منذ أن بدأت حرب غزة لم يفتُر أهل العلم ودعاة السنة عن نصرة إخوانهم المسلمين في فلسطين، بالدعاء لهم، وإعانتهم بالمستطاع، وبيان الواجب اتجاههم.
وعلى رأسهم الشيخان الفاضلان:
مشهور بن حسن آل سلمان
و
الشيخ فيصل بن قزار الجاسم -حفظهما الله-.
كما حثوا الحكومات على نصرة المسلمين في غزة، وهذه طريقة العلماء سلفا وخلفا.
فوظيفة أهل العلم بيان حكم الله لعموم المسلمين، حكاما ومحكومين، وكتمان هذا إثم عظيم.
فمن القواعد الأصولية المتقررة أنه (لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة)، كما أنه لا يجوز كتمان العلم، وفي الحديث (من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) [رواه أحمد وحسنه الألباني]
واستمعوا لكلام للعلامة العثيمين - في حرب البوسنة والهرسك، ورسالته للشعوب والدول.
https://youtu.be/gvSJiDrGjAU?feature=shared
ومقالة شيخنا العلامة عبدالمحسن العباد -حفظه الله- (عار على الدول الإسلامية وزعماء عقلاء غيرها خذلان المنكوبين في الشام)
https://al-abbaad.com/index.php/articles/108-1434-08-08
وأمثال هذه التقريرات كثيرة جدا لا تحصى، تجدونها عند الشيخ محمد البشير الإبراهيمي وعبدالحميد بن باديس وتقي الدين الهلالي وحامد الفقي وأحمد شاكر ومحمد بن إبراهيم وعبدالعزيز ابن باز ومحمد ناصر الدين الألباني ومقبل الوادعي وغيرهم.
وهذا الكلام لا يعجب أدعياء السلفية الذين صاروا اليوم: (مطايا الصهاينة)، واختاروا أن يكونوا شوكة في خاصرة إخواننا المقاتلين في غزة، فلازالوا منذ أول يوم يلومونهم ويثبطونهم ويطعنون في نواياهم ويسبونهم، ويرجون لهم الهزيمة، ويدعون عليهم بالهلاك، بل ويكفرونهم تعريضا وتلميحا .. وتصريحا.
ولما ثار عليهم المسلمون، واتهمهم البعض بالعمالة والتواطؤ مع الكفرة، وسألوهم: (هل أنتم مع المسلمين أم الصهاينة؟).
قالوا: (نحن محايدون، نحن مع الشعب الغزّي، لا مع هؤلاء ولا هؤلاء).
وهذا من جهل القوم بالدين، ومشابهتهم للخوارج والمعتزلة في البراءة من المخالفين.
فلما بين الشيخ فيصل الجاسم -حفظه الله- الحكم الشرعي من حرب غزة، وأن الواجب على الولاة حقن دماء المسلمين في غزة بشتى السبل، قامت قائمة هؤلاء، وصاروا يصرخون:
(أنت سروري تهيّج على الولاة) !
فهم أعوج .. ومنهج أهوج
منذ متى كان الاعتراف بالتقصير وإنكاره تهييجا على الولاة؟
فهذا العلامة عبدالله ابن حميد -رحمه الله- تكلم في مجلس عام أمام الملك والملأ والشاشات عن تقصير القادة في زمانه.
https://youtu.be/8S30iasy7GQ?feature=shared
فهل كان العلامة ابن حميد خارجيا محرّضًا، أو فيه نفَسُ سرورية اليوم؟ حاشاه.
وهل هذه الكلمات أثّرت في المجتمع، فصاروا يكفرون الحكام ويبغضونهم؟
أبدًا …
ولكن الأدعياء غلاةٌ لا يفقهون …
[مخازي مطايا الصهاينة في حرب غزة]
وماذا ترجون من قوم:
-يعرِّضون بكفر المقاتلين في غزة.
-ويسبونهم، ويدعون عليهم أكثر من الصهاينة!
-ويتغزلون بالتطبيع مع الصهاينة -وهم يريقون دماء إخواننا!- بل ويتمنونه، لأنه -بزعمهم- سيحلّ السلام العالمي.
قال الله (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).
وقال: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).
صدق الله .. وكذب مطايا الصهاينة.
-وينكر بعضهم أن يكون قتلى غزة: نساء ورجالا وأطفالا من الشهداء !
-ويدافعون عن الفاسق الفاجر الذي زعم أن نساء غزة انتشر فيهن العهر! وزعموا أن كل من تعرض لهذا الديوث: إخوانيٌ حاقد!
-ويطعنون في دين كل من يناصر المقاتلين -حتى وإن كان يخالفهم، لكن ناصرهم لأُخوة الدين فهو إخواني أو سروريٌ متستر.
بالله عليكم .. هل تنتظرون من هؤلاء نصرةً للمسلمين؟
إن أكثر المسلمين اليوم بحمد الله تعالى ليسوا على ما عليه هؤلاء= الذين سطروا في التاريخ الحديث صفحات لا يحصيها إلا الله من الذلة والخذلان، وانعدام المروءة، والعبث بدين الله.
وقد سميتهم (مطايا الصهاينة) لأن الصهاينة استعملوهم، وخدموا الصهاينة إعلاميا خدمة العمر! فالصهاينة يحاربونهم عسكريا، وهؤلاء يحاربونهم دينيا ومعنويا.
و هم على (فلسفة شيخهم):
"الجناح الرابع للصهاينة"
فالجناح الثاني: الأمريكان
والجناح الثالث: الأوروبيون.
والجناح الرابع: صهاينة العرب ومطاياهم.
[تنبيه]
ولا أعني في مقالي أن صهاينة العرب الذين يوالون اليهود، ويرجون لهم النصر على إخواننا في غزة وإبادة الشعب الفلسطيني، فهؤلاء صهاينة كفرة ليسوا من أهل الإسلام ولا أعنيهم (ومن يتولهم منكم فإنه منهم).
كما لا أعني في هذا المقال أهل العلم الذين يخالفون حركة حماس في البدء بالحرب، ويرون أنها أخطأت، ولكنهم في الوقت نفسه يرجون لهم النصر، ولا يدعون عليهم بالهلاك كما قالت مطايا الصهاينة: (اللهم أهلك الظالمين بالظالمين).
وإنما أعني قوما من اهل ملتنا؛ يظنون ان محاربة الإخوان المسلمين واجب في كل حين، حتى وإن كانوا في مواجهة الكفار، فغَلَوا في محاربتها وعدائها شرعًا، حتى ساووا بين المسلم المخالف والكافر في البراءة والعداء عند التطبيق.
[لماذا الحرب على الشيخ فيصل دون الشيخ مشهور؟]
كنت قد بينت سابقًا أن أدعياء السلفية يعادون خصومهم لأسباب شخصية، لا علاقة لها بالدين إطلاقا والذي فطر السماء.
فمنذ بضعة أعوام شن شيخهم الحرب على الشيخ فيصل بن قزار بسبب سوء ظنه وفهمه، فتدخل بعض المصلحين وبينوا له أنه لا يعنيه، وبرهنوا له على ذلك، فطلب من الوسطاء أن يتصل به الشيخ فيصل ليعتذر له شخصيا.
كما طلب من آخرين أن يُخرِج الشيخ فيصل بيانا يعتذر له فيه أمام الناس، رغم علمه أن الشيخ لا يعنيه، وأنه يثني عليه خيرا!
ولكنها خباثة النفوس، وحظوظ النفس، وحب الاستعلاء إذا صبغها المتصدرُ للدعوة صبغةً منهجية، ونَصب نفسه لواء يعقد عليه الولاء والبراء لإسقاط خصومه، من طعن فيه .. أو عرّض به، أو لم يرضخ لأوامره = فهو غير سلفي…
وحسبنا الله ونعم الوكيل
فلما بلغت مطالب هذا الرجل الشيخ فيصل من الوسطاء عرف أن القضية ليست منهجية ولا شرعية فأعرض عنه، لأن المغرور يريد الانتصار لنفسه، ورد اعتباره أمام أصحابه الذين قالوا له (فيصل قزار يقصدك) لا غير.
فلما رفض الشيخ فيصل هذه الشروط التعسفية، أشعل المغرور نارَ الفتنة بين السلفيين، وهيّج الناس عليه، فصار كل سلفي يصاحب ويجالس الشيخ فيصل سروري إخواني حزبي؛ عامله الله بما يستحق.
أما الشيخ مشهور .. فإن القوم لا يختلفون معه في أمر شخصي فيما أعلم، ولم يتعرض لهم، فلم يتعرضوا له، رغم أن للشيخ تصريحات وفتاوى قوية.
ويغلب على ظني أنهم لا يستطيعون إسقاطه لأمرين:
1- لأنه أعلى كعبًا منهم جميعا في العلم والقدر.
2-لأن(الريس) يعظم الشيخ مشهور جدا، والريس = ريّسُ المغرور، وزعيم عصابة الغلاة، فلذلك تجد الهجوم على الشيخ فيصل دون الشيخ مشهور.
[ أمراض القلوب أوهنت الدعوة ]
إن أمراض القلوب سبب الفتن والانشقاقات الحاصلة في صفوف أهل السنة والجماعة منذ عقود، فكم من شخص نُصب وصيًّا على الدعوة، ومزقها شر تمزيق، وفرّق الدعاة، وكان سببا في ابتعاد الكثير عن ميدان الدعوة، بل انتكاسة عدد لا يحصيهم إلا الله، بل ردة عدد لا يعلمهم إلا الله (!) لخلافات شخصية، أو أخطاء لا تخرج صاحبها من دائرة السنة.
حتى لا يكاد يأتي عامٌ إلا ويخرج عدد من أهل العلم ودعاة السنة من دائرة السلفية !
لكن الأمر اليوم قد تغير .. فقد أُجبر الغلاة على إيقاف المهازل و(البلطجة) التي كانوا يمارسونها على مشايخ ودعاة السنة في بعض البلدان.
ألا تلاحظون أن تبديع السلفيين عند الغلاة قد ندر؟
وصار المبتدع عندهم (اليوم) من يخالفهم في آرائهم وتوجهاتهم السياسية؟!
بدأنا الحديث عن مطايا الصهاينة، وختمناه بالحديث عن الغلاة .. لكنا لم نخرج من دائرة الموضوع، فالغلو في عداء المنحرفين من المسلمين جعل الغلاة في انحدار حتى صاروا مطيةً يطؤهم الصهاينة، فنالوا من خلالهم من إخواننا في غزة في الحرب الإعلامية.
كفى الله أهل الإسلام شرهم
وأراحنا منهم
ونصر الله إخواننا في غزة، آمين.