب الشيخ معلقاً:

قولك: [ ولكن أليس أنموذج الدولة المدنية في هذا العصر كما هو ملاحظ واقعا في دول الغرب الكافر (وأنا أقصد الناحية الإدارية المحضة..!), أليس هو أفضل ما يمكن به إقامة العدل ..؟]

سأتناول في البداية ما يُسمى بـ( الدولة المدنية)، رغم أن المقال كان هدما لمبناه ومعناه، فنحن لانسلم لقولك: (ولكن أليس أنموذج الدولة المدنية)… 

أولا:  إن الأصل المقصود هو تكثير المصالح وتحصيلها على القدر المستطاع ، وتقليل المفاسد ودفعها بحسب الاستطاعة 

ثانيا: 
١. ( المدنية ) لفظ مجمل لابد من تحرير معناه، فهل نقبله كله أو نرده كله أو نقبل بعضه ونرد بعضه؛ بحسب ما فيه من نفع خير يعود على  الأمة بالمصلحة المتيقنة.   
فما المراد من لفظ (الدولة المدنية) وما ضابط ذلك وحده، وما معناه ؟ 
وهل يوجد علاقة بين دلالة اللفظ ومعناه ؟
٢. وما المراد بلفظ (الدولة الدينية) وما المعنى الذي  دل عليه اللفظ؟  
٣. وكذلك مسمى (العسكرية) من الألفاظ المجملة، فلابد من بيانه!  
٤. وإن الصراع بين هذه  الألفاظ يخفي ما يخفي. من الأشياء، فكل طرف يستخرج ألفاظا ومسميات ويجعل منها شعارا لأهدافه وغاياته، تقوم بالتسويق لمراده، فإنه يستخدمه لإقصاء جهة أخرى عن طريقه؛ طمعا في ماذا؟ وبلا شك طمعاً في تولي الحكم والمناصب وإدارة البلاد والعباد، والتمكن من مفاصل النظام الحاكم في الدولة وإحكام السيطرة عليه، وبعد ذلك يفعل ما يحلو له (المنفعة الخاصة)، لا ما يحلوا للشعوب (المنفعة العامة) ، يفعل الذي من أجله قاتل ليصل إلى السلطة. 
ثالثا:  إن الهدف هو المعاني النافعة لمضمون الاسماء والألفاظ ، لا ذات الألفاظ والمسميات.. 
ونقول: عليكم إيجاد النفع للناس، والعمل على تأمين السبل، وحينئذٍ فسَمّه من الاسماءِ ما شئت .
رابعا: إن الأمور الادارية تُحكم بالعرف وبتجارب الناس، فكل بيئة لها ما يخصها، وتكون ثمرة الادارة المختارة فيها، وما وضع من نظام لخدمة  وإدارة شئون العباد اليومية، في تلك البلاد؛ تختلف من دولة عن دولة، ومن مكان عن مكان، ومن بيئة عن بيئة، فهل الإدارة اليابانية مطابقة أو مشابهة للإدارة الصينية ؟ وهل الادارة الأمريكية لها لون خاص أم تقلد غيرها؟! ولتحقيق المصالح فعلى كل بلد أن يختار ما يناسبه والاسهل في تيسير معاشه وحياته اليومية.

ملاحظة: قولك: (أليس هو أفضل ما يمكن به إقامة العدل ..؟)

أولا: إن ما تراه من فعلهم لا يتجاوز الاجتهاد البشري فاحتمال الخطأ واقع ..، وهذا لايعني الالغاء المطلق، وعدم الانتفاع بالعمل والجهد النافع حيثما وجد. 
ثانياً: حكمك وقولك: (أليس هو أفضل ما يمكن به إقامة العدل ..؟): 
وأقول: هذا اختيار بشري واجتهاد خاص منك [ يدور بين الخطا والصواب، لا يلزم منه الجزم والقطع بصحته] لامكانات عقلية غير محصنة، ولا معصومة !
ثالثا: ألا تلاحظ معنا أن  أصحاب الفرق والطوائف و الديانات المختلفة ، كلٌ له وجهة، وكلٌ متمسك بما هو عليه، غير قابل أن ينفكَّ عنه، ومن الصعوبة إقناعه بخطئه، إلا أن يتولاه الله برحمته…
فهل تمسكه بما هو عليه، مع يدعيه من الرضا والسعادة!  يعني صحة مذهبه وطريقته واختياره.
• والتمثيل هنا ذكرته لأجل المقارنة وتقريب الامور الى الاذهان
أولا:  إن الأصل المقصود هو تكثير المصالح وتحصيلها على القدر المستطاع ، وتقليل المفاسد ودفعها بحسب الاستطاعة 

ثانيا: 
١. ( المدنية ) لفظ مجمل لابد من تحرير معناه، فهل نقبله كله أو نرده كله أو نقبل بعضه ونرد بعضه؛ بحسب ما فيه من نفع خير يعود على  الأمة بالمصلحة المتيقنة.   
فما المراد من لفظ (الدولة المدنية) وما ضابط ذلك وحده، وما معناه ؟ 
وهل يوجد علاقة بين دلالة اللفظ ومعناه ؟
٢. وما المراد بلفظ (الدولة الدينية) وما المعنى الذي  دل عليه اللفظ؟  
٣. وكذلك مسمى (العسكرية) من الألفاظ المجملة، فلابد من بيانه!  
٤. وإن الصراع بين هذه  الألفاظ يخفي ما يخفي. من الأشياء، فكل طرف يستخرج ألفاظا ومسميات ويجعل منها شعارا لأهدافه وغاياته، تقوم بالتسويق لمراده، فإنه يستخدمه لإقصاء جهة أخرى عن طريقه؛ طمعا في ماذا؟ وبلا شك طمعاً في تولي الحكم والمناصب وإدارة البلاد والعباد، والتمكن من مفاصل النظام الحاكم في الدولة وإحكام السيطرة عليه، وبعد ذلك يفعل ما يحلو له (المنفعة الخاصة)، لا ما يحلوا للشعوب (المنفعة العامة) ، يفعل الذي من أجله قاتل ليصل إلى السلطة. 
ثالثا:  إن الهدف هو المعاني النافعة لمضمون الاسماء والألفاظ ، لا ذات الألفاظ والمسميات.. 
ونقول: عليكم إيجاد النفع للناس، والعمل على تأمين السبل، وحينئذٍ فسَمّه من الاسماءِ ما شئت .
رابعا: إن الأمور الادارية تُحكم بالعرف وبتجارب الناس، فكل بيئة لها ما يخصها، وتكون ثمرة الادارة المختارة فيها، وما وضع من نظام لخدمة  وإدارة شئون العباد اليومية، في تلك البلاد؛ تختلف من دولة عن دولة، ومن مكان عن مكان، ومن بيئة عن بيئة، فهل الإدارة اليابانية مطابقة أو مشابهة للإدارة الصينية ؟ وهل الادارة الأمريكية لها لون خاص أم تقلد غيرها؟! ولتحقيق المصالح فعلى كل بلد أن يختار ما يناسبه والاسهل في تيسير معاشه وحياته اليومية.

ملاحظة: قولك: (أليس هو أفضل ما يمكن به إقامة العدل ..؟)

أولا: إن ما تراه من فعلهم لا يتجاوز الاجتهاد البشري فاحتمال الخطأ واقع ..، وهذا لايعني الالغاء المطلق، وعدم الانتفاع بالعمل والجهد النافع حيثما وجد. 
ثانياً: حكمك وقولك: (أليس هو أفضل ما يمكن به إقامة العدل ..؟): 
وأقول: هذا اختيار بشري واجتهاد خاص منك [ يدور بين الخطا والصواب، لا يلزم منه الجزم والقطع بصحته] لامكانات عقلية غير محصنة، ولا معصومة !
ثالثا: ألا تلاحظ معنا أن  أصحاب الفرق والطوائف و الديانات المختلفة ، كلٌ له وجهة، وكلٌ متمسك بما هو عليه، غير قابل أن ينفكَّ عنه، ومن الصعوبة إقناعه بخطئه، إلا أن يتولاه الله برحمته…
فهل تمسكه بما هو عليه؛ مع ما يدعيه من الرضا والسعادة! دليل على صحة مذهبه وطريقته واختياره، وهل يسوّغ الأخذ بهذه التجارب الإنسانية، بحجة سعادة غيرنا بها وتنعمه في الحياة الدنيا، { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}.
• والتمثيل هنا ذكرته لأجل المقارنة وتقريب الأمور إلى الأذهان .


السبت، 27 سبتمبر 2014

(( بين الوَحي والرّأي )) بقلم الشيخ /عبدالعزيز بن ندى العتيبي



وقال تعالى: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } ..

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبيّ بعده؛ أما بعد: 
فقد وقفت على كلام لأحد الباحثين في مسألة حكم الأخذ من البشرة أو والظفر لمن أراد أن يضحي، 
وهذا البحث سأعرضه عليكم: 
قال الباحث: [[ وهذه دراسة محكمة في حكم أخذ الشعر والآظفار في عشر ذي الحجة؟
حكم أخذ الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي ؟
إختلف الفقهاء رحمهم الله عنهم في حكم أخذ الشعر أو الظفر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي على أربعة أقوال:
القــول الأول:
(إباحة وجواز الأخذ) ومن فعل ذلك وأخذ من شعره أو ظفره: فلا بأس عليه، ولا يكره ذلك، قـال الإمام الطحاوي(ت 321 هـ): (لا بأس بقص الأظافر والشعر في أيام الـعـشــر لمن عزم على أن يضحي، ولمن لــم يعزم على ذلك، وهو قول الإمام أبي حنيفة وصاحبيه).
ويرى ذلك جمهور الفقهاء منهم: عطاء بن يسار، والامام مالك بن أنس، وابن حزم، والماوردي، وابن القيم، والخطابي، والجصاص، وغيرهم.
القول الثاني:
(يستحب عدم الأخذ) ومن فعل ذلك وأخذ من شعره أو ظفره: فلا بأس عليه، ولا يكره، لكنه خلاف الأَوْلى، وبهذا قال فريق من متأخري الحنفية، يقول ابن عابدين حين ذكر حديث أم سلمة رضي الله عنها في النهي عن أخذ الشعر والظفر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي قال: (فهذا محمولٌ على الندب دون الوجوب بالإجماع).
القول الثالث:
(يسن ترك أخذ الشعر والظفر) في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، ويكره تنزيهاً فعل ذلك، وليس بحرام، وعليه يكون الفرق بين هذا القول وسابقه، أن أصحاب هذا القول يقولون بالكراهة التنزيهية لمن فعله، وأما أصحاب القول الثاني فلا يقولون بالكراهة. وبهذا قال الشافعية، وطائفة من المالكية، وابن سيرين، والأوزاعي، وغيرهم.
القول الرابع:
(يحرم) أخذ شيء من الشعر أو الظفر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، فيجب عدم الأخذ، وإلا أثم فاعله. وبهذا قال الإمام أحمد، وسعيد بن المسيَّب، وربيعة الرأي، وإسحق بن راهُوْيَه.
وهنا .. يتضح أن الأمر (واسع) ولكل رأيه وأدلته؟
 والمهم أن نهتم بتقديم الأضحية وأخذ الأجر المترتب عليها ، مهما أخذنا به من هذه الأقوال السابقة...
 وللاستزادة حول هذه الأقوال وأدلتها..
 تنظر هذه الدراسة العلمية المحكّمة في جامعة أم القرى:
http://uqu.edu.sa/ page/ar/19175
وكتبه أ.د عبدالله آل سي]].

قلت (عبد العزيز): لقد تعبدنا الله بالوحي وحده؛ كتاب الله وسنة نبيه، فكيف يسوّغ مسلم لنفسه الخروج عن العبودية لله، وهو الذي دخل الاسلام راضياً خاضعاً ناطقاً بشهادة أن لا إله الا الله، وأن محمداً رسول الله ، ومقتضى هذه الشهادة الأقرار  بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، بتوحيد المتابعة والطاعة لله على منهاج نبيه. 
 فلم أيها المسلم ذلكم الاعراض عن الشريعة والاستسلام لسلطان الهوى والرأي ...
ولذا فإن كل ماذكر في البحث السابق، لا يستحق النظر في وجود حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المسألة ذاتها، • وما الحاجة في سرد الآراء وتكثيرها؛ 
الرأي الأول 
والثاني 
والرأي الثالث 
والرأي الرابع، 
لقد ضيقتم واسعا بسوق أراء ليس عليها أنوار الوحي ..
• ولم هذا التشغيب على عقل القارئ، والنص حكم في المسألة ، وقد بين حكمها صاحب الرسالة ، 
وهذا النص الشرعي واضح ظاهر بين لمن وفقه الله، وزاده فقهاً في الدين . 
قال تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ }.

فعليكم بالحديث والأثر ولا يثيركم أو ينال منكم رأي وذوقٌ زَوّقه صاحبه، وفقه الله للحق ولمتابعة نبيه.. 

( إن هذا الدين يسر )
▫الحجة في المسألة: 

أولا: رواية: عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب
((من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف سمع سعيد بن المسيب)

فقد رواه مسلم في "صحيحه" (١٩٧٧/ ٣٩) قال: حدثنا ابن أبي عمر المكي حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا ". 
قيل لسفيان فإن بعضهم لا يرفعه قال لكني أرفعه.

ثانياً: رواية عمر بن مسلم، عن سعيد بن المسيب
(( من طريق شعبة، عن مالك 
بن أنس، عن عمر بن مسلم، عن سعيد بن المسيب ))

وأيضا روى مسلم في "صحيحه" ( ١٩٧٧/ ٤١) قال: وحدثني حجاج بن الشاعر حدثني يحيى بن كثير العنبري أبو غسان حدثنا شعبة، عن مالك بن أنس، عن عمر بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ".

كتبه.  عبد العزيز بن ندى العتيبي
٣ من ذي الحجة ١٤٣٥

ما بين الكتب الستة. والكتب التسعة (الشيخ عبدالعزيز بن ندى العتيبي)

ما بين الكتب الستة، والكتب التسعة 

لقد شاع كثيراً في الأزمنة المتأخرة،  وأخص بذلك (بين طلاب العلم) استخدام اصطلاح الكتب التسعة، 
فما معناه؟ 
ومتى نشأ؟ 
ومن كان سبباً في نشأته وإذاعته؟ 
وما الفرق بين الكتب التسعة وبين الكتب الستة؟ 
وأيهما أسلم نطقاً ومجاراة لأهل الفن، ومتابعة لما عليه أهل العلم؟

ولذا سنجيب باختصار عن هذا التساؤلات في كلمات:

لقد تعارف أهل العلم على تسمية الكتب الذائعة الصيت  المشهورة بين أهل العلم وطلاب المعارف، التي صُنِّفت في السُّنَّة، بــ( الكتب الستة)، خلال قرونٍ من الزمن، وبعد  عناية المستشرقين بعلوم المسلمين، ظهور كتاب " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث "، الذي ألّفته مجموعة من المستشرقين في بداية هذا القرن، للبحث في تسعة كتبٍ من الكتب المصنَّفة في الأحاديث والآثار، فكان سببا لظهوره وانتشر بين بعض المتعلمين والمعلمين اصطلاح (الكتب التسعة).

فإن مسمى (الكتب الستة) هو ما تعارف عليه أهل العلم، وأما إطلاقُ اسم الكتب التسعة فلأجل صناعة المستشرقين، لأنهم عملوا فهرساً لتسعة كتب من كتب أهل العلم، وقد ضُمِّنَتْ الكتب الستة المعروفة، ومُسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارمي، فهذه تسعة كتب كاملة.

أولاً: الكتب الستة:

(اصطلح أهل العلم وأصحاب الصناعة الحديثية على إطلاقه على الصحيحين وكتب السنن الأربعة)؛ أعني:

[صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن أبي داود، والمجتبي من سنن النسائي (السنن الصغرى)، وسنن ابن ماجه].

فمن قال: الكتب الستة، فمرده عُرْف أهل العلم وتسميتهم لكتب السُّنَّة المشهورة؛ الأكثر تداولاً وتناولاً، بالكتب الستة.

ثانياً: الكتب التسعة:
ومن قال: الكتب التسعة، فلكي يلتزم الكتبَ التي أدخلها المستشرقون في "المعجم المفهرس لألفاظ الحديث"، فأصلُ التسمية تعود لخدمة المستشرقين لكتبٍ بعينها.

ولذلك لا تجد في كتب الحافِظَين؛ الذهبي وابن حجر، وغيرهما (السابق واللاحق) من المشتغلين بهدا الفن؛ استعمالاً لهذا المصطلح.

•• فإن مُسمّى الكتب التسعة لم يكن متدولا، ولن تجده قبل تأليف " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث"، وستجده منتشراً بعده.

فأنصح بما عليه أهل العلم من تلك التسميات والاصطلاحات قبل عمل المستشرقين.

كتبه.  عبد العزيز بن ندى العتيبي
١٨ من صفر ١٤٣٤

المعلمي اليماني درة قد منحت لهذا العصر (الشيخ عبدالعزيز ندى العتيبي)

المعلمي اليماني دُرّةٌ قد مُنحت لهذا العصر، وكأنها انتُزِعت من بين الأوائل - زمنا وقوة علمية-، لتكون مثلا وأنموذجاً نراه ويعيش بيننا؛

 إن هذا العالم الفريد يُعد في جملة من اعتني وبرع  وعلا في سماء هذا الفن، وقد أحكم الصناعة الحديثية وتميّز فيها، وكان من أئمة هذا الشأن، وشابه الأوائل ليراه المتأخرون .

• عبد العزيز بن ندى العتيبي 
٢/ من ذي الحجة ١٤٣٥

السبت، 20 سبتمبر 2014

( تَدَبـَّر، فإن أسماءَ الحمد والذم في العبادت توقيفية) للشيخ عبدالعزيز بن ندى العتيبي

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٤/ ١٥٤): [ فإن الذمَّ والحمد من الأحكام الشرعية، وقد قدمنا بيان ذلك، وذكرنا أن الحمد والذم والحب والبغض والوعد والوعيد والموالاة والمعاداة ونحو ذلك من أحكام الدين، لا يصلح إلا بالأسماء التي أنزل الله بها سلطانه،  فأما تعليق ذلك بأسماء مبتدعة؛ فلا يجوز بل ذلك من باب شرع دين لم يأذن به الله، وأنه لا بد من معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله . اهـ
_____
قلت: هل المميع والمائع  والمميعة أهل طاعة أم من أصحاب المعاصي ؟
وهل يدخلون في الحمد والذم، والحب والبغض، والوعد والوعيد، والموالاة والمعاداة، ونحو ذلك من أحكام الدين؟

🔘 ( دلالةُ كلامِ اللهِ أكملُ من دلالةِ كل كلام )، فأين نضع اسم المُمَيع ؟!

قال ابن القيم في "الجواب الكافي" (ص/ ٥٤): فصل: ومن عقوبتها أنها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذم والصغار ..
• فتسلبه [أسماء المدح] : 
اسم المؤمن 
والبر
والمحسن
والمتقي 
والمطيع 
والمنيب 
والولي
والورع 
والصالح
والعابد
والخائف
والأواب
والطيب 
والمَرضْى 
ونحوها .

• وتكسوه [أسماء الذم]: 
اسم الفاجر
والعاصي
والمخالف
والمسيء
والمفسد
والخبيث
والسخوط
والزاني
والسارق
والقاتل
والكاذب
والخائن
واللوطي 
وقاطع الرحم
والغادر 
وأمثالها .
فهذه أسماء الفسوق و {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات :١١]، الذي يوجب غضب الديان، ودخول النيران، وعيش الخزي والهوان .
• وتلك أسماء:  
• توجب رضى الرحمن، 
• ودخول الجنان، 
• وتوجب شرف المسمى بها على سائر أنواع الإنسان .
▫فلو لم يكن في عقوبة المعصية إلا استحقاق تلك الأسماء وموجباتها؛ لكان في العقل ناه عنها، 
▫ولو لم يكن في ثواب الطاعة إلا الفوز بتلك الأسماء وموجباتها لكان في العقل آمر بها، ولكن لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا مقرب لما بعد، ولا مبعد لمن قرب :{ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}[الحج : ١٨].

( والمدح والذم إنما يتعلق بالأسماء إذا كان لها أصل في الشرع )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " منهاج السنة " (٢/ ٦٠٨):
١- والمدح والذم إنما يتعلق بالأسماء إذا كان لها أصل في الشرع؛ كلفظ المؤمن والكافر والبر والفاجر والعالم والجاهل، 
٢- ثم من أراد أن يمدح أو يذم؛ 
٣- فعليه أن يبين دخول الممدوح والمذموم في تلك الأسماء التي علق الله ورسوله بها المدح والذم، 
٤- فأما إذا كان الإسم ليس له أصل في الشرع، 
٥- ودخول الداخل فيه مما ينازع فيه المدخل، 
٦- بطلت كل من المقدمتين وكان هذا الكلام مما لا يعتمد عليه؛ إلا من لا يدري ما يقول. اهـ

السبت، 13 سبتمبر 2014

رد الشيخ / صالح سندي على تجني حاتم العوني على كتاب (الدرر السنية) والدعوة النجدية

الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فهذه تغرديات كتبها شيخنا الفاضل/ د. صالح بن عبدالعزيز بن عثمان سندي -حفظه الله- المدرس في قسم العقيدة في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية المباركة، ردا على حاتم العوني -هداه الله للصواب- في تجنيه على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب على العموم، وما حواه كتاب (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) على وجه الخصوص، والتي جمعها ورتبها سماحة الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم -رحمه الله-، وقد زعم العوني أنّ (داعش) قد استسقت منهجها الحروري الخارجي من نبع الدعوة النجدية الصافي.


فكتب الشيخ السندي -حفظه الله- :


( حمل حاتم الشريف في مقالٍ له متشنج على كتاب (الدرر السنية) واصماً إياه بنشرِ الغلو في التكفير و"الدعشنة" ! حتى إنه ليُخيل للجاهلِ به أنه يَقطُرُ سُمًّا، فدعونا نتأمل في هذا الكتاب بإنصافٍ وهدوء؛ لنرى صدقَ دعوى الشريف، وهل هو حقًا كتابٌ حَمَل نَفَسا غالياً في مسائلِ التكفيرِ، أم كان يُقررها بتوسطٍ واعتدال؟


هل الذي أخرج لنا "داعش" قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب: (المُعيَّن لا يُكَفر إلا إذا قامت عليه الحجة .. إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا من شيء يُعذر به، فهو كافر)

]الدرر السنية 10-69]


أم هو هذا النص: (إنما نُكفر من أشرك بالله في إلهيته، بعدما نُبين له الحجة على بطلان الشرك..)

]الدرر السنية 10-128]


أم هو هذا النص: (نكفر من أقرَّ بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثانَ بعدما عرف أنها دين المشركين، وزينه للناس فهذا الذي أكفره، وكل عالِمٍ على وجه الأرض يكفر هؤلاء، إلا رجل معاند أو جاهل).
]الدرر السنية 10-131]


أم هو هذا النص: (إذا كان يعمل بالكفر والشرك، لجهله، أو عدم من ينبهه؛ لا نحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة(.

]الدرر السنية 10-136]


أم هو هذا النص: (إذا فعل الإنسانُ الذي يؤمن بالله ورسوله ما يكون فعله كفرا، أو اعتقاده كفرا؛ جهلا منه بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يكون عندنا كافرا، ولا نحكم عليه بالكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، التي يكفر من خالفها..)
]الدرر السنية 10-239]


أو هذا النص:  (كل من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة بالرسول صلى الله عليه وسلم،ولكن الجاهل يحتاج إلى من يعرفه بذلك من أهل العل).
]الدرر السنية 10-240]


أو لعله هذا النص: (فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم -بحيث يحكم عليه بأنه مع الكفار- لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة بالرسالة).

]الدرر السنية 10-248]

 *وأنبه إلى أن النقولات السابقة واللاحقة بعضها للشيخ محمد بن عبد الوهاب وبعضها لغيره*


وربما "الدعشنة" انبعثت من هذا النص: (في أزمنة الفترات وغلبة الجهل لا يُكَفَّر الشخص المعين بذلك حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة، ويبين له).
]الدرر السنية 10-274]


وقد يكون هذا النص: (ولا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، بعد قيام الحجة عليه)
]الدرر السنية 10-471]


أو هذا النص: (ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان. وأيضا: نكفره بعد التعريف؛ إذا عرف وأنكر).
 ]الدرر السنية 1-102]


أو هذا: (ونحن لا نكفر إلا من عرف التوحيد وسبّه وسمّاه دين الخوارج، وعرف الشرك وأحبه وأهله ودعى إليه وحض الناس عليه بعدما قامت عليه الحجة وإن لم يفعل الشرك، أو فعل الشرك وسماه التوسل بالصالحين؛ بعدما عرف أن الله حرمه).
]الدرر السنية 1-264]


أو هذا: (فجنس هؤلاء المشركين وأمثالهم ممن يعبد الأولياء والصالحين:نحكم بأنهم مشركون،ونرى كفرهم؛إذا قامت عليهم الحجة الرسالية)
]الدرر السنية 1-522]


هذه نقولٌ يسيرةٌ، وبين يدي غيرها كثير، والمقصود ضرب أمثلة على تَجَنِّي حاتم الشريف على كتاب (الدرر السنية) وأئمة الدعوة

فهذه تقريرات أئمة الدعوة -من الشيخ محمد بن عبدالوهاب فمن بعد؛ من أبنائه وأحفاده وتلاميذه وتلاميذهم- في التكفير: أين تهيئة المناخ فيها للدعشنة؟!

وأما الأجنبي عن هذه المدرسة السلفية الصافية فلجهله: يُشغِّبُ بكلامٍ لهم في وقائعَ معيَّنَةٍ لها خلفياتها، ولهم فيها اجتهادهم في تحقيق المناط، ويعرض عن هذا التأصيل الواضح المحكم وليس هذا شأن المتجرد لطلب الحق فليشفق هذا المسكين على نفسه وليتذكر الحديث:(من عادى لي وليا..)، ويا ليت أنّ الناقد لأئمة الدعوة في قضية التكفير يطرح التقية ويوضح لنا
أولا: من هو المشرك عنده؟ ومتى يكفر؟ وما حكم دعاء غير الله عنده؟
وأظنه إن أجاب بصدقٍ فسيتضح أن خصومته ليست مع أئمة الدعوة فحسب بل مع علماء أهل السنة قاطبة؛ سابقا ولاحقا

كفى الله أهل التوحيد شر أعدائهم.

(10 من ذي القعدة 1435 هـ)

الأغاليط حول مسمى الدولة (مدنية أو دينية أو عسكرية)! (بقلم الشيخ عبدالعزيز بن ندى العتيبي)

 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فإن السبب لكتابة هذه المقالة ما كنتُ أراه - منذ زمنٍ - عندما يُصابُ بعضُ الناسِ بالحيرةِ والارتباكِ أمامَ تقسيمات أهلِ السَّفْسَطَةِ؛ ممن يسعى لنشرِ وإذاعةِ المفردات الباطلة،  ولذا يُعاني كثير من المسلمين حالَةَ شكٍّ وتَرَدّدٍ؛ عندما يُواجَهُ بتلك التقسيمات المُحْدَثةِ لمسمَّى الحُكمِ والدولة؛ كقولهم: ( الدَّولةُ المدنية .. 
والدولة الدينية .. 
والدولة العسكرية ..، 
و...)، 
وذلك بديلاً عن مصطلحات الدولة العادلة (عسكرية أوغير عسكرية)،.. 
والدولة الظالمة (عسكرية أوغير عسكرية)، ..
ودولة تحكم بالكتاب والسنة (عسكرية أوغير عسكرية)، .. ودولة لا تحكم بالكتاب والسنة (عسكرية أوغير عسكرية)، … 
ولذا نقول: 
1- لقد اجتالت الشياطين أكثَرَ الناس عن كثيرٍ مما هُمْ عليه من الحَقِّ والعِلمِ والعَدْل، حتى فشا الجهلُ وعَمَّ الظلْمُ بلادَ الإسلام، فَسُلب المسلمون كثيراً من المعارف والعلوم الصحيحة، وغَزَتْهُم مفرداتٌ مُحدثةٌ ومصطلحاتٌ مُخترَعَة، حتى تمكنت من العقولِ والأفهامِ، وغَلَبَت على اللسان، فصارت لغةً سائدةً ناطقةً برأي جمهورِ الأُمَّة، وامْتُحِنَ الناسُ بهذه المُحْدَثات، وتحاكموا إليها بغيرِ هُدَى من الله.. 
قال الله تعالى: { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ } [النجم: ٢٣]، وقد روى البخاري (١٣٥٩)، ومسلم (٢٦٥٨/ ٢٢) في " صحيحيهما" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ " ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يُهَوّدانه أو يُنَصّرانه أو يُمَجّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء".
2- وإنّ اختلافَ الناسِ في العلوم والرأي وسياسة الأمور؛ وتَفَرُّق الأمة إلى طوائف وطرائقَ قِدَدا، أَصْلُهُ التفرّقُ في السُّبُل والاضطرابُ في مصادر التَّلقي، بسبب تنوّع الخُلَطاءِ واختلافِ المشاربِ والبيئات. 
فكلٌ قدْ أُشْرِبَ من هواه؛ والمرأ على دين خليلة، يتأثَّرُ بالموروث من دين الآباء والأجداد، ودين الخلاّن والمشايخ .
وعند النظر في الأسباب المهلكات؛ نجد اختلافاً في الطّرُقِ والجهات قد سلكها كثيرٌ من الناس وجعلوها منهاجاً في الدين والدنيا . فوجدنا منهم من كان عبداً لشيخه أو معلمه، أو عبداً لصحيفةٍ أو كتابٍ قَرَأَه! فانقاد للمسموع والمقروء واستسلم له، فسلك - بذلك - التابع طُرُق المتبوع بلا حُجّةٍ أو بُرهان غيرَ مدفوع.
3- وسنَذْكُرُ مثالاً على ذلكم الإختلاف؛ تلكم القسمة المحدثة؛ أعني:  وصف الحاكم بــ( المدني أو الديني أو العسكري)، 
ونظامه: بــ( دولة مدنية ..  دولة دينية .. ودولة عسكرية)، 
وتسمية الحكم؛ بــ(الحكم المدني، والحكم الديني، والحكم العسكري) .. و غير ذلك من المسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
4- ومن ثَم؛ّ تفريق المجتمع وإثارة الخلاف: (هل أنت مع دولة مدنية أم دولة دينية أو...أو ...)، والنزاع بامتحان الناس بهذه المسميات المحدثة، وذلكم المعيار المخترع!  
هل أنت مع دولة مدنية أم دولة عسكرية،.. 
هل أنت مع دولة (...) أو دولة (...) فيزداد الشرُّ ويتفرق الخلقُ بسبب هذه الشعارات والتقسيمات التي لا دليل عليها من الكتاب والسنة وكلام الأصحاب؛ - سلف هذه الأمة -، ولم يقل أحدٌ من قرون الخير بهذه التقسيمات.

(القبولُ والتسليمُ بلا نَكير)

5- وتحت وطأةِ وسائل الإعلام المختلفة ومن تَتَرَّس بها - وأعني المقروءَ منها والمرئي والمسموع -؛ وما صاحبه من زخرفٍ زائفٍ وتزيينٍ لبعض المفردات والمسمّيات المخترعة، وذِكرِها في سياق الثناء والمدح حتى اسْتُعْبدت حواسّ البشر؛ فأصبحت لا تعرف المنكر منها، بل لا تقبل غيرها، وجعلت المسلمات وبعض المفردات الأخرى منبوذةً بالذمِّ والتنفير المتكرر حتى صُمَّت الأسماع وعَميت الأبصار، وفُرضت على الناس تراكيبُ إضافية غير معهودة في السياسة الشرعية المحمودة؛ كــ(الدولة المدنية والدولة الدينية والدولة العسكرية) . فالدولة مُسمّى معلوم، وقسيم ثابت، وأما المفردات الإضافية؛ كــ(المدنية والدينية والعسكرية) وغيرها فإنها مصطلحات تدور بين المدح والذم، كلٌ بحسب هواه، وعقله وما حَواه.   
6- إنّ بعض أبناء المسلمين أصبحوا ضحايا مَعارفَ مَغلوطة، وآراء معكوسة وأفهام منكوسة، وبلغ الأمرُ بدعاة الضلالة إلى التضييق على من يقوم بنسبة شيء إلى الإسلام، وإخافته بأنه غريب على المجتمعات، يحمل من الرأي أَظْلَمَه، وحوصرت العقول في سجون وهمية، تخاف البوح بالصواب وتعاني غربة الحق، وأصبح أبناءُ الأمة يشعرون بالذل والضعف والهوان أمام مَدٍّ تَغْرِيبِيٍّ لأولئك المتعالمين الجدد، دعاة الفوضى والانفلات .

(مراجعات لمفهوم الدولة المدنية والدينية والعسكرية)

1-إنّ الأصلَ عند نشأة دولة ما، تنصيبُ حاكم واتخاذ أمير للجماعة - في تلك الدولة - يسوسُها بالعدل والأخلاق وفضائل الأعمال، حتى يتمّ لها تحصيل المصالح ودفع المفاسد.. 
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: ٩٠]، قال ابن سعدي تفسيره: فالعدل الذي أمر الله به يشمل العدل في حقه وفي حق عباده، فالعدل في ذلك أداء الحقوق كاملة موفرة بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق المالية والبدنية والمركبة منهما في حقه وحق عباده، ويعامل الخلق بالعدل التام، فيؤدي كل والٍ ما عليه تحت ولايته سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى، وولاية القضاء ونواب الخليفة، ونواب القاضي.اهـ
وقد روى مسلم في "صحيحه" (٢٥٧٧/ ٥٥) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي ﷺ فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال:" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا ".  قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (١٨/ ١٥٧) : قوله: " وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" : فإنها تجمع الدين كله؛ فإن ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم، وكل ما أمر به راجع إلى العدل .اهـ 
• فلابد من سياسة الناس بأمور منها:
- العدل والابتعاد عن الظلم واجتنابه قدر الاستطاعة ( دولة ومجتمع بلا ظلم ) .
- القيام بالأعمال الصالحات (الأفعال والأقوال الفاضلة)، وهو البعد عن المحظورات قدر الاستطاعة (دولة ومجتمع بلا محرمات).
قال الله تعال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٣٣]، قال ابن سعدي في تفسيره: [ ثم ذكر المحرمات التي حرمها اللّه في كل شريعة من الشرائع فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ}؛ أي: الذنوب الكبار التي تستفحش وتستقبح لشناعتها وقبحها، وذلك كالزنا واللواط ونحوهما، وقوله: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}؛ أي: الفواحش التي تتعلق بحركات البدن، والتي تتعلق بحركات القلوب، كالكبر والعجب والرياء والنفاق، ونحو ذلك، {وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}؛ أي: الذنوب التي تؤثم وتوجب العقوبة في حقوق الله، والبغي على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فدخل في هذا الذنوب المتعلقة بحق الله، والمتعلقة بحق العباد،{وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا}؛ أي: حجة، بل أنزل الحجة والبرهان على التوحيد، والشركُ هو أن يشرك مع الله في عبادته أحد من الخلق، وربما دخل في هذا الشرك الأصغر؛ كالرياء والحلف بغير الله، ونحو ذلك.{وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه، فكل هذه قد حرمها الله، ونهى العباد عن تعاطيها، لما فيها من المفاسد الخاصة والعامة، ولما فيها من الظلم والتجري على الله، والاستطالة على عباد الله، وتغيير دين الله وشرعه].اهـ
• تنبيهات: 
إن ما وصفوه واصطلحوا على مسماه بــ( الدولة المدنية)؛ لها نظام وقانون فيه واجبات ومحظورات. 
وكذلك ما وصفوه بـ( الدولة الدينية)؛ لها نظام وقانون فيه واجبات ومحظورات.
ومثله ما أسموه بــ( الدولة العسكرية ؛ لها نظام وقانون فيه واجبات ومحظورات.
وأيضا ما ذكروه بـ( الدولة الديموقراطية )؛ فلها نظام وقانون فيه واجبات ومحظورات.
▫فإلى أيِّ حكم من الحكومات بتلك المسميات نصير ونتحاكم ؟!
وهل (الدولة المدنية)؛ دولة ظالمة أم عادلة ؟ وحاكمها ظالمٌ أم عادل؟
وهل (الدولة الدينية)؛ دولة ظالمة أم عادلة ؟ وحاكمها ظالمٌ أم عادل؟
وهل (الدولة العسكرية)؛ دولة ظالمة أم عادلة ؟ وحاكمها ظالمٌ أم عادل؟
وعند البحث عن جوابٍ لذلك ننتهي بأنه لا قيمة لمسمى (المدنية) و(الدينية) و(العسكرية)، بل الأمر متعلق بالعدل والظلم، والقسمة الصحيحة: دولة عدل ويقابلها دولة ظلم، فالمدح والثناء ينبغي أن يكون للدولة العادلة، والذم والتنفير وصف يلازم الدولة الظالمة.
ولذا فإننا لن نتحاكم إلى شعارات خالية المعنى، وفارغة المبنى، ولن نقبل التحاكم إلى نظام يصفونه بـ( النظام المدني)، ولا التحاكم إلى نظام يوصف بـ( النظام الديني)، ولا التحاكم إلى نظام لُقِّبَ بـ( النظام الديموقراطي)، ولا التحاكم إلى نظام وسموه بـ( النظام العسكري).
▫بل نتحاكم إلى نظام يسوس الناس بالعلم والعدل، ويحارب الجهل والظلم - بأنواعه - بين الراعي والرعية من وجه، وبين الرعية أنفسهم من وجه آخر، وينشر الخير والأخلاق الفاضلة في المجتمع، أيّاً كان ذلك المسمى. 
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٦٨) : فأَىُّ من عَدَل في ولاية من هذه الولايات فساسها بعلم وعدل وأطاع الله ورسوله بحسب الامكان؛ فهو من الأبرار الصالحين، وأي من ظلم وعمل فيها بجهل؛ فهو من الفجار الظالمين، إنما الضابط قوله تعالى: { إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم}.اهـ

 (معيار العدل والأخلاق الفاضلة)

هل الخير والعدل من وضع البشر أم أوجده خالق البشر؟!
إن الخير كله من عند الله سبحانه ولا خير في الآراء والأهواء، قال تعالى: { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}[البقرة:١٢٠]، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى "(٣/ ١١٤) : والإنسان مضطر إلى شرع فى حياته الدنيا، فإنه لابد له من حركة يجلب بها منفعته وحركة يدفع بها مضرته، والشرع هو الذى يميز بين الأفعال التى تنفعه والأفعال التى تضره، وهو عدل الله فى خلقه، ونوره بين عباده، فلا يمكن الآدميين أن يعيشوا بلا شرع يميّزون به بين ما يفعلونه ويتركونه، وليس المراد بالشرع مجرد العدل بين الناس فى معاملاتهم؛ بل الإنسان المنفرد لابد له من فعل وترك، فإن الإنسان همام حارث كما قال النبى أصدق الأسماء حارث وهمام، وهو معنى قولهم: متحرك بالإرادات، فإذا كان له إرادة فهو متحرك بها، ولابد أن يعرف ما يريده؛ هل هو نافع له أو ضار، وهل يصلحه أو يفسده، وهذا قد يعرف بعضه الناس بفطرتهم كما يعرفون انتفاعهم بالأكل والشرب، وكما يعرفون ما يعرفون من العلوم الضرورية بفطرتهم، وبعضهم يعرفونه بالاستدلال الذى يهتدون به بعقولهم، وبعضه لايعرفونه إلا بتعريف الرسل وبيانهم لهم وهدايتهم لهم.اهـ 
وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء: ٥٨]، 
قال الشوكاني في " فتح القدير": قوله: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ الناس أَن تَحْكُمُواْ بالعدل}؛ أي: وإن الله يأمركم إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، والعدل: هو فصل الحكومة على ما في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله ﷺ، لا الحكم بالرأي المجرد، فإن ذلك ليس من الحق في شيء، إلا إذا لم يوجد دليل تلك الحكومة في كتاب الله ولا في سنة رسوله، فلا بأس باجتهاد الرأي من الحاكم الذي يعلم بحكم الله سبحانه، وبما هو أقرب إلى الحق عند عدم وجود النص، وأما الحاكم الذي لا يدري بحكم الله ورسوله، ولا بما هو أقرب إليهما، فهو لا يدري ما هو العدل؛ لأنه لا يعقل الحجة إذا جاءته، فضلاً عن أن يحكم بها بين عباد الله.اهـ
• تساؤل: - لماذا أعرضوا عن المسمى المطلق للدولة: دولة أو حكومة (عادلة)، واستبدلوه بتركيب إضافيّ وجعلوا مطلق الدولة والحكومة مُقَيّداً بـ( المدنية) أو مقيداً بـ( الدينية) أو مقيداً بـ( العسكرية)؟ 
إنّ هذا الفعل نوعٌ من الحَشْوِ والتلاعب بالألفاظ لا قيمة له، عندما نجعل العدل والعدالة واجتناب الظلم هي الحكَم المطلق الأوحد على مسمى الدولة دون نظر إلى أي قيد آخر، وإن فوضى التلاعب بالمفردات والألفاظ ووضع قيد محدث غير قيد عَدْل الحاكم وعدالة الحُكم - قدر الاستطاعة -، ما هو إلا وسيلة للسيطرة على الحكم، واستيلاء جهة ما على مقاليد الأمور دون غيرها بعد عمل منظم يهدف لإقصاء المنافس بالأوصاف والمسميات والاصطلاحات التى أُحْدِثَتْ لتكون وسيلةً وعوناً في تلك المَهَمّة! وذلك بعد جعل مسمّى الدولة (الدينية) والدولة (العسكرية) قدحاً وذَمًّا، حتى وإن كانت دولةً عادلةً، والحاكمُ إلى العدل أقرب من غيره !

[ هل تعنينا مهنة الحاكم (المرجعية المهنية) أم أن مهنة الحاكم لا تعنينا بشيء؟! ]

إن المطلوب من الحاكم هو ما يتعدى أثره على المحكوم، وهي القدرة على إدارة شئون الرعية بالأمانة والعدل – قدر الاستطاعة -، سواء كان ذا مرجعية عسكرية أو غير عسكرية!!      

(كان الرسول ﷺ أميرا ومجاهدا في السلم والحرب)

إيقاظ: لقد كان النبي ﷺ قائدا في غزواته وفتوحاته يتقدم أصحابه رضوان الله عليهم، فهل يعد حاكما عسكرياً في اصطلاح المعارضين، وكذلك الخلفاء الراشدون؛ أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، هل كانت الخلافة ونظام الحكم والدولة (مدنية) أم (دينية) أم (عسكرية)؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (١١/ ٥٥١) :  وقد كان النبى ﷺ وخلفاؤه الراشدون يسوسون الناس فى دينهم ودنياهم ثم بعد ذلك تفرقت الأمور، فصار أمراء الحرب يسوسون الناس فى أمر الدنيا والدين الظاهر، وشيوخ العلم والدين يسوسون الناس فيما يرجع اليهم فيه من العلم والدين، وهؤلاء أولوا أمر تجب طاعتهم فيما يأمرون به من طاعة الله التى هم أولوا أمرها، وهو كذلك فسر أولوا الأمر فى قوله:  {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم}، بأمراء الحرب من الملوك ونوابهم، وبأهل العلم والدين الذين يعلمون الناس دينهم ويأمرونهم بطاعة الله.اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (٣٥/ ٣٨): ولهذا كانت سنة رسول الله ﷺ و سائر خلفائه الراشدين و من سلك سبيلهم من ولاة الأمور فى الدولة الأموية و العباسية أن الإمام يكون إماما فى هذين الأصلين جميعا الصلاة والجهاد، فالذي يؤمهم في الصلاة يؤمهم في الجهاد وأمر الجهاد والصلاة واحد في المقام و السفر، وكان النبى ﷺ إذا استعمل رجلا على بلد مثل عتاب بن أسيد على مكة و عثمان بن أبي العاص على الطائف و غيرهما كان هو الذي يصلي بهم و يقيم الحدود، و كذلك إذا استعمل رجلا على مثل غزوة كاستعماله زيد بن حارثة و ابنه أسامة و عمرو بن العاص و غيرهم، كان أمير الحرب هو الذي يصلي بالناس و لهذا استدل المسلمون بتقديمه أبا بكر في الصلاة على أنه قدمه فى الإمامة العامة، وكذلك كان أمراء الصديق كيزيد بن أبي سفيان و خالد بن الوليد و شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص وغيرهم أمير الحرب هو إمام الصلاة، وكان نواب عمر بن الخطاب كاستعماله على الكوفة عمار بن ياسر على الحرب و الصلاة و ابن مسعود على القضاء و بيت المال و عثمان بن حنيف على الخراج.اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٥٨٢): 
الذي مضت به السنة أن الصلاة يصليها بالمسلمين الأمراء وولاة الحرب، فوالي الجهاد كان هو أمير الصلاة على عهد النبي وخلفائه الراشدين، وما بعد ذلك إلى أثناء دوله بنى العباس والخليفة هو الذي يصلي بالناس الصلوات الخمس والجمعة لا يعرف المسلمون غير ذلك.اهـ

والحمد لله على فضله وإحسانه.

كتبه. عبد العزيز بن ندى العتيبي 
١٧ من ذي القعدة ١٤٣٥

السبت، 6 سبتمبر 2014

حول نذر والدة مريم بنت عمران ((رب إني نذرت لك ما في بطني محررا)) للشيخ عبدالرحمن الوكيل

قال الشيخ عبدالرحمن الوكيل في تفسيره (نور من القرآن) :

" أحب أن أشير إلى نذرِ أُم مريم، فهو النذر الشرعي الصحيح الذي ليس فيه شرطٌ ولا اشتراط ولا طلب مقابل ((ربِّ إني نذرت لك ما في بطني محررا)) أي منقطعاً لعبادتك وحدها مخلصاً فيها.

وهذا هو النذر الذي يأتي بالخير، أما النذر الذي لا يأتي بالخير، وإنما يُستخرج به من البخيل -كما جاء في الحديث- فهو النذر الذي يشترط على الله شرطاً؛ كأن يقول: (إن فعلتَ كذا فعلتُ أنا كذا) أما النذر الشركي فهو ما كان لغير الله" اهـ.

[مجلة الهدي النبوي / العدد (9) لعام 1385 هـ / صـ4 ] .

أيهما يقدم حال حصول المال: النكاح أم الحج؟ يجيبكم العلامة محمد خليل هراس

سؤال: ما الحكم في رجل وجد لديه المبلغ الذي يمكنه أن يتزوج، وجاءته أشهر الحج، فهل يتزوج أم يحج؟ وأيهما أفضل؟

الجواب:
الحج أحد الأركان الخمسة التي بني عليها دين الإسلام، وقد سمّى الله تركَه مِن القادِر عليه كفراً، قال تعالى: ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ومن كفر فإن الله غنيٌ عن العالمين)).

فمن وجد من المال ما يكفيه لأداء فريضة الحج وجب عليه أن يبادر ولا يتأخر فإنه لا يدري مذا يعرض لهـ وقد جاء في الحديث:((حجوا قبل أن لاتحجوا، فإنه يمرض المريض وتعرض الحاجة)).

ولا يجوز القول أبداً بأن الزواج أولى من الحج أو أنه مساوٍ له، فإن قُصارى أمر الزواج أنه مستحب مُرغَّبٌ فيه، فكيف يُسوّى مستحبٌ بفريضةٍ يُعدُّ تركها كفراً والعياذ بالله؟

[مجلة الهدي النبوي العدد (8) لعام 1385 هـ ، صـ 46] .

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

من لطائف وطرائف العلامة عبدالرزاق عفيفي

يُذكر أن العلامة عبدالزاق عفيفي -رحمه الله- صلى ذات مرةٍ في مسجد، فلما أراد الخروج وجد فقيراً، فأراد أن يتصدق عليه، وكان معه عشرة ريالات وهو يريد أن يتصدق بريال واحد،

فقال للفقير:هل معك صرف؟

قال:نعم.

فصرف له، فلما أراد أن يخرُج أمسك به أحدُ طلاب العلم

فقال: يا شيخ . . الصرف عملية بيع، لايجوز مثل ذلك في المسجد.

فقال الشيخ: يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالاً، أي مقصد الشيخ الصدقه وليس الصرف.


[انظر كتاب: قاعدة يثبت تبعاً ملا يثبت استقلالاً لعبدالعزيز السلامة  ص٥] .

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

هل جاءكم نبأ ضريح البهي ؟!

قال العلامة عبدالرحمن الوكيل في تفسيره (نورٌ من القرآن) :

(يجثم على صدر طنطا ضريحان، أحدهما: منسوبٌ إلى أحمد البدوي، والآخر منسوبٌ إلى (البهي) وكان الناسُ يؤمون البهي عقب طوافهم حول ضريح البدوي؛ إذا كانت له المنزلة الثانية في قلوبهم.

وحين أُريد توسعة الشارع من أجل البدوي هُدم المسجد الذي كان للبهي، وبقي ضريحُ البهي وقُبته بلا أضواء ولا عطور ولا أستار ولا أسرار ولا ألغاز.

وبحثت عن الطائفين فلم أجد غيرَ أني وجدت كلاباً تبول على الضريح، ورجالاً يتخذون من موضعِه مرحاضاً، فأين أين؟

إن الهوى لا يعلَّق بالشيخ وإنما كان يعلق بالزينة، وقد ولّت فولّى الحب) اهـ

[مجلة الهدي النبوي/ العدد (6) لعام 1385 هـ / صـ 15] .