السبت، 30 مايو 2020

احكم "يا حاكم" بما أنزل الله !


الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد اعترض بعضُ أهل العلم الأفاضل على تعليق وزارة الأوقاف للجمعة والجماعات في المساجد، بعد تفشّي وباء "كورونا" -كفى الله المسلمين شره-، وأدّاهم إلى قولهم هذا اجتهادهم المبني على الأدلة الشرعية وبعض الآثار، ولم يشوّشوا على المسلمين أو يهيّجوا الشعب على الحكومة، بل اعتذر بعضُهم عن إظهار ذلك الاعتراض في هذا الوقت الحرج، فأمروا بالكف عن الخوض في المسألة، والإمساك عنها، والامتثال لأمر ولاة الأمر، خشية أن يكونوا سببا لإشعال فتنة.
ولم يحكم أحد منهم بتضليل المؤيدين لإيقاف الجمعة والجماعة في هذا الظرف الطارئ، ولم يتهموا الحكومات المسلمة بالتآمر على الإسلام، ولم يكفّر أحدٌ منهم الولاة أو يحكموا عليهم بالردة .. كما فعل حاكم العبيسان.

[سلالة حاكم العبيسان الفكرية]

ينتمي حاكم لسلالة سيد قطب الفكرية مُنَظِّر التكفير، ومرجع الجماعات المنحرفة التي تدعي الجهاد، وحامل لواء الخوارج في هذا العصر بلا نزاع.
ومن عرف منهج حاكم من قديم .. من خلال كتبه ومقالاته، واطلع في (توِتَر) على كتاباته، يجدها مشحونة بالفِكر الثوري، والتحريض على الولاة، وسبهم، وتكفيرهم ، واتّهامهم بالعمالة لأعداء الإسلام، كما لم يسلم منه علماء السنة، فلمزهم بالعمالة للغرب، والانبطاح، ومنافقة الحكام، وتضليل الأنام، ووصفهم بأبشع الأوصاف، بل تراه يتفنن في استخدام عبارات التكفير في حقهم، كقوله: (إنهم اتخذوا الحكام أربابا من دون الله)، و(أولياء الشيطان)، و(المشركين)، و (القاديانية) وغيرها، كما في بعض كتاباته.

[حاكم  ..  وحلم إسقاط حاكم الكويت]

حدثني بعض الإخوة ممن ابتلاهم الله بالدراسة عليه في الجامعة أنه كان يثير بعض الشبهات على الطلبة، كقوله: (القبيلة الفلانية عددها كبير في الكويت، فما المانع أن تحكم الكويت؟) ونحو هذه المسائل.
كما أنه من أوائل المستبشرين بالفتنة التي اجتاحت بعض بلاد المسلمين الموسومة بـ "الربيع العربي"، وكان حلمه المأمول أن يصل طوفان الثورات الغوغائية إلى الكويت، وقد تناقل الناسُ تغريداته الثورية عبر وسائل التواصل، وموقفه معروف معلوم، ولكن الحمد لله الذي سلّم الكويت من كيد الماكرين، وخيَّبَ ظنّ حاكم وحزبه.

[الردة الجماعية]

نشر حاكم في حسابه عبر (توِتَر) :
(مفاجأة أم مفاجعة! بعد الردة الجماعية بإغلاق الحرمين والمسجد الأقصى ومساجد العالم العربي كله من الخليج إلى المحيط لأول مرة في تاريخ الإسلام، التزاماً بتوصيات الصحة العالمية والماسونية الدولية: الإيطاليون يعترفون تعرضنا لخديعة من منظمة الصحة العالمية وتضليل إعلامي بشأن فيروس كورونا!). [25-5-2020 . 10:26م]
وقال:
(بعد أن فرض الطاغوت الدولي على العالم العربي كله إغلاق مساجده كلها، بما فيها المساجد الثلاثة، وتعطيل الصلوات فيها، حتى خلت من عمارها في رمضان لأول مرة في تاريخ الإسلام، وكشف قدرته على التحكم بها عبر هيئات الفتوى الوظيفية، حتى سمح هو بفتحها، بقي أمامه تعطيل شعائر الحج، فهل يحقق هدفه هذا!).
[26-5-2020م . 5:51ص]
•ملحوظة: لم تعطل الصلوات في الحرمين بالكامل.
وقال: (ما يجري في العالم العربي هي حرب سافرة على الإسلام وشعائره وشعوبه، لسلخها من دينها، وفرض العلمانية عليها بقوة الحملة الصليبية، ومن انحاز إليها من الأنظمة الوظيفية، وهي ردة جماعية لا فردية، فقد تواطأت عليها عدة دول وأنظمة تستغل كورونا لفرض ما يريده العدو المحتل، بما في ذلك إغلاق المساجد!).
[27-5-2020م . 7:26ص].
فرد عليه أهل السنة، العامة منهم قبل طلبة العلم، واستنكروا مراوغته في التكفير، واستقبحوا دليله المبني على التخمين.

[حاكم العبيسان يتمسح بالشيخ أحمد شاكر رحمه الله]

بعد أن رأى صاحبنا غضب الناس عليه، وأفاق من نشوة التكفير، أخذ يفتش عن نقل يرقّع موقفه أمام الناس، فأراد أن يطب زكاما فأحدث جذاما
فنشر في حسابه في (توِتَر) الآتي:
(إن من يحاول تنزيل عبارة "ردة جماعية" على الأمة الإسلامية! لِصرف العبارة عن المقصود منها وهي "الأنظمة الوظيفية" التي وقفت، وماتزال مع الحملة الصليبية في حربها على الأمة ودينها وشعائرها، لفرض الردة بالعلمانية والإلحاد والإباحية!)
فأتى بنقل طويل عن عضو المحاكم الشرعية العليا في مصر العلامة أحمد بن محمد شاكر رحمه الله، أعرض عليكم الفقرة الأولى الموضحة لزبدة كلامه وحكمه:
(أما التعاون مع الإنجليز بأي نوعٍ من أنواعِ التعاون قلَّ أو كثُر، فهو الرِدَّة الجامحة، والكُفرُ الصراح، لا يقبل فيه اعتذار، ولا ينفع معه تأول، ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من الأفراد أم الحكومات أم الزعماء؛ كلُّهم في الكُفر والرِدَّة سواء إلا من جهل أو أخطأ ثم استدرك أمر فتاب واتخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخصلوا من قلوبهم لله، لا للسياسة ولا للناس)
[28-5-2010 . 12:02ص].

[خلاصة اتهامات حاكم]

1-أن الحكومات الإسلامية (العربية)، والهيئات الوظيفية، وهيئات الفتوى كافرة مرتدة.
2-أن سبب ردتهم إغلاق المساجد، وتعطيل الصلوات، وأن حقيقة الأمر ماهو إلا كيد وخديعة من هذه المنظمات الكافرة المرتدة، المتواطئة مع الطاغوت الدولي الصليبي الماسوني لحرب الإسلام وشعائره، وفرض العلمانية والإلحاد والإباحية.

[الجواب]

 أولا: الدين عند أهل السنة والجماعة "قال الله" و "قال رسول الله"، وكلٌ يؤخذ من قوله ويُرَد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوال أهل العلم تُعرض على ميزان الشرع، فما خالف الشرعَ لا يُلتفتُ إليه.
ثانيا: ليس حاكم العبيسان أول المتمسِّحين بالعلامة أحمد شاكر رحمه الله .. المستندين على هذا النقل -وغيره- بكفر الحكومات الإسلامية وردتها، بل سبقه لاقتباس هذه القطعة الجماعات الخارجية المنحرفة كـ "تنظيم القاعدة"، و "داعش" و"أنصار بيت المقدس-سيناء" وغيرها، وقد يكون العبيسان قد سبق بعض هؤلاء، فاقتبسوها من كتبه ومقالاته وفتاويه، فهو منظّر كبير لغلاة التكفير.
ومُحدِّث الكنانة أحمد شاكر رحمه الله من علماء "جماعة أنصار السنة المحمدية"؛ منارة التوحيد والسنة في ذلك العصر الذهبي، وهم براء من مسلك الجماعات الحركية، وموقفهم واضح وضوح شمس النهار في قضية ولاة الأمر، ومن أراد الاستزادة فليراجع كتاب (الحاكمية والسياسة الشرعية عند شيوخ جماعة أنصار السنة المحمدية أقوالٌ ومواقف، تأليف شيخنا الفاضل أبي يوسف عادل السيد –حفظه الله-).

[موقف الشيخ أحمد شاكر من الملوك وولاة الأمر]

وهذه بعض الأمثلة التي تُبيِّن مفارقة منهج الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في التعامل مع ولاة أمره، والتي تصادم منهج حاكم وأمثاله ممن يحملون الغل والحقد الدفين على حكام المسلمين، ويعتقدون كفرهم وردتهم –باستثناء الرئيس التركي وفقه الله طبعاً-:
1-قال عن الملك فؤاد: (حضرة صاحب الجلالة، نصير الدين، رافع أعلامه، مولانا الملك فؤاد، كبير ملوك الشرق الإسلامي، أيده الله بتأييده) [جمهرة مقالات أحمد شاكر 1/433].
2-قال عن الملك فاروق: (إن الله قد من علينا في هذه السنين الشداد: بمليكنا الفاروق، الملك الحازم، التَّقي، نِعم القدوةِ هو لشباب أمته، وكهولها، وشيوخها، مُلئ قلبه إيماناً، وحكمة، يقود أمته إلى المجد بخطوات سراع، مُهْتَدياً بهدى الإسلام، متمسكاً بعروته الوثقى) [مجلة الهدي النبوي العددان (19-20) صـ15].
فما رأيك يا حاكم في مدحه للمَلِكَين أو (للطاغوتَين) كما تحلو لك تسمية الحكام ؟!
3-لما توفي رئيس مجلس الوزراء المصري آنذاك (حسن صبري باشا)، ألقى كلمة في تأبينه، في البرلمان المصري الذي يسمى بـ (خطاب العرش)، وللعلم فإن عمل رئيس الوزراء المصري: رئاسة السلطة التنفيذية للقوانين الوضعية. [انظر مجلة الهدي النبوي المجلد4 / العدد 57 /صـ18].
4-لما اغتالت جماعة الإخوان المسلمين محمود فهمي النقراشي باشا، رئيس مجلس الوزراء المصري، حزن الشيخ أحمد شاكر حزنا شديداً، وكتب مقالا بعنوان (الإيمان قيد الفتك) ذمهم فيه ذماً شديداً، وبدّعهم ووصفهم "بالخوارج"، بل عدّ النقراشي شهيداً [انظر: جمهرة مقالات أحمد شاكر 2/472-475].
ثالثا: لا وجه لاستدلال حاكم بكلام الشيخ أحمد شاكر، اللهم إلا استخدام عبارة (الردة) التي فرح بها حاكمٌ وطار بها، وسأبين وجه المفارقات:
1-مسألة الشيخ أحمد شاكر:
أن الإنجليز كانوا كفارا حربيين، حاربوا مصر حرباً سافرة، فأفتى الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بتحريم التعاون معهم، بأي شكل من الأشكال، والتحريم عام يشمل كل المسلمين، مستدلاً بقوله تعالى: (وأن هذه أمتكم أمة واحدة)، واعتبر التعاون معهم تولياً للكافر الحربي على المسلمين؛ وتولي الكافر كفر بلا نزاع. –وسيأتي الكلام على المسألة-.
أما مسألة حاكم:
أن جميع حكام المسلمين و"الهيئات الوظيفية" المنفّذة، بما فيها "هيئات الفتوى الوظيفية" والتي تشمل علماء الأمة والهيئات الشرعية للإفتاء في بلدان المسلمين الذين أفتوا بجواز تعليق الصلوات في المساجد (مؤقتاً) من باب المصلحة كفرة مرتدون عن الإسلام –باستثناء أردوغان بالطبع-، وسبب كفرهم عنده: انحيازهم إلى (العدو المحتل) في حرب الأمة وشريعتها، وتنفيذهم لأوامر الطاغوت الدولي الماسوني في تعطيل المساجد !
2-حكمُ الشيخ أحمد شاكر رحمه الله هو من قبل التكفير المطلق، وفرق بين التكفير المطلق والتكفير المعين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق، لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم الحجة التي يكفر تاركها). [الاستقامة 1/164].
وقال الإمام محمد عبدالوهاب رحمه الله: (ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة إذا قال قولا يكون القول به كفرا، فيقال: من قال بهذا القول فهو كافر، ولكن الشخص المعين إذا قال ذلك، لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها) [الدرر السنية 8/244].
ولم يحكم الشيخ على الحكومات والهيئات المسلمة في زمانه بالردة والكفر، بل قال ما يعتقده ويدين الله به، محذرا الأمة من خطر التعاون مع الإنجليز ومآله، بل كان يعلم أن الحكومات لن تقطع المعاهدات التي بينها وبين الإنجليز، فقال الشيخ رحمه الله -بعد الكلام الذي اقتبسه حاكم- : (وما كنتُ يوماً بالأحمق ولا الغر، فأظن أن الحكومات في البلاد الإسلامية ستستجيب لحكم الإسلام، فتقطع العلاقات السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية مع الإنجليز أو مع الفرنسيين.
ولكني أريد أن أبصر المسلمين بمواقع أقدامهم، وبما أمرهم الله به، وبما أعد لهم من ذلٍّ في الدنيا وعذاب الآخرة، إذا أعطوا مقام أنفسهم وعقولهم لأعداء الله، وأريد أن أعرفهم حكم الله في هذا التعاون مع أعدائهم..إلخ) [كلمة الحق صـ155، ط.دار الكتب السلفية].
ففرق بين الغاية التي من أجلها سطّر الشيخ أحمد شاكر هذه السطور، وبين غاية حاكم ..
فرق بين نُصح العالم الرباني للأمة، وخوفه عليها من الوقوع في أمر من موجبات الكفر -على حد اجتهاده-، وبيْنَ العبيسان الذي جعل قضيته وشغله الشاغل صباح مساء الطعن والسب والتكفير في حكام المسلمين وإيغار صدور الرعية على ولاتهم نشراً للفتنة، وتحريضاً على الغوغائية ... فشتّانَ بين مُشرِّقٍ ومُغربِ
ففرِّق يا حاكم بين مَن قال: من فعل (كذا) فقد كفر وارتد، وبين من قال: فلان كفر وارتد لأنه فعل (كذا).
لا تعجب أيها القارئ الكريم من طريقة العبيسان في التكفير .. ولا تتعب نفسك في البحث عما يزعمه من مراعاة إقامة الحجة على المعين، فهو على منهاج سيد قطب في التكفير حذو القذة بالقذة، وكلاهما لايعمل بضوابط أهل السنة والجماعة في باب التكفير، وسأثبت ذلك للجميع في فصل: (هل صار أردوغان طاغوت حاكم العبيسان؟).
3-إن زعم معترض على توضيح كلام الشيخ شاكر، وزعم أن الشيخ حكم بالكفر على العموم.
فالجواب:
قد استثنى الشيخُ -رحمه الله- من انتفت عنه موانع التكفير عدا التأويل، فقال –في نفس نقل حاكم-: (إلا من جهل، أو أخطأ، ثم استدرك أمره فتاب، واتخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم)، فهل استثناء المعذورين بالجهل والخطأ تكفير بالعين؟
وما حكم من لم تبلغه حجة الشيخ شاكر يا حاكم؟ هل العمل بضوابط التكفير عندك "بالمشتهى" ؟!
4-أن العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعقب فضيلته في مسألة التعاون مع الإنجليز، وقضية التكفير، وللأسف أن الرسالة المرسلة للشيخ أحمد غير كاملة، كما في كتاب (الرسائل المتبادلة صـ595):
قال رحمه الله: (..ثم أشعر فضيلتكم أني لما قرأت كلمة الحق المنشورة في مجلة الهدى الصادرة في ربيع أول سنة 71 وجدتُ فيها مواضع لم تظهر لي حجة ما اعتمده فضيلتكم فيها، وأحببت مذاكرتكم في ذلك؛ ليظهر الصواب للجميع؛ أداءاً لواجب التناصح، والإخوة الإيمانية، جعلني الله وإياكم من الذين يهدون بالحق وبه يعملون وهذا بيان المواضع :
الأول: قلتم في صفحة 13 (يجب على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يحاربهم وأن يقتلهم حيثما وجدوا مدنيين كانوا أو عسكريين إلخ).
أقول هذا التعميم والإطلاق فيه نظر؛ لأنه يشمل المسلمين الموجودين في مصر وغيرهم.
والصواب أن يستثنى من ذلك من كان من المسلمين رعية لدولة أخرى من الدول المنتسبة للإسلام التي بينها وبين الانجليز مهادنة؛ لأن محاربة الإنجليز لمصر لا توجب انتقاض الهدنة التي بينها وبين دولة أخرى من الدول الإسلامية، ولا يجوز لأي مسلم من رعية الدولة المهادنة محاربة الإنجليز؛ لعدوانهم على مصر وعدم جلائهم عنها.
والدليل على ذلك قوله سبحانه في حق المسلمين الذين لم يهاجروا(وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ)، ومن السُّنة قصة أبي جندل وأبي بصير لما هربا من قريش وقت الهدنة، والقصة لاتخفى على فضيلتكم.). اهـ

[أحروريٌ أنت يا حاكم ؟!]

5-كيف صيّرتَ نازلة فقهية -محضة!- وهي: (الترخص في صلاة الرجال في منازلهم بسبب الوباء، إلى أجلٍ، دون المساجد، قصداً لحفظ الأنفس) ومحل بحثها صلاة أهل الأعذار .. فجعلتها ناقضاً من نواقض الإسلام؟!!
أليس هذا تكفيرا بغير مكفّر يا حاكم ! أحروريٌ أنت ؟!
6-مِن طرق حاكم العبيسان للتشفي من حكام المسلمين التمسك بأي شبهة ضعيفة، أو فكرة سخيفة؛ قد يستطيع من خلالها تهييجَ السُّذج من أتباعه على الولاة، ومن تلكم العبارات الاستعطافية: (فرض الطاغوت الدولي على العالم العربي كله إغلاق مساجده كلها، بما فيها المساجد الثلاثة، وتعطيل الصلوات فيها)، وأحسبه يشير إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أقاموا فيكم الصلاة)، وعليه فقد كفر الولاة وارتدوا هم وهيئاتهم والعلماء والهيئات الوظيفية.
والجواب:
أولا: هل الحكام بهذه السطحية والسذاجة التي تصوَّرها حاكم في عقله؟
وعلى فرض رغبتهم في منع الناس من المساجد فعلاً .. هل سيمنعونهم بهذه الطريقة، أهكذا يكون المنع؟ لا أدري أي عبقرية سياسة يدّعيها أتباعه عنه.
ثانيا: هل علماء المسلمين: كهيئة كبار العلماء في السعودية وعلماء الأزهر وعلماء الشام وغيرهم يريدون تعطيل المساجد؛ ولا يريدون الصلاة فيها؟! يا رجل .. أتعقل ماتقول؟
وهل "جنابك" الداعية المسلم الوحيد الذي كشف لعبة "الطواغيت" و"كهانهم" (سبحانك هذا بهتان عظيم)؟
ثالثا: أن الحاكم لم (يعطّل الصلاة في المساجد)، فقد قررت الحكومة الكويتية والسعودية وغيرهما -جزاهم الله خيرا- عودة إقامة الصلوات في المساجد بحمد الله.
فهل ستعتذر؟
رابعاً: أصيبت جميع الدول الكافرة المعادية للإسلام، اليهودية والنصرانية والوثنية، فأغلقت معابدها، وأسواقها، وتردى اقتصادها، فهلّا فكرتَ قليلاً في فرضية (المؤامرة الماسونية لحرب الإسلام ونشر العلمانية والإلحاد والإباحية من خلال كورونا) !

[هل صار أردوغان "طاغوت" حاكم العبيسان؟]

أشاد حاكم عبر حسابه في (توِتَر) بالحكومة التركية قائلاً:
(في تركيا وحدها 80 ألف مسجد تصلي الجمعة والجماعة، وهي الأقل نسبة حتى الآن في الإصابة بالمرض، فهل يُعقل إغلاق مساجد المسلمين وحدهم، دون أهل الأديان الأخرى، ومنعهم من شعائر دينهم، وانتهاك حقوقهم الدينية والإنسانية، بمثل هذه الأحداث الطارئة! اللهم لا تبلغ لهم غاية ولا ترفع لهم راية!).[16-3-2020م. 9:50ص]
و (يا فرحة ما تمّت) فبعدها بساعات .. أعلنت وكالة الأناضول عبر حسابها العربي الرسمي في (توِتَر) :
(عاجل| رئيس الشؤون الدينية التركية يعلن إيقاف صلوات الجماعة في المساجد، بما فيها صلاة الجمعة، للوقاية من انتشار فيروس كورونا). [16-3-2020. 3:47]
والأسئلة التي تطرح نفسها:
-ما حكم رئيس الشؤون الدينية التركي بعد أمره بإغلاق المساجد في تركيا؟ 
-لماذا لم تُكفِّر يا حاكم الحكومة التركية وتحكم عليها بالردة، والعمالة لصالح الحملات الصليبية والماسونية؟
-هل أقمتَ الحجة على جميع الحكام العرب المسلمين -وفقهم الله-، ولم تقمها على الرئيس أردوغان –وفقه الله- والهيئات الوظيفية المنفذة في تركيا فلهذا السبب لم تكفرهم؟ أم أن الأتراك لهم أحكام خاصة فلا يشملهم التكفير؟
-أو لعلك تعتقد: أنَّ الله غفورٌ رحيمٌ مع الحكومة التركية، وشديد العقاب مع الحكومات العربية؟
-أو لعلك "جاميٌ مع الأتراك .. قطبيٌ مع العرب" ؟! -رحم الله العلامة الجامي-
-أو لعل منهجك الباطل، وسوء ظنك اللامحدود بحكام العرب المسلمين قد صدَّك عن الانصاف في الحكم عليهم، و "الهوى ما له دوا" ..

[من أخبرَك بأمر التواطؤ ؟]

هناك سؤال يراودني يا حاكم ، وأرجو منك الإجابة عليه، وهو الأهم عندي من كل ماسبق:
تُعتبر الكويت –حرسها الله- أول دولة خليجية ولعلها السابقة في العالم الإسلامي إلى قرار تعليق الصلوات في المساجد، فيلزم من ذلك أنها أول حكومة تواطأت مع الطاغوت الدولي الماسوني -ولا بد-، فكيف عرفتَ:
أن الشيخ صباح الأحمد –وفقه الله- أو المسؤول المُفوَّض من قِبله في التعامل مع الماسونية، ووزير الصحة، ووزارة الأوقاف المتمثلة بالوزير، والوكيل المساعد لقطاع المساجد، وإدارة الإفتاء التي أفتت بجواز تعليق الصلوات في المساجد: قد تواطؤوا جميعاً مع الطاغوت الدولي الصليبي الماسوني لحرب الإسلام ونشر العلمانية والإلحاد والإباحية ؟!!
هل كنتَ جالساً معهم ؟
أم لك صديق (كافرٌ مرتد) من رؤوس المسؤولين الكويتيين (من الوزراء أو المُفتين) ممن له تواطؤ الطاغوت الدولي الماسوني، فاتصل بك ليخبرك بأن الحكومة الكويتية (العميلة الصليبية الماسونية) ستغلق المساجد حرباً للإسلام؟ فأخبرك -أنت بالذات- لعلمه أن التكفير عندك (مِثل السلام عليكم) لتُكفِّرهُ ! فصدَّقت ذلك الصديق الكافر المرتد الفاضل؟
أم لك صديق نصرانيٌ صليبيٌ فاضل، عدوٌ لله ورسوله، أخبرك أن جماعته طلبوا من الحكومة الكويتية إغلاق المساجد للسبب ذاك، فصدّقت صاحبك الماسوني (الثقة) ؟!
أم رُزقتَ "الكشف الصوفي" فانكشفت لك تلك الاجتماعات -بنور الله- فرأيتها رأي العين وسمعتها بأذنيك؟ 
أم أنك (كذبت الكذبة وصدقتها)، وبناء عليها كفّرت المسلمين؟ وهذا الواقع ..
يا حاكم .. إن كنت متساهلاً في اتهام حكام المسلمين بافتراءاتك المضحكة لأنهم حكام غير شرعيين، كفارٌ يحكمون بغير ما أنزل الله، فاتق الله في نفسك، وها قد وقعت في الحكم بغير ما أنزل الله، قال تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله..)، أين التقوى والتثبت من تخرصاتك وتخميناتك وخيالاتك؟

والله المستعان 

والحمدلله رب العالمين

الاثنين، 25 مايو 2020

البيان لما نسب "محمد الغزالي ومهنا المهنا" إلى الشيخ الفقي من البهتان

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد أرسل إلي أحد الزملاء تغريدة نشرها المدعو (مهنا المهنا) وهو شخص متخصص في التاريخ، صوفي أشعري الاعتقاد، من أشهر الحاقدين على أهل السنة والجماعة في الكويت، المتفننين في نشر الكذب على علمائها، وتشويه صورة منهج السلف الكرام بالباطل، وقد رددتُ على بعض كتاباته في توِتَر، لكنه من الصنف الذي يكتب ولا يرد على مخالفيه وإن تبيّن له كذب وزور نقولاته، ولا يتراجع، نسأل الله العافية.

[الجامية والمداخلة هم من يطعنون في أبي حنيفة عند المهنا] 

كتب المهنا مجموعة من التغريدات قبل يومين عن المخالفين للإمام الفقيه أبي حنيفة رحمه الله، فأسرف في النيل منهم، وسلط تغريداته بطريقة صبيانية في غاية الرعونة على من انتقد أبا حنيفة -عموما دون تفصيل- ، ومن العجيب أنه حصر مخالفيه بمن سمّاهم بـ (الجامية والمداخلة) !
مع أن أول من تكلم في عقيدة أبي حنيفة جماعة من كبار أئمة الحديث، كالإمام أحمد، وصاحبه أبي يوسف، والسفيانين، والأوزاعي والحميدي، وغيرهم.
وقد نقل بعض تلك الآثار عبدالله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله في كتاب (السنة) وغيره، فليراجعها المهنا لأنه لم يطلع عليها، فإني لا أظنه يعني بهؤلاء الأئمة (الجامية والمداخلة) !

ومع هذا أقول: اختلف علماء السنة في أبي حنفية بسبب بعض مقالاته في العقيدة جرحا وتعديلا، ولا يمكن إنكار أمر تاريخي ثابت قد وقع، وتهميش أقوال أئمة الإسلام لأجل الانتصار لأبي حنيفة رحمه الله.

وأبو حنيفة رحمه الله إمام من أئمة الدين والدنيا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين: كمالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة وأبي يوسف..) [منهاج السنة 1/ 215-216].

[الشيخ أ.د محمد بازمول: الذي استقر عليه أهل السنة ترك الكلام في أبي حنيفة]

قال -حفظه الله- :
(الذي استقر عليه عمل أهل السنة والجماعة هو ترك الكلام في أبي حنيفة رحمه الله ، وأنه إمام صاحب منهج متبع ، وأن ما وقع فيه من خطأ وقع باجتهاد وإن شاء الله يعذر عليه ، بل أزيدكم : ابن تيمية - رحمه الله - عدَّ في علماء أهل الحديث وفقهاء أهل الحديث : الإمام أبا حنيفة وذكره منهم ، بل أزيدكم من الشعر بيتاً : أن الإمام الذهبي في رسالته في المتكلمين في الرجال ، والإمام السخاوي في رسالته في المتكلمين في الرجال جرحا وتعديلا ، كلاهما أورد أبا حنيفة من ضمن أهل الحديث الذين يعتمد قولهم في الجرح والتعديل ، فاطووا هذه الصفحة ولا تبسطوها ولا تتوسعوا في هذا الكلام ولا تدخلوا فيه فإن الكلمة قد استقرت من بعدُ على إمامة أبي حنيفة ، وما أخطأ فيه فهو والحمد لله واضح معروف نحن نتركه ولا نتبعه ونظن به إن شاء الله خيرا وأنه عالم مجتهد وانتهى هذا الموضوع) [شرح سنن ابن ماجه الدرس (4)],

[ائتنا بطعن الشيخين محمد الجامي وربيع المدخلي بأبي حنيفة يا المهنا]

لم ينقل المهنا عن الشيخين محمد أمان الجامي رحمه الله ولا عن ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله، ولا عن أحد من تلامذتهما نصاً في الطعن في الإمام أبي حنيفة رحمه الله.
فإن كانا ممن يطعن في أبي حنيفة .. فليأتنا المهنا بكلامهما - مع أن هذا البحث خارج محل النزاع لكني أريد أن أثبت للجميع أن الرجل كان في سكرة الطيش عند كتابته لتلك التغريدة.


[زعمه أن العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله قال عن أبي حنيفة: أبا جيفة]

كتب المهنا : (كان محمد حامد الفقي يسمي أبا حنيفة (بأبي جيفة) فمات موتة نكراء ! نسأل الله العافية ! وهناك شيخ كويتي كان يلقب أبو حنيفة (أبو جيفة) ففضحه الله وهتاك ستره ! نسأل الله العافية والستر والعفو في الدنيا والآخرة لنا ولأحبابنا المسلمين. آمين آمين آمين) اهـ [تاريخ 23-5-2020 / 1:18 ص]

والجواب:

أولا: هذه مقالة حماد بن سلمة [ت:167هـ] :
قال عبدالله بن الإمام أحمد: (حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ ، سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ ، إِذَا ذُكِرَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ : ذَاكَ أَبُو جِيفَةَ قَالَ وَبَلَغَنِي أَن عُثْمَانَ الْبَتِّيُّ ، كَانَ يَقُولُ : ذَاكَ أَبُو جِيفَةَ) [السنة 288].

وقالها أبو بكر الحميدي [ت220هـ] :
قال الخطيب البغدادي: (أخبرنا ابن رزق، قال أخبرنا عثمان بن أحمد، قال حدثنا حنبل بن إسحاق، قال سمعت الحميدي يقول إذا كنّا أبا حنيفة : أبو جيفة) [تاريخ بغداد 15/ 558].

ثانيا: أن الشيخ حامد الفقي [ت:1378هـ]  ليس أول من اتهم بهذه التهمة، فغير واحد من مشايخ السنة -قديما وحديثا- الذين نقلوا آثار المخالفين لأبي حنيفة -في معرض سبر أقوال الأئمة فيه- اتُّهموا بهذا الاتهام لمجرد النقل، لا الترجيح.

وهذه فرية محضة، فالشيخ حامد يعظم الإمام أبا حنيفة، -وسيأتي بيان ذلك-.

فنعم الأمانة العلمية يا المهنا ..

وأنا بانتظار المصدر.

ثالث: زعم المهنا أن الشيخ الفقي مات موتة نكراء لطعنه في أبي حنيفة.
وهذا ضرب من تأثير القصص الدرامية والروايات التي يقرأها المهنا؛ فما سبب موته وكيف كانت لحظاته الأخيرة؟
أما سبب موته فكان كغيره من كبار السن الذين يبتليهم الله بما يشاء لهم كونا، وقد أجريت له عملية جراحية، وتكللت بالجناح، فسمح له الطبيب بالانصراف، ثم أصيب بنزيف في موضع الجرح، فأسرع الأطباء لعلاجه، ولكن أجل الشيخ كان قد سبق.

قال تلميذه الشيخ رشاد سليمان -رحمه الله-:
(وقبيل فجر ذلك اليوم طلب ماء ليتوضأ لصلاة الصبح، فقال له من حوله من الأبناء والإخوة: يكفيك التيمم وأنت على هذه الحال. فغضب وقال: أتريدون أن أتشرَّف بالمثول بين يدي ربي من غير وضوء؟ إئتوني بالماء.
فأحضروا الماء فتوضأ، ثم صلى فريضة الصبح، وقرأ في الركعتين سورة الرعد، وبعد أن فرغ من صلاته، وقبل أن تصعد روحه بدقائق طلب نقله إلى دار الجماعة، لقد تذكرها في تلك الحال، ولم يتذكر داره ولا ماله ولا أهله ولا ولده) ثم فاضت روحه، وعملا برغبته تم نقل جثمانه إلى دار الجماعة وصلي عليه، وحضر جنازته وزير الأوقاف وكبار العلماء كالعلامة محمد محيي الدين عبدالحميد ومحمد حسنين مخلوف وجميع مشايخ كليات الأزهر وأساتذته وعلماء الأزهر، وترامى أهل الأقاليم سراعا إلى دار أنصار السنة المحمدية بعد أن بلغهم الخبر، وكان ذلك يوم جمعة.
[انظر مجلة الهدي النبوي ج20 / العدد (7-8) صـ21-23].

استخرج لنا الموتة النكراء أيها الصادق الأمين ..

[استشهاد المهنا بمحمد الغزالي على تكفير الفقي لأبي حنيفة]

نقل المهنا ما نصه عن محمد الغزالي [ت:1416هـ] :
(إن زعيم السلفية الأسبق في مصر الشيخ محمد حامد الفقي حلف بالله أن أبا حنيفة كافر، ولا يزال رجالٌ ممن سمعوا اليمين الفاجرة أحياء..) [سر تأخر العرب والمسلمين]. [انظر للتغريدة بتاريخ 23-5-2020 / 1:54ص].

نقل الغزالي الخبر عن مجاهيل، والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

والغزالي وأصحابه النّقَلَة في دائرة الاتهام .. حتى يثبتوا صدق دعواهم، لاسيما أنهم مخالفون للفقي، بل يخالفون أهل السنة والجماعة في أبواب شتى في العقيدة كتوحيد الإلهية والصفات وحقيقة الإيمان وباب القدر وغيرها، فادعاؤهم مردود حتى يأتونا ببينة من كلام مكتوب أو تسجيل مسموع، ومات الغزالي وأصحابه، ولم يأتوا ببينة.


[موقف حامد الفقي من الإمام أبي حنيفة]

لما نشر محمد الغزالي كتابه (سر تأخر العرب والمسلمين) عام 1408هـ /1986م -أي بعد وفاة الشيخ الفقي بسبع وعشرين سنة- ورأى الناس تجني الغزالي على الشيخ الفقي رحمه الله، بادر الأستاذ عبدالعزيز محمد عبدالعزيز السكندري -رحمه الله- بالرد على الغزالي في مجلة التوحيد التابعة لجماعة أنصار السنة المحمدية (سنة1408 / العدد5 / صـ54-56).

أنقل خلاصة رده:
ذكر رحمه الله أن لهذا الحدث قصة هي سبب انتشار هذه الفرية، وهي:

أنه في عام 1931م حقق العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله تاريخ بغداد للخطيب، وعند ذكر ترجمة الإمام أبي حنيفة قال الشيخ حامد: (قال الخطيب البغدادي أن أبا حنيفة كان يجنح إلى القول بالرأي، وأنه كان ضعيفا في استخدام علم مصطلح الحديث، وأنه كان يعمل بالأحاديث الضعيفة، ويستند إليها في أحكامه وفتاويه)، وأورد آراء المؤيدين والمعارضين.
فما كان من علماء الحنفية إلا أن قاموا بحملة شعواء على صاحب مكتبة الخانجي الذي طبع الكتاب والمحقق !
ولو أنهم كلفوا أنفسهم قراءة مقدمة الكتاب أو تعليق الشيخ على كلام الخطيب رحمهما الله لكفوا شر الادعاءات الباطلة.

قال الشيخ الفقي رحمه الله: (ذكر الخطيب رحمه الله تعالى للإمام ولغيره من أئمة الهدى كثيرا من الفضائل، ولا شك أن للعصبية المذهبية شأنا وأي شأن في أكثر ما نقل الخطيب في ترجمة الإمام رحمه الله تعالى.
وكم من عالم جليل وحَبرٍ نبيل أحسن الأحدوثة وأوفى الثناء على الإمام أبي حنيفة، وإن كنتَ في شكٍّ من هذا ولا أخالك فدونك كتاب "الانتقاء" لأبي عمر يوسف بن عبدالبر، وقد أشبع الحافظ بن الجوزي والملك المعظم الكلام في الرد على الخطيب إشباعا بالغا) [13/ 369].

[وأخيراً ..]

ليس المهنا أول ولا آخر من يفتري على الشيخ الفقي وغيره من علماء السنة، فقد افترى أهل البدع من المتصوفة وأهل الكلام على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بمزاعم تضحك منها الثكلى.
وما دافع الكذب والبهتان عند أهل الأهواء إلا ضعف ححجهم، ووهن عقائدهم، أمام الأدلة الساطعة والبراهين الواضحة التي تقوم عليها عقيدة أهل السنة والجماعة المنتهجين نهج السلف الكرام عقيدة الكتاب والسنة.
رحم الله العلامة الفقي وجزاه عن أهل الإسلام خيرا، فقد لاقى الكثير في حياته، ولم يتركه أهل الزيغ بعد مماته.

والحمدلله رب العالمين.