السبت، 9 نوفمبر 2024

(مطايا الصهاينة) شوكة في خاصرة الأمة

منذ أن بدأت حرب غزة لم يفتُر أهل العلم ودعاة السنة عن نصرة إخوانهم المسلمين في فلسطين، بالدعاء لهم، وإعانتهم بالمستطاع، وبيان الواجب اتجاههم.


وعلى رأسهم الشيخان الفاضلان:

مشهور بن حسن آل سلمان

و

الشيخ فيصل بن قزار الجاسم -حفظهما الله-.


كما حثوا الحكومات على نصرة المسلمين في غزة، وهذه طريقة العلماء سلفا وخلفا.


فوظيفة أهل العلم بيان حكم الله لعموم المسلمين، حكاما ومحكومين، وكتمان هذا إثم عظيم.


فمن القواعد الأصولية المتقررة أنه (لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة)، كما أنه لا يجوز كتمان العلم، وفي الحديث (من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) [رواه أحمد وحسنه الألباني]


واستمعوا لكلام للعلامة العثيمين - في حرب البوسنة والهرسك، ورسالته للشعوب والدول.


https://youtu.be/gvSJiDrGjAU?feature=shared


ومقالة شيخنا العلامة عبدالمحسن العباد -حفظه الله- (عار على الدول الإسلامية وزعماء عقلاء غيرها خذلان المنكوبين في الشام)


https://al-abbaad.com/index.php/articles/108-1434-08-08 


وأمثال هذه التقريرات كثيرة جدا لا تحصى، تجدونها عند الشيخ محمد البشير الإبراهيمي وعبدالحميد بن باديس وتقي الدين الهلالي وحامد الفقي وأحمد شاكر ومحمد بن إبراهيم وعبدالعزيز ابن باز ومحمد ناصر الدين الألباني ومقبل الوادعي وغيرهم.


وهذا الكلام لا يعجب أدعياء السلفية الذين صاروا اليوم: (مطايا الصهاينة)، واختاروا أن يكونوا شوكة في خاصرة إخواننا المقاتلين في غزة، فلازالوا منذ أول يوم يلومونهم ويثبطونهم ويطعنون في نواياهم ويسبونهم، ويرجون لهم الهزيمة، ويدعون عليهم بالهلاك، بل ويكفرونهم تعريضا وتلميحا .. وتصريحا.


ولما ثار عليهم المسلمون، واتهمهم البعض بالعمالة والتواطؤ مع الكفرة، وسألوهم: (هل أنتم مع المسلمين أم الصهاينة؟).

قالوا: (نحن محايدون، نحن مع الشعب الغزّي، لا مع هؤلاء ولا هؤلاء).


وهذا من جهل القوم بالدين، ومشابهتهم للخوارج والمعتزلة في البراءة من المخالفين.


فلما بين الشيخ فيصل الجاسم -حفظه الله- الحكم الشرعي من حرب غزة، وأن الواجب على الولاة حقن دماء المسلمين في غزة بشتى السبل، قامت قائمة هؤلاء، وصاروا يصرخون:

(أنت سروري تهيّج على الولاة) !

فهم أعوج .. ومنهج أهوج


منذ متى كان الاعتراف بالتقصير وإنكاره تهييجا على الولاة؟


فهذا العلامة عبدالله ابن حميد -رحمه الله- تكلم في مجلس عام أمام الملك والملأ والشاشات عن تقصير القادة في زمانه.


https://youtu.be/8S30iasy7GQ?feature=shared


 فهل كان العلامة ابن حميد خارجيا محرّضًا، أو فيه نفَسُ سرورية اليوم؟ حاشاه.

وهل هذه الكلمات أثّرت في المجتمع، فصاروا يكفرون الحكام ويبغضونهم؟

أبدًا …

ولكن الأدعياء غلاةٌ لا يفقهون …


[مخازي مطايا الصهاينة في حرب غزة]


وماذا ترجون من قوم:


-يعرِّضون بكفر المقاتلين في غزة.


-ويسبونهم، ويدعون عليهم أكثر من الصهاينة!


-ويتغزلون بالتطبيع مع الصهاينة -وهم يريقون دماء إخواننا!- بل ويتمنونه، لأنه -بزعمهم- سيحلّ السلام العالمي.

قال الله (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).

وقال: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).

صدق الله .. وكذب مطايا الصهاينة.


-وينكر بعضهم أن يكون قتلى غزة: نساء ورجالا وأطفالا من الشهداء !


-ويدافعون عن الفاسق الفاجر الذي زعم أن نساء غزة انتشر فيهن العهر! وزعموا أن كل من تعرض لهذا الديوث: إخوانيٌ حاقد!


-ويطعنون في دين كل من يناصر المقاتلين -حتى وإن كان يخالفهم، لكن ناصرهم لأُخوة الدين فهو إخواني أو سروريٌ متستر.


بالله عليكم .. هل تنتظرون من هؤلاء نصرةً للمسلمين؟


إن أكثر المسلمين اليوم بحمد الله تعالى ليسوا على ما عليه هؤلاء= الذين سطروا في التاريخ الحديث صفحات لا يحصيها إلا الله من الذلة والخذلان، وانعدام المروءة، والعبث بدين الله.


وقد سميتهم (مطايا الصهاينة) لأن الصهاينة استعملوهم، وخدموا الصهاينة إعلاميا خدمة العمر! فالصهاينة يحاربونهم عسكريا، وهؤلاء يحاربونهم دينيا ومعنويا.


و هم على (فلسفة شيخهم):

"الجناح الرابع للصهاينة"

فالجناح الثاني: الأمريكان

والجناح الثالث: الأوروبيون.

والجناح الرابع: صهاينة العرب ومطاياهم.


[تنبيه


ولا أعني في مقالي أن صهاينة العرب الذين يوالون اليهود، ويرجون لهم النصر على إخواننا في غزة وإبادة الشعب الفلسطيني، فهؤلاء صهاينة كفرة ليسوا من أهل الإسلام ولا أعنيهم (ومن يتولهم منكم فإنه منهم).


كما لا أعني في هذا المقال أهل العلم الذين يخالفون حركة حماس في البدء بالحرب، ويرون أنها أخطأت، ولكنهم في الوقت نفسه يرجون لهم النصر، ولا يدعون عليهم بالهلاك كما قالت مطايا الصهاينة: (اللهم أهلك الظالمين بالظالمين).


وإنما أعني قوما من اهل ملتنا؛ يظنون ان محاربة الإخوان المسلمين واجب في كل حين، حتى وإن كانوا في مواجهة الكفار، فغَلَوا في محاربتها وعدائها شرعًا، حتى ساووا بين المسلم المخالف والكافر في البراءة والعداء عند التطبيق.


[لماذا الحرب على الشيخ فيصل دون الشيخ مشهور؟]


كنت قد بينت سابقًا أن أدعياء السلفية يعادون خصومهم لأسباب شخصية، لا علاقة لها بالدين إطلاقا والذي فطر السماء.


فمنذ بضعة أعوام شن شيخهم الحرب على الشيخ فيصل بن قزار بسبب سوء ظنه وفهمه، فتدخل بعض المصلحين وبينوا له أنه لا يعنيه، وبرهنوا له على ذلك، فطلب من الوسطاء أن يتصل به الشيخ فيصل ليعتذر له شخصيا.


كما طلب من آخرين أن يُخرِج الشيخ فيصل بيانا يعتذر له فيه أمام الناس، رغم علمه أن الشيخ لا يعنيه، وأنه يثني عليه خيرا!


ولكنها خباثة النفوس، وحظوظ النفس، وحب الاستعلاء إذا صبغها المتصدرُ للدعوة صبغةً منهجية، ونَصب نفسه لواء يعقد عليه الولاء والبراء لإسقاط خصومه، من طعن فيه .. أو عرّض به، أو لم يرضخ لأوامره = فهو غير سلفي…

وحسبنا الله ونعم الوكيل


فلما بلغت مطالب هذا الرجل الشيخ فيصل من الوسطاء عرف أن القضية ليست منهجية ولا شرعية فأعرض عنه، لأن المغرور يريد الانتصار لنفسه، ورد اعتباره أمام أصحابه الذين قالوا له (فيصل قزار يقصدك) لا غير.


فلما رفض الشيخ فيصل هذه الشروط التعسفية، أشعل المغرور نارَ الفتنة بين السلفيين، وهيّج الناس عليه، فصار كل سلفي يصاحب ويجالس الشيخ فيصل سروري إخواني حزبي؛ عامله الله بما يستحق.


أما الشيخ مشهور .. فإن القوم لا يختلفون معه في أمر شخصي فيما أعلم، ولم يتعرض لهم، فلم يتعرضوا له، رغم أن للشيخ تصريحات وفتاوى قوية.


ويغلب على ظني أنهم لا يستطيعون إسقاطه لأمرين:


1- لأنه أعلى كعبًا منهم جميعا في العلم والقدر.


2-لأن(الريس) يعظم الشيخ مشهور جدا، والريس = ريّسُ المغرور، وزعيم عصابة الغلاة، فلذلك تجد الهجوم على الشيخ فيصل دون الشيخ مشهور.


[ أمراض القلوب أوهنت الدعوة ]


إن أمراض القلوب سبب الفتن والانشقاقات الحاصلة في صفوف أهل السنة والجماعة منذ عقود، فكم من شخص نُصب وصيًّا على الدعوة، ومزقها شر تمزيق، وفرّق الدعاة، وكان سببا في ابتعاد الكثير عن ميدان الدعوة، بل انتكاسة عدد لا يحصيهم إلا الله، بل ردة عدد لا يعلمهم إلا الله (!) لخلافات شخصية، أو أخطاء لا تخرج صاحبها من دائرة السنة.


حتى لا يكاد يأتي عامٌ إلا ويخرج عدد من أهل العلم ودعاة السنة من دائرة السلفية !


لكن الأمر اليوم قد تغير .. فقد أُجبر الغلاة على إيقاف المهازل و(البلطجة) التي كانوا يمارسونها على مشايخ ودعاة السنة في بعض البلدان.


ألا تلاحظون أن تبديع السلفيين عند الغلاة قد ندر؟

وصار المبتدع عندهم (اليوم) من يخالفهم في آرائهم وتوجهاتهم السياسية؟!


بدأنا الحديث عن مطايا الصهاينة، وختمناه بالحديث عن الغلاة .. لكنا لم نخرج من دائرة الموضوع، فالغلو في عداء المنحرفين من المسلمين جعل الغلاة في انحدار حتى صاروا مطيةً يطؤهم الصهاينة، فنالوا من خلالهم من إخواننا في غزة في الحرب الإعلامية.


كفى الله أهل الإسلام شرهم

وأراحنا منهم

ونصر الله إخواننا في غزة، آمين.


الاثنين، 4 نوفمبر 2024

فضح الطاعن الجبان في الصحابي الجليل حسان

 

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

 

فمن عادة أهل العلم أنهم كلما تقدموا في السن زادهم الله علما وتقوى وثباتًا، وقلت أخطاؤهم وندرت زلاتهم، وهذا من توفيق الله لحملة الدين ونقلة الوحي.

أما الجاهل، والمتعالم، والعالم الجاهل المفتتن بعلمه، ولم يؤدبه علمه ولم ينفعه الله به، واتخذه وسيلة للمراء والرياسة الدينية، فإن الله يكشف عواره للناس، لعبثه بالدين ولو بعد حين.

فتراه كلما كبر= زادت تناقضاته وتخبطاته، حتى ينكر ما كان يعرف، ويعرف ما كان ينكر، بل سترى وتسمع منه طوامّا لم تخطر ببالك.

ومن هؤلاء: الحكواتي، صاحب الردود الضعيفة، والحوادث السخيفة التي حدثت معه.

الذي عُرف بالانشغال بتتبع زلّات مشايخ أهل السنة ودعاة الإسلام غِيرةً وحسدا، حتى لقّبه الناس بـ (أبو المشاكل)، و(أبو الردود)، و(الشيخ المشكلجي).

هذا الرجل أشغل المسلمين بالقيل والقال، وربّى أغماره على تتبع أخطاء مشايخ السنة، وقد كان يعيب غيره لتتبعهم أخطائه ففاقهم !

وأُشهد الله عزوجل أنه لم يخطر ببالي أن الغطرسة قد تبلغ به إلى الطعن بالصحابي الجليل حسان بن ثابت -رضي الله عنه-.

إذ قال في معرض رده على شخص استدل بأن الجهاد قد يكون بالكلام، كهجاء حسان بن ثابت -رضي الله عنه- للمشركين، فقال: (حسان بن ثابت أصيب بداء، وكان فيه خوف شديد، حتى قال بعضهم كان جبانا‼️).

وقال: (قل أنا جبان كحسان بن ثابت).

فانتظرت هذا الجبان، وتأخرت -جدا- في نشر المقال، لعله يرجع إلى رشده، ويتوب ويستغفر.

وغلب على ظني في بداية الأمر أنه سيستعجل في تسجيل التراجع، كما فعل في مقطع (الموظفات).

أو يرد عليه أحدُ أصحابه علنًا ويبرأ إلى الله مما قال.

أو يتبرأ أحدٌ من حزبه من كلامه، الذين يزعمون التمسك بمنهج السلف .. لكن شيئا من هذا لم يحدث فلم يتراجع هذا المغرور، بل أصر على كلامه الساقط في مقطع لاحق.

وأشكر في هذا المقام أخي تلميذ الشيخ عثمان الخميس -حفظهما الله-، على رده، ودفاعه عن صاحب رسول الله.

وقد أحسن أحد طلبة العلم حين استنكر سكوت حزب الحكواتي عنه، وعدّ هذا الصمت على غرار الإخوان (ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه)؛ وصدق.

 

[ أين مشايخ السنة عنه؟ ]

 

وعتبي الشديد على مشايخ السنة الذين يدافعون عنه كلما رُد عليه، وبلغهم طعن هذا المجرم بصاحب رسول الله ﷺ، ولا أجد عُذرًا لمن سكت منهم.

•فهل يخشون الفتنة؟

وأي فتنة أعظم من شيخ يدعي السلفية، ويعده بعضهم رأسا من رؤوسها، وهو لا يريد التراجع عن سب صريح لصحابي مبني على روايات باطلة؟!

•أم يخشون لسانه (الطويل)؟ أَوَيجرؤ الصفيق على الغضب؟

أيضرّك أيها السلفي جرحُ رجل تجرّأ على حسان بن ثابت؟!

ليقل ما شاء، وليحذّر ممن يشاء، وليرعد وليزبد إلى أن يُصرع ولا كرامة، فعرضنا دون عرض صحابة رسول الله ﷺ.

كما يجب على حزبه الذين يدعون السلفية أن ينصحوه، ويبينوا له ما كتبه الباحثون في المسألة، لأن شيخهم لا يقرأ ولا يبحث، وليس عنده وقت للمراجعة.

وإلا كانوا كاليهود الذين (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئسما كانوا يفعلون).

 

[ من سب حسان فهو فاسق ضال ملعون❗️]

 

وحُكم هذا الرجل في الشرع: أنه فاسق مستحق للعنة الله تعالى.

قال ﷺ :(من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
كما يستحق الضرب والتعزير من السلطان.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: (فأما من سب أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ ـ من أهل بيته وغيرهم ـ فقد أطلق الإمام أحمد أنه يضرب نكالا و توقفت عن قتله و كفره.

قال أبو طالب: سألت أحمد عمن شتم أصحاب النبي ﷺ قال: القتل أجبن عنه ولكن أضربه ضربا نكالا.

وقال عبد الله: سألت أبي عمن شتم أصحاب النبي ﷺ قال: أرى أن يضرب، قلت له: حد فلم يقف على الحد إلا أنه قال: يضرب، وقال : ما أراه على الإسلام.

وقال في الرسالة التي رواها أبو العباس أحمد بن يعقوب الإصطخري وغيره: …لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقض فمن فعل ذلك فقد وجب تأديبه وعقوبته، وليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة، وخلده في الحبس حتى يموت أو يراجع.

...وقال إسحاق بن راهويه: من شتم أصحاب النبي ﷺ يعاقب ويحبس؛ وهذا قول كثير من أصحابنا).

وقال: (المشهور من مذهب مالك قال مالك: من شتم النبي ﷺ قتل ومن سب أصحابه أدب).

ثم قال ابن تيمية: (أما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك، فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم). [انظر: الصارم المسلول ص567-586]

 

[ صوفية لا سلفية ]

 

والعجيب أن هذا الرجل قال يوما عن الإباضية: (وحتى بعض كبار الصحابة ما سلموا منهم كعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين ومعاوية بن أبي سفيان وأبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص وحسان بن ثابت وغيرهم -رضي الله تعالى عنهم أجمعين).

فهل يظن هذا الجبان أن كثرة متابعيه، وتزكية فلان وعلان له أعطته رتبة في الإسلام تضاهي منزلة أسياده الصحابة؟

إنّ لسان حال حزبه يقول: (نعم! كل ما يقوله شيخنا حق، وكل من ينتقده في مقام الردود على مخالفيه فهو منحرف)، ليس في كلامي مبالغة أيها القارئ الكريم، فسكوتهم يثبت أنهم (كالميت بين يدي المغسل).

 

[شجاعة حسان بن ثابت وجهاده مع رسول اللهﷺ]


أنشد حسان بن ثابت -رضي الله عنه- كما في ديوانه:

وَيَعلَمُ أَكفائي مِنَ الناسِ أَنَّني ••

أَنا الفارِسُ الحامي الذَمارَ المُناجِدُ

وَأَن لَيسَ لِلأَعداءِ عِندي غَميزَةٌ ••

وَلا طافَ لي مِنهُم بِوَحشِيَ صائِدُ

وَأَن لَم يَزَل لي مُنذُ أَدرَكتُ كاشِحٌ••

عَدُوٌّ أُقاسيهِ وَآخَرُ حاسِدُ

 

وقد كان رسول الله  يضع لحسان -رضي الله عنه- منبرا في مسجده ينشد عليه.

وفي إحدى أسفاره ﷺ قال: أين حسان بن ثابت؟ قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: أُحْدُ. فجعل ينشد، فقال: (لهذا أشد عليهم من وقع النبل).

وحثه على هجاء المشركين فقال: (اُهجهم، فوالله لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام في غلس الظلام، اهجهم وروح القدس معك).

أفيكون الرجل جبانًا ومعه الروح القدس؟

لكن صدق الله: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).

قال سعيد بن جبير: (قيل لابن عباس: قدِم حسان اللعين، فقال: ما هو بلعين! ولقد جاهد مع رسول الله ) [تاريخ دمشق 4/ 131، السير للذهبي 2/ 512].

 ولشيخنا صالح بن سليمان الخراشي -رحمه الله- كتاب (حسان بن ثابت لم يكن جبانًا) نقض فيه جميع الروايات التي قيلت فيه، فليراجع.


[ أدلة الجبان على طعنه بحسان ]

 

اعتمد قائلون بضعف حسان بن ثابت وجبنه على أربع روايات، كلها مردودة، وسأذكرها جميعها مع بيان عللها [1]

 1)الرواية الأولى، ولها أربعة أسانيد:

الإسناد الأول:

عن إسحاق الفروي، وآخر، عن أم عروة بنت جعفر بن الزبير بن العوام، عن أبيها، عن جدها، قال: لما خلف رسول الله ﷺ نساءه يوم أحد خلفهن في فارع، وفيهن صفية بنت عبد المطلب، وخلف فيهن حسان، فأقبل رجل من المشركين ليدخل عليهن. فقالت صفية لحسان: عليك الرجل، فجبن، وأبى عليها. فتناولت السيف، فضربت به المشرك حتى قتلته، فأخبر بذلك، فضرب لها بسهم.

 وزاد الفروي فيه أنه قال: لو كان ذاك فيّ لكنت مع رسول الله ﷺ، قالت: فقطعت رأسه، وقلت لحسان: قم، فاطرحه على اليهود، وهم تحت الحصن. قال: والله ما ذاك في. فأخذت رأسه، فرميت به عليهم. فقالوا: قد علمنا والله إن هذا لم يكن ليترك أهله خلوفا، ليس معهم أحد، فتفرقوا.

فيه: إسحاق الفروي، قال عنه الحافظ في التقريب: (كُف فَساء حفظه) [381].

وأم عروة ووالدها وجدها: مجهولين.

 

الإسناد الثاني:

عن ابن اسحاق حدثنا يحيى بن عباد عن أبيه: كانت صفية بنت عبدالمطلب في فارع حصن حسان يعني يوم الخندق، قالت: وكان حسان معنا فيه، والنساء والصبيان، قالت: فمر بنا رجل من يهود..).

فيه: ابن إسحاق: محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة، قال الذهبي: (أمسك العلماء عن الاحتجاج برواياته لتشيعه، وكلامه في القدر، وهو مدلس، وأما الصدق فليس بمدفوع عنه) [السير 4/ 157].


وعلى القول بقبول روايته إن صرح بالتحديث، فإن عباد بن عبدالله بن الزبير لم يدرك الحادثة، فالإسناد مرسل. 


الإسناد الثالث:

عن الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا عليّ بن صالح عنجدّي عبد اللّه بن مصعب عن أبيه قال: جاء يهوديّ يرتقي إلى الحصن. فقالت صفيّة له: أعطني السيف، فأعطاها. فلمّا ارتقى اليهوديّ ضربته حتّى قتلته، ثم احتزّت رأسه فأعطته حسّان، وقالت: طوّح به؛ فإنّ الرجل أقوى وأشدّ رمية من المرأة. تريد أن ترعب به أصحابه.

فيه: الحسن بن علي: صاحب الأغاني، قال ابن حجر: (شيعي متهم، خلط قبل موته، يأتي بأعاجيب) [لسان الميزان 4/ 255].

وعلي بن صالح: مجهول.

وعبدالله بن مصعب: قال ابن معين: (ضعيف) [لسان الميزان 370].

الإسناد الرابع:

روى يونس بن بكير عن هشام عن أبيه: أن صفية قالت: قم فاسلبه، فإني امرأة وهو رجل. فقال: ما لي بسلبه يا بنت عبد المطلب من حاجة. [1]

فيه: يونس بن بكير: قال ابن حجر (صدوق يخطئ)، وقال ابن إسحاق: (يجب أن يتثبت في أمره قال ابن معين: كان صدوقا، وهو ثقة مرجئ)، وقال العجلي: ضعفوه، وقال النسائي: ضعيف ليس بالقوي.

هشام ووالده: مجهولين.

وعلى فرض صحته فليس فيه دليل على خوفه أو جبنه، فقد أسلم حسان وهو شيخ كبير، ولم يكن له حاجة في سلبه، قال ابن سعد (عاش ستين في الجاهلية وستين في الإسلام).  

 

الرواية الثانية:

أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الزبير قال حدثنا علي بن صالح عن جدي عبد الله بن مصعب عن أبيه قال كان ابن الزبير يحدث أنه كان في فارع أطم حسان بن ثابت مع النساء يوم الخندق ومعهم عمر بن أبي سلمة قال ابن الزبير ومعنا حسان بن ثابت ضاربا وتدا في آخر الأطم فإذا حمل أصحاب رسول الله على المشركين حمل على الوتد فضربه بالسيف وإذا أقبل المشركون انحاز عن الوتد حتى كأنه يقاتل قرنا يتشبه بهم كأنه يري أنه مجاهد حين جب.

 

الرواية الثالثة:

الحسن بن علي قال أخبرني أحمد بن زهير، قال حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن زيد بن حازم عن سليمان بن يسار، قال: (رأيت حسان بن ثابت وله ناصية قد سدلها بين عينيه).

 

الرواية الرابعة:

أحمد بن عبدالعزيز الجوهري قال حدثني علي بن محمد النوفلي عن أبيه قال: كان حسان يخضب شاربه وعنفقته بالحناء، ولا يخضب سائر لحيته، قال ابنه عبدالرحمن: يا أبتِ لم تفعل هذا؟ قال: لِأكون كأني أسدٌ والِغٌ في دم.

 

الرواية الخامسة:

قال الزبير حدثني علي بن صالح عن جدي أنه سمع أن حسان بن ثابت أنشد الرسول:

لقد غدوت أما القوم منتطقًا ..

بصارم مثل لون الملح قطّاعِ

يحفز عني نجاد السيف سابغةٌ ..

فضفاضةٌ مثل لون النهي بالقاعِ

قال: فضحك رسول الله فظن حسان أنه ضحك من صفته نفسه مع جبنه.

 

الخلاصة: لا يثبت أثر واحد في جبن حسان بن ثابت رضي الله عنه ورحمه.

 

[ رمتني بدائها وانسلّت ! ]

 

لما أحرق الصهاينة الملاعين إخواننا في مخيم رفح، ظهر هذا الجبان في مقطع مرئي يتغزل فيه بالتطبيع ويجيزه! وثار على من قال بحرمة التطبيع، محرفا فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله.

كما زعم أن التطبيع يوقف القتال، وأنه لا يريد الحرب مع الصهاينة.

وبعد تتبعي لكلام هذا الجبان في مسائل الجهاد والقتال وجدت أنه لا يريد أي قتال بالكلية، سواء كان الجهاد صحيحا أو جهاد الخارجين على ولاة المسلمين كالقاعدة ومن على شاكلتها، ورأيته يكرر: (لا نريد القتال ولا الدماء).

وكيف سيستعيد إخواننا الفلسطينيون أرضهم من الصهاينة، أليس بالقتال؟ أليس بجهاد الدفع؟ ولكن هذا الجبان لا يريد ذلك، يريد أن يجلس على أريكته وأن لا يفرض قتال على المسلمين....جبانٌ ويريد التطبيع مع ألد أعدائنا اليهود الصهاينة لأنه سيعطل الجهاد ... ثم يتهم حسان بن ثابت رضي الله عنه بالجبن.


[موقف المسلم إن صحت روايات من هذا القبيل]


ليس بمحال عقلا أن يتصف أحد أفراد الصحابة -رضي الله عنهم- بصفة سلبية، ولكن الله عزوجل قد أثنى عليهم في كتابه، ووعدهم بالجنة: (وكلا وعد الله الحسنى)، كما توعد رسول الله  من سبهم كما ذكرنا آنفا.

ولذلك من عقيدة أهل السنة والجماعة السكوت عن مساوئهم، والكف عما شجر بينهم، قال ﷺ: (إذا ذُكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا) وهذا الحديث عمدة عند أهل السنة في الإمساك عن الصحابة وتعظيمهم.

قال أبو عثمان الصابوني -رحمه الله- : (ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله  وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً ونقصاً فيهم ، ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم).

وينبغي التفطن إلى أمر مهم:

وهو أن إشاعة مثل هذه الأخبار عن الصحابة فتح لباب شر عظيم، لاسيما في هذا الزمان الذي كثر فيه الرويبضات وأنصاف المتعالمين، وصار لأعداء الصحابة ومنكري السنة منابر ومؤسسات تدعمها منظمات الكفر والإلحاد.


[ وفي الختام ]


احذر يا عبد الله أن يسلبك الله الحكمة بطيشك وفلتات لسانك، فيمتطيك أعداء الله لضرب الإسلام والمسلمين لسفهك، ولا تكن كذلك الذي خذل المسلمين في غزة، ولا تسل عن كمية الفرح الذي أدخله في قلوب الصهاينة لكثرة المقاطع التي انتقد فيها المقاتلين، بل اعترض على استحقاق العزل من النساء والصغار للشهادة في سبيل الله! حتى روجت له الحسابات الصهيونية.

وأنصح نفسي وإخواني طلاب العلم وعموم المسلمين أن يتمسكوا بما عليه أهل السنة والجماعة: من الترضي على الصحابة عموما وأفرادا، وتعظيمهم جميعا، وإمساك الألسنة عنهم، فهم خير القرون، وقد جاء الوعيد الشديد في حق من طعن فيهم، آحادا أو جماعة.

ورضي الله عن شاعر رسول الله، الصحابي الجليل الشجاع النبيل حسان بن ثابت، وغضب الله على الجبان الذي قدح بشجاعته، وأبى أن يتراجع رغم علمه بالردود عليه.

فإن لم يتب من هذه المقالة .. فأسأل الله أن يحشره مع سبّابة الصحابة، وأن يرينا فيه عجائب قدرته، وأن تحق عليه لعنة الله، ويختم له بخاتمة السوء، آمين.

 

والحمدلله رب العالمين

----------------------------------------------

[1] وقد استفدتها من كتاب: (نقض افتراءات المؤرخين والنقاد حول شخصية حسان بن ثابت)، تأليف أحمد بن مسفر العتيبي -جزاه الله خيرا-، وهو أول من صنف في هذه المسألة فيما أعلم، ورد على المؤرخين والنقاد والأدباء الذين اتهموا حسان بن ثابت بالجبن.