الاثنين، 10 نوفمبر 2014

الحرية في الإسلام .. لفضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز سندي -حفظه الله-

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا، أما بعد:

فإن قضية الحرية بمفهومها المعاصر صارت مسارُ جدلٍ كبير نظراً لاختلاف الناس في فهمها وتطبيقها، نعم ... لا يُنكَر أن هذه الكلمة تهواها النفوس، وتَهِشُّ لسماعها، ولقد كانت العرب تعتز بالحرية وترى أنه يجتمع معها جميعُ مكارم الأخلاق، ألم تسمع إلى قول صاحب لامية العرب:
ولكنّ نفساً حرّةً لا تُقيم بي
على الذل إلا ريثما أتحول

أو قول الآخر:
تخير مِن الاِخوان كُل اِبن حرة              يَسرك عِندَ النائِباتِ بَلاؤُه

لكن الأمر في هذا العصر قد تغير، إذ أضحت هذه الحرية من أكثر الكلمات إشكالا، فلها تعريفاتٌ شتّى، وتستعمل في حق ويتذرع بها إلى باطل، ويتكلم بها الصِدِّيق والزنديق، فما أحراها أن توضع تحت مجهر التأمل لضبطها ومعرفة حدودها وصوابها من خطإها، وذلك أن كلا يحمل الحرية على هواه، فحتى الوقح يعُد وقاحته حرية، والمسرف يحسب إسرافه حرية، والشاذ يصف شذوذه بالحرية، وهكذا.
فكم لقي هذا اللقب من تعسف وتشويه وعبث ومن البلاء.

إن فئات شتى من المبطنين أو المخدوعين جعل من موضوع الحرية سلاحاً أشهرته في أوجه المصلحين، ووسيلة ضغط على المجتمع وناصحيه، فإذا راموا فشيد باطل، أو إسكات صوت الحق تنادوا:
(يال الحرية) .. !

وتباكوا على حماها المستباح، والحقيقة أنهم ينصبون من رفع شعار الحرية إلى هدم أركان الفضيلة، وتمزيق حجابها وتفكيك عُراها، واعتبِر هذا بأعتى شياطين الإنس من الماسونية، فقد انتحلوا شعار الحرية مع أخويه: "الإخاء" و  "المساواة". ألفاظٌ مزخرفةٌ  حلوة، لكن تحتها السم الزُعاف.

إن المفتونين في هذا العصر قد خلعوا على هذه الكلمة محاسن وزخارف حتى بدت فتنة لكل أحد، فلما نكشف الغبار عنها أبدى واقعهم أنها كلمة لا حياة فيها غير أنها مركبٌ ذَلولٌ للتمرد ! وقنطرة لتجاوز القيَم.
كم أولئك المخدوعون ؟!
كم نسمع من إنسان إذا قيل له: "أدِّ واجباً" أو "كف عن باطل" ... أجاب ببرود:
(أنا حُر) !
 هل هذا الكلام صحيح؟
هل الإنسان حر في أن يفعل كل ما يشاء ويترك كل ما يشاء، بلا حاكم يحكمه إلا هواه؟
هل الحرية جُنّةٌ يُتَّقى بها المسؤوليات، ويتخلص بها من الإلتزامات؟
وإذا فرضنا هذا المُنطلَق، أو إذا طلبنا هذا المنطق فهل تستقيم للمجتمعات حياة؟
إن كثيرا من الصراع الذي بين الفضيلة والرذيلة، وبين الخير والشر، وبين العدل والبغي هو راجع في حقيقته إلى الاختلاف على ضابط الحرية.
ثمّة منهجان في تحديد ماهية الحرية وضوابطها:
-فحريةٌ معتدلة نافعة، يقررها الإسلام بعدله ورحمته وحكمته.
-وحرية زائفة متمردة، ينتهجها المتمردون على شرع الله على اختلاف نحلهم أو من سار في ركابهم، إنها حرية مطلقة عند هؤلاء .. أن تفعل أي شيء دون أن يقيدك شيء، حرية متطرفة تدعو إلى ما يسمونه أو يطلقون عليه (الأنانية) ! فالأولوية المطلقة فيها للفرد، لا رقيب فيها ولا حسيب، ليس فيها معيار ثابت للحق والباطل، أو ميزان للخير والشر، أو ضابط للقيم السامية والسافلة.
إنها حرية منفلتة ألغت كل قيد بل ألغت كل قيمة، وأعظم قيمة ألغتها الدين الحق، فتحت ظلال هذه الحرية لا فرق أن يُعبد الله الرحيم الرحمن وأن يعبد الحجر والبقر والشيطان!

أما الأخلاق عندهم .. فليس لها معيار إلا اللذة والمنفعة، أو الإرادة والهوى، إنها حرية باطلة، أرخت العنان للشهوات، فباسمها يمكن للإنسان أن يمارس كافة الشذوذ وجميع أنواع الفجور.
حريةٌ متمردة !
تعني امتثال داعية الهوى، والجهر بأي رأي ولو عارض شرعاً أو خالف خُلُقاً أو صادم عرفاً...

حريةٌ زائفة !
أولها بهرجةٌ وقد يكون فيها امتاع لكن آخرها فساد وضياع .. نعم هو ضياع !
فما الذي أفرزته هذه الحرية عند أولئك؟
هل أورثَتهم سعادةً حقيقية؟ كلا والله ! بل بؤساً وضيقةً وضيقاً يهربون منه بكل وسيلة، بل أصبحت الحياة ذات قيمة ضعيفة عندهم.. رخيصة، حتى إن أحدهم قد ينتحر لفقد عشيق! بل لوفاة مطرب ! بل لهزيمة فريق ! فما قيمة هذه الحرية التي ما أغنت عنهم فتيلاً ولا قطميراً؟

أي قيمةٍ لحرية لا يملك فيها الإنسان تحكما في غريزة أو كبحاً لانفعال؟
أي رِقٍّ أذل من هذا الرق ؟!
غير أن المؤسف حقاً .. أن مفاهيم هذه الحرية قد غزتنا في دورنا، لتجعل ناشئ المسلمين ينشأ في عزلة عن دينه وتاريخه .. يريدون من الفتاة المسلمة والفتى المسلم أن يكون حراً، ولو نقب السفينة ليَغرقَ ويُغرِق.

حريةٌ تغرقه أولاً في أمواج الشهوات تحت مظلة (الحرية الشخصية)، ثم تغرقه في لُجَج الشك تحت مظلة (حرية التفكير)، ثم تطرحه على ساحل التمرد على دينه تحت مظلة (حرية الرأي)، وأخيراً .. تهوي به في وادٍ سحيق من الإلحاد والردة تحت مظلة (حرية الاعتقاد) !

هذه هي الحرية بوجهها القبيح: ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب، شعارها الانفتاح، وحقيتها أغلالٌ ثقيلة، الإنسان تحت رايتها أسير لذةٍ يطيعها، وشهوة تقوده وهوى يتحكم فيه، حاله كغصن ضعيف، أي نسيم مرَّ به أماله، فتارة تميله صورة تارة يجذبه منصب، وتارة يستعبده الدينار والدرهم، فيتخذ حينها إلهه هواه ويتبعه بغير هدى من الله.

لقد عمي هؤلاء وصمّوا .. عن أنّ الإنسان عبدٌ شاء أم أبى!- فلا ينفك من العبودية البتة:
فإما أن يكون عبداً لله: فيتحرر لعبودية من سواه.
وإما أن يكون عبداً للشهوة أو الشهرة أو  المال .. أو ربما كان عبداً لثوبه ! (تعس عبد الخليصة، تعس عبد الخليلة) ..
أما الإسلام فقد جاء بالحرية المشرقة الصادقة، حرر القلب من التعلق بالخلق، وحرر الاعتقاد من الخرافة والهوى والتقليد الأعمى.
إن الحرية في الاسم يا أيها الإخوة- حقٌ للإنسان بل ضرورة فهو يفعل الخير باختياره فيثاب، ويفعل الشر باختياره فيتعرض للعقوبة، فالحرية في الإسلام مناط التكليف ((ونفسٍ وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها)).

قوام الحرية في الإسلام: أن يعرف المرء ما له وما عليه، وأن يذعن لقواعد الانصاف، وأن ينصاع لسلطان الحق..

إن الحرية في شرعنا .. هي قدرة الإنسان على الاختيار حيث لا ضرر ولا ضرار، ولاحِظ أنهما طرفان لا طرف، لا ضر بالنفع ولا ضرار بالغير.

تلك الحرية الجامحة آنفة الذِكر- جاءت في أحسن أحوالها بطرفٍ واحد، فقالوا: "لا إضرار بالآخرين، أما نفسك فافعل بها ما تشاء" فأي المنهجين أعقل وأرحم؟

لقد جاءت شريعتنا بالموازنة بين الحرية والمسؤولية، فكما أن الحرية حق لك، فالمسؤولية تجاه نفسك ودينك والآخرين واجب عليك، فإذا أردت ممارسة حقٍ فعليك أن تؤدي واجباً.

جاء الإسلام لتوضيح الفرق بين حرية المرء "أن يفعل ما يريد" و "أن يفعل ما ينبغي" .. لقد بين أن مسافة شاسعة تفصل بين الحرية والفوضى، وإذا كان العقلاء جميعاً متفقين على أنه لا يمكن أن تنفصل الحرية عن النظام فقد جاء الإسلام ليقيدها بقيود توقِّد العدل وتمنع الظلم .. ظلم النفس وظلم الغير ..

أنت حرٌ .. في قولك في تفكيرك في كسبك ما لم تؤد حريتك إلى تهديد سلامة المجتمع وتقويض أركانه، أو تفويت حقٍ أهم، وما لم تؤدِّ إلى إضرار بالنفس أو بالآخرين ..

أنت حرٌ .. ما لم تتعد حدود الله ((تلك حدود الله فلا تعتدوها)) ..

أنت حرٌ .. ما لم تتبع هواك ((ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)) ..

أنت حرٌ .. مالم تظلم الآخرين أو تعتدي على حقوقهم ((إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم)) ..

الخلاصة .. الحرية في الإسلام مقيدة لا مطلقة، منها المقبول ومنها المردود، والمرجع في هذا حكم الشرع الحكيم.

أيها الفضلاء ..

إذا كنا نقف على ساحل الحرية فإني لا أستطيع أن أقف هذا المقام دون أن أقف وقفةً مع نوعٍ من أنواع الحرية التي شاعت وذاعت، وتناولتها الألسنة والأقلام صراحةً أو على استحياء، هذا النوع أخطر وجهٍ من أوجه الحرية الزائفة، يروج له أهل الباطل بكثافة في هذه الأيام، ألا وهو: (حرية الاعتقاد) !!

حيث يزعمون أن حرية الإنسان مكفولة له بحيث أنه مخير في أن يعتقد ما يشاء ويتدين بما يحلو له، وأن يدخل في الدين الذي يريد، وأن يترك الدين الذي يريد، لا فرق في هذا بين دين الإسلام وغيره من الأديان الباطلة، وربما نسب بعض الذين اغترّوا بهذا الفكر بهذه الفتنة، مع أنهم ينسبون أنفسهم إلى فكرٍ عقلاني سموه (إسلامياً) ..

هؤلاء نسبوا هذه الحرية الباطلة إلى الإسلام، وزعموا أن الإسلام يقول لك: "تنقَّل بين الأديان كما يحلو لك، فالتزم بما تشاء، واخرج واترك ما تشاء" وتشبثوا في هذا ببعض ما لم يفهموا وجهه من أدلة الشرع :
قالوا: " ألم يقل الله -جل وعلا- : ((فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) إذن هذا دليلٌ على أن الإنسان مخير يدخل فيما يشاء من الأديان ويترك ما يشاء؟"

وفرّعوا على هذا أن أنكروا حد الردة الثابت في صحيح البخاري وغيره عنه صلى الله عليه وسلم- ألا وهو قوله: (من بدل دينه فاقتلوه) .. زعموا أن هذا يتعارض مع مبدأ الشريعة الذي جاء في قوله تعالى: ((لا إكراه في الدين)).

إذا تأملت -يا رعاك الله- في كلام هؤلاء وجدت أن مشكلتهم أنهم منهزمون نفسياً، لذا فهم يحاكمون الإسلام إلى الفكر الغربي، أي يطالبونه أن يذوب، وأن لا تكون للمسلمين هوية، وأن تختفي معالمه ومميزاته .. يريدونه مرآة عاكسة لغيره فحسب...

لقد أخطأ هؤلاء خطأً كبيراً، إن الإسلام هو الدين الحق المنزل من عند الله، المستعلي على غيره، له مقاصده وحِكَمُه وأحكامه، وليس مطالباً بموافقة غيره من الأديان أو أوضاع المجتمعات، فمن آمن بأحكامها كلها، فإنه سيسعد في الدنيا والآخرة ومن كفر به فلن يضر إلا نفس ولن يضر الإسلام شيئاً ((ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئاً، يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم)).

وعوداً على بدءٍ أقول:
لا شك أيها الإخوة- أن من عرف دين الإسلام حق معرفته ليجزم أن هذه الخزية المزعومة من أوضح الإفك وأعظم الظلال، فإن أدلة الشرع كلها وإجماع المسلمين قاطبة قد قام على أن الدين الحق الذي لا يقبل الله من أحد سواه هو التوحيد .. هو دين الإسلام ((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)).

 ليس للمرء الخيار في الدخول فيه أو الإعراض عنه أو الخروج منه بل هو ملزمٌ بالتزامه، ومتوعد بالخلود في النار إن أعرض عنه ((ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيراً)).

أما عن استدلالهم بقوله جل وعلا ((فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) أقول:
هذه الآية ليست للتخيير بين الإيمان والكفر، إنما هي للتهديد والتخويف، وهذا أسلوب عربي معلوم، والدليل على أنها للتهديد قوله سبحانه- عقيبها: ((إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها)) الظالمون هنا: هم الكافرون  ((والكافرون هم الظالمون))، إذن هي تهديد ووعيدٌ لمن اختار الكفر بعد أن جاءه النذير، وبعض أهل العلم في تفسير هذه الآية قال: إنها جاءت لإظهار غنى الله جل وعلا. أي: هذا الحق من ربكم فإن آمنتم فإنكم لا تنفعون الله بإيمانكم، وإن كفرتم فلا تضرونه بكفركم، ومهما يكن من شيء .. فليس في الآية لهم مُستمسك فيما يقررون، والله المستعان.

أما عن قوله -جل وعلا-: ((لا إكراه في الدين)) -وما أكثر ما يحرف معنى هذه الآية مع الأسف الشديد- هذه الآية (لا) فيها: إما أن تكون للنفي أو تكون للنهي

-فإن كانت للنفي: فهو إخبار من الله جل وعلا- أنه لا قدرة لكم على أن تكرهوا أحداً للدخول في الدين لأن الدين النافع أساسه ما في القلب من الاعتقاد، وما في القلب لا سبيل إلى الإكراه عليه.

أما إن كانت (لا) هنا للنهي: فالمعنى لا يرغم أحدٌ على الدخول في الإسلام ممن تؤخذ منه الجزية إذا بذلها، فإذا أبى أن يبذل الجزية فإنه يقاتل حتى يُسلم أو يُذعن بدفع الجزية، مع ملاحظة أن هذا لا ينفعه عند الله عز وجل-، إذا بذل الجزية لا ينفعه ذلك عند الله سبحانه- فإنه إن مات على غير الإسلام فهو من أصحاب النار وعليه لعنة الجبار.

على كلٍ -يا أيها الإخوة- الإكراه في هذه الآية راجع إلى قضية الدخول في الدين، وليس في قضية الخروج منه، الخروج من الإسلام شأنٌ آخر، ولم يقل أحدٌ قَط من أهل العلم المعتبرين تدل على أن للمرء الخيار في أن يترك الإسلام متى شاء .. كلا والله ! بل النص والإجماع على أن المرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل حداً.

حد الردة -يا أيها الإخوة- شُرِع في شريعتنا لمقاصد عظيمة وأهداف سامية، منها:
1- الحذر من تفرق الوحدة واختلال النظام، وانحلال الرابطة التي تجمع بين المسلمين.
2- إن المرتد بارتداده عن دين الإسلام قد أضحى حجر عثرة في طريقة إنتشار الإسلام، لما يشيعه عنه من قالة السوء، أو ما يلصقه به من معايب لسان حاله أو مقاله.
    فصار إذن أذىً يجب إماطته عن طريقه، وإذا كان العالم جميعاً يتقبل أن تكون عقوبة الخيانة العظمى للدولة أيَّ دولة!- هي القتل وذلك لأنها انتهاك لقدسية هذه الدولة، فهم يرونها جريمة ليس وراءها جريمة.. فإننا معشر أهل الإسلام نعتقد أن الإسلام أثمن وأقدس، والجريمة بانتهاك حرمته أشنع وأقبح، وعليه فإن هذا المرتد قد أعلن بتمرده على الإسلام انتهاكه لأعظم قدسية عند المسلمين، على أن الشريعة كانت أرحم من هذه القوانين حيث فسحت مجالاً للتوبة وأعطت فرصةً للأَوبة.
لعلي أكتفي بهذا القدر، وأسأل الله جل وعلى لي ولكم التوفيق والسداد، والهداية إلى الفقه في الدين، إن ربنا لسميع الدعاء.

وصلى اللهم وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق