السبت، 12 سبتمبر 2015

تربوي .. يحتاج إلى تربية !!



الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد كثر في الفضائيات ووسائل الإعلام ظهور (التربويين) الذين يلبسون عباءة "الدعوة والإصلاح الشرعي" للعامة. 

ولاريب -معشر الأحبة- أن إصلاح الناس وتقويمهم عقيدةً ومنهجاً أمرٌ مطلوب، ووجود التربويين الشرعيين من طلبة العلم المصلحين يبعث في القلب السرور، وإن المرء ليفرح برؤية تأثير (التربوي) على سلوك الأفراد والمجتمع.

دعونا نقف عند هذه النقطة -قليلاً- قبل الاسترسال، لأذكر لكم أمراً لعلكم تعجبون له، وهو ضمن الموضوع.
 
كان العرب في الجاهلية يسيرون على مبادئ في الرجولة لا تفارقهم، ومن عدل عنها صار من أسوأ الناس وأحقرهم، ومن تلكم الخصال: الصدق وعدم الكذب.

فالصحابي الجليل أبو سفيان -رضي الله عنه- حين سأله هرقل عن النبي  قال:  (فوالله لولا الحياء أن يؤثروا علي كذبا، لكذبت عليه) وكان يومئذ على دين قريش، ولم يكذب -رضي الله عنه- لا في جاهلية ولا إسلام.

فأتى شرعنا الحنيف ليقرر هذا الأدب الكريم، بل حتى جعل الكذب من الكبائر، ومُزاوله من الفاسقين.

فواعجباه .. !! 

ممن تظاهر بالاستقامة، وامتطى مركب الدعوة، ونادى الناس لإصلاح القلوب وتهذيب النفوس، مزخرفاً لهم وجهه بالبشاشة .. ونفسَه بسعة الصدر، مرتدياً عباءة [المرشد التربوي]، رافعاً راية [الدعوة بالحكمة] وهو في الحقيقة من أكثر الناس كذباً ودجلاً .. !! وأشدهم تنفيراً عن دين الله لأهله وخاصّته، وأسوأ الآباء تربيةً لأبنائه .. وأنذل الرجال مع زوجه !!

وما أكثر هؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون ..

أيها القراء الكرام ... إن هذا وأمثاله لا يمثلون دين محمد  إنما يمثلون أنفسهم الأمّارة بالسوء.

فالمنهاج الذي خطّه رسول الله  لحملة الدين أوضح من شمس النهار، وأنقى من أعذب الأنهار، وليس بحاجة (لتلميع) الفجار، الذين يتكسّبون على حساب دين الله الشهرة والمال. 

أيها التربوي..

قبل أن تخوض الميدان، اقرأ قوله تعالى:
((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة))
و
((ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك))
و
((قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني))

وقوله  "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا".

وافقه معانيها، وتدبر كلام أهل العلم فيها، فلعلك تترك الميدان لعدم أهليتك! فاصلح نفسك قبل إصلاح الآخرين

وإياك إياك أن تفتن أهلك ! فتجعلهم يرونك (ذو وجهين) :
وجه الأب والزوج الفاسد السيء، الذي لا يقوم بواجباته الأساسية في التربية والإرشاد ورعاية الزوجة والأبناء.
ووجه المربي الناجح للناس في وسائل الإعلام.

فإن كانت هذه حالك يا أُخيّ، فأصلح نفسك، وتب واستغفر الله، ووجه توجيهاتك التربوية لنفسك، وانتفع بها، ولا تكن (كمثل الحمار يحمل أسفارا) فإن من آفات العلم أن يكون حجةً على صاحبه.

وراقب رب الناس ولا تراقب الناس فيما تقول وتعمل، واخلص لله في عملك، واحذر الرياء، فإن (ذا الوجهين) واقع في الرياء لا محالة.

والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله


كتبه أبو عمر عبدالله الهزاع
صباح الخميس 
٢٤-ذي الحجة-١٤٣٦هـ
الكويت